عالم القطط وعلاقتها بالسحر والجن

 

خير الناس للناس الأمر بالصدقة المتصدق

الدرس الثامن عشر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فياعباد الله حديثنا

 اليوم عن خير الناس للناس :"الأمر بالصدقة "

قال تعالي :"لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ

 النَّاسِ  وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا"(النساء/114).

لا نفع في كثير من كلام الناس سرّاً فيما بينهم، إلا إذا كان حديثًا داعيًا إلى بذل

 المعروف من الصدقة، أو الكلمة الطيبة، أو التوفيق بين الناس، ومن يفعل تلك الأمور

 طلبًا لرضا الله تعالى راجيًا ثوابه، فسوف نؤتيه ثوابًا جزيلا واسعًا.

أي: لا خير في كثير مما يتناجى به الناس ويتخاطبون، وإذا لم يكن فيه خير، فإما لا فائدة فيه كفضول الكلام المباح، وإما شر ومضرة محضة كالكلام المحرم بجميع أنواعه.

ثم استثنى تعالى فقال:"إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ" من مال أو علم أو أي نفع كان، بل لعله يدخل فيه العبادات القاصرة كالتسبيح والتحميد ونحوه،

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُم مَّا تَصَدَّقُونَ بِهِ ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً ، وَبِكُلِّ تكبيرةٍ صدقةً ، وبِكلِّ تحميدةٍ صدقةً ، وبِكلِّ تهليلةٍ صدقةً ، وَأَمرٌ بِالمَعرُوفِ صَدَقَةٌ، ونَهَىٌ عنِ المنكرِ صدقةٌ ، وفي بُضْعِ أَحَدِكُم صدقةٌ . قالوا :"يا رسولَ اللهِ أَيَأْتِي أحَدُنا شَهْوَتَهُ وَيكونُ له فيها أجْرٌ ؟ قال :"أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي الحرامِ ألَيْسَ كان يكونُ عليْهِ وِزْرٌ ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَها فِي الْحَلَالِ يكونُ لَهُ أجرٌ"(مسلم).

 وخير الناس للناس علم أن تعاليم الإسلام جاءت لتزرع  الأخلاق الحميدة في النفوس وتعزز التَّراحم والتَّعاضد والتكافل  بين المسلمين ولتُصقل مبادئ الإنسانية في المجتمع الإسلامي كله.

ولعل  أعمق التعاليم التي علمنا الله إياها هي إعطاء ما نُحب مما نملك، لمن يحتاجه ولا يملكه، و أنَّ إيثار النفس والتصدق تقرباً لله هو أمر عظيم عند الله و جزاؤه كبير.:"وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ "(الحشر/9)..

كما أدرك أن  الصدقات على اِختلاف أنواعها من الأعمال التي يحبها الله ويحب مِنَّا أداء حقها، لِما تضع في قلوبنا من رحمة وتواضع وخير لبعضنا البعض.

وخير الناس علم أن الصدقة مطهرة للنفس  فتصدق ليطهر نفسه وينقي قلبه  قال تعالي :"ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون"(الحشر/9).

وأنها تقضي الحاجة :"آمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ"(الحديد/7).

وخير الناس للناس  مااتصف بهذه الصفة صفة الكرم إلا لعلمه أن الصدقة أفضل الأعمال عند الله لأنها تحقق التكافل الاِجتماعي بين الغني والفقير، وأمرنا الله تعالى بأدائها في آيات القرآن الكريم حين قال سبحانه:"قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ"(إبراهيم: 31).

و النبي صلي الله عليه وسلم  أمرنا بالصدقة حين قال:"من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب  ولا يقبل الله إلا الطيب  وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فَلوَّه حتى تكون مثل الجبل"(البخاري ومسلم).

وخير الناس علم أن الصدقة تدفع البلاء عن المسلم، كما قال صلي اللخ عليه وسلم :"إن الصدقة لتطفئ غضب الرَّب وتَدفع مِيتَة السُّوء"(الترمذي).

يروي أن رجلاً ركب البحر، فغرق كل من على السفينة، فإذا قائل في الهواء يقول :"ألا إن الفداء مقبول وزيد مُغاث، وكان اسمه زيد فبقي على لوح حتى رمي به على الساحل، فسلم، قالت له أمه ما أعجب ما رأيت، فأخبرها بما جرى، فقالت: إني تصدقت ذلك اليوم وفي تلك الساعة على فقير بدرهم ودعوت:"اللهم سلم به ولدي إن ركب براً أو بحراً".

وخير الناس للناس علم أن خير الصدقة علي الأقارب تجمع بين الصدقة وصلة الرحم، لذلك التصدق على الأقارب أفضل من الصدقة على الغرباء.فتصدق عليأقاربه  عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم  : "أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح"(الحاكم وصححه).

فأفضل النفقات النفقة على العيال والأهل والأقربينفأولى الناس بالإنفاق من الخير وأحقهم بالتقديم أعظمهم حقًّا عليك، وهم الوالدان الواجب برهما، والمحرم عقوقهما، ومن أعظم برهما النفقة عليهما، ومن أعظم العقوق ترك الإنفاق عليهما؛ ولهذا كانت النفقة عليهما واجبة على الولد الموسر، ومن بعد الوالدين:بيّن الله تعالى ترتيب النفقة في القرآن الكريم، وكان أول من ينفق عليه هم الوالدان ثم الأقربون،

يقول صلى الله عليه وسلم:"أَفْضَلُ دِينارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ، دِينارٌ يُنْفِقُهُ علَى عِيالِهِ"، وقد حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من التعمد في التقصير في نفقة الأهل. : قال تعالي:" قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ"(البقرة/ 215).

وقال صلي الله عليه وسلم :"كفى بالمرءِ إثمًا أن يضَيِّعَ من يَقُوتُ". أي إن الإنسان يقع في الإثم إن ترك النفقة على من يعتمدون عليه بالنفقة في البيت أو في العائلة.

التَّصدق بالمال وبالوقت وبالمجهود والمساعدة، كلها أنواع من الصدقة مرضاة لله سبحانه وتعالى.

وخير الناس أكثر من الصدقة وأمر بها حتي لايندم في وقت لاينفع فيه الندم :"وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ"(المنافقون/10).

فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين "فكل مفرط يندم عند الاحتضار ، ويسأل طول المدة ولو شيئاً يسيراً ، يستعتب ويستدرك ما فاته ، وهيهات ! كان ما كان ، وأتى ما هو آت ، وكل بحسب تفريطه ، أما الكفار فكما قال الله تعالى :" وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال "(إبراهيم : 44 ).

وقال تعالى :" حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون "(المؤمنون / 99 ، 100 ).

وخير الناس المتصدق الأمر بالصدقة حرص علي أن يكون ضمن السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم لاظل إلا ظله كما قال صلي الله عليه وسلم :"سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه تَعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ،وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ"(متفقٌ عَلَيْهِ).

وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم