
ما هي صفات التجار الفجار ؟ تعرف علي أحوالهم عند الموت ؟
الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلاما علي أشرف المرسلين . أمّا بعد فيا عباد الله
يقول الله تعالي:"يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
"(آل عمران/102).
عباد الله نعيش اليوم مع أحوال التجار فمنهم الصادق الأمين وقليل ماهم ومنهم التاجر المحتكر الفاجر الطماع :"
أولاً التاجر الأمين الصادق :"
رجل سيبعث يوم القيامة ويحشر
ويدخل الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً"ألا
وهو التاجر الصدوق الأمين كما قال عنه صلي الله عليه وسلم :" التاجر الصدوق
الأمين مع النبيين، والصديقين، والشهداء"(الترمذي).
إذ التاجر المسلم داعية إلى دين الله بسلوكه وحسن تعامله مع الناس، فهو داعية بلسان الحال وإن لم يكن كذلك بلسان المقال، وقد ذكر بعض أهل العلم تحليلًا لكلمة "تاجر"؛ حيث قال: التاء تعني: تقوى، والألف: أمين، والجيم: جسور، والراء: رحيم، فالتاجر المسلم تقيٌّ أمين جسور رحيم"وما انتشر الإسلام في ربوع إفريقيا وغيرها إلا بأخلاق وصدق التاجر المسلم ..
ومن صفات هذا التاجر الأمين
محبة الخير للغير:"
فهو يحب الخير لغيره كما يحبه
لنفسه..فكما يحب لنفسه المكسب والربح يحبه
لغيره وكما لا يحب لنفسه الغبن والغش فلا يغبنن أحداً ولا يغشه.يقول صلى الله عليه
وسلم :"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "(البخاري).
الصدق والأمانة:"
وهما أرفع صفات التاجر المسلم، وبهما
مدح النبي صلى الله عليه وسلم التجارفقال
:"التاجر الصدوق الأمين مع النبيين، والصديقين،
والشهداء"(الترمذي).
فالتاجر الصادق
لايغش حيث وقف له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمرصاد حينما مرَّ على صُبرةِ طعام، فأدخل يده فيها،
فنالت أصابعه بللًا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول
الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غشَّ، فليس مني"(مسلم).
والمثال الثاني التاجر الفاجر :"
وعلي النقيض نري تاجر أخر فاجر غشاش حرامي طماع جشع محتكر وقد حذر صلي الله عليه وسلم من هذا التاجر فقال :"إِنَّ التُّجَّارَ هُمُ الْفُجَّارُ.قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَيْسَ قَدْ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ؟قَالَ:"بَلَى وَلَكِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ فَيَكْذِبُونَ وَيَحْلِفُونَ وَيَأْثَمُون"(أحمد).
وما نراه في الأسواق من غش وتدليس وغبن واحتكار وحلف
بالباطل وحلف بالزور وحلف بالأيمان الكاذبة فانه ليس من أخلاق أهل الإيمان ولا من
شيم أهل الإسلام يقول صلى الله عليه وسلم :" ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر
إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم " قلت: يا رسول الله من هؤلاء
خابوا وخسروا؟ - فأعادها ثلاث مرات -، قال: " المسبل، والمنان، والمنفق سلعته
بالحلف الكاذب أو الفاجر ".(مسلم).
فالتاجر الصادق الأمين المسلم: يتقي الله
ويحذر من تطفيف الكيل و الميزان أما الأخر الذي لايظن أنه سيلقي ربه وسيبعث ويحاسب علي الصغير والكبير والنقير والقطمير فهو الذي حذره القرآن الكريم يقول الله تعالي:"وَيْلٌ
لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا
اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ
وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ
الْعَالَمِينَ"(المطففين/1- 6). فمن
المصيبة إخلال بالمكاييل والموازين وتخفيضها من بعض ما هي معروف وخداع الناس بذلك.
قال ابن عباس لأصحاب المكيال والميزان في السوق:
"إنكم قد وليتم أمرين هلكت فيهما الأمم السالفة قبلكم: الكيل،
والميزان".
وكان ابن عمر يمر بالبائع فيقول:"اتق الله، وأوف
الكيل والوزن بالقسط، فإن المطففين يوم القيامة يوقفون حتى إن العرق ليلجمهم إلى
أنصاف آذانهم.
ويقول صلّى اللّه عليه وسلّم:"خمس بخمس، قيل: يا رسول اللّه وما خمس بخمس؟ قال:"ما نقض قوم العهد إلّا سلّط اللّه عليهم عدوّهم، وما حكموا بغير ما أنزل اللّه إلّا فشا فيهم الموت، ولا منعوا الزّكاة إلّا حبس عنهم القطر، ولا طفّفوا المكيال إلّا حبس عنهم النّبات، وأخذوا بالسّنين"(الطبراني).
أحوال التجار الفجار المطففين عند الموت لعل يكون فيه
العظة والعبرة:
قال بعضهم: "دخلت على مريض وقد نزل به الموت، فجعلت
ألقنه الشهادة ولسانه لا ينطق بها فلما أفاق قلت له: يا أخي، ما لي ألقنك الشهادة
ولسانك لا ينطق بها؟! قال:"يا أخي لسان الميزان على لساني يمنعني من النطق
بها!فقلت له: بالله أكنت تزن ناقصاً؟قال: لا والله، ولكن ما كنت أقف مدة لأختبر صحة
ميزاني! "
وعن "مالك بن دينار " قال:" دخلت على جار
لي، وقد نزل به الموت، وهو يقول: جبلين من نار، جبلين من نارقلت: ما تقول؟ قال: يا
أبا يحيى، كان لي مكيالان أكيل بأحدهما وأكتال بالآخر.قال مالك: فقمت، فجعلت أضرب
أحدهما بالآخر!.فقال: يا أبا يحيى، كلما ضربت أحدهما بالآخر ازداد الأمر عظماً
وشدة، فمات في مرضه!!".
وقيل لآخر قل لا إله إلا الله فجعل يقول الدار الفلانية أصلحوا فيها كذا والبستان الفلاني افعلوا فيه كذا، وقيل لأحد المرابين عند موته قل لا إله إلا الله فجعل يقول عشرة بأحد عشر يكررها حتى مات.وقيل لتاجر قل لاإله إلا الله فجعل يقول ستين سبعين مائة ..الخ .
جزاء التاجر الفاجر المحتكر
والتاجر الفاجر الذي يحتكر السلعة ليغليها علي الناس ملعون في الدنيا وفي الآخرة لأنه كما قال عنه صلي الله عليه وسلم :"المحتكر ملعون "(ابن ماجه،والدارمي).
ويقول صلي الله عليه وسلم :"من احتكر طعامًا أربعين ليلة فقد
بريء من الله تعالىٰ، وبرىء الله تعالىٰ منه"(أحمد).
ومارأينا تاجراً احتكر سلعة إلا أفلس
:"كما قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ أَوْ بِالإِفْلاسِ "(أحمد وابن ماجه).
والتاجر الفاجر ليس عنده سماحة:
ومن السماحة في البيع والشراء القناعة في الربح:فأنت أيها البائع لا بد أن تربح وتسعى في الربح لكن ليكن هذا الربح ربحاً واقعياً لا ربحاً تجاوزياً فالإسلام لم يحدد ربحاً ولكن دعي الي الرحمة :" يقول صلى الله عليه وسلم :"رحِمَ الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى"(البخاري).
إن كثير من المبالغات في السلع التي يفرضها بعض الباعة مخالفة للواقع فتكون السلعة مثلاً بكذا وترى الأرباح فيها أحيانا قد تصل إلى 100% وأكثر من ذلك فلا بد من قناعة لك أيها المسلم وقناعة بالرزق الذي تحصل عليه وأن يكون ربحك ربحاً طيباً ربحاً مباركا لا ضرر فيه على الأخرين فمهما كسبت إلي أين يذهب مالك سيذهب إلي الناس و للورثة كما قال صلي الله عليه وسلم:" قال: يقول ابن آدم: مالي، مالي، وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟!وما سوى ذلِكَ فَهوَ ذاهبٌ وتارِكُهُ للنَّاسِ"(مسلم).
أمثلة للتاجر الأمين الصادق
التاجر الفاجر خائن وليس بأمين أما التاجر المسلم صادق لايخون عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: "اشترى رجلٌ من رجل عقاراً، فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جَرَّة
فيها ذهب، فقال الذي اشترى العقار للبائع: خذ ذهبك، أنا اشتريت منك الأرض، ولم
أشتر الذهب؛ وقال الذي باع له الأرض: إنما بعتُك الأرض وما فيها؛ فتحاكما إلى رجل،
فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدُهما: نعم؛ وقال الآخر: لي جارية - أي
بنت؛ قال: أنكحا الغلام الجارية، وأنفقا على أنفسهما منه؛ فانصرفا"
وهذا هو عثمان بن عفان - رضي الله عنه - سمحاً في بيعه
وشرائه، سهلاً في تعامله مع الناس، وعندما ابتاع "اشترى" حائطاً -حديقة
- من رجل فساومه حتى قاومه عن الثمن الذي رضي به البائع فقال عثمان: أرنا يدك.
فقال الرجل: لا أبيعك حتى تزدني عشرة آلاف فالتفت عثمان إلى عبد الرحمن بن عوف
فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :"أدخل الله الجنة رجلاً كان
سهلاً، بائعاً ومشترياً". اذهب قد زدتك العشرة آلاف لأستوجب بها الكلمة التي
سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم "
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك يارب
العالمين..عباد الله أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم..
وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم