
اتقوا الله وكونوا مع الصادقين
من هم الصادقون ؟
مجالات الصدق
مكانة الصدق في الإسلام
ما أجمل أن يكون الصدق مشاعاً
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أصدق المرسلين سيدنا محمد صلي الله
عليه وعلي آله وصحبه وسلم أمابعد
فياجماعة الإسلام حديثنا إليكم اليوم
عن خلق المجتمع الإنساني في أمس الحاجة إليه
ألا وهو خلق الصدق، خلق أمرنا المولي عزوجل ورسوله صلي الله عليه وسلم أن نتخلق به
فيقول تعالي :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ
الصَّادِقِينَ"(التوبة/119).
وقال صلي الله عليه وسلم :" عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ
يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ
يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ
والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي
إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ
عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
فالكلمة شرف والكلمة ميثاق ولولا
الثقة بشرف الكلمة وصدقها لتفككت معظم الروابط الاجتماعية بين الناس، ويكفي أن نتصور
مجتمعًا قائمًا على الكذب؛ لندرك مبلغ تفككه وانعدام صور التعاون بين أفراده.
كيف يكون لمجتمع ما كيان متماسك، وأفراده
لا يتعاملون فيما بينهم بالصدق؟! وكيف يكون لمثل هذا المجتمع رصيد من ثقافة، أو تاريخ،
أو حضارة؟!
كيف يوثق بنقل المعارف والعلوم والأخبار
والتواريخ وبالوعود والعهود وبالدعاوى والشهادات إذا لم يكن الصدق أحد الأسس الحضارية
التي يقوم عليها بناء المجتمع؟!
من هم الصادقون ؟
الصدق صفة عظيمة تجلي بها الخالق في علاه فالصدق من صفات الله عز وجل:
قال سبحانه:" قُلْ صَدَقَ اللَّهُ
". "وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ". "وَمَنْ أَصْدَقُ
مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا".
الصدق من صفات الأنبياء والرسل:
قال تعالي:" هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ
وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ".
وعلي لسان إبراهيم:"وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ
فِي الْآخِرِينَ"(الشعراء/84)."وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا
نَبِيًّا "(مريم: 41).
إِسْحَاق وَيَعْقُوب:"وَوَهَبْنَا
لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا"(مريم/50).
إسماعيل:" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ
إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا"(مريم: 54).
إدريس:" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ
إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا "(مريم: 56).
يوسف:" يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ
أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ "(يوسف/46).
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ضرب لنا أروع الأمثلة
في الصدق كان أصدق الناس وأبرهم وأكملهم علماً وعملاً وإيماناً ويقيناً، عرف
بالصدق قبل البعثة، وكان لذلك يلقّب بالصّادق الأمين، واشتهر بهذا وعرف به بين أقرانه.
وبعد البعثة المباركة كان تصديق الوحي له مدعاة لأن يطلق عليه أصحابه:"الصّادق
المصدوق"و"الصادق الأمين"، وصدق الله إذ يقول:"مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ
وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى"(النجم: 2 – 4).
الصدق من صفات المتقين؛
عباد الله : والصدق من صفات المتقين
قال تعالي:" وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ"(الزمر: 33).
فلذلك سمي أبو بكر الصديق.عن أَبي الدَّرْدَاءِ أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال في حق أبي بكر رضي الله عنه: "هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي؟ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي؟ إِنِّي قُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا، فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقْتَ"( البخاري).
مجالات الصدق: وللصدق مجالات عديدة منها
الصدق مع الله:"فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ" (محمد: 21) :"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا"(الأحزاب: 23، 24).
الصدق في الأحوال والنيات: فتكون بواعث الأعمال كلها خالصة لله عز وجل، :"وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ"(البينة: 5).
الصدق في الأقوال:الصدق في القول يستوجب على المسلم أن يحفظ لسانه فلا يتكلم إلا بصدق ولا ينطق إلا بحق قال تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا"(الأحزاب/70). ،ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"(مسلم).
الصدق في الأعمال:كما أخبر سبحانه وتعالى عن شعيب عليه السلام أنه قال لقومه :"وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْه"(هود/88).فالصدق في الأعمال يقتضي أن يكون العبد مطيعاً لربه ممتثلاً لأمره، ومجتنباً لنهيه، آخذاً بكتابه مقتدياً برسوله.
تعصي الإله وأنت تزعم حبه
هذا لعمري في القياس شنيع
لو كان حبك صادقا لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع
مكانة الصدق في الإسلام
عباد الله:" الصدق خلق عظيم
من أخلاق هذا الدين:
له مكانته في الإسلام خلق من سلك دربه وصل، ومن لزِمه نجى، ومن عمل على
إقامته أُجِر، إنه سمةٌ من سمات المؤمنين، وخُلُق من أخلاق المتقين، وصفةٌ من صفات
أهل الصالحين، حث عليه الإله جل شأنه، ووعد من يتّصف به دار النعيم. ذلكم هو الصدق،
منارة الحق، وعنوان كل خير.
فما أحوجنا إلى الصدق في زمن كثر فيه الكذابون وقل فيه الصادقون. انتشر
فيه الكذب وقل فيه الصدق.
فالصدق خير وبركة في البيع والشراء:قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا
بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا"(البخاري
ومسلم ).
والصدق طمأنينة للقلب والنفس:قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا
يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ». اترك ما تشك في حله، واعدل إلى ما
لا تشك فيه"(الترمذي).
عباد الله أقول ماتسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم
الحمد لله والصلاة
والسلام علي رسول الله أمابعدفياعباد
الله.. بالصدق
يتميز أهل النفاق من أهل الإيمان، وسكان الجنان من أهل النيران. وهو سيف الله في أرضه
الذي ما وضع على شيء إلا قطعه، ولا واجه باطلا إلا أرداه وصرعه، من اعتمده سما قدره
وعلت مكانته، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته وظهرت حجت قال صلى الله عليه وسلم قال:
"أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة،
وعفة في طعمة "(أحمد
والطبراني والبيهقي ).
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: الصدق أمانة، والكذب خيانة.
ولما كان حمل النفس على الصدق في جميع أمورها شاقاً عليها، ولا يمكن لعبد أن يأتي
به على وجهه إلا بعون الله وتوفيقه، أمر الله نبيه أن يسأله الصدق في المخرج
والمدخل، فقال عز وجل: "وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل
لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا"(الإسراء:
80).
عباد الله :" ما أجمل أن يكون الصدق مشاعاً بين الناس، بين الأسر، بين
الجيران، في البيوت والمدارس والمؤسسات، في الشوارع والمتاجر والأسواق. في كل مكان،
ومع كل إنسان. فبانتشار تلك الصفة
نجد الأتقياء الأصفياء الأوفياء قال صلى الله عليه وسلم أَىُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:"كُلُّ مَخْمُومِ
الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ". قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا
مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ :" هُوَ التَّقِىُّ النَّقِيُّ، لاَ إِثْمَ فِيهِ
وَلاَ بَغْىَ وَلاَ غِلَّ وَلاَ حَسَدَ "(ابن ماجه).
وحتي لايختلط الحابل بالنابل ينبغي أن نتمسك بالصدق قال صلى الله عليه وسلم:"
سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ؛ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ
فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ. قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ:
الرَّجُلُ التَّافِهُ،
يتكلم فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ "(أحمد وابن ماجه والحاكم).
اللهم اجعلنا من الصادقين المخلصين يارب العالمين
عباد الله أقول قولي هذا وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله