recent
أخبار عاجلة

حالات الأختين في الميراث

 


حالات الأختين في الميراث

 مات وترك أختين وأبناء أخ شقيق ذكور وإناث؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فإنه لا يمكن للإنسان أن يجد عدالة أرقى ولا أنقى من عدالة أحكام الإسلام، فهي أثر من آثار عدل الله وحكمته، ومظهر من مظاهر الحكمة البالغة، ولا غرو فهو العليم بما يصلح خلقه وما يفسدهم، 

والتأمل في مظاهر عدل الشريعة باب واسع تفنى دونه الأعمار، ومن أمثلة ذلك: العدل الإلهي في قسمة التركات وأحكام المواريث، فقد تولى الله تعالى قسمتها بفروض مقدرة أنزلها في كتابه، ولم يدع هذا الأمر مفتوحاً لاجتهادات العلماء فضلا عن من دونهم من عامة الناس،  ولو تركه للبشر لدخلت الأهواء والحيل ودغل النفوس وأثرتها،

 وإذا كان البشر يظلمون ويحتالون في إيصال الميراث لمستحقه مع أنها مبينة في كتاب الله، فكيف لو كانت إليهم القسمة وتحديد الوارث من غير الوارث، لأجل هذا وغيره جاءت آيات المواريث محكمة بينة، فكانت مسائل المواريث من مواضع الإجماع ولم يجر الخلاف إلا في مسائل معدودة منها.


وللإجابة علي المسألة الواردة إلينا فإن الأخْتيْن في التركة المذكورة لهما أربع حالات:

الحالة الأولى: أن تكونا شقيقتين أو لأب، فنصيبهما الثلثان، لقوله تعالى: "فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ"(النساء: 176).

والثلث الباقي يوزع بالتساوي بين أبناء الأخ الذكور خاصة دون الإناث، لقوله صلى الله عليه وسلم : "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر"(مسلم) .

معنى الحديث:

المراد بـ "الفرائض" هنا كما قال الحافظ ابن حجر: الأنصباء المقدرة في كتاب الله تعالى وهي النصف ونصفه (الربع)، ونصف نصفه (الثمن)، والثلثان، ونصفهما (الثلث)، ونصف نصفهما (السدس).  أ.هـ

 

والمراد بـ "أهلها" أي: من يستحقها بنص القرآن كما في رواية مسلم: "اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله"، وأصحاب الفروض مذكورون في كتب الفرائض مع شروط استحقاقهم لها، وبيان أحوالهم مع بعضهم في حجب بعضهم بعضا حجب حرمان أو حجب نقصان، وليس هذا موضع بسطها.


قوله: "فلأولى" معناه: الأقرب، أي لمن يكون أقرب في النسب إلى المورِّث، وليس المراد هنا الأحق، فقد يكون من دونه أحق لفقر أو حاجة لكنه ليس أقرب للميت.

 

قوله: "رجل ذكر" نبه بمفهوم "رجل"على علة الاستحقاق فالعصبة الذكور هم من يقدمون في إرث بقية المال، وفيهم معنى التعصيب، وترى لهم العرب ما لا ترى للنساء.

والعصبة كما قال النووي: كل ذكر يدلي بنفسه بالقرابة ليس بينه وبين الميت أنثى. أ.هـ

وأما قوله: "ذكر" فقد وجهه الشراح بتوجيهات كثيرة لدفع توهم التكرار، وأقرب تلك التوجيهات أنه لدفع توهم اختصاص الرجل بالبالغ، فنبه بالذكورة بعد الرجولة ليشمل البالغ وغيره.

 

وهذا الحديث مبيّن لكيفية قسمة المواريث المذكورة في كتاب الله -تعالى- بين أهلها، ومبيّن لقسمة ما فضل من المال عن تلك القسمة ممّا لم يصرّح به في القرآن من أحوال أولئك الورثة وأقسامهم، ومبيّن -أيضًا- لكيفية توريث بقية العصبات الذين لم يصرح بتسميتهم في القرآن، فإذا ضُمّ هذا الحديث إلى آيات القرآن، انتظم ذلك كلّه معرفة قسمة المواريث بين جميع ذوي الفروض والعصبات.

 

الحالة الثانية: أن تكون إحداهما شقيقة والأخرى لأب، فللشقيقة النصف، وللثانية السدس تكملة الثلثين. قال ابن قدامة في المغني: وهذا مجمع عليه بين علماء الأمصار .

 الحالة الثالثة: أن تكونا لأم، فلهما الثلث، لقوله تعالى: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُث "(النساء /12).

الحالة الرابعة: أن تكون إحداهما شقيقة أو لأب، والثانية لأم، فللأولى النصف، لقوله تعالى: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ"(النساء: 176). وللثانية السدس، لقوله تعالى: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ"(النساء 12). ويجدر التنبيه إلى أن أبناء الأخ الذكور عصبة يأخذون ما بقي بعد الأختين في جميع الحالات المذكورة، ويوزع عليهم بالتساوي، ويستحسن الرجوع إلى المحاكم الشرعية لتقسيم التركة المذكورة.والله تعالى أعلم.

وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم 

 

google-playkhamsatmostaqltradent