recent
أخبار عاجلة

ماحكم المحاماة ومهنة المحامي في الشريعة الإسلامية؟

  


ماحكم المحاماة ومهنة المحامي في الشريعة الإسلامية؟

  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

    فالأصل في مهنة المحاماة الجواز لأنها وكالة على الدعوى والإجابة..وهي مسائلةمعاصرة لم تكن معروفة باسمها الحالي في الشريعة الإسلامية ولكننا سنحاول تعريف معني المحاماة وتكييفها الفقهي :"

والمحامي هو:"

مدافع عن حقوق المترافعين المتقاضين أمام المحاكم الشخص الذي ينتمي لمهنةالمحاماة والمسجّل في جدول المحامين.( قانونية ):

وهم فئات عديدة من ناحية المسميات:"محامي الإدّعاء /الدِّفاع / الاستئناف/الممارس/المسجّل بجدول المحامين ولا يباشر المحاماة/المنتدب (المسخّر): "المعيّن من قبل المحكمة في قضية جزائية../المتقاعد:الذي انقطع عن مباشرة المهنة بحكم تقدّمه في السن./ المتعاون:الذي يُباشر مهامه في نطاق عقد تعاون أو عقدخدمات/المتمرّن:المباشرلفترةالتمرين بمكتب أحد المحامين المؤهّلين لذلك/ الشرفي:" المتقاعد الذي أُسندت له تلك الصفة تقديراً لخدماته..


المحامي من الناحية الفقهية هو:الوكيل عن الشخص في الخصومة للدفاع عنه وإبراز وجهة نظره للقاضي بصياغة قانونية .( فقهية).

والوكالة تكون  في خصومة، فمن لا يحسن أن يخاصم فيقدم غيره ليخاصم عنه، وقد حصل بين بعض الأصحاب خلاف عند عثمان وحامى عنه ابن عباس وجاءه بحقه، فكان عثمان قد قضى عليه، ثم بعد أن حامى عنه ابن عباس قضى له، وثبت في الكتب الستة من حديث أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما أنا بشر مثلكم أقضي بينكم على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من أخيه شيئاً، فإنما أقضي له بقطعة من نار، فإن شاء فليأخذها وإن شاء فليدعها"، فالنبي يقضي على حسب ما يسمع والقاضي يقضي على حسب ما يسمع، فالمحامي ينمق ويعرض ويظهر.


حكم مهنة المحاماة:"

وقد اختلف الفقهاء المعاصرون علي حكم مهنة المحاماة بين الحل والإباحة والكراهة والتحريم ومن أجازها اشترط لها شروطاً وسنحاول التوفيق بين تلك الأراء للخروج من هذا الخلاف بحلول .

أولاً:" المجيزون للمهنة :"

قال فريق :" مهنة المحاماة جائزة شرعاً لأنَّ كلَّ ما وافق شرع الله جلّ وعلا فهو منه ، وكذلك كلّ ما لم يخالف شرع الله تعالى فهو منه ؛ فالمشروع بالنصِّ أو موافقة التقعيد الإسلامي الصحيح ، لا يجوز نفي مشروعيته ، ولو كان في صيغة قانون وضعي أو حكم وضعي ، وهذا من خصائص الشريعة الإسلامية المنبثقة عن شمولها وسموها ومرونتها وصلاحها لكل عصر ومصر وحال ؛ فالقوانين الوضعيـة ، منها ما يكون مندرجاً تحت ما يعرف بالسياسة العقلية ؛ وهي سياسة لا تخلو من حق ، سواء كانت في صيغة تقنينٍ محرّرٍ لا يخالف قانون العدل الإسلامي المتمثِّل في الشريعة الإسلامية ، أو كانت في شكلٍ منظّمٍ لا تأباه أصول الشريعة وقواعدها ؛ وما كان كذلك ، فإنَّه مندرج في الشريعة ، وإنْ حرّره أو تفوَّه به من ليس من أهلها ؛ فالسياسة العادلة من الشريعة ، وإن صدرت من غير المسلمين ؛ فهي من جهة المشروعية معتبرة ؛ ومن ثم تكون مجالاً قابلاً للإفادة منه فيما يحقق العدل الإسلامي .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " السياسة نوعان : سياسة ظالمة ، فالشريعة تحرمها ؛ وسياسة عادلة تخرج الحق من الظالم الفاجر ؛ فهي من الشريعة ، عَلِمَها من عَلِمَها وجَهِلَها من جَهِلَها "( الطرق الحكمية / 5) .

وقال:"لا نقول:إن السياسة العادلة ليست مخالفة للشريعة الكاملة ، بل هي جزء من أجزائها وباب من أبوابها ، وتسميتها سياسة أمر اصطلاحي ، وإلا فإذا كانت عدلاً فهي من الشرع "(إعلام الموقعين : 4/373).

وعليه ؛ فإنَّ ما وافق الشريعة من القوانين الوضعية وكذلك ما لم يخالف شريعة الله تعالى من نصوص أو قواعد فهو منها عند التحقيق ، لا ينبغي الوقوف منه ذات الموقف مما خالف شريعة الله عز وجل ، وإن لم يكن مأخذه عند واضعه مأخذاً شرعياً ؛ وعليه فإنَّ للمحامي ومن يعاونه : أن ينوب في الخصومة ويعمل في غيرها من أعمال المحاماة التي لا مخالفة فيها للشرع ، وإن كان موضوع الخصومة مقنناً بمعزل عن مراعاة موافقته للشريعة أو عدم مخالفته لها - ما دام أن المضمون لا يخالف الشرع .

أنَّ التنازع بين النَّاس أمر واقع لا محالة ، ولم يخل منه عصر أو مصر ، ولو تَرك أهل الحقوق حقوقهم للظلمة أو الجهلة ؛ عجزاً عن استيفائها أو استردادها ، لوقع الناس في هرج ومرج . ومن ثم فلا بد من فصلٍ في التنازع ؛ فيلجأ الناس ضرورة للتحاكم إلى القوانين الوضعية ، إذا لم يكن لهم خيار لهم سواها . فكان النّاس ما بين طالب يدّعي إليها أو مطلوب يُدّعى عليه أمامها .

ولا شكّ أنَّ وجود حكم ما ، يحفظ قدراً من العدالة ويرد لهم حقوقهم أو بعضها ، أقلُّ ضرراً على النّاس من بقائهم فوضى دون حكم .

ومن ثمّ فلا حرج على المحامي المسلم المستقيم ، أن يستلم قضية خصومة لا يعرف مدى مشروعيتها بداية ، ولا حرج على غيره في إعانته على ذلك ، بشرط أن يتوقف عملهما فيها على نتيجة دراستها ، فإذا تبيّنت حقيقتها ؛ فإن كانت مشروعة لزمه المضي في القضية إن كانت بعوضٍ ، وإن كانت غير مشروعة توقف عند نتيجة دراستها ، وحرم عليه وعلى معاونيه المضي فيها مع علمهم أنَّها مبطلة ، ويحق له أن يتقاضى عوضاً عن دراسة القضية فقط إذا اقتضاه العرف أو اشترطه..

أنَّ من عمل في وظيفة فيها ظلم من أجل رفع الظلم أو تخفيفه عن النّاس ، فلا حرج عليه ، ولو اقتضى منه ذلك إبقاء شيء من الظلم الأخف ، ما دام قصده دفع الظلم الأشد ولا طريق إلى تخفيفه إلا بذلك ؛ لأنَّه حينئذٍ يكون معيناً للمظلوم على رفع الظلم أو تخفيفه عنه ، وليس معيناً للظالم على ظلمه .

وهذه من أعظم قواعد السياسة الشرعية التي حرّرها المحققون من علماء الإسلام ، ومنهم أبو العباس ابن تيمية رحمه الله إذ يقرِّر أنَّ:"المعين على الإثم والعدوان ، من أعان الظالم على ظلمه . أمّا من أعان المظلوم على تخفيف الظلم عنه ، أو على أداء المظلمة ، فهو وكيل المظلوم،لاوكيل الظالم"(التعليق على السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية" المتن":149). وهي قاعدة شرعية من دقائق الاستنباط من قواعد المقاصد ، وهي مقتضى العقل الصحيح ، ولذلك يرتضي المظلومُ وقوع هذا التصرف ويشكر فاعله متنازلا عن مطالبته بشيء مما نقصه ، لكونه قد أحسن إليه بإعانته في استرداد بعض حقه .

ومن رحمة الله بخلقه أنَّ لصاحب الحق أن يأخذ حقَّه ، ولو بالظفر به ، كما أنَّ له أن يأخذ بعض حقه إن لم يستطع أخذه كلّه ، وهذا الحق قد يكون أمراً يطلبه من غيره ، أو آخر يدفعه عن نفسه .


أنَّ حكم المحاماة والإعانة عليها يتعلق بأمرين رئيسين :"

أولهما : مشروعية موضوع المحاماة أو عدمها .

وثانيهما : مشروعية الحكم المنتظر فيه أوعدمها .

وهذان الأمران يتطلبان فقهاً شرعياً بالواقعة . فإذا وجد ذلك فلا حرج في امتهان المحاماة أو الإعانة عليها فيما لا محظور فيه .

فإذا كان موضوع المحاماة أو الخصومة مشروعاً ، كطلب استيفاء حقٍ مالي مشروع أو دفع دعوى باطلة ، فلا حرج في امتهان المحاماة فيها ، وقد يؤجر على ذلك إذا كان صاحب الحق ضعيفا لا يقدر على الدفاع عن نفسه أو تحصيل حق ، ومما يدل لذلك قول الله عز وجل:"فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْل"(البقرة/282)، و مفهوم قول الله عز وجل:"وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً"إذ يفيد أن الخصومة لغير الخائنين ليست محلاً للنهي،وما ليس محلّ نهي فهو جائز ، كما أنَّ الأصل في الشريعة الإسلامية : جواز التعاون على ما كان برَّاً،كما في قول الله سبحانه:"وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى"وردّ الحقوق إلى أصحابها ، ودفع الظلم عن المظلومين مجال من مجالات البرّ والتقوى لمن أخلص وعلم فعمل .

وإن كان موضوع المحاماة والخصومة غير مشروع ، كالمطالبة بفوائد ربوية ، أو توثيق عقارٍ مغتصبٍ ، وصياغة عقد استيراد بضائع محرّمة شرعاً ، أو كانت البيِّنات والحجج باطلة ، أو الوثائق المستند إليها مزورة ،أو تلفيق تهمة وتقارير طبية مزورة أو الدفاع عن مجرم بلطجي وهو يعلم بجريمته .. لم يجز له المضي فيها ؛ لجملة من الأدلة ، منها قول الله عز وجل:"وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا"(النساء/105).

والأصل في الشريعة الإسلامية : منع التعاون على ما كان إثماً ، كما في قول الله عز وجل :"وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"(المائدة/2).

أنَّ مشروعية إقامة العدل في الجملة ، لا تتوقف على وجود حكم إسلامي المضمون والإجراء ، ولا العيش في ظله بالضرورة ؛ فإنَّ العدالة حق مستَحَق ؛ فالترافع أمام المحاكم التي تحكم بالقوانين الوضعية لأخذ الحق ودفع الظلم في المجتمعات الإسلامية وغيرها ، أمر لا حرج فيه على المظلوم ولا على المحامي الذي ينوب عنه في دفع الظلم ؛ لأنَّه لا سبيل له إلى تحصيل حقِّه إلا بذلك ، وإنما الإثم والوزر على من قرّر الحكم بالقوانين الوضعية ، وألزم الناس بالحكم بها والتحاكم إليها ، وعلى من استند إلى تلك القوانين في إقرار ظلم أو دفعٍ عن مبطِل  كما أنَّ مجالات المحاماة مجالات واسعة ، ومنافذ إصلاح سلميّ شرعي متقدِّمة ، ومنها ما قد يرقى إلى درجة الوجوب على من تعيّن عليه التغيير برؤية المنكر وقدرته على تغييره بالوسائل المتاحة . وكون المحاماة وسيلة تغيير سلمي فاعلة ، أمر تفطن له أعداؤنا من اليهود ، وأكّدوا أهميته ونصّوا على ذلك فيما يعرف ببروتوكولات حكماء صهيون !

والواقع يؤكِّده ، فالمحامي حين يصوغ عقداً من العقود صياغة شرعية ، مفيداً من قاعدة القانون في العقود"العقد شريعة المتعاقدين" فإنَّه يساهم في تصحيح عقود النَّاس وتوجيههم للصيغ المشروعة ، وتحذيرهم من غيرها ، فلا يعقد إلا عقدا مشروعا ، ولا يصوغ إلا صياغة شرعية ، وإذا ما وقعت خصومة فيه كان مدافعا عن عقد مشروع .

وكذلك ما نلمسه من أثر قوي للمحامين الأمناء في المساهمة في إلغاء أو تعديل بعض القوانين الجائرة ، وفي نصرة المظلومين من المستضعفين ، وفي تحقيق مطالب شعبية إسلامية بطرق سلمية باقية نافعة .

ومن ثمّ فقد يكون في ترك هذه المهنة من أهل العلم بها والخير والصلاح ، ترك لمجال تعيّن عليهم الإصلاح فيه و به ، فرادى كانوا أو جماعات من خلال نقابات المحامين مثلا ، ولا سيما أنَّ رفع المظالم عن النّاس يتطلب وجود محامين أمناء على علم بالشرع ودراية بالواقع .


الذين أجازوها واشترطوا لها شروطاً

قالوا بأن مهنة المحاماة جائزة شرعاً ويشترط لجوازها أمور منها:"

1- مراعاة الحق وتجنب الكذب مما يعني أن يدرس القضية، فإن رأى موكله محقا دافع عنه، وإن رآه مبطلاً بين له ذلك ونصحه بترك الدعوى. قال تعالي ": أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا . وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا . فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا .أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا . وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا . فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" (النساء/ 60).

وسبب هذه الآيات أن رجلان اختصما في حق بينهما منهم يهودي ومسلم منافق فبعد جدال أراد اليهودي أن يحتكم إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم لأنه يعلم أن القضاء الإسلامي نظيف لا يحابي أحداً ولايعرف طريقا للمحسوبية ويوقن ببراءة هذا القضاء من الهوى .

وأراد  المنافق الملقب (ببِشر) الاحتكام إلي كاهن من جهينة أو حبر من اليهود ، ولما ذهبا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم حكم لليهودي ولكن بشر لم يرض بحكم رسول الله صلي الله عليه وسلم وطلب من اليهودي الذهاب معه إلي عمر بن الخطاب للنظر في القضية مرة ثانيه فذهب اليهودي معه إلي عمر ولما علم عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم حكم في القضية سل سيفه وأراد قتل بشر ولكنه هرب من أمام عمر وأتي قومه يعتذرون عنه ففضحه القرءان هو وأمثاله .

  2. أن يكون الترافع عند محكمة شرعية إذا وجدت، فلو اختار موكله محكمة وضعية لم يجز له الدفاع عنه.  أما إذا لم توجد محكمة شرعية ولم يجد الموكل وسيلة لاستخلاص حقه إلا بالترافع إلى المحكمة الوضعية أو كانت الدعوى المرفوعة ضد الموكل قد رفعت في محكمة وضعية فإنه يجوز الترافع فيها.

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ"(البخاري).

لكن بشرط ألا يتسبب هذا الأصل إلى الحكم بغير ما أنزل الله قال تعالى:" وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ"(المائدة/50,49,).

3- أن يتبرأ إلى الله تعالى من هذه القوانين ، ومن واضعيها ، ومن التحاكم إليها دون ضرورة.

4-ألا يترافع في القضايا التي يحكم فيها بحكم يناقض حكم الله ويضاده ، فلا يترافع مثلا في قضايا تتضمن الدفاع عن الزناة والسُرَّاق وآكلي الربا ونحوهم ، فلا يجوز له – بصفة عامة - الترافع إلا بعد معرفة مشروعية الدعوى ومضمونها ويتأكد من كون القضية بصفة عامة لا مخالفة فيها لشرع الله تعالى.وهذا يتطلب من المحامي أن يكون على علم بالشرع حتى يعرف به المحق من المبطل ، وحتى يمكنه الإصلاح بين الناس وإبرام العقود الموافقة للشرع .

5- أن يكون ترافعه من أجل إحقاق حق أو إبطال باطل ، أو نصرة المظلوم ، فإن رأى أن الحق مع مُوكِلِّه ، دافع عنه وانتصر للحق. فصاحب الحق قد يكون مضطراً للتحاكم إلى هذه القوانين لئلا يضيع حقه ، فماذا يفعل من اعتدي على ماله أو عرضه ، ولا سبيل له لأخذ حقه إلا عن طريق هذه القوانين الوضعية ؟

    فلا يمكن منع الناس من التحاكم إلى هذه القوانين ، فإن ذلك يجعل الناس يأكل بعضهم بعضاً ، وتصير البلاد فوضى ، لا يأمن فيها أحد على نفسه أو ماله أو أهله أو حقه .  وفي هذه الأمور التي لا تحكم بشرع الله يحتاج الناس إلى المحامي الصادق الأمين الذي يتوكل عنهم في القضايا لاسترداد حقوقهم المغصوبة . وأما إن رأى أن الحق على موكله ، لزِمَه بيان ذلك له ، ونصحه بترك الدعوى ورد الحقوق إلى أهلها ، ولا يتوكل عنه .

6- أن يتعذر استيفاء الحقوق ودفع المظالم من غير طريق هذه المحاكم الوضعية ، أما إن وجد غيرها من محاكم شرعية أو تحكيم شرعي يتولاه العلماء والفقهاء ، فلا يجوز التحاكم إليها مطلقاً .

7-  ومن أهم شروطها أن يتمثل المحامي قول الله عز وجل:"ولا تكن للخائنين خصيماً" فإن جاءه رجل وقال له: أنا قتلت وأريد أن تبرئني، أو أنا سرقت وأريد أن تبرئني، فيجب على المحامي أن يتقي الله، فمثل هذا لا يجوز أن يحامي عنه، لأن الله يقول:"ولا تكن للخائنين خصيماً". وهذا خائن، لكن هل يجوز أن يحامي المسلم عن المبطل والخائن، إن أوقعت عليه القوانين عقوبة فوق العقوبة الشرعية، فيرد بمحاماته العقوبة إلى الحد الشرعي؟ هذا جائز له، لكن هذه المسألة صورية نظرية وليست عملية. فالمحاماة جائزة بشروط وتطبيقها من حيث الواقع نظري،وليس بعملي، إلا عند الكمل من أهل الورع والتقوى ولعلهم اليوم معدومون أو عزيزون، والله أعلم.

google-playkhamsatmostaqltradent