
تعرف علي الأثار السيئة والعواقب الوخيمة للكسب الحرام ؟
الحمد لله رب
العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله،
اللهم صلاة وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله وبعد فياعباد قال تعالي :"يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ
إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ"(البقرة: 172).
عباد الله
حديثنا اليكم اليوم عن الكسب الحلال ولايكون هذا الكسب الا من عمل يد الإنسان "ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل
يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده"(البخاري)،
وقال بعضهم :
"إن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها إلا الهم في طلب المعيشة".
وعندنا في الإسلام
ليست العبادة أن تصف قدميك وغيرك يسعى في قوتك، ولكن ابدأ برغيفيك فأحرزهما ثم تعبّد.
ويقول صلي
الله عليه وسلم :" يا أيُّها النَّاسُ
إنَّ اللَّهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلَّا طيِّبًا ، وإنَّ اللَّهَ أمرَ المؤمنينَ بما أمرَ
بِه المرسلينَ فقالَ يَا أيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا
صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ"(المؤمنون: 51). وقالَ يَا أيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ" قالَ وذَكرَ الرَّجلَ
يُطيلُ السَّفرَ أشعثَ أغبرَ يمدُّ يدَه إلى السَّماءِ يا ربِّ يا ربِّ ومطعمُه حرامٌ
ومشربُه حرامٌ وملبسُه حرامٌ وغذِّيَ بالحرامِ فأنَّى يستجابُ لذلِك"(الترمذي
ومسلم).
ويقول صلى الله
عليه وسلم :"أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث،
وحسن خليقة، وعفة في طعمة".(أحمد),
عباد
الله:" إن حقاً على المسلم أن يتحرى الطيب من الكسب والنزيه من العمل ليأكل حلالاً،
وينفق في حلال.
انظروا رحمكم الله
إلى خليفة رسول الله أبي بكر الصديق رضي الله عنه يأتيه خادمه بشيء من الأكل، ثم يقول
له: أتدري من أين هذا الأكل؟ اشتريته من مال حصلت عليه في الجاهلية كذبت على رجل وخدعته
بأن فسرت له حادثة أو قضية كذباً وخديعة، فأعطاني هذا المال، فاشتريت منه هذا الذي
أكلت، فأدخل أبو بكر أصبعه في فمه وقاء واسترجع كل شيء في بطنه، وقال:"لو لم تخرج
هذه اللقمة إلا مع نفسي لأخرجتها"، وقال مخاطباً ربه: "اللهم إني أعتذر إليك
مما حملت العروق وخالط الأمعاء"( البخاري).
وتقول زوجة صالحة
توصي زوجها :"يا هذا اتق الله في رزقنا فإننا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار".
عباد الله :"إن
للكسب الحرام أثار سيئة وعواقب وخيمة منها عدم استجابة الدعاء أرأيتم الرجل الذي ذكره رسول الله -صلى الله عليه
وسلم : "يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام،
وملبسه حرام، وغذي بالحرام؛ فأنى يستجاب له؟"(مسلم)، هذا الرجل استجمع من صفات
الذل والمسكنة والحاجة والفاقة ما يدعو إلى رثاء حاله، ويؤكد شدة افتقاره؛ تقطعت به
السبل، وطال عليه السير، وتغربت به الديار، وتربت يداه، أشعث رأسه، واغبرت قدماه، وكان
قاب قوسين أو أدنى لاستجابة دعواه، ولكنه قطع صلته بربه، وحرم نفسه من مدد مولاه، فحيل
بين دعائه والقبول، أكل الحرام، واكتسى من حرام، ونبت لحمه في حرام، فردت يداه خائبتين
صفراً.
بربكم ماذا يبقى
للعبد إذا انقطعت صلته بربه، وحجب دعاؤه، وحيل بينه وبين الرحمة؟ لمثل هذا قال بعض
السلف: "لو قمت في العبادة قيام السارية ما نفعك حتى تنظر ما يدخل بطنك".
وإن العجب كل العجب
-أيها الإخوة- ممن يحتمي من الحلال مخافة المرض، ولا يحتمي من الحرام مخافة النار
إن أكل الحرام
يا عباد الله يعمي البصيرة، ويوهن الدين ويضعفهن ويقسي القلب، ويظلم الفكر، ويقعد الجوارح
عن الطاعات، ويوقع في حبائل الدنيا وغوائلها، ويحجب الدعاء، ولا يتقبل الله إلا من
المتقين.
عباد الله
:"إن للمكاسب المحرمة آثاراً سيئة على الفرد والجماعة؛ فهي تنزع البركات، وتفشو
العاهات، وتحل الكوارث، أزمات مالية مستحكمة، وبطالة متفشية، وتظالم وشحناء.
أيها المسلمون:
ويل للذين يتغذون بالحرام، ويربون أولادهم وأهليهم على الحرام؛ إنهم كشارب ماء البحر
كلما ازدادوا شراباً ازدادوا عطشاً، شاربون شرب الهيم، لا يقنعون بقليل، ولا يغنيهم
كثير، يستمرؤون الحرام، ويسلكون المسالك المعوجة، رباً وقماراً، وغصباً وسرقةً، تطفيفاً
في الكيل والوزن، كتماً للعيوب، سحراً وتنجيماً وشعوذةً، أكلاً لأموال اليتامى والقاصرين،
أيماناً فاجرةً، لهواً ولعبا، مكراً وخديعةً، زوراً وخيانةً، مسالك معوجةً، وطرقاً
مظلمةً، يقول صلي الله عليه وسلم :"يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ
منه أمن الحلال أم الحرام" (البخاري والنسائي),
عباد الله:" ومن الأمور التي
يقرِّرها العقل والدِّين، ويصدِّقها الواقع والحال، أنَّ النفوس إذا أُلْهِيتْ بالمحرَّمات،
ابتعدتْ عن سبيل الله تعالى وطاعته ومَرضاته. فصدالشباب عن الزواج بارتكاب الفاحشة
وصدوا عن الكسب الحلال من التجارة بالربا وصدوا عن التعليم بالجهل وصدوا عن الاحترام
ومكارم الأخلاق بسوء الأدب وهكذا..
صدوا وأعرضوا عن أحكام الشرع، واعتراض عليها، والتشكيك
فيها، أو السعي لعلْمنتها، وتحريفها عن معانيها:"وَإِذَاقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا
إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ
عَنْكَ صُدُودًا"(النساء/61).
عباد الله :"
يجب على المسلم طلب الحلال وتحريه ، ولا سيما
في مجال الكسب ، كي يسلم وينجو من عذاب الله تعالى ، قال تعالى :" يَا أَيُّهَا
النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ
الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ "(البقرة: 168) .
والحلال الطيب،
مخلوق أصلاً للمؤمنين ، ويشاركهم فيه غيرهم على وجه التبعية في الدنيا ، فإذا كان يوم
القيامة ، صار حقاً خالصاً للمؤمنين وحدهم ، بدليل قوله تعالى : " قُلْ مَنْ حَرَّمَ
زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ
هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
"(الأعراف: 32).
ومطلوب من المسلم
أن يطرق السبيل المشروع لتحصيل الرزق الحلال، وهو آت له بعد بذل السبب لا محالة .قال
تعالى :"وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا "(هود:
6) .
ولحرص الإنسان
وهلعه أقسم رب العالمين على ضمانه، فقال :" وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا
تُوعَدُونَ " (الذاريات: 22-23) .وتقوى الله تعالى والخوف منه سبب لفتح باب الرزق
الحلال من حيث لا يتوقع المرء .قال تعالى : " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ
مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ
فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ
قَدْرًا "(الطلاق: 2-3).
وما عند الله تعالى
من رزق حلال إنما يطلب بطاعة الله ؛ وهذا الذي يأخذ الرشوة أو يأكل الربا أو يظلم الناس
، إنما يطلب الكسب بمعصية الله ، ومن غير طرقه المشروعة ، ولا يدرك ما عند الله إلا
بطاعته .
يقول صلى الله
عليه وسلم قال :"إن روح القدس نفث في روعي إنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها
، فاتقوا الله وأجمِلوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله
عز وجل ، فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته"(البزار).وفي الحديث :"الرزق
أشد طلباً للعبد من أجله" ( صحيح) .عباد الله أقول ماسمعتم وأستغفر الله لي
ولكم..
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أما
بعد فياعباد الله..لازلنا نواصل الحديث حول الكسب الحلال
عباد
الله:"ينبغي على العبد أن يتحلى بالطاعات التي تؤهله لمغفرة الرحمن،وأن يبتعد
عن المعاصي والذنوب التي تحجبه عن هذه المغفرة.فالحلال بين والحرام بين كما قال صلى
الله عليه وسلم :"إن الحلال بيّن
وإن الحرام بيّن وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ
لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع
فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه،ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت
صلح الجسد كله،وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب"(متفق عليه).
عباد الله
:" لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام على غاية الحذر والمراقبة
والورع، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على
فراشي فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها" (متفق عليه). وقال أبو بكر
الصديق :"كنا ندع سبعين بابا من الحلال، مخافة أن نقع في باب الحرام"(القشيري).وقال
عمر:"كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الوقوع في الحرام"( الإحياءللغزالي).
فإلي هؤلاء التجار الجشعين الذين تنتفخ
جيوبهم وتمتليء بطونهم من الحرام علي حساب الفقراء من احتكار وبيوع محرمة اتقوا الله لأنكم محاسبون علي النقير والقطمير
والصغير والكبير ..
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها !
هل راح منها بغير
القطن والكفن.
وانظروا لمن
قبلكم من تجار جمعوا أموالاً طائلة من حرام ومن حلال وتركوها لأبنائهم شربوا بها مخدرات ودخلوا بها
الحانات وهم الآن يتسولون بين الناس أعطوهم أم منعوهم .
وكماقال
الشافعي:
.جمع الحرام على الحلال
ليكثره
دخل الحرام على
الحلال فبعثره
اللهم اغننا
بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك يارب العالمين .. وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله
وأقم الصلاة.