recent
أخبار عاجلة

خاتمة الخطبة وأهميتها- أئمة وخطباء المساجد

 


خاتمة الخطبة وأهميتها

                         أئمة وخطباء المساجد (الحلقة التاسعة عشر).

تحضير.. مهارة .. تكرار .. إطالة ..أخطاء لغوية ..أحاديث موضوعة.. قصص واهية !!

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وبعد

فقد تحدثنا من قبل عن مقدمة الخطبة وعناصرها ووعدنا ان نتحدث عن خاتمة الخطبة وهي آخر ما ينهي الخطيب خطبته، ويختم كلامه، ويتحقَّق به تمام الموضوع وكماله، ويسمَّى ذلك "حسن الانتهاء"، كما أن براعة الاستهلال تسمَّى حسن المطلع "وكما يجب التألُّق في المطلع، تجب البراعة في المقطع؛ إذ هو الأثر الباقي في نفوس المستمعين بعد الإتمام، وآخر ما يتردَّد صداه في قلوبهم، وبه تتمُّ الفائدة"

أثر وأهمية الخاتمة 

للخاتمة الأثر في بقاء قوة الخطبة في أذهان المستمعين؛ لأنها آخر جزء منها، وهي آخر ما ينساه المستمع من حديث الخطيب؛ والسبب أن المستمع يركِّز على مقدمة الخطبة وخاتمتها، أما في وسطها وما يتعلَّق بموضوع الخطبة، فربما أصيب المستمع بقلة التركيز، وشرود الذهن، فوجب على الخطيب الاهتمام بالخاتمة، وأن تكون في غاية الوضوح، والتأثير، والجمال والروعة.

فلما كانت الخاتمة أخر الكلام وجب الاعتناء بها لأن الإساءة فيها تعفي علي كثير من الإحسان فيما تقدمها من الكلام مصداقاً لقوله صلي الله عليه وسلم :"وإنَّما الأعمالُ بالخواتيمِ"(الدارقطني).

أسلوب القرآن الكريم في خواتيم السور

نزل القرآن الكريم بلسان عربي مبين علي أمة العرب الذين شغلهم البيان ولنا في كتاب الله أسوة حسنة، فالمتأمِّل في خواتيم السور يجد أن القرآن اهتمَّ بخواتيم السور، فهي في غاية الروعة والبلاغة والبيان كبداياتها، حتى إن المرء ليحار أيُّهما أجمل وأروع بلاغة، وبيانًا، وأسلوبًا، فقد جاءَت خواتيم السور "متضمنة للمعاني البديعة، مع إيذان السامع بانتهاء الكلام؛ حتى لا يبقى معه للنفوس من تشوُّف إلى ما يذكر بعدُ؛ لأنها بين أدعية ووصايا، وفرائض، وتحميد وتمجيد، وتهليل، ومواعظ، ووعيد ووعد، وما إلى ذلك كالدعاء الذي اشتملت عليه الآيتان من آخر سورة البقرة، والوصايا التي ختمت بها سورة آل عمران؛ :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"(آل عمران: 200).

فائدة حسن الختام في الخطب:

 فمن فوائد حسن الانتهاء والختام أن يتمَّ بذلك إقناعُ المدعوِّين، وتبصيرهم وتنويرهم، وهو إنَّما يتمُّ بإجمال ما ذكر من الموضوع، واختصار ما ذكر بأحسن لفظ، وأوجز بيان وأخصره، ولو جعلت الخطبة مبتورةً عن خاتمتها لفات ذلك المقصد العظيم، مع ما يترتَّب عليه من سلبيات، ومخالفة السنة.

 

 تقوية الرغبة، وشحذ الهمَّة من جديد، بما أوصى به الخطيب من وصايا في موضوع الخطبة، وهو يتطلَّب بذل الوسع في إلهاب الحماس، وتحريك العواطف، بنفس الاندفاع والإثارة في بداية الخطبة الأولى؛ لئلاَّ تذهب حلاوة الموضوع وحرارته من نفوس السامعين، وليس من السُّنَّة أن تكون الخطبة الثانية مقتصرةً على الدعاء خالية من الوعظ، بل "ينبغي أن يكون لها صلة بالخطبة الأولى، أو فيها استكمال للنقاط التي طرحت فيها، أو استكمال للموضوع بنقاط وأفكار جديدة".

