خير الناس من يفسح لمن يدخل الصف في الصلاة
الدرس الثامن والعشرون
الحمد لله والصلاة
والسلام علي رسول الله وبعد
فياعباد الله
حديثنا عن خير الناس للناس اليوم
ألينهم منكباً الحريص علي تسوية الصف في
الصلاة قال صلي الله عليه وسلم:"خِيَارُكم ألينُكم مناكبَ في الصَّلاة"(أبوداود).
عباد الله :" حرَصَ الإسلامُ على كلِّ
ما يُؤدِّي إلى الأُلفَةِ والمودَّةِ بينَ المسلِمين، ومِن ذلك بَعضُ الآدابِ والأخلاقِ
في صَّلاةِ الجماعةِ، ومنها ما في هذا الحَديثِ، حيثُ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ
عليه وسلَّم: "خِيارُكم"،أي:أَفضَلُكم وأَحسَنُكم، "أليَنُكم مَناكِبَ
في الصَّلاةِ"، أي: هو الَّذي يَلينُ بمَنْكِبِه في الصَّلاةِ، و"المَنْكِبُ":
مُلْتَقى عَظْمِ العَضُدِ مَع الكَتِفِ، والمرادُ بِلِينِ المَنْكِبِ:"أنْ يكونَ
سَهْلًا بصَحْبِه الَّذي بجِوارِه فلا يُثْقِلَ عليه به، وكذلك أنْ يكونَ سَهلًا لِمَنْ
أرادَ أنْ يَعْبُرَ لِسَدِّ فُرْجةٍ فلا يَدْفَعَه به، وأشار للمَنْكِبِ هنا لقوَّتِه،
وهو أَقْربُ الأعضاءِ بين المُصلِّينَ بعضِهِمْ بعضًا.
وخير الناس حريص دائماً علي أن
يحاذي مع من بجواره في الصلاة ليسد الفرج ويساوي
الصف عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم : "أقيموا الصـفوف ، وحاذوا بالمناكب ، وسدوا
الخلل ، ولينوا بأيدي إخوانكم ، ولا تذروا فرجات للشيطان ، ومن وصل صفاً وصله الله
، ومن قطع صفاً قطعه الله " (أبو داود).
وخير الناس الذي أمره صلي الله عليه
وسلم باللين لسد الفرج ، ووصل الصفوف ، ومعنى
"لينوا بأيدي إخوانكم " : إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه فينبغي أن
يلين له كل رجل منكبه حتى يدخل في الصف .
فيستحب أن يفسح لمن يريد الدخول في الصف
ويقول صلي الله عليه وسلم " - خيارُكُم ألينُكُم مَناكبَ في الصَّلاةِ
، وما مِن خطوةٍ أعظَمُ أجرًا مِن خطوةٍ مَشاها رَجلٌ إلى فرجةٍ في الصَّفِّ فسدَّها
"(الترغيب والترهيب). .
وخير الناس الحريص على سد الخلل في الصفوف في الصلاة ، حريص
على سد الخلل في الصفوف خارج الصلاة ، ولهذا الحرص دليل واضح من فعل النبي صلى الله
عليه وسلم ،كما قال بعض الصحابة:" فكان
يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية ، يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول :"لا تختلفوا فتختلف
قلوبكم"(أبو
داود ، والنسائي ، وابن خزيمة ، وابن حبان).
فخير الناس لا يستهين بهذه الشعيرة ، وبهذه السنة العظيمة الأثر،
وبهذا الهدي الذي جاء به نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم ، إن إحياء سنة تسوية الصفوف
لها أجر عظيم عند الله ، لأن الذي يعمل على إحياءها فإنه يدعو الأمة إلى توحيد صفها
، فهو من خيارها ، ولا يتأتى لها ذلك إلا إذا اتبعت نبيها ، وكيف لها أن تترك هذه السنة
وهي تسمع قول نبيها صلى الله عليه وسلم وهو يحثها على التسوية ، والرص ، والإقامة ،
والمحاذاة، وسد الخلل . فإذا فشلت في تحقيق وحدتها في الصف في المسجد، فهي أحرى بالفرقة
خارجه ، بل هي عقاباً لها مستحقة للفرقة، وقد تحقق فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم
فيما أخرجه " من حديث البراء بن عازب: "لا تختلف صدوركم، فتختلف قلوبكم"(ابن خزيمة في "صحيحه).
وفي رواية:" لَتُسوُّنَّ بين صفوفكم،
أو لَيُخالِفَنَّ الله بين وجوهكم"، وفي بعض الروايات:"بين قُلوبكم"،
وعن أنسٍ - رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله
عليه وسلَّم قال: "سَوُّوا صُفوفَكم؛
فإنَّ تسوية الصُّفوف من إقامة الصلاة" وفي روايةٍ -:"من تَمام الصَّلاة"
وخير الناس علم أن التَّسوية تتحقَّق بِمُراعاة أمور
منها:
المُحاذاة: بحيث لا يتقدَّم أحدٌ على أحد،
وهذه المُحاذاة تكون بالمَناكب (الأكتاف)، وبالأَكْعُب، وأمَّا المحاذاة بأطراف أصابع
الأرجُل، فهو خطأ؛ لأنَّ أقدام الناس تختلف طولاً وقِصَرًا.
التَّراص: بحيث لا يكون فُرجات وخلَلٌ بين
الصُّفوف،لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم:" أَقيموا الصفوفَ وحاذُوا بالمناكبِ وسُدُّوا
الخَلَلَ ، ولِينوا بأيدي إخوانِكم ، ولا تذَرُوا فُرُجاتٍ للشيطانِ ، ومن وصل صفًّا
وصلَهُ اللهُ ، ومن قطع صفًّا قطعَه اللهُ "(أبوداود وأحمد).
وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم :"رصُّوا صُفوفَكم، وقارِبوا بينها، وحَاذوا
بالأعناق؛ فوالَّذي نفسي بيده، إنِّي لأَرَى الشَّيطان يَدْخل من خلل الصَّف كأنَّها
الحذف"(النسائي).
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ صَلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ:"رصُّوا صُفوفَكم"، أي: صِلُوها بتواصُلِ المَناكبِ كأنَّها بُنيانٌ
مَرصوصٌ، بانضمامِ بَعضِكم إلى بعضٍ على السَّواءِ، "وقارِبوا بينها"، أي:
قارِبوا بين الصُّفوفِ بحيثُ لا يسَعُ ما بينَ كلِّ صَفِّينِ صَفًّا آخرَ؛ حتَّى لا
يقدِرَ الشَّيطانُ أنْ يمُرَّ بينَ أيدِيكم، "وحاذُوا بالأعناقِ" بأنْ يكونَ
عُنقُ كلٍّ منكم مُوازيًا لعُنقِ أخيه الَّذي بجوارِه، فتستوِيَ الأجسامُ في الصُّفوفِ،
"فوالَّذي نفْسُ محمَّدٍ بيدِه"، وهذا قسَمٌ باللهِ عَزَّ وجَلَّ؛ وذلك لأنَّ
اللهَ هو الَّذي يملِكُ الأنفُسَ، وكثيرًا ما كان يُقسِمُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ بهذا القسَمِ، "إنِّي لأرى الشَّياطينَ تدخُلُ من خلَلِ الصَّفِّ كأنَّها
الحذَفُ"، والحذَفُ: غنَمٌ سُودٌ صِغارٌ، فكأنَّ الشَّيطانَ يَتصغَّرُ؛ حتَّى
يدخُلَ في تَضاعيفِ الصَّفِّ وفي الفتحاتِ بين النَّاسِ.
وخير الناس حرص علي إتمام الصُّفوف: بحيث
لا يشرع في صفٍّ حتَّى يتِمَّ الذي قبله؛ فعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله
- صلَّى الله عليه وسلَّم - قال:"أتِمُّوا الصفَّ المقدَّم، ثم الذي يليه، فما
كان مِن نقصٍ، فلْيَكن في الصفِّ المؤخَّر"(أبوداود والنسائي وأحمد).
قال صلَّى الله عليه وسلَّم:"ألاَ
تَصفُّون كما تصفُّ الملائكة عند ربِّها - عزَّ وجلَّ؟"، قلنا: وكيف تصفُّ الملائكة
عند ربِّها؟ قال:"يتمُّون الصُّفوف المقدَّمة، ويتَراصُّون في الصَّف"
وخير الناس رأي أن معظم الناس لا يعملون
بالسنة المذكورة لجهلهم بها وهناك من يريد العمل بها لكنه لم يفقه بعد
معاني الأحاديث والآثار الواردة في ذكر استواء الصفوف في الصلاة ؛ ومن ذلك أن بعضهم
يحرص على السنة فيضيعها بسوء فهمها وذلك
أنه يفتح رجليه أكثر من قدر عرض منكبيه !!! فيحدث
فرجة بينه وبين الذي يليه !!! وقد
يظن أن الفرجة تنسد بالقدم عند القدم لكن لا
فلا تنسى الكتف الذي هو اساس الأمـــــــــــــــــر
والذي تنطلق منه قاعدة رص الصف أي الكتف
عند الكتف والقدم عند القدم يستوي الصف ـ
فخير الناس حرص على أن القائم في صف الصلاة لابد أن يليين كتفه لأخيه
فهؤلاء هم خير الناس الذين يعملون علي تسوية الصفوف ..
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعل آله
وصحبه وسلم .