
من يقتل الأعور الدجال ؟ وماهي مواصفاته ؟ وكيف ننجوا من فتنته ؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وبعد
فحديثنا إليكم اليوم عن علامة من علامات الساعة الكبري المسيح الدجال
من يقتل الأعور الدجال، ماهي صفاته، وكيف يظهر، ومتى سيظهر، من هو، وأين يعيش، وكيف يعيش، كل هذه تساؤلات تجول بخاطر الكثير من الناس، نظراً لغموض هذا الموضوع بالنسبة للكثيرين ؟
كثُر الحديث عن من يقتل الأعور الدجال، وعن أن ظُهوره من علامات يوم القيامة، وأنه سيتبعه الكثير من الناس إلى طريق الضلال.
سيظهر بالفعل المسيح الأعور الدجال في نهاية الزمان، واجتمع أهل العلم على أن من سيقوم بقتله هو نبي الله سيدنا عيسى عليه السلام.
وسيحدث ذلك بعد نزول سيدنا عيسى إلى الأرض بأربعين يوماً.
فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"ثم ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق فيدركه – أي يدرك الدجال – عند باب لُد فيقتله"(صحيح)..
فمن الواضح هنا في الحديث الشريف، أن نزول سيدنا عيسى من السماء إلى الأرض، سيكون في أرض الشام.
ولكن سيدنا عيسى سيقوم بملاحقة المسيح الدجال، ثم يقوم بقتله عند جبل يُدعى باب لُد في بلاد الشام.
وتتضح أيضاً الحكمة الإلهية من ظهور سيدنا المسيح، في نفس وقت ظهور المسيح الدجال، ليَستخدِم الله عصا الحق لهزيمة الباطل، فكانت بداية ظهور السيد المسيح عليه السلام هي نهاية لوجود عدو الله المسيح الدجال.
وقد تحدث رسول الله عن ذلك تفصيلاً، في قوله عليه الصلاة والسلام”ينزل عيسى بن مريم عليه السلام فإذا رآه عدو الله أي الأعور الدجّال ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته”. وفي رواية:" أنَّهُ إذا خرج مسيحُ الضَّلالةِ الأعورُ الكذَّابُ نزل عيسَى ابنُ مريمَ على المنارةِ البيضاءِ شرقيَّ دِمشقَ بين مَهْرودَتَيْنِ ، واضعَا يديهِ على منكبيْ ملَكينِ ، فإذا رآهُ الدَّجَّالُ انماعَ كما ينماعُ المِلحُ في الماءِ ، فيدركهُ فيقتلهُ بالحَربةِ عندَ بابِ لُدٍّ الشَّرقيِّ على بضع عشرةَ خطواتٍ منه"(صحيح).
ما مِن نبيٍّ إلَّا حذَّرَ أُمَّتَه الدَّجَّالَ؛ فهو أعظَمُ فِتنةٍ ستَمُرُّ على البشريَّةِ، فمَن أدرَكَها ثمَّ حُفِظ منها، فهو الموفَّقُ مِن اللهِ سبحانَه وتعالى.
وفي هذا الحديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّه إذا خرَجَ مسيحُ الضَّلالةِ" وهو الدَّجَّالُ الذي يُضِلُّ الناسَ عن الحقِّ؛ وهو المموِّه الذي يَقلِبُ الحقائقَ بإذنِ اللهِ عزَّ وجلَّ، "الأعوَرُ" ذو العينِ الواحدةِ، والأُخرى مُنطَفِئةٌ بارزةٌ كأنَّها عِنَبةٌ ولا تَرى، وهو "الكذَّابُ" في كلِّ أقوالِه وأفعالِه، ويَدورُ الأرضَ في أربعينَ يومًا، وبعدَ ذلك يَنزِلُ عيسى بنُ مريمَ على المنارةِ البيضاءِ شرقيَّ دِمَشقَ،
وفي روايةٍ: "بالأردنِّ"، وفي رواية أخرى "بعسكر المسلِمين"، ولا تَنافِي بينها؛ لأنَّ عَسكرَهم بالأردنِّ ودِمشقَ وبيتِ المقدِس من ذلك، "بينَ مَهْرُودَتَيْنِ" يعني لابسًا ثَوْبَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ بِوَرْسٍ ثُمَّ بِزَعْفَرَانٍ، وقيل: هما شُقَّتانِ، والشُّقَّةُ نصفُ المُلاءةِ، "واضعًا يدَيْه على مَنكِبَيْ ملَكينِ" يَحمِلانِه ويَنزِلانِ به، "فإذا رآهُ الدَّجَّالُ انماعَ" بمعنى: ذابَ "كما يَنماعُ المِلحُ في الماءِ"؛
خوفًا مِن عيسى بنِ مريمَ؛ لأنَّه يَعلَمُ أنَّ نهايتَه على يدَيْه، "فيُدرِكُه" عيسى عليه السلامُ، "فيقتُلُه بالحَرْبةِ عندَ بابِ لُدٍّ الشرقيِّ على بضعَ عشْرةَ خطواتٍ منه"، ولُدٌّ اسمُ موضعٍ بالشامِ، أو قَرْيةٌ في فِلَسْطِينَ قريبةٌ مِن بيتِ المَقدِسِ .
