
خير الناس أحسنهم قضاءً
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أمابعد فياعباد الله لازلنا نواصل الحديث عن
خير الناس للناس وخيرهم اليوم
أحسنهم قضاء
قال صلي الله عليه وسلم :"خيـرُكم أحسنُكم قضَاءً"(متفق عليه).
أي:عندرد القرض(الدين) .
عن أبي رافع رضي الله عنه أن النبي صلى
الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرًا، فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع
أن يقضي الرجل بكرَه، فقال: لا أجد إلا خيارًا رباعيًّا، فقال: أعطه إياه فإن خيار
الناس أحسنهم قضاء؛ "(مسلم)..
عن أبي رافع رضي الله عنه قال: استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرًا بمثله،
غير أنه قال:" فإن خير عباد الله أحسنهم
قضاءً "
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه بعيرًا,
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطوه، فقالوا: ما نجد إلا سنًّا أفضل من سنِّه،
فقال الرجل: أوفيتني أوفاك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطوه، فإن من
خيار الناس أحسنهم قضاءً،
هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم إنما
استقرض البعير على إبل الصدقة لدفع حاجة المساكين؛ إذ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا تحل له الصدقة، ولا يستقرض عليها لنفسه الشريفة، ولا لأهل بيته صلى الله عليه وسلم
ورضي الله عنهم.
وخير الناس للناس
علم أنه يجوز له الوفاء بما هو أفضل من المثل المقترض ما دام لم يشترط ذلك في العقد، ولم يكن مرادًا من الاقتراض فوفي وزاد تفضلاً وليس أمراً . فالزيادة في وفاء الدَّين تبرعًا وإحسانًا لا يعتبر من باب القرض الذي جرَّ نفعًا.
وخير الناس للناس
تربي في مدرسة الحبيب
المصطفي صلي الله عليه وسلم على مكارم الأخلاق والوفاء .فرد الدين الذي عليه لعلمه أن هذا نفع من صور مكارم الأخلاق التي تجسدت في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، كما جاء
عن عبد الله بن عمرو:"أمرني أن أجهز جيشاً؛ فكنت آخذ البعير بالبعيرين"
خير الناس للناس
الذي يوصي بسداد
دينه لعلمه أنه إذا مات المسلم وعليه ديون فلايدخل الجنة إلا بعد سداد دينه لقوله صلى
الله عليه وسلم قال:"نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى
عَنْهُ"(الترمذي ).
خير الناس للناس
يوصي بتعجيل سداد دينه من ماله وهوأول عمل يقوم به ورثته بعد تجهيزه
وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، ومن ثمَ تسديد ديونه، وبعد ذلك إنفاذ وصيته إن كان قد
أوصى، وبعد ذلك يوزع باقي المال على الورثة،
فعل ذلك لعلمه أن رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ
عليهِ وسلمَ كان لا يصلي على رجلٍ مات وعليه دَينٌ ، وكان يسأل : أعليه دينٌ ؟ قالوا
: نعم ، دينارانِ ، فقال : صلوا على صاحبِكم ، قال أبو قتادةَ الأنصاريِّ : هما علَيَّ
يا رسولَ اللهِ ! فصلَّى عليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ ، فلما فتح اللهُ
على رسولِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ قال : أنا أولى بكلِّ مؤمنٍ من نفسِه ، فمَن ترك
دينًا فعليَّ قضاؤُه ، ومن ترك مالًا فلوَرثتِه"(أبو داود والنسائي).
الرسول صلي الله عليه وسلم لما فتح الله عليه الفتوحات وزاد المال فكان يقول أنا اولي بكل مؤمن من نفسه :" النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم" حرصاً علي المسلم الفقير الذي لايستطيع سداد الدين أما الذي يأخذ اموال الناس ولايريد أداءها قال عنه صلي الله عليه وسلم :" مَن أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَّى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله"(البخاري).
ففي عدَمِ صَلاتِه عليه أشدُّ التَّحذيرِ للأحياءِ
من التَّهاونِ في هذا الأمْرِ، وليُحرِّضَ النَّاسَ على قضاءِ الدِّيونِ في حياتِهم،
والتَّوصُّلِ إلى البَراءةِ منها؛ لئلَّا تفوتُهم صَلاةُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ.
خير الناس للناس بادر بسداد ديونه لعلمه أن التأكيدُ على قَضاءِ الدُّيونِ وعدَمِ التأخُّرِ
في أداءِ الحقوقِ لأهلِها، وكذلك التحذير من عدَمِ ترْكِ وفاءٍ لها بعدَ الموتِ .شَفقةِ
من النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على المُسلمين.
خير الناس للناس أحسنهم قضاء لعلمه أن الإسلامُ حرَصَ على المُحافظةِ على حُقوقِ النَّاسِ، ومِن تِلك الحقوقِ: الحُقوقُ الماليَّةُ، فأمَرَ بقضاءِ الدِّيونِ وعدَمِ المُماطَلةِ فيها. لأن في المماطلة ظلم لقوله صلي الله عليه وسلم :" مطل الغني ظلم"(متفق عليه).
يعني: ممانعة الإنسان
الذي عليه دَين عن الوفاء، وهو غني قادرٌ على الوفاء؛ ظلم، وهذا منع ما يجب؛ لأن الواجب
على الإنسان أن يبادر بالوفاء إذا كان له قدرة، ولا يحل له أن يؤخر، فإن أخر الوفاء
وهو قادر عليه؛ كان ظالمًا ..
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه
وسلم