recent
أخبار عاجلة

خير الناس خيرهم لأهله الدرس الرابع عشر

 


خير الناس خيرهم لأهله

الدرس الرابع  عشر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أمابعد فلازلنا نواصل

 الحديث حول خير الناس للناس وحديثنا اليوم عن خيرهم لأهله

يقول  صلي الله عليه وسلم :"خيـرُكم خيـرُكم لأهلِه"(الترمذي).

وفي رواية صلى الله عليه وسلم-: خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأهله وأنا من خيركم لأهلي"الترمذي

 وابن ماجه).

خير الناس رجل وصل لأعلي رتب الخير بالإحسان إلى الأهل عامةً، وللنِّساء خاصَّةً،

 فشمل الإحسان إلى الزَّوجات والبنات والأخوات، وقد بين صلوات ربي وسلامه عليه-

 أنَّه القدوة في هذا الأمر، داعياً إلى أن يتخلَّق المسلمون بخلقه، من الِّلين ولطف

 المعاملة مع الأهل، والتحبُّب إليهم.

 خير الناس عرف من همالأهل المقصودون في الحديث؟

أنهم هم الأقرب فالأقرب والديه، وأخواته، وإخوانه، وزوجته، وأولاده،. فبادر إلى حسن

 معاملتهم ، فكان لأهله خير صديقٍ وخير مربي؛ فهم الأولى بالمعروف من غيرهم،

 وعندما نقول: "الأهل"

فخير النَّاس هم خيرهم لنسائهم. عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي، وفي هذا الحديث دليل عظيم على محاسن الإسلام التي جاء بها،

خير الناس للناس علم أن الإسلام كرَّم المرأة وضمن لها حقوقاً على زوجها كما أن

 عليها واجبات، فهذا نبيُّنا الكريم يصدح في أكبر تجمُّعٍ للمسلمين -خطبة

 الوداع-،

 ليقول عليه -الصلاة والسلام:"اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْرًا"(متفق عليه). فمن

 اكتمال الخُلُق واتِّزان الشَّخصيَّة إكرام المرأة وعدم إهانتها؛ لأنَّ في إهانتها

 علامة لؤمٍ وفقدان لخلق الإحسان.

الخيرية المقصودة في الحديث وتتحقق الخيرية هنا بأداء الواجبات تجاه

 الأهل، والصفح عنهم، وحسن معاشرتهم، وبشاشة الوجه عند

 لقياهم،و(خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ)،تدلُّ على أنَّ التَّفضيل هنا يكون مقيداً بعلاقة

 الإنسان بأهله، وليس بكونه الأفضل في كلِّ حالٍ وعلى جميع الوجوه،

 وأمَّا قوله -صلى الله عليه وسلم- :"وأنا من خيركم لأهلي"، فالمقصود هنا

 الخيريَّة المطلقةٌ؛ فالنَّبيُّ -عليه الصلاة والسلام- هو أشرف الخلق وأحسنهم خُلُقاً،وكان فيعشرة أهله أخير النَّاس.

وخير الناس  اطلع على سيرة رسولنا الكريم فوجدها مليئةً بالأمثلة الفريدة

 على حسن تعامله مع أهل بيته؛ إذ لم يكن -صلى الله عليه وسلم- يرى في

 خدمة أهله انتقاصاً من رجولته، أو أنَّها غير متناسبةٍ مع نبوَّته، بل كان

 متواضعاً خدوماً يقدِّم صورةً رائعةً ليستنَّ المسلمون جميعاً بسنته،وهذه

 عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- تقول حينماسُئلت عن النبيِّ -صلوات الله

 وسلامه عليه- ماذا يصنع في بيته؟ لتقول:"كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ -

 تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ."(البخاري).

خير الناس علم فضل التعامل مع الأهل بالخير وأن حسن المعاملة ميِّزة لهذا

 الدِّين العظيم؛ فقد جاء بالأخلاق الحميدة التي تكفل سعادة المنتسبين إليه،

 فكان لأثر التعاملمع الأهل بالخير فضائل كثيرة، منها:"نيل رضا الله سبحانه

 وتعالى؛ بامتثال أمره والإحسان إلى خلقه.

اكتمال الخلق؛ بتحسين العلاقة مع المولى -عزَّ وجل- ثمَّ بحسن التعامل مع النَّاس.أُنس الأهل، وتحقيق الملاطفة فيما بينهم. يدلُّ حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم

 على سنَّةٍ محمودةٍ يجبُ على كلِّ مسلمٍ الاقتداء بها؛ وهي أن يكون الانسان

 خيِّرا مع أهله،  كمايقول صلى الله عليه وسلم:"خيركم خيركم لأهله، وأنا

 خيركم لأهلي".

وسئلت عائشة:"ماذا يصنع في بيتكم سيد البشر؟ ليس برئيس شركة، ولا

 أمير دولة، ولا ملك، ولا وزير، لا،بل سيد البشرية كلها، وخير من وطئ

 الأرض من البشر كلهم،قيل لعائشة: ماذا كان يعمل رسول الله صلى الله

 عليه وسلم في بيته؟ قالت: كان بشرًا من البشر: يفلي ثوبه ويحلب شاته،

 ويخدم نفسه"(أحمد والترمذي).

وفي الأثر يقال لـ عائشة:"ماذا يصنع عندكم؟ فقالت:"كان يقوم خدمتنا فيكنس بيتنا، ويصلح طعامنا، ويغسل ثيابنا".

سألت عائشة رضي الله عنها، ما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يصنع

 في البيت؟

 قالت: “كان يكون في مهن أهله، فإذا سمع بالأذان خرج"(مسلم).

وخير الناس لم يأخذ بنصيحة من يقول له اذبح لها القطة من ليلة العرس

 بالضرب والإهانة حتي لاتسيطر عليك وتسمع كلامك ولاتخالفك .

وإنما خير الناس يأخذ بخير الهدي هدي محمدصلي الله عليه وسلم ، فإذا دخل على زوجته في أول ليلة وضع يده على رأسها:" اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ"(النسائي).  وبعضهم لا يدري لماذا نصنع هذا؟ دخل النبي صلى الله عليه وسلم على إحدى زوجاته وقد كان أهلها أعطوها وصايا؛ لكن وصاياهم لم تكن في محلها، قالوا لها: إذا أردت أن يحبك النبي صلى الله عليه وسلم أول ما ترينه قولي: أعوذ بالله منك، فلما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وقالت له هذا، قال لها:"لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك"(صحيح النسائي).

هي آداب، فإذا اتبعنا الهدي النبوي فإن البركة تحل من أول ليلة، والهدي النبوي أولاً يكون في الاختيار، قال صلى الله عليه وسلم:"إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وقال:"تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس"،وقال:"إياكم وخضراء الدمن! قيل: وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسنة في المنبت السوء"، نختار، ثم إذا اخترنا نطبق الهدي النبوي، كيف كان في بيته؟ قالت عائشة :"كان يخدمنا فيغسل ثيابنا، ويصلح طعامنا، حتى إذا سمع النداء كأنه لا يعرفنا".

وخير الناس رجل عنده إحساس يعرف متى يلاطف أهله؟ ومتى يتجنب ذلك؟ ويعرف ساعات غضبهم، ويعرف ساعات انفعالهم، ويراعي مثل هذا، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "والله يا عائشة! إني لأعرف غضبك ورضاك قالت: كيف يا رسول الله؟ قال: إذا غضبت تهجرين اسمي، فبدل ما تقولين: والذي بعث محمداً بالحق، تقولين: والذي بعث إبراهيم بالحق -وهي صادقة إبراهيم مبعوث بالحق- فتقول: أجل يا رسول الله لا أهجر إلا اسمك"،(البخاري).فهو يعرف أن زوجته غاضبة عندما تهجر اسمه.

وبعضهم إذا قيل له: راض زوجتك، يقول: دعها تنفجر، لماذا لا تنفجر؟ انفجر أنت والله، هي دم ولحم ومشاعر، وما أعطيناك إياها لكي تقول: دعها تنفجر، إذا لم يكن عندك استعداد لترضيها فلماذا أخذتها؟ وهل تظن أن الحياة كلها ضحك؟ بل سبحان الله! الحب الحقيقي بعد الغضب في البيوت الصادقة يرجع أحسن مما كان.

البيوت الصادقة تغضب، والغضب مثل الملح في الطعام، ينقي الشوائب، ويطهر البيوت،

 ويرجعها أحسن مما كانت عليه، اليوم أتباع محمد أبعد ما يكونون عن تطبيق سنة

 محمد صلى الله عليه وسلم وهديه في الزواج، سب شتم إهانات مقاطعات وحتى

 الضرب يحصل لأتفه الأسباب، وقلة الغيرة، وشك في كل الأمور، أين نحن من قوله

 صلى الله عليه وسلم (استوصوا بالنساء خيراً)؟!

