
السكينة والطمأنينة في القرءان والسنة
ماهي أسباب نزول السكينة في القلب؟
الإيمان بالله تعالى والرضا به رباً ومدبراً لعبده
تفويض الأمر لله وحسن الصلة به سبحانه
استشعار قرب الفرج عند حلول المحن
ذكر الله وتلاوة القرآن طمأنينة وسكينة
التوكل على الله تعالى شجرة طيبة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد
يقول الله تعالي:" هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ
وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا"(الفتح/4﴾.
عباد الله :"يقول تعالى :"هو
الذي أنزل السكينة "أي : جعل الطمأنينة والرحمة والوقار في قلوب المؤمنين . الذين
استجابوا لله ولرسوله وانقادوا لحكم الله ورسوله ، فلما اطمأنت قلوبهم لذلك ، واستقرت
، زادهم إيمانا مع إيمانهم .
والأمر الذي اجتمع عليه الناس جميعاً مؤمنهم وكافرهم ,غنيهم وفقيرهم , شريفهم
ووضيعهم,هو طلب الطمأنينة وتمني نزول السكينة في القلوب .
ربما ألم بأحدهم مرض , فلا يسعى بإزالته وتحمل وصبر وفي أحيانا كثيرة كتمه في
نفسه , أما إذا حل بساحته ضيق واجتمع على قلبه غم فلا تسل عن حاله وحال من
يعيش معه من أسرته والقريبين منه , ولقد جاء الدين الإسلامي العظيم لنفع الناس
ومتى ما أخذوا بتعاليمه عاشوا حياة السعداء , وكانوا من أبعد الناس عن الهموم
والغموم , ولعلنا اليوم نجد أسباباً هي كفيلة بإذن الله بنزول السكينة في القلب ,
وحلول الطمأنينة في النفس..
ومن أهم الأسباب , وأعظمها أثرا هو
:
الإيمان بالله تعالى والرضا به رباً ومدبراً لعبده :
فمن آمن بالله حق الإيمان وعرفه بأسمائه الحسنى ,وصفاته العلى ,عرف رباً كريماً
,وإلاهاًعظيما ,رحيماً بالعباد , لطيفاً بالخلق,قريباً ممن دعاه,مجيباً للسائلين ,عليماً
بالخفايا .يقول صلي الله عليه وسلم :" ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام
دينا وبمحمد نبيا"(البخاري).
تفويض الأمر لله وحسن الصلة به سبحانه
عباد الله :" ومن اسباب نزول السكينة في القلب تفويض الأمر لله
ويقين العبد أن اختيار الله له أحسن من اختياره لنفسه:إننا لفرط جهلنا لا ننظر إلا في
الحاضر من الأقضية التي يقضيها الله تبارك وتعالى , حتى إذا توالت الأيام , وانكشف
لنا بعض المكنون في مستقبلها قلنا الحمد لله على ذلك القضاء الذي قضاه الله وكنا له
كارهين.
كم من شاب تمنى أن لو تزوج تلك الفتاة التي رغب بها ولكن حال بينه وبينها قضاء الله
تعالى وقدره , حتى إذا ما تزوج بغيرها وكانت السعادة تسكن بيته قال عندها: الحمد
لله على هذا القضاء.
وكم من تاجر رغب في تجارة وتأسف على فواتها حتى إذا ما أظهرت الأيام خسارة
مثلها
من المشاريع حمد الله أن صرفه عنها.
أنا الفقـير إلى رب البريات أنا المسكين
في مجموع حالتي
أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي والخير ان يأتينا من عنده يأتي
لا استطيع لنفسي جلب منفعةً ولا عن النفس لي دفع المضرات
وليس لي دونه مولى يدبرني ولا شفيع
إذا حاطت خطيئاتي
إلا بإذن من الرحمن خالقنا إلى الشفيع
كما قد جاء بالآياتِ
عباد الله :" ومن أسباب الطمأنينة ونزول السكينة حسن الصلة بالله , والإنطراح
بين يديه , ودوام الخضوع له .لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا حزبه
أمر فزع إلى الصلاة"(أبو داود).إنها "الصلاة " ملجأ المتقين , وملاذ
المؤمنين , بها الثبات عند الملمات , والطمأنينة عند نزول الكريهات .و كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إذا كربَهُ أمرٌ قالَ: يا حيُّ
يا قيُّومُ برَحمتِكَ أستغيثُ"(الترمذي).