ولذا يتطلب في خاتمة الخطب ما يلي:

 أن تكون الخطبة قصيرةً بالنسبة لزمن الخطبة الأولى، ولأن الخاتمة تتضمَّن أمورًا منها: التلخيص، والوصية، وعبارة الختام، والدعاء لولاة الأمر، ولعموم المسلمين، وجعلها أطول من الأولى يفقد الخطبة حلاوتها وتأثيرها بالمرَّة، حتى ولو كانت الخطبة الأولى في غاية البيان.

أن يختصر الموضوع في عبارة أوعبارتين وأن تكون ملخصًا لما جاء في موضوع الخطبة؛ ليخرج السامع وقد وضحت الفكرة لديه، وتبيَّن المطلوب عنده، ولكن يُرَاعَى في التلخيص أهمُّ ما جاء فيها من بيانات، ويظهرها في "صورة جديدة وأسلوب رشيق؛ لئلا تذهب حلاوتها، وحتى لا تكون إعادة أدلَّتها من باب التكرار المُمِلِّ المعيب"

، وهو مما يملُّه السامعون عادة، ولا ينبغي للخاتمة أن تحتوى على أفكارٍ وأطروحات جديدة تخالف مضمون الخطبة الأولى؛ لأنها حينئذ ليست بخاتمة، بل إنشاء جديد، وهو من شأنه أن يؤدِّيَ إلى ضياع الفكرة وتشتت الذهن.

 أن تكون في منتهى الوضوح والقوة؛ لأن الخلل أو الزلل يُربِك الخطيب ويضيع جهوده، ويؤدي إلى نسيان موضوع الخطبة بالمرة.

 إن كان موضوع الخطبة مجزَّئًا إلى أجزاء، فيمكن للخطيب بما لديه من مهاراتٍ أن يلخِّصَ في الخطبة الثانية ما في القصة من عِبَر وعظات إلى نقاط، ويَعِدَ الجمهور بتكملة الموضوع في الجمعة القادمة، كأن يقول: وللحديث صلةٌ أو بقية؛ ليبقى المستمع على تشوُّق وترقُّب للموضوع، أو القصة.

ويمكن للخطيب أن يختم الخطبة الأولي بقصة وقبل جلسة الاستراحة ينوه إلي أنه سيكمل القصة في الخطبة الثانية ويبدأ الخطبة الثانية بتكملة القصة فهوأدعي لجذب المستمع ..

ويمكن للخطيب أن يهيِّئ الجمهور للخاتمة بعباراتٍ يفهم منها أنها - أي: الخطبة - على وَشْك الانتهاء والختام، وهو ما يسمَّى بالنغمة المتغيِّرة، وهو ما يعطي تأكيدًا لفظيًّا للمستمع، ويريحه من الانتظار.

وختامه مسك:

للخطباء عبارات في الدعاء والوصية في ختام الخطب، يتفننون بها بأسلوب أدبي رائع، فيعرف الناس أنهم قد شارفوا على الانتهاء من حديثهم، وقد كان الخليفة الراشد أبو بكر إذا تكلَّم به عُرِف أنه قد فرغ من خطبته: "اللهم اجعل خير زماني آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك"،

 أمَّا عمر بن الخطاب فكان أكثر خواتيم خطبه: "اللهم لا تدعني في غمرة، ولا تأخذني على غِرَّة، ولا تجعلني من الغافلين"، وكما كان الخليفة عبد الملك بن مروان يقول في آخر خطبته: "اللهم إن ذنوبي قد عظمت، وجلَّت أن تحصى، وهي صغيرةٌ في جنب عفوك، فاعفُ عني".

وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم 

google-playkhamsatmostaqltradent