recent
أخبار عاجلة

اللباب في حرمة أكل لحم القطط والكلاب

 


اللباب في حرمة أكل لحم القطط والكلاب  


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أثير مؤخراً أن المالكية أجازوا أكل لحم الكلاب والقطط وهذا خلاف الحقيقة فعند عامة العلماء بمن في ذلك المذهب المالكي لا يجوز أكل لحوم الكلاب على ما صححه محققوه ففي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي: الَّذِي حَصَّلَهُ الحطاب فِي الْكَلْبِ قَوْلَانِ: الْحُرْمَةُ, وَالْكَرَاهَةُ, وَصَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ التَّحْرِيمَ، قَالَ الحطاب: وَلَمْ أَرَ فِي الْمَذْهَبِ مَنْ نَقَلَ إبَاحَةَ أَكْلِ الْكِلَابِ. انتهى بتصرف يسير

 وفي أضواء البيان للشيخ محمد الأمين الشنقيطي: وَمِنْ ذَلِكَ الْكَلْبُ: فَإِنَّ أَكْلَهُ حَرَامٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَعَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ ضَعِيفٌ جِدًّا بِالْكَرَاهَةِ.

وَلِتَحْرِيمِهِ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا: مَا ورد فِي ذِي النَّابِ مِنَ السِّبَاعِ; لِأَنَّ الْكَلْبَ سَبُعٌ ذُو نَابٍ، وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَوْ جَازَ أَكْلُهُ لَجَازَ بَيْعُهُ، وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ ثَمَنِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، مَقْرُونًا بِحُلْوَانِ الْكَاهِنِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِلَفْظِ: " ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ"، الْحَدِيثَ، وَذَلِكَ نَصٌّ فِي التَّحْرِيمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ"(الأعراف:157).

ورأي  لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية،:"

قالت إن أكل لحم الكلاب والقطط غير جائز شرعًا، وهو ما يؤكده قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أكل كل ذي ناب من السباع حرام"(مسلم).ويدخل في كل ذى ناب: الكلب والهر أي: (القط) كما وروى الترمذي وأبو داود من حديث جابر - رضي الله عنه -  وغيره قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الهر......" (القط)".

وانطلاقا من هذا التأصيل الشرعى، أكدت اللجنة أن ما أثير مؤخرًا من جواز أكل لحم الكلاب والقطط منسوبًا إلى مذهب المالكية غير صحيح، بل الصحيح في مذهب المالكية ما جاء في موطأ الإمام مالك من حرمة أكل الكلاب والقطط وكل ذي ناب من السباع، كما هو مذهب الجمهور، ففى الموطأ - رواية يحيي- قال: باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع،  وتابعت اللجنة: أن الإمام مالك قال: وهو الأمر عندنا- يعني أهل المدينة- وهذا هو القول الراجح لقوة دليله وموافقة الجمهور، وعليه: فيحرم أكل لحم الكلاب والقطط، وما ينسب إلى مذهب السادة المالكية من إباحة الأكل غير صحيح. 

وأوضح البيان، أنه من بديع تشريعات الإسلام أنها جاءت متوافقة مع فطرة الناس، كما أنها اعتبرت المنافع، ووضعت كل شيء في موضعه اللائق حتى يقوم كل ساكن ومتحرك في الكون بدوره الذي أُنيط به، وهداه الخالق سبحانه إليه، قال تعالى:"قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَىٰ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ"(طه: 49- 50).

 ورأي مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية:"

 أوضح ردًا على ما قد أُثير من فتوى تبيح أكل الكلاب، 

أشار المركز، إلى أن فقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة اتفقوا على حرمة أكل لحم الكلب، وهو الراجح عند المالكية؛ لأنها من السِّباع التي وَرَدَ بشأنِ أكلِها قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ ذِي نَابٍ من السباع حَرَامٌ"( مُسْلِمٌ).

وأكد أنه فى المذهب الحنفى نجد الإمام الكاساني رحمه الله يقول: "وأما الْمُسْتَأْنِسُ مِنْ السِّبَاعِ وَهُوَ الْكَلْبُ وَالسِّنَّوْرُ الْأَهْلِيُّ فَلَا يَحِلُّ"(بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، للإمام الكاساني). 

ويؤكد فقهاء الأحناف على حرمة أكل لحم الكلب، فيقول الإمام عبد الله بن محمود الموصلي رحمه الله في فصل مَا يَحِلُّ وَمَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ: وَفِي الْحَدِيثِ:"نَهَى عَنْ أَكْلِ الْخَطْفَةِ وَالنُّهْبَةِ وَالْمُجَثَّمَةِ"، فَالْخَطْفَةُ: الَّتِي تَخْتَطِفُ فِي الْهَوَاءِ كَالْبَازِيِّ وَنَحْوِهِ، وَالنُّهْبَةُ: الَّذِي يَنْتَهِبُ عَلَى الْأَرْضِ كَالذِّئْبِ وَالْكَلْبِ وَنَحْوِهِ، وَالْمُجَثَّمَةُ: فَقَدْ رُوِيَ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، فَبِالْفَتْحِ كُلُّ صَيْدٍ جَثَمَ عَلَيْهِ الْكَلْبُ حَتَّى مَاتَ غَمًّا، وَبِالْكَسْرِ كُلُّ حَيَوَانٍ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَجْثُمَ عَلَى الصَّيْدِ كَالذِّئْبِ وَالْكَلْبِ."(الاختيار لتعليل المختار، للإمام/ عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي البلدحي).

وعند الشافعية، نجد الإمام الخطيب الشربيني يُعلق على قول الإمام النووي رحمه الله: (وَيَحْرُمُ بَغْلٌ، وَحِمَارٌ أَهْلِيٌّ، وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، فيقول: وَمِنْ ذِى النَّابِ الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ وَالْفَهْدُ."(مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، للإمام/ الخطيب الشربيني).

وأضاف:"فى المذهب الحنبلي، نجد ما يؤكد على تحريم أكل لحم الكلب، حيث يشرح الإمام ابن مفلح كتاب المقنع للإمام ابن قدامة، فيقول تحت عنوان تَحْرِيمُ مَا لَهُ نَابٌ: وَمَا لَهُ نَابٌ يَفْرِسُ بِهِ نَصَّ عَلَيْهِ؛ كَالْأَسَدِ، وَالنَّمِرِ، وَالذِّئْبِ، وَالْفَهْدِ، وَالْكَلْبِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيُّ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ من السباع» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «كُلُّ ذِي نَابٍ من السباع حَرَامٌ"( مُسْلِمٌ)، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَهُوَ نَصٌّ صَرِيحٌ يَخُصُّ بِهِ عُمُومَ الْآيَاتِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَسَدُ وَنَحْوُهُ."(المبدع في شرح المقنع، للإمام/ ابن مفلح).

أما المالكية، ففى أكل لحم الكلب عندهم قولان: قول بالحرمة وقول بالكراهة. وبالنظر والتدقيق في كتب المذهب وأقوال فقهائه، نجد أن المحققين من علماء المذهب يرجحون القول بحرمته.

ويقول الإمام ابن الجَلَّاب المالكي رحمه الله: ولا تؤكل الكلاب"(التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس رحمه الله، للإمام أبو القاسم ابن الجَلَّاب).

 ويقول الإمام الحطاب رحمه الله: إنَّ الْكَلْبَ فِيهِ قَوْلَانِ بِالتَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ، وَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ -أي الإمام خليل صاحب المختصر- وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ -أي الإمام الدميري المصري المالكي- الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ، وَصَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ التَّحْرِيمَ، قَالَ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي الْعُمْدَةِ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْكِلَابِ وَالسِّبَاعِ الْعَادِيَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُوَطَّإِ.  ثم يُعرج الإمام الحطاب رحمه الله: وَلَمْ أَرَ فِي الْمَذْهَبِ مَنْ نَقَلَ إبَاحَةَ أَكْلِ الْكَلْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ"(مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، للإمام/ شمس الدين الحطاب الرُّعيني).

 وعليه، فالراجح عند المالكية، حرمة أكل لحم الكلاب، وهذا ما نطق به موطأ الإمام مالك رحمه الله تعالى، حيث بوّب الإمام في موطئه بابًا بعنوان: بَابُ تَحْرِيمِ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وجاء فيه: عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ"(موطأ مالك).

 وبناء على ما سبق، نقول: إن أكل لحم الكلاب حرام شرعًا، عند الأحناف والشافعية والحنابلة، وهو الراجح عند المالكية.

وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي أله وصحبه وسلم

google-playkhamsatmostaqltradent