استشعار قرب الفرج عند حلول المحن
عباد الله :"ومن أسباب الطمأنينة ونزول السكينة على القلوب:استشعار قرب الفرج عند
حلول المحن ونزول البلايا :فالعاقل يعلم أن دوام الحال من المحال, وأن المرء متقلب
بين الضراء والسراء والواقع يشهد أنه ما من نازلة إلا ارتفعت عن أصحابها فلِم هذا
اليأس ,وكيف يسيطر القنوط على القلوب , فأبشر بزوال كل هم , وأيقين بتحول كل
مكروه
.
دع الأيام تفعل ما تشـــاء** وطب نفسا
إذا حكم القضاء
ولا تجـــزع لحادثة الليالي **فمـــا لحوادث الدنيا بقـــاء
تأمل معي قول الله تعالى " : فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا
إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" هذه بشارة عظيمة، أنه كلما وجد عسر وصعوبة، فإن
اليسر يقارنه ويصاحبه، حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر، فأخرجه كما قال تعالى:"سَيَجْعَلُ
اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا" وكما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم :"وإن
الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا".
ذكر الله وتلاوة القرآن طمأنينة وسكينة
عباد الله :"وذكر الله وتلاوة كتابه طمأنينة وسكينة يقول تعالي :" الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ
قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ
اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"(الرعد/28)
هكذا تفصح هذه الآية بهذه الحقيقة العظيمة , وتوضح هذا الأمر بجلاء , لقد بحث
الناس عن الطمأنينة في المال والشهرة ولكنهم وجدوا سرابا خادعا, وبريقا كاذبا ,
وأما أصحاب الذكر المستديم فهم في راحة وطمأنينة لا يشعر
بها إلا من ذاقها
قال بعض العلماء :"مساكيـــن أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيـــها "قيل :
وما أطيب ما فيها ؟ قال : محبة الله عز وجل ومعرفته وذكـــره "
عباد الله أقول ماتسمعون وأسنغفر الله العظيم لي ولكم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد لازلنا نواصل
الحديث حول جلب السكينة والطمأنينة للنفس ومنها :"
التوكل على الله تعالى شجرة طيبة، لا تؤتي إلا ثماراً طيبة، في النفس وفي الحياة: حياة
الفرد،وحياة الجماعة من خلاله".
وأولى هذه الثمار:"سكينة النفس، وطمأنينة القلب، التي يشعر بها المتوكل على ربه،
ويحس بها تملأ أقطار نفسه، فلا يحس إلا الأمن إذا خاف الناس، والسكون إذا اضطرب
الناس، واليقين إذا شك الناس، والثبات إذا قلق الناس، والأمل إذا يئس الناس، والرضا
إذا سخط الناس إنه أشبه بجندي أوى إلى حصن حصين، فيه فراشه وطعامه، وذخائره
وسلاحه، يرى منه ما يرى، ويَرمي ولا يرمى، فلا يهمه ما يدور في الخارج من صخب
الألسنة، أو اشتجار الأسنة.
إنها الحالة التي وجدها موسى عليه السلام، حين قال له أصحابه :" إِنَّا لَمُدْرَكُونَ " قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ
"(الشعراء: 62).
إنها الحالة التي وجدها النبي صلى الله عليه وسلم في الغار حين أشفق عليه أبو
بكر، :" ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا
فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ
بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ
اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ
"(التوبة/40).
إنها الحالة التي وجدها إبراهيم الخليل حين ألقي في النار، فلم يشتغل بسؤال مخلوق من
إنس أو ملك! ولم يشتغل إلا بقوله: حسبي الله ونعم الوكيل .
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل"
قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه
وسلم حين قالوا له:"إن الناس قد جمعوا فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله
ونعم
الوكيل".
يقول الشاعر:
فوحقه لأسلمن لأمـره ** في كـل نازلة وضيق خناق!
موسى وإبراهيم لماسلما**سلمامن الإغراق والإحراق!
إنها الحالة التي وجدتها هاجر حين وضعها إبراهيم مع ابنها إسماعيل بواد غير ذي
زرع، في مكة عند مكان البيت المحرم، ولا أنيس ولا جليس، ثم ودعها قافلاً، فقالت
له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: هو إذن لا يضيعناالله أبداً وهو أرحم
الراحمين..
عباد الله السكينة والطمأنينة لها أسباب كثيراً تقرب إلي الله في الرخاء
يعرفك في الشدة..
اللهم أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
عباد الله أقول قولي هذا وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله