recent
أخبار عاجلة

لماذا نهي الشرع عن دفن الموتي ليلاً ؟ وهل يخاف الميت إذا دفن ليلا ؟

 
 لماذا نهي الشرع عن دفن الموتي ليلاً ؟

وهل يخاف الميت إذا دفن ليلا ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فهناك خلاف علي دفن الموتى في الليل بين العلماء، فمنهم من قال بجوازه بلا كراهة،

 ومنهم ‏من قال: إنه مكروه. وذهب ابن حزم إلى تحريمه كما في المحلى، وتبعه الألباني

 في أحكام ‏الجنائز،

الذين أجازوا الدفن بالليل :"

ومما يدل على الجواز بلا كراهة ما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله ‏عنه قال:"رأى

 ناس ناراً في المقبرة فأتوها، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر، ‏وإذا هو

 يقول: "ناولني صاحبكم، فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر"(أبوداود).

قال الإمام ابن القيم: هذه النار كانت للإضاءة، ولهذا ترجم عليه أبو داود: الدفن بالليل.

 ‏قال الإمام أحمد: لا بأس بذلك، وقال: أبو بكر دفن ليلاً، وعلي دفن فاطمة ليلاً، وحديث

 ‏عائشة: " سمعنا صوت المساحي من آخر الليل في دفن النبي صلى الله عليه وسلم"

 وممن ‏دفن ليلاً: عثمان، وعائشة وابن مسعود، ورخص فيه عقبة بن عامر، وابن

 المسيب، ‏وعطاء، والثوري، والشافعي، وإسحاق. وكرهه الحسن، وأحمد في إحدى

 الروايتين… وفي ‏الصحيحين عن ابن عباس قال: " مات إنسان، كان رسول الله صلى

 الله عليه وسلم ‏يعوده، فمات بالليل فدفنوه ليلاً، فلما أصبح أخبروه. فقال: ما منعكم أن

 تعلموني؟ ‏فقالوا: كان الليل وكرهنا - وكانت ظلمة- أن نشق عليك فأتى قبره،فصلى

 عليه".أهـ

وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه : "باب الدفن بالليل ودفن أبي بكر رضي الله عنه

 ليلاً".

وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"صلى النبي صلى الله عليه وسلم على رجل

 بعدما دفن بليلة . قام هو وأصحابه وكان سأل عنه فقال : من هذا ؟ فقالوا : فلان دفن

 البارحة فصلوا عليه"(البخاري ).

ومما يدل على جواز الدفن بالليل: ما جاء في الحديث عن ابن عباس أن النبي صلى الله

 عليه وسلم مر بقبر دفن ليلاً فقال:"متى دفن هذا؟ فقالوا: البارحة. قال : أفلا آذنتموني.

 قالوا: دفناه في ظلمة الليل فكرهنا أن نوقظك . فصلى عليه"(البخاري).

 وعن جابر قال:"رأى ناسٌ ناراً في المقبرة فأتوها فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم

 في القبر وإذا هو يقول: ناولوني صاحبكم. وإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر"

( أبو داود).

و عن عائشة رضي الله عنها: "أن أبا بكر الصديق لم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء

 ودفن قبل أن يصبح"( البخاري). 

قال أكثر أهل العلم يجوز دفن الميت ليلاً ولا كراهة في ذلك ولكن الدفن في النهار أفضل.

 قال الحافظ ابن عبد البر:"وفي هذا الحديث إباحة الدفن بالليل وعلى إجازته أكثر العلماء

 وجماعة الفقهاء لأن الليل ليس فيه وقت تكره فيه الصلاة" (الاستذكار 8/290).

من كرهوا الدفن ليلاً وأدلتهم

وذهب جماعة من العلماء ومن الحسن البصري إلي كراهة الدفن ليلاً ومما يدل على  ذلك

 حديث جابر:"أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلاً ‏من أصحابه قبض، فكفن في كفن

 غير طائل، وقبر ليلاً، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم ‏أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى

 عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك"(مسلم).

 قال ‏النووي معقباً:"فكرهه الحسن البصري إلا لضرورة، وهذا الحديث مما يستدل له به،

 ‏وقال جماهير العلماء من السلف والخلف لا يكره…"  كما نقل النووي الإجماع على

 ‏جواز الدفن ليلاً، فقال عند حديث:"إن علياً دفن فاطمة رضي الله عنها ليلاً" فيه جواز

 ‏الدفن ليلاً، وهو مجمع عليه، لكن النهار أفضل إذا لم يكن عذر. انظر صحيح مسلم

 ‏بشرح النووي كتاب الجهاد.‏

وورد قول رسول الله صلي الله عليه وسلم :"لا تدفِنُوا موتاكم بالليلِ ، إلَّا أنْ تُضْطَّرُّوا"

(ابن ماجه واللفظ له، وأحمد بمعناه).

علَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه الآدابَ الشَّرعيَّةَ كُلَّها، وهنا يُرشِدُنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ

 عليه وسلَّمَ إلى بعضِ الآدابِ الخاصَّةِ بالمَوتى، مِثلَ عَدَمِ الدَّفنِ ليلًا إلَّا للضَّرورةِ، فيقولُ

 النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تَدفِنوا مَوْتاكم باللَّيلِ"؛ قيل: إنَّ النَّهيَ عن الدَّفْنِ لَيلًا؛

حتى يُصَلِّيَ عليه ناسٌ كَثيرونَ، أَكثرُ مِمَّن يُصلُّون عليهِ ليلًاً. وقيل: لأنَّهم كانوا لا

 يُحسِنون أكْفانَ مَوْتاهم، ويَدْفُنونَهم باللَّيلِ،"إلَّا أْن تُضْطرُّوا"، أي: إلَّا أنْ تَخافوا ضَرَرًا

 كخَوفٍ من تَغيُّرِ جَسَدِ الميِّتِ من حَرارةٍ ونَحوِها، أَو نَحْوِ فِتْنَةٍ؛ فيكونُ الأوْلى التَّعْجيلَ

 بدَفْنِه ولو كان ذلك في اللَّيلِ..

والراجح هو ما قاله الإمام ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود: "والذي ينبغي أن يقال في

 ‏ذلك -والله أعلم- أنه متى كان الدفن ليلاً لا يفوت به شيء من حقوق الميت، والصلاة

 ‏عليه، فلا بأس به، وعليه تدل أحاديث الجواز، وإن كان يفوت بذلك حقوقه والصلاة

 ‏عليه وتمام القيام عليه، نهي عن ذلك، وعليه يدل الزجر، وبالله التوفيق".‏

وعليه  فإذا كان إبقاء الميت ليلاً إلى الصباح لا ‏يؤدي إلى تغيره، ورجي من ذلك أيضاً

 تكثير المصلين عليه فدفنه بالنهار أفضل، وإذا لم ‏يوجد من يصلي عليه ليلاً، أو لم توجد

 إضاءة ولم يخش تغيره إن ترك إلى الصباح انتظر به حتى يدفن نهاراً، وإذا توفر عدد لا

 بأس به للصلاة عليه، وتوفرت ‏الإضاءة جاز دفنه بالليل بلا كراهة.‏

الرد علي من أنكر الدفن ليلاً

وأما ما جاء عن جابر رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوماً فذكر

 رجلاً من أصحابه قبض وكفن في غير طائل وقبر ليلاً فزجر النبي صلى الله عليه وسلم

 أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلي عليه إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك وقال النبي صلى الله

 عليه وسلم: إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه"( مسلم).

فقد أجاب عنه العلماء بأجوبة قوية منها: ما قاله الإمام النووي: "وأما النهي عن القبر

 ليلاً حتى يصلي عليه فقيل سببه أن الدفن نهاراً يحضره كثيرون من الناس ويصلون

 عليه ولا يحضره في الليل إلا أفراد. وقيل لأنهم كانوا يفعلون ذلك بالليل لرداءة الكفن فلا

 يبين في الليل ويؤيده أول الحديث وآخره …]"(شرح النووي على صحيح مسلم 3/12).

وقال  ابن القيم :"قال الإمام أحمد: لا بأس بذلك – أي الدفن ليلاً – وقال : أبو بكر دفن

 ليلاً وعليٌ دفن فاطمة ليلاً وحديث عائشة:"سمعنا صوت المساحي من آخر الليل في

 دفن النبي صلى الله عليه وسلم . وممن دفن ليلاً عثمان وعائشة وابن مسعود ورخص

 فيه عقبة بن عامر وابن المسيب وعطاء والثوري والشافعي واسحاق وكرهه الحسن

 وأحمد في إحدى الروايتين . وقد روى مسلم في صحيحه: … فذكر حديث جابر

 السابق" . ثم قال ابن القيم: "والآثار في جواز الدفن بالليل أكثر.

