recent
أخبار عاجلة

زلزال تركيا وسوريا هل هومشهد مصغر من زلزال يوم القيامة؟

 


زلزال تركيا وسوريا هل هومشهد مصغر من زلزال يوم القيامة؟

نعم هذا الزلزال المصغروالضئيل جداً يذكرنا بيوم القيامة كي نفيق من ثباتنا ونصحو من غفوتنا فهو تذكير عملي ليوم القيامة"وَما نُرسِلُ بِالآياتِ إِلّا تَخويفًا"(الإسراء/59).

اهتزَّتِ الأرضُ من ذنبٍ سرى فيها

                                          فارتجَّ نائِمُها وارتاعَ صاحيها

والهزُّ قدر ثوانٍ قضّ مضجعنا

                                           فكيف بالهزةِ الكُبرى توافيها

 فإذا كنا قد نسينا القرآن ولم يعد له تأثير في نفوسنا ولم يعد يعمر قلوبنا فهذا هو المشهد يذكرنا بالعودة لسورة الزلزلة رغم أنها سورة تهز القلب هزّاً عنيفاً وإنذار للقلوب الغافلة ، يشترك في هذه الهزة الموضوع والمشهد، والإيقاع اللفظي، وصيحة قوية مزلزلة للأرض ومن عليها، فما يكادون يفيقون حتى يواجههم الحساب والوزن والجزاء في بضع فقرات قصار، وهذا هو طابع الجزء كله يتمثل في هذه السورة تمثلاً قويًا.

"وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها" ألقت ما في جوفها من الأموات والدفائن، كما قال تعالى:"وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ، وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ" (الانشقاق 3/ 84 – 4).

   قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل، فيقول: في هذا قتلت، ويجيء القاطع فيقول: في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول: في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا "(مسلم والترمذي).

 فتصف سورة الزلزلة الآيات مشهد القيامة حين تضطرب اضطرابا شديدا، وترتجف الأرض الثابتة ارتجافا، وتزلزل زلزالا، وتنفض ما في جوفها نفضا، وتخرج ما يثقلها من الكنوز والدفائن والأموات، وهو مشهد يخلع القلوب، ويهز كل ثابت، ويخيل للسامعين أنهم يترنحون ويتأرجحون، والأرض من تحتهم تهتز وتمور.

 

فإذا شاهد الإنسان القيامة بأهوالها، والأرض تتحرك في زلزال عنيف، وتخرج ما فيها، و قد شهد الزلازل والبراكين من قبل. وكان يصاب منها بالهلع والذعر، والهلاك والدمار، ولكنه حين يرى زلزال يوم القيامة لا يجد أن هناك شبهاً بينه وبين ما كان يقع من الزلازل والبراكين في الحياة الدنيا.

 فهذا أمر جديد لا عهد للإنسان به. أمر لا يعرف له سرا، ولا يذكر له نظيرا. أمر هائل يقع للمرة الأولى!

 فإنه يتساءل من شدة هول ما يرى: "وقال الإنسان ما لها" وهو سؤال المتحير الذي يرى ما لم يعهد، وكأنه يتمايل على ظهرها ويترنح معها، ويحاول أن يمسك بأي شيء يشده ويثيبه، وكل ما حوله يمور مورا شديدا.

وقال الإنسان: ما لها؟ ..

سؤال المشدوه المبهوت المفجوء، الذي يرى ما لم يعهد، ويواجه ما لا يدرك، ويشهد ما لا يملك الصبر أمامه والسكوت. ما لها؟ ما الذي يزلزلها هكذا ويرجها رجا؟ مالها؟ وكأنه يتمايل على ظهرها ويترنح معها; ويحاول أن يمسك بأي شيء يسنده ويثبته، وكل ما حوله يمور مورا شديدا!

أن الله تعالى يهيئ للأرض فينطقها الله تعالى :"يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا" أَي: يوم إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا الشديد المتكرر تحدث الخلق أخبارها. قيل: ينطقها الله حقيقة، فتخبر بطريق المقال بما عُمِلَ عليها من خير وشر، وتشهد على كل واحد بما عمل على ظهرها.

 ويشهد لذلك ما أَخرجه الإِمام أَحمد والترمذي عن أَبي هريرة قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية «يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا» ثم قال: "أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارَهَا"؟ قالوا: اللهُ وَرسولُهُ أَعْلَمُ.

 قَالَ: فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلى كل عَبْد وأَمَة بِمَا عَمِلَ ظَهْرِهَا فَتَقُولُ: عَمِلَ يَوْمَ كَذَا كَذَا، وقال يحيى بن سلام: تحدث بما أَخرجت من أَثقالها. ويشهد له ما في حديث ابن ماجه في سننه: "تَقُولُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَارَبِّ هَذَا مَا اسْتَوْدَعْتَنِي".

في ذلك اليوم تنطق الأرض بلسان الحال، أي أن حالها وما يقع فيها من الاضطراب والانقلاب، وما لم يعهد له نظير من الخراب، يعلم السائل ويفهمه الخبر : بأن ربك أوحى لها. وأمرنا أن تمور مورا، وأن تزلزل زلزالها، وأن تخرج أثقالها، وأن تحدّث أخبارها، فهذا الحال حديث واضح عما وراءه، من أمر الله ووحيه إليها.

 " يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ"في ذلك اليوم الذي تحدث فيه الزلزلة والهول، يقوم الناس من القبور أشتاتا متفرقين، فالمحسنون فريق، والمسيئون فريق آخر، ويرى كل إنسان جزاء عمله.

وفي لمحة نرى مشهد القيام من القبور: يومئذ يصدر الناس أشتاتا .. نرى مشهدهم شتيتا منبعثا من أرجاء الأرض كأنهم جراد منتشر .. وهو مشهد لا عهد للإنسان به كذلك من قبل. مشهد الخلائق في أجيالها جميعا تنبعث من هنا ومن هناك: يوم تشقق الأرض عنهم سراعا .. وحيثما امتد البصر رأى شبحا ينبعث ثم ينطلق مسرعا! لا يلوي على شيء، ولا ينظر وراءه ولا حواليه: مهطعين إلى الداع ممدودة رقابهم، شاخصة أبصارهم. لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه .

خروج الناس من القبور للحساب والجزاء متفرقين يقول الله تعالى:"يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ"، وذلك بعد زلزال الأرض، وينصرف الناس إِلى موقف الحساب متفرقين بحسب أَعمالهم، حيث يكون فريق في الجنة وفريق في السعير.

«فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرّة شرًّا يره» فمن يعمل من الخير أدنى عمل وأصغره فإنه يجد جزاءه، ومن يعمل من الشر ولو شيئا قليلا فإنه يجد جزاءه.

فهل سنعود لربنا وهو ينادي علينا :"

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ  يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ"(الحج/1-2).

وجوب العودة إلي الله:"

الزلازل من آيات الله العظام في هذا الكون ، يبتلي بها عباده تذكيرا أو تخويفا أو عقوبة ، وعلى الإنسان أن يتذكر حين وقوع هذه الآيات ضعفه وعجزه وذله وافتقاره بين يدي الله تعالى ، فيلجأ إلى الله عز وجل بالدعاء والتضرع والاستكانة لعل الله يكشف هذا البلاء العظيم عن عموم الناس .

يقول الله عز وجل : " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ . فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ "( الأنعام/42-44) .

" الواجب عند الزلازل وغيرها من الآيات والكسوف والرياح الشديدة والفياضانات البدار بالتوبة إلى الله سبحانه , والضراعة إليه وسؤاله العافية , والإكثار من ذكره واستغفاره ، كما قال صلى الله عليه وسلم عند الكسوف : "فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره "(متفق عليه) ، 

ويستحب أيضا رحمة الفقراء والمساكين والصدقة عليهم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" ارحموا ترحموا"( أحمد )،" الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"( الترمذي).  وقوله صلى الله عليه وسلم:"من لا يرحم لا يرحم"( البخاري).

 وروي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كان يكتب إلى أمرائه عند وجود الزلزلة أن يتصدقوا .ولذلك يستحب الإكثار من الاستغفار والدعاء والتضرع والتصدق عند وقوع الزلازل ، كما هو المستحب عند حصول الكسوف والخسوف :

" ويستحب لكل أحد أن يتضرع بالدعاء ونحوه عند الزلازل ونحوها من الصواعق والريح الشديدة ، وأن يصلي في بيته منفردا لئلا يكون غافلا ; لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا عصفت الريح قال : "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به"(مسلم).

ومن أسباب العافية والسلامة من كل سوء , مبادرة ولاة الأمور بالأخذ على أيدي السفهاء , وإلزامهم بالحق ، وتحكيم شرع الله فيهم ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،

 كما قال عز وجل :" وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"(التوبة/71 )، 

وقال عز وجل :"وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ . الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ"(الحج/40-41 )، وقال سبحانه : "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ"( الطلاق/2-3).

google-playkhamsatmostaqltradent