
إخراج فدية الصيام
مالًاً بدلًاً من طعام ؟
الدرس الرابع والعشرون
الحمد لله والصلاة
والسلام علي رسول الله أما بعد فياعباد الله.. نقف اليوم مع هل يجوز إخراج فدية الصيام
مالًاً بدلًاً من إطعام المساكين؟
اختلف العلماء
في إخراج الفدية مالاً كما اختلفوا في زكاة الفطر فالجمهور علي أنه لا يجزئ إخراج القيمة
بدلاً من الطعام في الراجح
خلافاً للأحناف
وغيرهم ، للنص على الإطعام في الآية الكريمة:"وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ
فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين" (البقرة/184).خصوصاً إذا لم يكن هنالك مبرر لإخراج
النقود كأن تكون تلك الفدية منقولة إلى مكان بعيد، لعدم وجود مستحقين في مكان الوجوب،
أو لوجود من هم في حاجة ماسة كالمحاصرين واللاجئين.
لكن قال بعضهم:"لا
بأس بدفع النقود إلى المساكين والفقراء يشتري بها طعاماً كيف شاء ووقتما شاء.
وعليه فيجوز أن
تخرج قيمة كل طعام بالمال، ومقدار فدية المفطر في رمضان العاجز عن الصوم عجزاً دائمًا
عن اليوم الواحد مقدار ما تتكلفه وجبتا الإفطار والسحور بحسب المعتاد في كل بلد
أما مقدار فدية
المفطر في رمضان العاجز عن الصوم عجزًا دائًما عن اليوم الواحد ..
قد اختلف العلماء
في مقدار الفدية عن كل يوم، فذهب المالكية والشافعية إلى أن مقدار الفدية مدٌّ عن كل
يوم، وبه قال طاووس وابن جبير والنووي والأوزاعي وغيرهم.. وهو الأقرب إلى الصواب.
وذهب الحنفية إلى
أن مقدار الفدية صاع؛ إلا من الحنطة فنصف صاع.
وذهب الحنابلة
إلى أن مقدار الفدية نصف صاع؛ إلا من الحنطة فمد.
فعلى مذهب الجمهور
فإن المقدار الواجب عن الثلاثين يوماً هو سبعة آصع ونصف، والصاع النبوي يساوي أربعة
أمداد، والمد يساوي ملء اليدين المعتدلتين، وأما بالنسبة لتقديره بالوزن فهو يختلف
باختلاف نوع الطعام المكيل،ومن هنا اختلفوا في حسابه بالكيلو جرام، فمنهم من قدره بـ
2040 جراماً، ومنهم من قدره بـ2176 جراماً،ومنهم من قدره بـ2751 جراماً.. وفيها أن
الأحوط اعتبار الصاع بثلاثة كيلو جرامات.
فالواجب في الثلاثين
يوماً هو اثنان وعشرون كيلو ونصف، ويمكن دفع القيمة إن كان ذلك في مصلحة المسكين،فإن
كان فقيرًا ثبتت الفدية في ذمته، فيخرجها إذا قدر على إخراجها، ويجوز إخراجها قيمة
مالية..
و حددت دار الافتاء
المصرية قيمة فدية الصيام لمن لا يستطيع الصوم بقية حياته بالحد الأدنى 20 جنيهاً عن
اليوم الواحد أي عن الشهر ثلاثمائة جنيهاً مصرياً.
وهنا يسأل سائل
سؤالاً هل يجوز إخراج فدية الصيام عن شخص كبير عاجز عن الصيام مقدماً في أول الشهر
أم كل يوم بيومه؟.
أما طريقة دفع
الفدية من حيث التعجيل والتأجيل، فقد اختلف فيها الفقهاء على قولين:
القول الأول: ذهب الحنفية إلي أنه:"يجوز لكبير
السن والمريض مرضاً لا يرجى برؤه، إخراج الفدية عن الشهر كاملاً أول شهر رمضان، أوصرف
فدية أيام كثيرة إلى مسكين واحد أو فقير واحد، بخلاف الكفارة فلابد من تعددهم..
كما يجوز تأخيرها
إلى آخر الشهر، كما هو مذهب السادة الحنفية.جاء في فتاوى أبي حفص الكبير:"إن شاء
أعطى الفدية في أول رمضان بمرة، وإن شاء أعطاها في آخره بمرة".(البحر الرائق شرح
كنز الدقائق(2/ 308).
وقالوا:"للشيخ
الفاني العاجز عن الصوم الفطر،ويفدي وجوباً ولو في أول الشهر،أي يخير بين دفعها في
أوله وآخره"(الدر المختار وحاشية ابن عابدين(2/ 427).
القول الثاني:
ذهب الشافعية إلى
أن الفدية يجب دفعها كل يوم بيومه، فتُدفع عن اليوم الحاضر بعد طلوع الفجر، ويجوز أن
تُقدم على طلوع الفجر وتُخرج ليلاً، أو تُدفع في نهاية شهر رمضان، ولا يُجزئ دفعها
كاملة من بداية الشهر عن جميع الأيام القادمة.
وقال النووي:"اتفق
أصحابنا على أنه لا يجوز للشيخ العاجز والمريض الذي لا يُرجى برؤه تعجيل الفدية قبل
دخول رمضان، ويجوز بعد طلوع فجر كل يوم، وهل يجوز قبل الفجر في رمضان؟ قطع الدارمي
بالجواز، وهو الصواب"(المجموع للنووي رحمه الله (6/ 260).
وقالوا"وليس
لهم -أي الهرم والمريض- ولا للحامل ولا للمرضع تعجيل فدية يومين فأكثر،كما لا يجوز
تعجيل الزكاة لعامين،بخلاف ما لو عجل من ذكر فدية يوم فيه أو في ليلته فإنه جائز"(مغني
المحتاج2/ 176).
وفي"فتاوى
الرملي الشافعي رحمه الله":يتخيرأي الشيخ الهرم في إخراجها بين تأخيرها،وبين إخراج
فدية كل يوم فيه أو بعد فراغه،ولا يجوز تعجيل شيء منها لما فيه من تقديمها على وجوبه؛لأنه
فطرة".
فمن أخذ بقول الإمام
أبي حنيفة بجواز دفع الفدية مقدماً عن الشهر كاملاً فلا حرج عليه إن شاء الله، وإن
كان الأولى الخروج من الخلاف بدفعها يوماً بيوم أو في نهاية الشهر.والله تعالى أعلم.وإلي
لقاءأخر..
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم.