الدرس التاسع
حديثنا اليوم عن نوعية خاصة من خيار الناس
جميع الأنبياء
حذروا قومهم من الدجال
صفة موت شهيد الدجال
من هو شهيد الدجال
واسمه؟
هل شهيدالدجال أعظم شهادة من شهداء
أحد حمزة وغيره؟
هل مامع الدجال جنة ونار علي الحقيقة؟
الدرس التاسع
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فياعباد الله لازلنا نواصل الحديث حول خيرالناس للناس وتحدثنا من قبل عن الأمر بالمعروف والناهي عن المنكر والمؤمن بالله حقاً والقاريء للقرأن والواصل للرحم وصاحب الأخلاق الكريمة وغيرهم ..
وحديثنا اليوم عن نوعية خاصة من خيار الناس
:"
وهو للأسف شخص واحد وهو شهيد الدجال وسيحدث
في آخر الزمان فهومن سيقتله الدجال قبل يوم القيامة، وهو أَعْظَمُ النَّاسِ شَهَادَةً
عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِين، لقول رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الصحيحين
:"يَأتِي الدَّجَّالُ"من صفاته أنه أعور كذاب يدعي الربوبية والألوهية، قال
:"يأتي الدجال"بَعْضَ السِّبَاخِ"-السِّبَاخِ جمع سبخة: وهي الأرض المالحة
التي لَا تُنْبِت،"الَّتِي تَلِي الْمَدِينَة"،من جهة الغرب الشمالي
"وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ"الدجال ممنوع
عليه أن يدخل المدينة تحريماً لاشرعياً، بل تحريم كوني، قدر الله أن الدجال لن يدخل
المدينة،"فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، هُوَ خَيْرُ
النَّاسِ، أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ، فَتَلْقَاهُ مَسَالِحُ الدَّجَّالِ"(الْمَسَالِح):
قَوْمٌ مَعَهُمْ سِلَاح، يُرَتَّبُونَ فِي الْمَرَاكِزِ كَالْخُفَرَاءِ،الخفير أو الحارس
سُمُّوا بِذَلِكَ لِحَمْلِهِمْ السِّلَاح"(شرح النووي (9/ 329).
رتبهم الدجال ليأتوا له بكل من يشكون فيه،
فعندما يأتي إلى المسالح "فَيَقُولُونَ لَهُ:"أَيْنَ تَعْمِدُ"؟أي:أين
تريد؟ "فَيَقُولُ"هذا المؤمن :"أَعْمِدُ إِلَى هَذَا الَّذِي خَرَجَ،
فَيَقُولُونَ لَهُ: أَوَمَا تُؤْمِنُ بِرَبِّنَا؟!"هم يؤمنون به أنه رب، وأنت
تقول عنه: هذا الذي خرج!
"فَيَقُولُ:"مَا بِرَبِّنَا خَفَاءٌ"،الله
ظاهر سبحانه:"فَيَقُولُونَ: اقْتُلُوهُ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَلَيْسَ
قَدْ نَهَاكُمْ رَبُّكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أَحَدًا دُونَهُ؟!" إلا بالإذن"قَالَ:
فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّالِ، فَإِذَا رَآهُ الْمُؤْمِنُ قَالَ:"يَا
أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا الدَّجَّالُ الَّذِي ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه
وسلم، بصفاته أعور أعرج مكتوب بين عينيه كافر، يا أيها الناس هذا الدجال كيف تؤمنون
به أنه ربكم؟!"فَيَأمُرُ الدَّجَّالُ بِهِ فَيُشَبَّحُ" أو يشبح، يربط أو
ما شابه ذلك"الشَّبْح: مَدُّكَ الشيءَ بين أوتادٍ كالْجِلْدِ والحَبْل".فَيَقُولُ:"خُذُوهُ
فَشُجُّوهُ"الشَّجّ: الضرب والْجَرْحُ فِي الرَّأس:"فَيُوسَعُ ظَهْرُهُ وَبَطْنُهُ
ضَرْبًا، فَيَقُولُ: أَوَ مَا تُؤْمِنُ بِي؟، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ
الَّذِي حَدَّثَنَا عَنْكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ
الدَّجَّالُ لمن معه:"أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ؟ هَلْ
تَشُكُّونَ فِي الْأَمْرِ؟!يعني هل تشكون في ربوبيتي لكم فَيَقُولُونَ: لَا! فَيُؤْمَرُ
بِهِ فَيُنْشَرُ بِالْمِنْشَارِ مِنْ مَفْرِقِهِ حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ"،
-
إنه أعظم الناس شهادة، خير الناس ومن خير
الناس، قال:"ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ
لَهُ: قُمْ، فَيَسْتَوِي قَائِمًا"،تلتئم القطعتان ويرجع كما كان هذا العبد المؤمن
"ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: أَتُؤْمِنُ بِي؟! فَيَقُولُ: وَاللهِ مَا ازْدَدْتُ فِيكَ
إِلَّا بَصِيرَةً، الآن هذا الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم
وغيره، يعْلَمُه ذلك الرجل في ذلك الزمان، أخبر عنه وسيفعل به، يقول: ازددت فيك بصيرة"ثُمَّ
يَقُولُ:"أي: ذلك الشاب المؤمن"يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّهُ"أي:
إن الدجال "لَا يَفْعَلُ بَعْدِي بِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ"لا يستطيع أن يتسلط
على أحد من الناس بإيذائهم بعد ذلك،قالَ: فَيَأخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ، فَيُجْعَلُ
الله مَا بَيْنَ رَقَبَتِهِ إِلَى تَرْقُوَتِهِ -التَرْقُوَة: عظمةٌ مُشْرِفَةٌ بين
ثَغْرَةِ النَّحْر والعَاتِق، وهما تَرْقُوَتَان "نُحَاسًا، -والحديد لا يؤثر
في النحاس، "فلَا يَسْتَطِيعُ إِلَيْهِ سَبِيلًا" -يحاول ذبحه مراراً، وقبل
قليل قطعه قطعتين، والآن لا يستطيع ذبحه، وإنما قال:"فَيَأخُذُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ
فَيَقْذِفُ بِهِ"، -ومن المعلوم أن الدجال معه جنة ومعه نار، فناره جنة، وجنته
نار،ناره للمؤمنين جنة، وجنته للمؤمنين نار،لكن عمي على بصائرهم، فظنوا أن ناره جنة،
قال:"فَيَحْسِبُ النَّاسُ أَنَّمَا قَذَفَهُ إِلَى النَّارِ، وَإِنَّمَا أُلْقِيَ
فِي الْجَنَّةِ"، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :"فَهَذَا أَعْظَمُ
النَّاسِ شَهَادَةً عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ"(البخاري ومسلم).
الأنبياء
تحذر قومهم من الدجال:"
قالَ صلي الله عليه وسلم:" مَا مِنْ
نَبِيٍ إلاَّ وَقَدْ أنْذَرَ أمَّتَهُ الأعْوَرَ الْكَذَّاب، ألاَ إنَّهُ أعْوَرُ،
وإنَّ ربَّكُمْ عَزَّ وجلَّ لَيْسَ بأعْورَ، مكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر"(مُتَّفَقٌ
عليه).
ويقول صلى الله عليه وسلم عن الدجال: "ما
من نبي إلا وحذر أمته، وأنا أحذركم إياه، وإنَّ
اللهَ عَزَّ وجَلَّ لم يَبْعَثْ نبيًّا إلا حَذَّرَ أُمَّتَه الدَّجَّالَ ، وأنا آخِرُ
الأنبياءِ ، وأنتم آخِرُ الأُمَمِ ، وهو خارجٌ فيكم لا مَحالةَ "(أبوداود). ؛
لأن لم تبق أمة ليخرج فيها الدجال، فهو خارج في هذه الأمة، أمة الإجابة التي آمنت،
أو أمة الدعوة التي بعث إليها النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذا الدجال فتنته هي في أنه يزعم أنه هو
رب العالمين، وأنه هو الخالق وهو الرازق وهو المدبر، وله مع ذلك علامات سيأتي الحديث
عنها.
صفة
موت شهيد الدجال:"
وأما صفة موت خير الناس هذا ؟ فقد بينها
الحديث أتم بيان، قال ابن حجر: قَوْلُهُ: فَيُرِيدُ
الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَا يُسَلَّطُ
عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ فَيَأْخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ فَيُجْعَلُ
مَا بَيْنَ رَقَبَتِهِ إِلَى ترقوته نُحَاس فَلَا يَسْتَطِيعُ إِلَيْهِ سَبِيلًا،
وَفِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ فَقَالَ لَهُ
الدَّجَّالُ: لَتُطِيعنِي أَوْ لَأَذْبَحَنَّكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أُطِيعُكَ
أَبَدًا، فَأَمَرَ
بِهِ فَأُضْجِعَ فَلَا يقدر عَلَيْهِ وَلَا يَتَسَلَّطُ
عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، زَادَ فِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ: فَأَخَذَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ
فَأُلْقِيَ فِي النَّارِ وَهِيَ غَبْرَاءُ ذَاتُ دُخَانٍ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ:
فَيَأْخُذُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَيَقْذِفُ بِهِ فَيَحْسَبُ النَّاسُ أَنَّهُ قَذَفَهُ
إِلَى النَّارِ وَإِنَّمَا أُلْقِيَ فِي الْجَنَّةِ..
ما
اسم شهيد الدجال؟
وفي حقيقة الأمر أننا لم نقف على أثر مرفوع يعين الرجل المذكور، والظاهر
أنه رجل من هذه الأمة التي جعل الله فيها الخير إلى يوم القيامة، وهو من أهل المدينة
المنورة حرسها الله لقوله صلى الله عليه وسلم:"فيخرج إليه يومئذٍ رجل وهو من خير
الناس"(مسلم).
وقد قال بعض أهل العلم إن الرجل المشار
إليه في الحديث هو الخضر ـ عليه السلام ـ قاله الحافظ في الفتح,وقيل هو من أصحاب الكهف،
وقيل غير ذلك، والظاهر أنه رجل من خيار هذه الأمة ـ كما أشرنا
هل
خير الناس هذا أعظم شهادة من شهداء أحد حمزة وغيره؟
وقوله صلى الله عليه وسلم: هذا أعظم الناس شهادة
عند رب العالمين"(مسلم).
لأنه قال: الحق في ذلك الموقف الرهيب وعند
ذلك الظالم الكاذب الجائر.. وبين كذبه وبطلان ادعاءاته أمام الجميع.. فيمكن أن يكون
أعظم الناس شهادة ممن يقتلهم الدجال أو غيره، لقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :"أفضلُ
الجهادِ كلمةُ عدلٍ عند سلطان جائرٍ"(أبوداود، والترمذي).
ولم نقف على من قال إن معناه أنه أفضل من سيد الشهداء حمزة أو من غيره من شهداء الصحابة رضوان الله عليهم فهؤلاء لهم مراتب الشهادة العليا وشرف صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى :"سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب..(الحاكم).
وفي
رواية:"أكرم الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبدالمطلب..
هل
مامع الدجال جنة ونار علي الحقيقة؟
ليس
ما مع الدجال جنة وناراً على الحقيقة،
ولكن يفتن الدجال به الخلق أن معه ما يشبه الجنة والنار، أو معه ما يشبه نهراً من ماء،
ونهراً من نار،وواقع الأمر ليس كما يبدو للناس،فإن الذي يرونه ناراً إنما هو ماء بارد،
وحقيقة الذي يرونه ماء بارداً نار..
وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم:"لأنا
أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يَجْريان، أحدهما:"رأي العين، ماءٌ أبيضُ،والآخر،
رأي العين، نارٌ تأجج، فإما أدْركَنّ أحد فليأت النهر الذي يراه ناراً وليغمض،ثم ليطأطئ
رأسه فيشرب منه، فإنه ماء بارد"(مسلم).
وفي رواية أخرى في صحيح مسلم عن حذيفة أيضاً
:"إن الدَّجال يَخْرج، وإن معه ماءً وناراً، فأما الذي يراه الناس ماءً فنارٌ
تحرق، وأما الذي يراه الناس ناراً، فماءٌ بارد عذب، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي
يراه ناراً، فإنه ماء عذب طيب .وواضح من النصوص أن الناس لا يدركون ما مع الدجال حقيقة،
وأن ما يرونه لا يمثل الحقيقة بل يخالفها، ولذلك فقد جاء في بعض الأحاديث في صحيح مسلم
:" وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار، فالتي يقول:" إنها الجنة هي النار".
فخير
الناس هو شهيد الدجال قبل يوم القيامة ..
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه
وسلم