هذه أم عيالك يا أخي! والمفروض أن تقول لها: فداكِ المال والعيال والحلال لو كنت صادقاً في الحب، أما أن تضربها مثل هذا الضرب فما جاءت بفاحشة مبينة يا إخوان! فهل هذا هدي محمد؟ أم هل هذا هدي القرآن؟ بل إن القرآن في حالة نشوز المرأة وعدم طاعة زوجها، وضع لنا حلولاً، قال تعالى: "وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ"(النساء:٣٤). أول حلٍ: الموعظة، ثم قال:"وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ"(النساء:٣٤)، ثم السنة بيَّنت كيف يكون الضرب؟ بأن يكون ضرباً بسيطاً غير مبرح، أي: ضرب تأديب لا ضرب إهانة وإيلام، حتى تراجع حساباتها بارك الله فيك، لكن أن تضرب على ثوب -نسأل الله العفو والعافية- فلا يعقل ذلك.

أنَّ الرِّجالَ استأذَنوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ضربِ النِّساءِ فأذِن لهم فضرَبوهنَّ فبات فسمِع صوتًا عاليًا فقال: ما هذا ؟ قالوا: أذِنْتَ للرِّجالِ في ضربِ النِّساءِ فضرَبوهنَّ فنهاهم وقال:"خيرُكم خيرُكم لأهلِه وأنا مِن خيرِكم لأهلي"(صحيح ابن حبان).

وحتى الطلاق أصبح اليوم يقع لأتفه الأسباب.كثيراًماتُهدم البيوت على أتفه من هذه الأسباب. ومن المتضرر إذا طلقت النساء؟ إنهم الأطفال.

ليتنا نستشعر مسئولية الآخرين، ثم على فرض أنها وصلت الأمور إلى نقطة مسدودة تسمى الطلاق، ما تلاحظون يا أخي؟! إن العلاقات بين الأسر تنقلب عداوات؛ بل بعضهم لو طُلقت أخته -وهو متزوج أخت المطلق- لطلق زوجته، لأن أخته طُلقت يقول الله: "وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَي"(الأنعام:١٦٤). هو مع هذه وصل إلى درجة لا يستطيع العيش معها، فتأخذهم نعرات الجاهلية والقبلية، ويطلقون الفتيات بسبب أن هذا طلق هذه، يا أخي  هذا لا يجوز، لا في عرف ولا في شرع ولا في كتاب أنزله الله.

خير الناس خيرهم لأهله عرف  قيمة عقد الزواج وشعار الزوجية فقام  بحقه كما ينبغي؛ فدائماً مايستشير  -ليس شرطاً أن يأخذ برأيها- لتشعر أن لها مكانة ومنزلة، وأنك ستأخذ برأيها..

خير الناس علم أن  بعض النساء عندهن من الرأي والمشورة والحكمة والتدبير ما ليس عند كثير من الرجال وإلا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليستشير نساءه، ولم ينقص من قدره ولا من قيمته؛ لأنه يعرف أن بعض النساء عندهن من الرأي السليم والمشورة الحسنة ما الله به عليم.

أمر أصحابه فقال:"انحروا هديكم واحلقوا رءوسكم"، إنهم أتوا يريدون الطواف والعمرة، منذ أن خرجوا من المدينة وهم في شوق إلى الطواف، وببنود جائرة جارت بها قريش على المسلمين، من هذه البنود: أنهم يرجعون ولا يعتمرون هذه السنة، يرجعون السنة المقبلة وتخلي قريش الحرم، ثم يدخل المسلمون يعتمرون، قالوا: يا رسول الله! كيف نرضى أن نرجع وقد أتينا؟! قال:"أنا رسول الله ولن يخذلني" ثم قال لهم: "انحروا هديكم، واحلقوا رءوسكم" فلم يفعلوا، وليس معصية إنما ظناً منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يرجع عن كلامه، فرجع إلى أم سلمة، وقد كانت رفيقته في تلك الرحلة، قال لها:"هلك المسلمون أقول لهم: افعلوا كذا وكذا وهم لا يفعلون"، قالت: يا رسول الله -اسمع المرأة- اخرج ولا تتكلم وانحر هديك، واحلق رأسك، فخرج بمشورة أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها.

اللهم إنا نسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم احفظنا في ديننا ودنيانا

 وأهلينا

 وأموالنا، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، اللهم آمنا في أوطاننا،

 وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم هيئ لهم البطانة الصالحة التي تدلهم

 على الخير

google-playkhamsatmostaqltradent