recent
أخبار عاجلة

دور التاجر المسلم في معالجة ظاهرة الغلاء

 


دور التاجر المسلم في معالجة ظاهرة الغلاء

 الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله..أمابعد 

    للتجار الأمناء دور عظيم في معالجة ظاهرة الغلاء في كل العصور ..ونظرة إلى الواقع الإسلامي لحال التجار في عهد السلف، تبيّن لنا كيف ينبغي أن يكون موقف التاجر المسلم في مثل هذه الأحوال.

إن محبّة الخير للمسلمين أمرٌ أساس، وقد كان الواحد يحذر أن يزداد ربحه على حساب معاناة الآخرين، والتاجر المسلم يتحلّى بحسن النية، والرفق بالمسلمين، وتوفير الجيد لهم بالثمن المناسب لهم، وأن يكون أميناً. وقد خرج النبي إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون، فقال: يا معشر التجار. فاستجابوا لرسول الله  صلي الله عليه وسلم  ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه. فقال: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً، إلا من اتقى الله وبر وصدق " وللحديث شاهد يرتقي به إلى درجة الحسن إن شاء الله ولفظه: إن التجار هم الفجار. قالوا: يا رسول الله، أليس قد أحل الله البيع؟ قال: بلى، ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون "(الطبري والترغيب والترهيب للمنذري). 

ومن صفات التجار الأمناء 

إنهم يجتنبون أكل أموال الناس بالباطل، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.

ولا يغشون,عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَأَعْجَبَهُ ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ ، فَإِذَا هُوَ طَعَامٌ مَبْلُولٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّنَا.. وفي رواية : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا ، فَسَأَلَهُ كَيْفَ تَبِيعُ ؟ فَأَخْبَرَهُ ، فَأُوحِيَ إِلَيْهِ أَدْخِلْ يَدَكَ فِيهِ ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ ، فَإِذَا هُوَ مَبْلُولٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ"( أحمد ومسلم وأبو داود).

عن أبي هريرة "إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يَخُنْ أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما"(أبو داود ).

وقال صلى الله عليه وسلم :"البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما "( البخاري ومسلم).

 وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث رافع بن خديج قال: قيل يا رسول الله، أي الكسب أطيب؟ قال: "عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ"(أحمد)..

عدم إنفاق السلعة بالحلف الكاذب.

عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ : خَابُوا وَخَسِرُوا ، قَالَ : الْمُسْبِلُ إِزَارَهُ ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ ، وَالْمَنَّانُ عَطَاءَهُ.

- وفي رواية : ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنْ هُمْ خَسِرُوا وَخَابُوا ؟ قَالَ : فَأَعَادَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، قَالَ : الْمُسْبِلُ ، وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ ، أَوِ الْفَاجِرِ ، وَالْمَنَّانُ"(أحمدومسلم) .وقال صلى الله عليه وسلم :"التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ"(التِّرْمِذِيّ والدارمي).

  التاجر المسلم لا يكذب ولا يحتال، وهذا اللحن في الكلام، وأنواع المخادعة في الدعايات والإعلانات والمسابقات التجارية، فيها كثير من الخداع للناس، وأكل أموالهم بالزور، ودفعهم إلى شراء ما لا يحتاجون.

ويكون هذا المشتري المسكين في النهاية هو الخاسر، ولا بد من التفقه قبل البيع والشراء كما قال عمر: "لا يبع في سوقنا إلا من قد تفقّه في الدين"..

السماحة في البيع والشراء.

وينبغي أن يكون سمحاً في المعاملة، سمحاً في القضاء والاقتضاء، سمحاً في البيع والشراء.

قال صلى الله عليه وسلم: "رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى "( البخاري). وقال صلى الله عليه وسلم: "كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفتيانه تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فتجاوز الله عنه "(البخاري ومسلم). 

وقال صلى الله عليه وسلم:" من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله… الحديث "(مسلم).

السخاء والكرم  

السخاء والكرم صفة من صفات التاجر الأمين فأن يكون سخياً بالصدقات،سيجعله ذلك رحيماً علي الناس يشعر بحاجاتهم ..

عن قيس بن غزارة قال :"كنَّا بالمدينةِ نبيعُ الأوساقَ ونبتاعُها ، وكنَّا نُسمِّي أنفسَنا السَّماسرةَ ، ويُسمِّينا النَّاسَ، فخرج إلينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يومٍ ، فسمَّانا باسمٍ هو خيرٌ من الَّذي سمَّيْنا أنفسَنا ، وسمَّانا النَّاسَ ، فقال : يا معشرَ التُّجَّارِ إنَّه يشهَدُ بيعَكم الحلِفُ والكذِبُ فشُوبوه بالصَّدقةِ"(النسائي).

إنَّ البَيعِ يقَعُ فيه كَثرةُ الحَلِفِ، وربَّما وقَع التَّاجِرُ بهذا الحَلِفِ في الكَذِبِ؛ لتَحسينِ سِلعَتِه عند المُشتري، "فشُوبوه"، أي: اخلِطُوه، "بالصَّدَقةِ"، والمرادُ: أنَّ ثوابَ الصَّدقةِ وأَجرَها يُمحَى به ما يقَعُ في التِّجارةِ مِن آثامِ الحَلِفِ والكذِبِ، والمرادُ بها صدَقةٌ غيرُ مُعيَّنةٍ، حسَبَ تضاعيفِ الآثامِ، ولَم يأمُرْهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالكفَّارةِ المَعلومَةِ في الحلِفِ بعَينِها؛ لأنَّه قد ورَد عنه في روايةٍ أُخرى: "يخالِطُها اللَّغوُ والكذِبُ"؛ حيثُ جاء اللَّغوُ فيها مَوضِعَ الحَلِفِ؛ فأفاد أنَّ المقصودَ أنَّها أَيمانُ لَغْوٍ لا كفَّارةَ فيها، وأمَّا الصَّدقةُ المقدَّرةُ الَّتي هي زَكاةُ التِّجارةِ- وهي رُبعُ العُشرِ- فهي واجِبةٌ عندَ تَمامِ الحَولِ، وليسَتْ مَقصودةً هنا في هذا الحديثِ .

 قحط الناس في زمن أبي بكر فقدمت لعثمان بن عفان  قافلة من ألف راحلة من البر والطعام. فغدا التجار عليه، فخرج إليهم فقال: ماذا تريدون؟ قالوا: بلغنا أنه قدم لك ألف راحلة براً وطعاماً، بعنا حتى نوسع على فقراء المدينة. فقال لهم: ادخلوا فدخلوا. فقال: كم تربحوني على شرائي؟ قالوا: العشرة اثنا عشر. قال: قد زادوني. قالوا: العشرة أربعة عشر. قال: قد زادوني. قالوا: العشر خمسة عشر. قال: قد زادوني. قالوا: من زادك ونحن تجار المدينة؟. قال: زادني بكل درهم عشرة عندكم زيادة؟. قالوا: لا. قال: فأشهدكم معشر التجار أنها صدقة على فقراء المدينة.

هكذا كان عثمان   وابن عوف، وغيرهم من أغنياء التجار، يجودون على فقراء المسلمين، ولا يستغلّون مثل هذه الفرص؛ لكي يرفعوا الأسعار، ويحتكروا الأطعمة؛ ليبيعوا على الناس بالغلاء، إن الرفق بالمسلمين أمرٌ جدّ طيب، وإن الحرص على مصلحتهم أمرٌ جد حسن.

أين أخلاق الأمانة؟

جاء عن محمد بن المنكدر -رحمه الله- أنه كان له سلعٌ تباع بخمس وأخرى بعشرة، فباع غلامه في غيبته شيئاً من الخمسيات بعشرة، فلما عرف لم يزل يطلب ذلك المشتري طول النهار حتى وجده، فقال له: إن الغلام قد غلط فباعك ما يساوي خمسة بعشرة. فقال: يا هذا قد رضيت. قال: وإن رضيت فإنا لا نرضى لك إلا ما نرضاه لأنفسنا، فاختر إحدى ثلاث: إما أن تستعيد مالك وتعيد السلعة، وإما أن نرد إليك خمسة، وإما أن تأخذ بدلاً من سلعة الخمس سلعة العشر. فقال: أعطني خمسة. فرد عليه خمسة، وانصرف الأعرابي المشتري يسأل ويقول: من هذا الشيخ؟ فقيل له: هذا محمد بن المنكدر. فقال: لا إله إلا الله، هذا الذي نستسقي به في البوادي إذا قحطنا".

يا ليتني أبيع الشيء يكسب فيـ  ـه المشتري الربح ديناراً بعشرينا

أحب شيء إلى نفسي معاملةٌ    كسب العميل فنأتيه ويأتينا

وكان أبو حنيفة -رحمه الله- بزازاً يبيع القماش، وكان عنده ثوبٌ فيه عيب، فجعله جانباً، فجاء خادمه في غيبته فباع الثوب المعيب بقيمته كما لو كان سليماً، فلما جاء الإمام إلى محله وسأل عن ذلك الثوب قال الغلام: بعته. قال: بكم؟. قال: بكذا –أي: بسعر السليم-. قال: هل أطلعت المشتري على العيب الذي فيه؟. قال: لا. فتصدق بقيمة الثوب كله.

البعد عن الاحتكار.

عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَضْلَةَ الْقُرَشِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" لاَ يَحْتَكِرُ إِلاَّ خاطئ\"(أحمد ومسلم).

وقال سعيد بن المسيب : "المحتكر ملعون ، والجالب مرزوق"(ابن ماجه والحاكم عن عمر بن الخطاب مرفوعا ).

البعد عن التطفيف.

فقال سبحانه وتعالى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ  لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ"(المطففين: 1-6).

وقول صل يالله عليه وسلم:" ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم"(ابن ماجه).

البعد عن النجش.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى ها هنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه "( مسلم).

فعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يبيع بعضكم على بيع أخيه "(البخاري).

عدم التعامل بالربا.

احذر الربا فإنه بئس المكسب وبئس المنقلب:" يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيم"(البقرة:276).

 وقال تعالى:"الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"(البقرة: 275).

 وعن جابر-رضي الله عنه- قال:" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه وقال: هم سواء"( مسلم)

google-playkhamsatmostaqltradent