فنجد رسول الله تحدث في هذا الحديث بشكل مُفصل، عن هزيمة ومقتل المسيح الدجال على يد سيدنا عيسى بتأييد من الله.
وصف المسيح الدجال
للمسيح الدجال العديد من الصفات التي من الجيد مَعرِفتها بعد معرفة من يقتل الاعور الدجال، التي تم ذكرها في أحاديث صحيحة أهمها التالي:-
أنه سيصف نفسه بالربوبية، وأن من سيأتيه سيكون عنده الظن أن ما يذكره من باطل لن يخدعه، وأنه سيكشف كذبه بمجرد حديثه معه، لكنه سيجد العكس فيجده مصدقاً أكاذيبه وما يروجه من باطل بل وأيضاً مؤمناً به، لذا ذكر النبي أن من يسمع بوجوده يبتعد عنه وعن مواجهته اتقاء لشر فتنته،
وذكر ذلك إذ قال”من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فيتبعه، مما يبعث به من الشبهات، أو لما يبعث به من الشبهات"(أبو داوود).
من صفاته الجسدية البارزة وجود عيب واضح جداً في عينه اليُمنى، فعينه بارزة وعنده عَوَر في العين، ومهما حاول بكل الطرق الممكنة إخفاء هذا العيب لا يستطيع، فقال صلي الله عليه وسلم في وصفه" أعور العين اليمنى، كأنها عنبة طافية" (البخاري ومسلم).
وقال أيضاً في وصف عينه"الدجال عينه خضراء كالزجاجة"(أحمد وصححه الألباني).
ومن ما ورد عنه أنه مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤها كل مؤمن، كاره لعمَلِه القبيح، فورد عن النبي أن قال في هذا الشأن “إنه مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه من كره عمله، أو يقرؤه كل مؤمن".
ومن ما قيل من وصفه أنه عقيم لا ولد له، فقال عليه الصلاة والسلام”عقيم لا يولد له"(مسلم).
هل المسيح الأعور الدجال هو اسم أم لقب ولماذا سمي المسيح الدجال بهذا الاسم؟
والإجابة على هذا السؤال، هي أنه عند ظهوره، سيكون ذلك من مدينة تُسمى أصفهان، وأنه سيدعي الصلاح وأنه رجل يدعو إلى الخير، وسيتبعه سبعون ألفاً من اليهود من أهل هذه المدينة فقط.
وسيكون له اسم عادي ينادونه به الناس، لكن المسيح والأعور الدجال، هي كنية له فالمسيح قيل لأن عينه ممسوحة تماماً، وقيل لأنه يسيح في الأرض يدعو إلى الضلال.
أما الأعور، نظراً لأن عينه اليمنى بارزة وعنده عور فيها، والدجال لانه كثير الدجل والكذب فتارة يدعي أنه نبي من أنبياء الله ويدعو الناس إلى ذلك، ثم يزداد كذباً، ويدعي الألوهية، لذلك فهو كاذب مخادع عدو لله.
قال فيه الإمام الرازي رضي الله عنه "وأمّا المسيح الدجّال فإنّما سُمّي مسيحاً لأحد وجهين أولهما: لأنّه ممسوح العين اليمنى، وثانيهما: لأنّه يمسح الأرض أي يقطعها في زمن قصير لهذا قيل لهُ: دجّال لضربهِ في الأرض وقطعهِ أكثر نواحيها، وقيل سُمّي دجّالاً من قوله: دَجَلَ الرجلُ إذا مَوَّه ولبَّس “.
قصة المسيح الدجال كاملة من رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب .. ألا إنّه أعور ، وإن ربكم عز وجل ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه : " ك . ف . ر" متفق عليه .
بهذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه عن المسيح الدجال .
فقال له أصحابه : يا رسول الله ؛ أكثرْتَ الحديث عنه ، فخفنا ، حتى ظنناه قريباً منا ، وكأنه سيطلع علينا بعد قليل من ناحية هذا النخيل .
قال صلى الله عليه وسلم : غيرَ الدجال أخوفني عليكم ، إذا خرج فيكم فأنا حجيجه دونكم – أكفيكم مؤونته - ، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤٌ حجيجُ نفسه – فكل منكم مسؤول عن نفسه - ، والله خليفتي على كل مسلم.
قالوا : يا رسول الله صفه لنا .
قال : إنه شاب شديد جعود الشعر ، عينه اليمنى بارزة ناتئة كأنها عَنَبةٌ ، قد ذهب نورُها ، أعور ، يدّعي الألوهية ، مكتوب على جبينه : كافر ... يرى المؤمن ذلك واضحاً .
قالوا : فمن أين يخرج يا رسول الله ؟.
قال : يخرج من طريق بين الشام والعراق ، فيعيث فساداً في الأرض أينما ذهب .
قالوا : فما لبثه في الأرض ؟ - كم يبقى في الأرض –
قال : أربعون يوماً : يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم .
قالوا : يا رسول الله ؛ فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم ؟ - فالصلاة للمسلم كالماء للحي ، لا يعيش دونها .
قال : لا : اقدروا له قدْرَه ... - فلا بد من تقسيم الوقت في هذا اليوم ، وكأنه سنة - .
قالوا : فمن يتبعه ؛ يا رسول الله ؟ .
قال : يتبع الدجالَ - من يهود أصفهان – سبعون ألفاً عليهم الطيالسة " ثياب اليهود المزركش بالأخضر " .
قالوا : يا رسول الله ؛ كيف سرعته في الأرض ؟.
قال : كالغيث استدبرته الريح – إسراع المطر الذي تسوقه الريح بشدة ، فيصل إلى كل بقاع الأرض - .
قالوا : أيدخل كل البلاد ويفسدها؟! .
قال : ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال ، إلا مكة والمدينة ، تحول الملائكة بينه وبينهما صافـّين يحرسونهما . فإن وصل المدينة نزل بالسبخة القريبة منها ، فترجف المدينة ثلاث رجَفات ، يُخرج الله منها كل كافر ومنافق .
قالوا : فماذا نفعل ، إن ظهر ونحن أحياء ؟
قال : انفروا في الجبال ، ولا تقفوا في طريقه ، فما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمرٌ أكبر من الدجال ، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف .
قالوا : فما الذي يفعله ؟!
قال : يأتي على القوم ، فيؤمنون به ، ويستجيبون له . فيأمر السماء ، فتمطر، والأرضَ فتنبت، وتعود عليهم إبلهم وبقرهم وأغنامهم ضخمة الأجسام ، ممتدة في الطول والعرض سِمَناً ، ويكثر لبنُها . – وهذا استدراج كبير نسأل الله الثبات على دينه - .
ويمر بالخِربة التي هجرها أهلها منذ غابر الأزمان ، فيقول لها : أخرجي كنوزك ، فتتبعه كنوزها كذكور النحل المجتمعة ، فيزداد أتباعُه به ضلالاً .
ويأتي على القوم ، فيدعوهم ، فيردون عليه قوله ، ويثبتهم الله على الإيمان ، فينصرف الدجال عنهم ، فيصبحون ممحلين ، ينقطع الغيث عنهم ، وتيبس الأرض والكلأ ، ليس في أيديهم شيء من أموالهم ولا أنعامهم ، نسأل الله أن يثبتهم على دينهم .
قالوا : يا رسول الله ؛ أمعه شيء غير هذا ؟.
قال : نعم .... فمن ذلك أن الدجال يخرج ومعه ماء ونار . فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق ، وأما الذي يراه الناس ناراً فماء بارد وعذب . فمن أدركه منكم فلْيقعْ في الذي يراه ناراً ، فإنه ماء عذب طيب .
قالوا : يا رسول الله ؛ أفلا نحاجه ، ونكذّبه ؟ .
قال : لا يظنّنّ أحدكم أنه قادر على ذلك . فإذا ذهب إليه فتنه ، فتبعه ، فضلّ وكفر .
قالوا : فمن أعظم شهادة عند رب العالمين إذ ذاك ؟.
قال : يتوجه إليه رجل من المؤمنين ، فيتلقّاه مقدّمة جنود الدجال ... فيقولون له : إلى أين تذهب أيها الرجل ؟ فيقول : أعمد إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه إله ... فيتعجبون من جوابه ، ويسألونه : أوَ ما تؤمن بربنا ؟! فيقول : هذا ليس رباً ، إنما ربكم الذي خلق السموات والأرض ، وما هذا إلا مارق كافر .
فيثورون فيه ، ويتنادَون لقتله ، ويهمّون بذلك ، لولا أن كبيرهم يذكّرهم أن الدجال أمرهم أن لا يقتلوا أحداً حتى يُعلموه بذلك . فيقيّدونه وينطلقون به إلى الدجال .
فإذا رآه المؤمن صاح بأعلى صوته : أيها الناس ؛ لا يغرنكم هذا الشيطان ، فإنه أفـّاك دجال ، يدّعي ما ليس له ، هذا الذي حذركم منه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فيشتد غضب الدجال ، ويأمر زبانيته ، فيوثقونه مشبوحاً ، ويوسعون ظهره وبطنه ضرباً . فيقول الدجال مغضباً آمراً رجاله أن يُؤذوه ويشجوه ، فيزداد الرجل المؤمن إيماناً .
حينذاك يأمر الدجال رجاله أن ينشروه بالمنشار من رأسه إلى أن يفرق بين رجليه ، فيفعلون ، ويُبعدون القسمين أحدهما عن الآخر ... فيمشي الدجال بينهما مستعرضاً ألوهيته ، فيخر الناس ساجدين له ـ فينتشي عظمة وخُيلاء .
ثم يقول له : قم .. فيقترب النصفان ، فيلتحمان ، فيعود الرجل حياً ، فيقول له الدجال : أتؤمن بي إلهاً ؟ . فيتهلل وجه المؤمن قائلاً : ما ازددت فيك إلا بصيرة ، وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنك ستفعل بي ذلك .
ينادي الرجل بأعلى صوته : انتبهوا أيها الناس ، إنه لن يستطيع أن يفعل بعدي بأحد من الناس شيئاً ، لقد بطل سحره ، وعاد رجلاً مسلوب الإرادة كما كان . فيأخذه الدجال ليذبحه ، فلا يستطيع إليه سبيلاً ، لأن الله تعالى جعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاساً ، فيأخذ الدجال بيديه ورجليه فيقذف به . فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار ، وإنما ألقي في الجنة .
فهذا أعظم شهادة عند رب العالمين .
قالوا : يا رسول الله ؛ كيف ينقذنا الله من فتنة الدجال ؟
قال : في هذه اللحظة – حين يبلغ السيل الزبى – يرسل الله أخي عيسى ، ليكون السهمَ الذي يصمّ به عدوّ الله وعدوّكم .
قالوا : وأين يكون عيسى عليه السلام ، يا رسول الله ؟.
قال : إنه في السماء ، رفعه الله تعالى إليه حين مكر اليهود به ، وأرادوا قتله . ورعاه هناك ليعود إلى الأرض في الوقت الذي قدّره الله تعالى ، وللأمر الذي يريده سبحانه .
قالوا : صفه لنا ، يا رسول الله ؟ .
قال : ينزل عند المنارة البيضاء ، شرقيّ دمشق ، يلَبس ثوبين جميلين ، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه انحدر منه ماء الوضوء ، وإذا رفع رأسه انحدر منه قطرات الماء كأنها اللؤلؤ الصافي . فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا أن يموت ،وينتهي نفَسُه إلى حيث ينتهي طَرْفُه.
قالوا : أليس في ذلك الوقت جماعة للمسلمين ؟.
قال : بلى ، إنه المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، بعد أن مُلئت جَوراً وظلماً . ينصر الله المسلمين على يديه ، إنه من آل بيتي ، من ولد الحسن بن علي ، وهو الذي يفتح روما عاصمة الروم " الإيطاليين " ، يبيد جيوش أوربة الكافرة .
قالوا : ولم يجتاح الدجال البلاد ، والمسلمون أقوياء إذ ذاك ؟! .
قال : ألم أقل لكم : إنها الفتنة الكبرى ، حيث يرتد كثير من المسلمين على يد المسيح الدجال .
قالوا : وأين يكون المهدي ؛ يا رسول الله ؟
قال : في القدس يحاصره الدجال ، ويحاول اقتحامها ليجعلها عاصمته الأبدية ، عاصمة اليهود ودجالهم . والمهدي وجنوده يدافعون عنها ، ويقاتلون ما وسعهم القتال .
قالوا : وماذا يفعل المسيح عليه السلام حين ينزل في دمشق ؟.
قال : ينطلق إلى القدس ، فيدخلها ، فيتعرف المهديّ عليه والمسلمون ، ويفرحون لنزوله ، فيستلم قيادة المسلمين ، ويهاجم الدجال .
قالوا: فماذا يفعل الدجال حين يسمع بعيسى عليه السلام قادماً ؟.
قال : يفر من بين يديه إلى اللد ؛ وهي مدينة في فلسطين ، قريبة من القدس ، لكنّ عيسى عليه السلام يتبعه ، ويطعنه برمحه ، فيذوب بين يديه كما يذوب الملح في الماء ... ويرفع الله الهمّ والغمّ عن المسلمين ، ويحدثهم عيسى رسول الله بدرجاتهم في الجنة ، ويمسح عن وجوههم بيده الشريفة ، فما في الدنيا إذ ذاك أعظم سعادة منهم ."مسلم"
رياض الصالحين ، باب المنثورات والمُلح
هل رأى الصحابة الأعور الدجال؟
نعم، ذَكَرْ أهل العلم، أن هناك صحابي شريف اسمه تميم الداري، كان راهباً مسيحياً.
ثم أسلم على يد رسول الله عام 9 هجرية، بعد أن جاء إليه من فلسطين.
أنه خرج على مركب مع ثلاثين فرد من قبيلتي لخم وجزام، وحدثت عاصفة وضلوا طريقهم في البحر، حتى وصلوا إلى جزيرة .
وجدوا فيها دابة شكلها غريب تُحدِثهم وتُخبرهم عن كهف يوجد به المسيح الدجال، فذهبوا إليه وتحدثوا معه، وأخبرهم أنه اقترب ظهوره.
وقد تَحدث رسول الله في هذا الصدد فقال” في حديث جاء في صحيح الإمام مسلم وغيره من كتب الحديث، عن فاطمة بنت قيس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء ذات يوم مسرعًا فصعد المنبر ونودي في الناس الصلاة جامعة فاجتمع الناس.
فقال: “يا أيها الناس إني لم أدعكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن تميم الداري أخبرني أن نفرًا من أهل فلسطين ركبوا البحر فقذف بهم الريح إلى جزيرة من جزائر البحر، فإذا هم بدابة أشعر لا يدري ذكر هو أو أنثى لكثرة شعره، فقالوا: من أنت، فقالت: أنا الجساسة، فقالوا: فأخبرينا، فقالت: ما أنا بمخبرتكم ولا مستخبرتكم، ولكن في هذا الدير رجل فقير إلى أن يخبركم وإلى أن يستخبركم، فدخلوا الدير فإذا هو رجل أعور مصفد في الحديد.
فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن العرب، فقال: هل بعث فيكم النبي؟ قالوا: نعم، قال: فهل اتبعه العرب؟ قالوا: نعم، قال ذاك خير لهم، قال: فما فعلت فارس هل ظهر عليها؟ قالوا: لا، قال: أما أنه سيظهر عليها، ثم قال: ما فعلت عين زغر؟ قالوا: هي تدفق ملأى
قال: فما فعل نخل بيسان هل أطعم؟ قالوا: نعم أوائله، قال: فوثب وثبة حتى ظننا أنه سيفلت، فقلنا: من أنت؟ فقال: أنا الدجال، أما أني سأطأ الأرض كلها غير مكة وطيبة،
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبشروا معاشر المسلمين هذه طيبة لا يدخلها"
فتن الدجال وطرق الوقاية منها
فتنة الدجال أعظم الفتن منذ خلق الله آدم إلى قيام الساعة، وذلك بسبب ما يخلق الله معه من الخوارق العظيمة التي تبهر العقول، وتحير الألباب. فقد ورد أن معه جنة ونارا ، وجنته نار ، وناره جنة ، وأن معه أنهار الماء وجبال الخبز، ويأمر السماء أن تمطر فتمطر ، والأرض أن تنبت فتنبت ، وتتبعه كنوز الأرض ، ويقطع الأرض بسرعة عظيمة…… إلى غير ذلك من الخوارق,.
كل ذلك جاءت به الأحاديث الصحيحة : فعن حذبفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الدجال أعور العين اليسرى ، جفال الشعر ، معه جنة ونار ، فناره جنة، وجنته نار"( مسلم).
وعن حذيفة أيضا رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لأنا أعلم بما مع الدجال منه ، معه نهران يجريان ، أحدهما رأي العين ماء أبيض ، والآخر رأي العين نار تأجج ، فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه نارا وليغمض ، ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه ، فإنه ماء بارد "( مسلم).
وجاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه في ذكر الدجال أن الصحابة قالوا : يا رسول الله! كم لبثه في الأرض ؟ قال :" أربعون يوماً ، يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعه ، وسائر أيامه كأيامكم) قالوا: وما إسراعه في الأرض؟ قال :" كالغيث إذا استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ، ويستجيبون له ، فيأمر السماء فتمطر ، والأرض فتنبت ، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا ، وأسبغه ضروعا ، وأمده خواصر ، ثم يأتي القوم ، فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيدهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة فيقول لها : أخرجي كنوزك ، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فبقطعه جزلتين رمية الغرض ، ثم يدعوه ، فيقبل ويتهلل وجهه يضحك"(مسلم).
وجاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن هذا الرجل الذي يقتله الدجال من خيار الناس ، يخرج إلى الدجال من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول للدجال "أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه. فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته ، هل تشكون في الأمر ؟ فيقولون : لا . فيقتله ، ثم يحييه ، فيقول ( أي الرجل ) والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم ، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه "(البخاري).
طرق الوقاية من فتنة المسيح الدجال:
والوقاية منه تكون بالإيمان الصادق بالله تعالى ، والتعوذ من شره، وحفظ أوائل أو أواخر سورة التوبة ، والبعد عن المكان الذي هو فيه . الأحاديث النبوية عن المسيح الدجال:
جاء في السنة النبوية ما يرشد إلى الخلاص من فتنة المسيح الدجال ، أهمها:
أولا : معرفة حقيقة الدجال الذي يدعي أنه إله ، وهو أنه أعور ،والله تعالى منزه عن كل نقص، والإيمان الصادق يقي أصحابه كل الفتن ، فليس هناك أفضل من التسلح بالإيمان بالله ، والاعتصام بحبله المتين .
ثانيا : التعوذ من فتنة الدجال وخاصة في الصلاة وقد وردت بذلك الأحاديث الصحيحة، فعن عائشة رضي الله عنها " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ……….. الحديث "( الشيخان).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا تشهد أحدكم، فليستعذ بالله من أربع ، يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال"( مسلم).
ثالثا : حفظ آيات من سورة الكهف ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة فواتح سورة الكهف على الدجال، وفي بعض الروايات خواتيمها، وذلك بقراءة عشر آيات من أولها أو آخرها. وقد جاء في حديث النواس بن سمعان الطويل ، وفيه :"من أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف"( مسلم).
و عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال"(مسلم). أي من فتنته.
رابعا : الفرار من الدجال والابتعاد منه ، والأفضل سكنى مكة والمدينة، فإنه لا يدخلهما. فإنه يأتيه الرجل وهو يظن في نفسه الإيمان والثبات ، فيتبع الدجال ، فعن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سمع بالدجال فلينأ عنه ، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات أو لما يبعث من الشبهات "( أحمد وأبو داود والحاكم).
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم