recent
أخبار عاجلة

خير الناس للناس أتقاهم لله الدرس الثاني




خير الناس للناس أتقاهم لله الدرس الثاني

 الحمدلله والسلاة والسلام علي رسول الله وبعد

فعَنْ دُرَّةَ بِنْتِ أَبِي لَهَبٍ قَالَتْ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى النبي صلي الله عليه وسلم  وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ،

 فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الناس خيرٌ؟ قال: خَيْرُ النَّاسِ أَقْرَؤُهُمْ وَأَتْقَاهُمْ لِلَّهِ، وَآمَرُهُمْ

 بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَوْصَلُهُمْ لِلرَّحِمِ"(أحمد وابن أبي شيبه والبيهقي

 والطبراني).

وخير الناس وأكرم الناس التقي النقي لما سأل الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهمُ النَّبيَّ صلَّى

 اللهُ عليه وسلَّمَ عَن أكْرمِ النَّاسِ، وأصْلُ الكرَمِ: كَثرةُ الخَيرِ،كما سألوه عن خير الناس

 فقال لهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:"أَتْقاهُم للهِ" وذلك لِقولِه تعالَى:"إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ

 اللَّهِ أَتْقَاكُمْ"(الحجرات: 13).

من أكرم الناس يارسول الله ؟، قال: أتقاهم"؛ يعني: إن أكرم الناس أتقاهم لله عزَّ وجلَّ،

 وهذا الجواب مطابق تمامًا لقوله تعالى: "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ"(الحجرات: 13).

 فالله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى الناس من حيث النسب، ولا من حيث الحسب، ولا من

 حيث المال، ولا من حيث الجمال، وإنما ينظر سبحانه إلى الأعمال؛ 

فأكرم الناس عند أتقاهم له؛ ولهذا يمد أهل التقوى بما يمدهم به من الكرامات الظاهرة

 أو الباطنة؛ لأنهمهم أكرم خلقه عنده، ففي هذا حثٌّ على تقوى الله عز وجل، وأنه كلما

 كان الإنسان أتقى لله فهو أكرم عنده،وخير الناس للناس ..

 ولكن الصحابة لا يريدون بهذا السؤال الأكرم عند الله!. عن أبي هريرة قال: قيل يا

 رسول الله من أكرم الناس؟، قال: أتقاهم، فقالوا:ليس عن هذا نسألك، قال: فيوسف نبي

 الله ابن نبي الله ابن خليل الله قالوا:"ليس عن هذا نسألك، قال: فعن معادن العرب

 تسألوني؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا"(متفق عليه).

"إن خير الناس وأكرم الخلق أتقاهم لله"؛ فإذا كنت تريد أن تكون كريمًا عند الله وذا

 منزلة عنده، فعليك بالتقوى، فكلما كان الإنسان لله أتقى كان عنده أكرم.  

كانَ أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصونَ على تَحصيلِ أفضَلِ المَكارمِ وأحسَنِ

 الأخلاقِ، وكانوا يَسأَلونَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَن المتَّصِفينَ بهذه الصِّفاتِ؛

 لِيَسلُكوا مَسْلَكَهم ويَعرِفوا قدْرَهم.

والتقوى ما هي ؟ أهي الطاعة كما يقول بعضهم ؟

التقوي قال عنها الصحابي الجليل أبي بن كعب :"

أن تشمر عن ساعد الجد في طاعة الله عزوجل..

والتقوى هي:"الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، 

والاستعداد ليوم الرحيل"

أو هي: "أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تبتعد عن معصية

 الله على نور من الله تخاف عقاب الله".وحيث إن سبيل التقوى هو الإحسان،والإحسان:

 "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك".

لذلك لما مر الإمام علي بن أبي طالب بمقابر الكوفة أو البصرة قال لهم السلام عليكم دار

 قوم مؤمنين أنتم السابقون ونحن بكم لاحقون أما الأزواج فقد نكحت وأما الديار فقد

 سكنت وأما الأموال فقد قسمت هذا خبر ماعندنا فما نبأ ماعندكم والتفت إلي أصحابه

 قائلاً أما إنهم لو تكلموا لقالوا وجدنا خير الزاد التقوي :" ثم أنشد قائلاً

تزود من حياتك للمعاد -وقم لله واعمل خيرزاد

ولاتركن إلي الدنيا قليلاً فإن المال يجمع للنفاد

أترضي أن تكون رفيق قوم لهم زاد وأنت بغير زاد

التقوي هي نبراس كل شيء وهي وسيلة لكل خير

عباد الله :"و التقوى التي هي صفة لخير الناس  أيضاً هي الوقاية من مخاطرالحياة

 المتمثلة بالمغريات والشهوات وهي وسيلة النجاة في الدنيا وفي الآخرة 

 يقول الله  تعالى :"وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"(الزمر/61).

فمن اتقى الله تعالى وامتثل أمر الله واجتنب نهيه نجاه بمفازته ، إذا وقع في هلكة أنجاه

 الله منها ويسر له الخلاص من ذلك ، فالمتقون هم أهل النجاة  ..

والتقوي هي ثمرة الصيام المرجوة :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ

 عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"(البقرة/183).

والتقوي وسيلة صلاح الحال ومغفرة الذنوب والفوز في الآخرة يقول الله تعالى :"يَاأَيُّهَا

 الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ

 اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا "(الأحزاب/71).

    لقد أمرنا الله في هذه الآية بتقواه وبالقول السديد ، ووعدنا على ذلك المغفرة

 وإصلاح الأحوال والتوفيق والتسديد .  ومن اتقى الله ولزم القول السديد يسره الله

 لليسرى ، وجنبه السوء والعسرى ، وغفر له في الآخرة والأولى ."وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ

 عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ".

 والتقوى هي وسيلة العلم قال تعالي :"وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ "(البقرة : 282).

كما قال الشافعي :"

شَكَوْتُ إلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي**  فَأرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ المعَاصي.

وَأخْبَرَنِي بأَنَّ العِلْمَ نُــــــــــورٌ** ونـــــــورُ الله لا يهدى لعاصي.

والتقوى هي وسيلة البركة قال تعالي :"وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم

 بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ"( الأعراف/96).

والتقوي هي خير زاد يتزود العبد به للأخرة:"وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ  وَاتَّقُونِ يَا

 أُولِي الْأَلْبَابِ"(البقرة/197).

تزود من التقوى فإنك لا تدري*** اذا جن ليل هل تعيشُ الى الفجر

فكم من عروس زينوها لزوجها*** وقد قبضت ارواحهم ليلة القدر

وكم من صغاريُرتجى طولُ عُمرِهم***وقد أدخلت أرواحـهم ظلمـــة القــبر

وكم من صحيح مات من غير علة ***وكم من سقيم عاش حينا من الدهر

وكم من فتى امسى وأصبح ضاحكا *** وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري

وكم ساكنٍ عند الصباح بقصره***وعند المساء قد كان من ساكن القبر

فداوم على تقوى الإلـــــه فانها  ***أمان من الأهوال في موقف الحشر

والتقوى هي خير ميراث يتركه الإنسان لولده بعد مماته قال تعالي:" وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ

 تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا"(النساء/9).

قد تترك لولدك مالاً حراماً يستعين به علي معصية الله ولكن خير ميراث للولد هو

 التقوي لذلك يوم الاحتفال بتولية أبو جعفر المنصور الخلافة. وكان ممن ذهب إليه أحد

 الواعظين، اسمه مقاتل بن سليمان، فبادره أبو جعفر قائلاً: عظني يا مقاتل. فقال

 مقاتل: أعظك بما رأيت أم بما سمعت.قال: بما رأيت. قال: يا أمير المؤمنين، إن عمر

 بن عبد العزيز أنجب أحد عشر ولدًا، وترك ثمانية عشر دينارًا، كُفن بخمسة دنانير،

 واشتُري له قبر بأربعة دنانير، ووزع الباقي على أبنائه. وهشام بن عبد الملك أنجب

 أحد عشر ولدًا، وزعت تركته على ورثته، وكان له أربع زوجات، وكان نصيب الزوجة

 الواحدة ثمانين ألف دينار من التركة النقدية، عدا القصور والضياع.

والله ياأميرالمؤمنين، لقد رأيت في يوم واحد أحد أبناء عمر بن عبد العزيز يتصدق

 بمائة فرس للجهاد في سبيل الله، وأحد أبناء هشام بن عبد الملك يتسول في الأسواق.

 وقدسأل الناس عمر بن عبد العزيز وهو على فراش الموت: ماذا تركت لأبنائك يا

 عمر!قال:تركت لهم تقوى الله،فإن كانوا صالحين فالله تعالى يتولى الصالحين،وإن كانوا

 غير ذلك فلن أترك لهم ما يعينهم على معصية الله تعالى.

عباد الله :" ومن اتقى الله زاده الله علما وفرقاناً ، وملأ قلبه طمأنينة إليه وثقة به وأمنا

 وإيمانا ، وأسبغ عليه آلاءه فضلا منه وإحسانا ..

وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم

 

google-playkhamsatmostaqltradent