recent
أخبار عاجلة

فقه الصيام مشروعية الصيام وكيفية صيام من قبلنا ؟ الدرس الثاني

 


فقه الصيام الدرس الثاني:

مشروعية الصيام وكيفية صيام من قبلنا ؟

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى كتب الصيام على جميع الأمم وفرضه عليهم فهو فريضة قديمة

 تعبد الله بها البشر منذ عرفوا الوحي والدين والطاعة والعبادة,نظراً لما لهذه الفريضة

 من أثر حيوي في تزكية النفوس وطهر القلوب..ولولا أنه عبادة عظيمة لا غنى للخلق

 عن التعبد بها لله وعما يترتب عليها من ثوابٍ, ما فرضه الله على جميع الأمم السابقة.


والصيام فرض واجب، والأصل في وجوبه الكتاب والسنة والإجماع.أما الكتاب فقول الله

 تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ

 تَتَّقُونَ"(البقرة/183).

إلى قوله :"فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَفَلْيَصُمْهُ"( البقرة/185).

وأما السنة  فقوله صلى الله عليه وسلم:"بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ:"شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا

 اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ،وَصَوْمِ رَمَضَانَ"

(البخاري ومسلم). وغير ذلك من الأحاديث، وقد أجمعت أمة الإسلام على وجوب صيام

 شهر رمضان، وأنه فرض عين علي المكلف وأنه أحد أركان الإسلام المعلومة من

 الدين بالضرورة.

وقد جاءتْ صورٌ مُتنوِّعة لِصيام مَن قبلَنا، نُورِد بعضًا منها لا لِلحصر والاستقصاء،

 ولكن على سبيل النماذج والأمثلة.

فمن ذلك ما جاء في قولِه  صلى الله عليه وسلم:"خير الصيام صيام أخي داود ، كان

 يصوم يومًا ويفطر يومًا"(أحمد وغيره).

ومن ذلك ما جاء في نوع صيام مريم - عليها السلام - في قوله تعالى:"فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ

 الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا"(مريم: 26). فكان

 صيامًا عن الكلام،لا إمساكًا عن الطعام.

ومن ذلك صيام نبي الله موسى  عليه السلام  في المواعدة، كما قال العلماء عند قوله

 تعالى:"وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً"(البقرة/51).فقالوا قضى أيامها صائمًا؛ تهيُّؤًا

 للملاقاة،واستعدادًا للمناجاة.

وجاء  في تفسير ابن كثير أقوال عن بعض الصحابة والتابعين أن صيام السابقين كان

 ثلاثة أيام من كل شهر ولم يزل مشروعًا من زمان نوح إلى أن نسخ الله ذلك بصيام

 شهر رمضان، كما ذكر حديثًا عن ابن عمر مرفوعًا أن صيام رمضان كتبه الله على

 الأمم السابقة.

 وجاء في تفسير القرطبي أن الشعبي وقتادة وغيرهما قالوا: إن الله كتب

 على قوم موسى وعيسى صوم رمضان، فغيروا وزاد أحبارهم عليه عشرة أيام، ثم

 مرض بعض أحبارهم فنذر إن شفاه الله أن يزيد في صومهم عشرة أيام ففعل، فصار

 صوم النصارى خمسين يومًا، فصعب عليهم في الحر فنقلوه إلى الربيع، واختار

 النحاس هذا القول، وفيه حديث عن دغفل بن حنظلة عن النبي –صلى الله عليه وسلم-.

 ثم ذكر أقوالاً في أن تشبيه صيامنا بصيام السابقين هو في فرضيته وليس في صفته

 ولا في مدته.

   أمَّا أوَّل مشروعيَّة الصيام في الإسلام، فكان هو صيام يوم عاشوراء؛لأن النبي صلى

 الله عليه وسلم لما قدم المدينة ووجد اليهود يصومونه، سألهم عن السبب في صيامه،

 فقالوا له:"إنه يوم نجى الله فيه موسى من فرعون، فصامه شكرًا لله، فصمناه وها نحن

 نصومه، فقال لهم - صلى الله عليه وسلم -:"نحن أحق بموسى منكم" فصامه - صلى

 الله عليه وسلم - وأمر المسلمين بصيامه, وأرسل إلى ضواحي المدينة مناديَه:"مَن كان

 صائمًا فليتم صيامه، ومَن لم يكن صائمًا فليُمسكْ بقية يومه"(صحيح).

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،قالَتْ:"كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصُومُ عَاشُورَاءَ في الجَاهِلِيَّةِ،وَكانَ

 رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُهُ،فَلَمَّا هَاجَرَ إلى المَدِينَةِ،صَامَهُ وَأَمَرَ

 بصِيَامِهِ،فَلَمَّا فُرِضَ شَهْرُ رَمَضَانَ قالَ:"مَن شَاءَ صَامَهُ وَمَن شَاءَ تَرَكَهُ"(البخاري

 ومسلم).

ثم جاء فرض صيام رمضان في السنة الثانية من الهجرة،وقد أشارت نصوص

 مشروعيَّته إلى ارتباطه بأعظمِ مُناسبة في هذا الوجود كله،هيَ انبِثاق فجر

 الهداية،وإشراقة شَمس الرَّشاد التي بدَّدَتْ ظُلُمات الجَهالة،ومهَّدتْ سُبُل السَّعادة،يقول

 جبريل عليه السلام لمحمد من قول المولي عزوجل:"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ"

(العلق: 1).

فكانت فاتحة الرّسالة المحمَّدية، وكان ذلك في شهر رمضان كما قال تعالى:"شَهْرُ

 رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ"(البقرة:

 185)، فكان جديرًا بزمن إنزاله تعظيمُه بصيامه،وإحياؤه بقيامه؛لتُجَدِّدَ الأمة روابطها

 بربها،وتوثّق عهودها بمبادئ دينِها،ويبقى على جدته لا تبليه الأعوام،ولا توهنه الأيام.

وهكذا تطورت مشروعيته، وينفسح تشريعه، مما خص به الصيام دون غيره من

 العبادات.

وإنَّ للقرآن الكريم منهجًا خاصًّا في سبيل تشريع الصيام جملة وتفصيلاً، وللصيام

 خصائص وحكم.

ولكل عبادة في الإسلام خصائصها وحكمتها، وكلها أنواعُ غذاءٍ للروح، تتنوع كأنواع

 غذاء البدن.

فالصلاة: تنهى عن الفحشاء، وتغسل الذنوب، كما قال صلى الله عليه وسلم:"كنهرٍجارٍ

 أمامَ بيت أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمس مرات" ، وتأتي يوم القيامة نورًا على

 الصراط:"يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ

 الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"

(الحديد/12).،

وكمافي الحديث:"والصلاة نور،والصدقة برهان".

والزكاة:"طهرة للمال، وتزكية لصاحبها:"خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا"

(التوبة: 103). فهي طهرة للمال من شوائب الحقوق وتعلق عيون المساكين، وزيادة

 له وحصن"ما نقص مال من صدقة"(مسلم)."حصنوا أموالكم بالزكاة"(الطبراني).

والحج: منافع للناس عاجلاً وآجلاً:"وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ

 يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ  لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ"(الحج: 27، 28)،

وفي الحديث:"مَن أفاض من عرفات خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"،وأيضًا:"والحج

 المبرور ليس له جزاءإلا الجنة"

والصوم عبادة جليلة ترتبط مع العبادات الأخرى برباط وثيق، وتؤثر في أخلاق

 ومعنويات الصائم، من هنا نرى كيف يتأثر الصائم بصيامه، فيتصدق ويقرأ القرآن

 ويصبر ويجاهد ويسارع في فعل الخيرات، فالصيام طريق موصول إلى تقوى الله وهو

 مدرسة رائعة للتربية، وفرصة ثمينة لتحسين الخلق والتقرب من الله والوصول إلى

 تقواه،..

هذه هي آثار الصلاة والزكاة والصيام والحج..

وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي أله وصحبه وسلم..

 

google-playkhamsatmostaqltradent