recent
أخبار عاجلة

هل صلي الرسول بالأنبياء في الإسراء وكيفية الصلاة؟

 


هل صلي الرسول بالأنبياء في الإسراء وكيفية الصلاة؟

  الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أمابعد

فإني لألمح فوق تلك المنحة بعد المحنة تكريمًا للنبي صلي الله عليه وسلم وأيضاً لبعض الأنبياء كذلك في هذه الرحلة؛ فالأنبياء عددهم هائل، ولا يقف عددهم كما يتخيل البعض عند الأسماء التي ذُكِرَت في القرآن الكريم؛ فقد قال الله تعالى: "وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ"(النساء/ 164).

 فَمِنْ كل هذا العدد الكبير اختار الله تعالى عددًا محدودًا ليكون في شرف استقبال النبي الـمُكَرَّم صلي الله عليه وسلم  عبر السموات العلا بعد أن  أكرمهم جميعًا بالصلاة خلفه في المسجد الأقصى، فكانت صلاةً رائعة جمعت أتقى البشر، وأعظم الموحدين، وأفضل مَنْ عرفوا الله تعالى.

وفوق ذلك تكريمًا للأُمَّة الإسلامية التي جعل اللهُ سبحانه قيادتها لهذا النبي العظيم، الذي هو في حقيقته مِنَّة من الله وفضل؛ قال تعالى: "لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ"(آل عمران/164). 

وكماقال صلي الله عليه وسلم:"إنَّ مَثَلِي ومَثَلَ الأنْبِياءِ مِن قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فأحْسَنَهُ وأَجْمَلَهُ، إلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِن زاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ به، ويَعْجَبُونَ له، ويقولونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هذِه اللَّبِنَةُ؟ قالَ: فأنا اللَّبِنَةُ، وأنا خاتِمُ النَّبيِّينَ"(البخاري).

الأدلة علي صلاة الرسول بالأنبياء في المسجد الأقصي

نعم لقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم  صلى بالأنبياء في المسجد الأقصى ، وكانت الصلاة في ذلك الوقت قد فرضت ركعتين أول النهار وركعتين آخره ، فصلى بهم هذه الصلاة قبل أن تفرض بكيفيتها المفروضة علينا في المعراج.   فأمهم حقيقة بأرواحهم وأجسادهم كما كان صلى الله عليه وسلم حاضراً بروحه وجسده على المشهور من كلام أهل العلم في ذلك

قال ابن حجر في فتح الباري: وقد اختلف السلف بحسب اختلاف الأخبار الواردة فمنهم من ذهب إلى أن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسد النبي صلى الله عليه وسلم وروحه بعد المبعث, وإلى ذلك ذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين وتواتر عليه ظواهر الأخبار الصحيحة ولا ينبغي العدول عن ذلك إذ ليس في العقل ما يحيله حتى يحتاج إلى تأويل ،

قال عياض رحمه الله تعالى : يحتمل أن يكون صلى بالأنبياء جميعاً في بيت المقدس ثم صعد منه إلى السماوات من ذكر أنه صلى الله عليه وسلم رآه ، ويحتمل أن تكون صلاته بهم بعد أن هبط  من السماء فهبطوا أيضا وقال غيره رؤيته إياهم في السماء محمولة على رؤية أرواحهم إلا عيسى لما ثبت أنه رفع بجسده وقد قيل في إدريس أيضا ذلك, وأما الذين صلوا معه في بيت المقدس فيحتمل الأرواح خاصة ويحتمل الأجساد بأرواحها والأظهر أن صلاته بهم ببيت المقدس كان قبل العروج "

والقول بحضور أرواحهم وأجسادهم معه ببيت المقدس هو الأظهر, وقد استدل به ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الروح على عدم أكل الأرض لأجسادالأنبياء.

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر – رحمه الله تعالى – : ثبَت في صحيح مسلم من طريقٍ ثابت البناني عن أنس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلَّى ليلة الإسراء ببيت المقدس ركعتين، كما ثبت أنه صلى بالأنبياء إمامًا، أي بعد صلاة الركعتين،

وأنْكر حذيفة بن اليمان صلاته ـ عليه الصلاة والسلام ـ ببيت المقدس، محتجًّا بأنه لو صلَّى فيه لكَتب عليكم الصلاة فيه كما كَتب عليكم الصلاة في البيت العتيق، ولكن تعقَّبه البيهقي وابن كثير بأن المُثبِت ـ وهم جمهور الصحابة ـ مُقدَّم على النافي .

 

 يقول القسطلاني في كتابه “المواهب اللدنية” وشرحه للزرقاني: وقد اختُلف في هذه الصلاة، هل هي فرض أو نفل قال بعض العلماء إنَّها فرْض، بناء على ما قاله النُّعماني، وقال البعض: إنها نفْل، وإذا قلنا: إنها فرْض، فأي صلاة هي؟ قال بعضهم الأقرب أنها الصبْح، ويُحتمل أن تكون العشاء، وإنما يتأتَّى على قول من قال إنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلَّى بهم قبل عُروجه إلى السماء، 

وفي النعماني: إنما يتأتَّى على أن الإسراء من أول الليل، لكن قال بعض رواة حديث الإسراء: إنه بعد صلاة العشاء، وأما على قول مَن قال: صلَّى بهم بعد العروج فتكون الصبح. والاحتمالان، كما قال الشامي، ليسا بشيء، سواء قلنا صلَّى بهم قبل العروج أم بعده؛ لأن أول صلاة صلاها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الخَمْس مُطلقًا الظُّهر بمكة باتفاق، ومن حمل الأوَّليَّة على مكةَ فعليه الدليل، قال: والذي يظهر أنها كانت من النفل المُطلق، أو كانت من الصلاة المفروضة عليه قبل ليلة الإسراء، وفي فتاوى النووي ما يؤيد الثاني اهـ .

 هل فرضت الصلاة قبل الاسراء والمعراج؟

بعد هذا نقول: إن الصلاة كانت مفروضة قبل ليلة الإسراء، وكانت ركعتين أول النهار وركعتين آخره، وأما التي فُرضت ليلة الإسراء فهي كونُها خمسة فروض بركعاتها المعروفة، وعليه: فيجوز أن تكون صلاة الرسول ببيت المقدس ركعتين تحيةً للمسجد، صلاهما وحده والتي صلاها إمامًا بالأنبياء يجوز أن تكون نافلة من صلاة الليل وقد كانت مشروعة له ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وجاء في بعض الروايات أنه ـ صلي الله عليه وسلم  ـ وجد الأنبياء يُصلون عند دخوله المسجد، ولما حان وقت الصلاة أذَّن مؤذِّن ثم أقيمت، وقدَّمه جبريل عليهم بعد أن تبيَّن فضله من واقع ما أَثنى به كلٌّ على نفسه، ولكن مثل هذه الروايات لا ينبغي التعْويل عليها في صورتها الجُزْئية، بعد أن كرَّم الله رسوله وأخذ على الأنبياء الميثاق إن أدْركوه أن يؤمِنوا به وينْصروه، ومهما يكن من شيء فالخلاف في هذا الموضوع ليست له نتيجة عملية.أ.هـ

وفي رواية أخري قال :" فلما انتهيا إلى باب المقدس، قال:"أنزلني جبريل وربط البراق بالحلقة التي كان يربط بها الأنبياء، فلما دخلت المسجد إذا أنا بالأنبياء حوالي - وقيل - بأرواح الأنبياء الذين بعثهم الله قبلي، فسلموا علي، فقلت: يا جبريل، من هؤلاء؟ قال: إخوانك من الأنبياء، زعمت قريش أن لله شريكًا، وزعمت النصارى أن لله ولدًا، سل هؤلاء الأنبياء: هل كان لله عز وجل شريك أو ولد؟

 فلذلك قول الله تعالى:"وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ"(الزخرف: 45)، فأقروا بالوحدانية لله عز وجل، ثم جمعهم جبريل وقدمني فصليت بهم ركعتين - وفي رواية: حتى انتهى إلى بيت المقدس فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء، فأمَّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم –

فلم يشكك - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يسألهم ، وكان أثبت يقينا من ذلك" .

قال أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر في "كتاب التنزيل" له : إن هذه الآية أنزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ببيت المقدس ليلة أسري به ، وقد عدها غيره من العلماء في الشامي ، والذي قاله أبو القاسم أخص مما ذكروه .

وقال جماعة من المفسرين : فلما أنزلت ، وسمعها الأنبياء عليهم السلام ، أقروا لله عز وجل "(فتح الرحمن في تفسير القرآن ص: 74 ).

وصلي اللهم علي سيدنا محمد وسلم تسليماًكثيراً

google-playkhamsatmostaqltradent