وفي الترمذي من حديث الحجاج بن أرطأة عن عطاء عن ابن عباس:"أن النبي صلى الله

 عليه وسلم دخل قبراً ليلاً فأسرج له بسراج فأخذه من قبل القبلة وقال: رحمك الله إن

 كنت لأواهاً تلاءً القرآن وكبر عليه أربعاً ". قال : وفي الباب عن جابر ويزيد بن ثابت

 وهو أخو زيد بن ثابت أكبر منه . قال : وحديث ابن عباس حديث حسن. قال: ورخص

 أكثر أهل العلم في الدفن بالليل وقد نزل النبي صلى الله عليه وسلم في قبر ذي البجادين

 ليلاً . وفي صحيح البخاري: "أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن قبر رجل، فقال:

 من هذا؟ قالوا: فلان، دفن البارحة فصلى عليه". وهذه الآثار أكثر واشهر من حديث

 مسلم. وفي الصحيحين عن ابن عباس قال:"مات إنسان كان رسول الله صلى الله عليه

 وسلم يعوده فمات بالليل فدفنوه ليلاً فلما أصبح أخبروه. فقال: ما منعكم أن تعلموني ؟

 فقالوا : كان الليل وكرهنا – كانت ظلمة – أن نشق عليك فأتى قبره فصلى عليه".

قيل: وحديث النهي محمول على النزاهة والتأديب. والذي ينبغي أن يقال في ذلك – والله أعلم – :

 أنه متى كان الدفن ليلاً لا يفوت به شيء من حقوق الميت والصلاة عليه فلا بأس به

 وعليه تدل أحاديث الجواز وإن كان يفوت بذلك حقوقه والصلاة عليه وتمام القيام عليه

 نهي عن ذلك وعليه يدل الزجر وبالله التوفيق  شرح ابن القيم على سنن أبي داود

 8/309 . وقال الحافظ ابن حجر في الجواب عن حديث جابر: "بأن النهي عن الدفن ليلاً

 كان بسبب تحسين الكفن وقوله :"حتى يصلي عليه" مضبوط بكسر اللام أي النبي صلى

 الله عليه وسلم فهذا سبب آخر يقتضي أنه إن رجي بتأخير الميت إلى الصباح صلاة من

 ترجى بركته عليه استحب تأخيره وإلا فلا، وبه جزم الطحاوي، واستدل المُصَنْف – أي

 الإمام البخاري – للجواز بما ذكره من حديث ابن عباس ولم ينكر النبي صلى الله عليه

 وسلم دفنهم إياه بالليل بل أنكر عليهم عدم إعلامهم بأمره وأيد ذلك بما صنع الصحابة

 بأبي بكر وكان ذلك كالإجماع منهم على الجواز"( فتح الباري 3/451).

هل يخاف الميت إذا دفن ليلا؟

الدفن ليلا من الأمور المنتشرة في بعض البلاد، ولم يحرم الدفن ليلاًسوي ابن حزم والألباني وقليل من العلماء.. ، ولم يرد دليل على أن الميت يخاف من الدفن ليلا ،  

لا مانع شرعا من دفن الميت ليلا، والميت لا يخاف إذا دفن ليلاً، وعلى أهل المتوفى الإكثار له من الأدعية والصدقات له أي ميت يحتاج إلى ذلك، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ"

أوقات الدفن المنهي عنها

أكدت دار الإفتاء أن صلاة الجنازة ودفن الميت قبل المغرب جائز شرعًا، مشددة على أن يكره تعمد تأخير الدفن إلى هذا الوقت، منوهة بأن عقبة بن عامر الجهنى رضى الله عنه قال: "ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّى فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ -أى تميل- الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ"(مسلم).

وعرضت قول الإمام النووى قال فى "شرح صحيح مسلم: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا"، وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبْرِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا تُكْرَهُ فِى هَذَا الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ، فَلَا يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ بِمَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الدَّفْنِ إِلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، ويُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ بِلَا عُذْرٍ، وَهِيَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، فَأَمَّا إِذَا وَقَعَ الدَّفْنُ فِى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِلَا تَعَمُّدٍ، فَلَا يُكْرَهُ".​

هذا والله أعلم 

google-playkhamsatmostaqltradent