
هل ملك الموت سمي بعزرائيل ؟ وما حقيقة تسميته ؟
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد
هل ملك الموت سمي بعزرائيل كما يقول البعض ؟
ونقول وبالله التوفيق :" لم يرد في بعض الأحاديث عن حقيقة تسمية ملك الموت بعزرائيل هذا الاسم ولكن ورد في بعض الآثار سموه بعزرائيل ولكن لا يوجد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم- باسمه، وجاء أن ملك الموت لم يرد شيئا عن شكله أو هيئته كما يزعم الناس أن شكله قبيح ومرعب جداً لدرجة أن الشخص حينما يراه من شدة الرعب يموت، فالإنسان المؤمن حينما يرى ملك الموت يستبشر خيراً ولا يفزع، والحديث عن الملائكة لابد أن يكون من باب الاحترام.وعندما جاء الحديث عن قبض روح العبد المنقطع عن الآخرة الفاسق :"أتته ملائكة سود الوجوه سود الثياب معهم سفود من النار" فكان الحديث عنهم فيه أدب..
وماجاء في القرآن الكريم أنه ملك الموت ولم يذكر بعزرائيل قال تعالي:" قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ"(السجدة: 11).
وذكر بعض المفسسرين أنه سمي بعزرائيل دون سند صحيح إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم كما جاءت التفاسير في قوله تعالي:" قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ.."
قل أيها الرسول لهؤلاء المشركين: يتوفاكم ملك الموت الذي وُكِّل بكم، فيقبض أرواحكم إذا انتهت آجالكم، ولن تتأخروا لحظة واحدة، ثم تُردُّون إلى ربكم، فيجازيكم على جميع أعمالكم: إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر.
يقول ابن كثير:" الظاهر من هذه الآية أن ملك الموت شخص معين من الملائكة ، كما هو المتبادر من حديث البراء ..وقد سمي في بعض الآثار بعزرائيل ، وهو المشهور "(تفسير ابن كثير).
هل يتولي ملك الموت قبض جميع الأرواح بنفسه ؟
روي أن ملك الموت جعلت له الدنيا مثل راحة اليد يأخذ منها صاحبها ما أحب من غير مشقة ، فهو يقبض أنفس الخلق في مشارق الأرض ومغاربها ، وله أعوان من ملائكة الرحمة وملائكة العذاب .
وقال ابن عباس : إن خطوة ملك الموت ما بين المشرق والمغرب .
وقال مجاهد : جعلت له الأرض مثل طست يتناول منها حيث يشاء .
وفي بعض الأخبار : أن ملك الموت على معراج بين السماء والأرض فينزع أعوانه روح الإنسان فإذا بلغ ثغره نحره قبضه ملك الموت .
وروى خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال : إن لملك الموت حربة تبلغ ما بين المشرق والمغرب ، وهو يتصفح وجوه الناس ، فما من أهل بيت إلا وملك الموت يتصفحهم في كل يوم مرتين ، فإذا رأى إنسانا قد انقضى أجله ضرب رأسه بتلك الحربة ، وقال : الآن يزار بك عسكر الأموات
قاله قتادة وغير واحد ، وله أعوان .
وهكذا ورد في الحديث أن أعوانه ينتزعون الأرواح من سائر الجسد ، حتى إذا بلغت الحلقوم تناولها ملك الموت .
قال مجاهد : حويت له الأرض فجعلت له مثل الطست ، يتناول منها حيث يشاء . ورواه زهير بن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه مرسلا . وقاله ابن عباس ، رضي الله عنهما .
و عن جعفر بن محمد قال : سمعت أبي يقول : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " يا ملك الموت ، ارفق بصاحبي فإنه مؤمن " . فقال ملك الموت : يا محمد ، طب نفساً وقر عيناً فإني بكل مؤمن رفيق ، واعلم أن ما في الأرض بيت مدر ولا شعر ، في بر ولا بحر ، إلا وأنا أتصفحه في كل يوم خمس مرات ، حتى إني أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم ، والله يا محمد ، لو أني أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر بقبضها .
قال جعفر : بلغني أنه إنما يتصفحهم عند مواقيت الصلاة ، فإذا حضرهم عند الموت فإن كان ممن يحافظ على الصلاة دنا منه الملك ، ودفع عنه الشيطان ، ولقنه الملك : " لا إله إلا الله ، محمد رسول الله " في تلك الحال العظيمة .
وقال عبد الرزاق : حدثنا محمد بن مسلم ، عن إبراهيم بن ميسرة قال : سمعت مجاهدا يقول ما على ظهر الأرض من بيت شعر أو مدر إلا وملك الموت يطيف به كل يوم مرتين .
وقال كعب الأحبار : والله ما من بيت فيه أحد من أهل الدنيا إلا وملك الموت يقوم على بابه كل يوم سبع مرات . ينظر هل فيه أحد أمر أن يتوفاه . رواه ابن أبي حاتم"(تفسير ابن كثير).
ويقول القرطبي:" فملك الموت يقبض والأعوان يعالجون والله تعالى يزهق الروح .وهذا هو الجمع بين الآي والأحاديث ; لكنه لما كان ملك الموت متولي ذلك بالوساطة والمباشرة أضيف التوفي إليه كما أضيف الخلق للملك ;..
وروي عن مجاهد أن الدنيا بين يدي ملك الموت كالطست بين يدي الإنسان يأخذ من حيث شاء .
وقد روي هذا المعنى مرفوعا ، وقد ذكرناه في ( كتاب التذكرة ) .
وروي أن ملك الموت لما وكله الله تعالى بقبض الأرواح قال : رب جعلتني أذكر بسوء ويشتمني بنو آدم .
فقال الله تعالى له : "إني أجعل للموت عللا وأسبابا من الأمراض والأسقام ينسبون الموت إليها فلا يذكرك أحد إلا بخير".
وقد ذكرناه في التذكرة مستوفى - وقد ذكرنا أنه يدعو الأرواح فتجيئه ويقبضها ، ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة أو العذاب - بما فيه شفاء لمن أراد الوقوف على ذلك .
الثانية : استدل بهذه الآية بعض العلماء على جواز الوكالة من قوله : ( وكل بكم ) ؛ أي بقبض الأرواح .
قال ابن العربي : وهذا أخذ من لفظه لا من معناه ، ولو اطرد ذلك لقلنا في قوله تعالى : قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا : إنها نيابة عن الله تبارك وتعالى ووكالة في تبليغ رسالته ، ولقلنا أيضا في قوله تبارك وتعالى : وآتوا الزكاة إنه وكالة ; فإن الله تعالى ضمن الرزق لكل دابة وخص الأغنياء بالأغذية وأوعز إليهم بأن رزق الفقراء عندهم ، وأمر بتسليمه إليهم مقدارا معلوما في وقت معلوم ، دبره بعلمه ، وأنفذه من حكمه ، وقدره بحكمته .
والأحكام لا تتعلق بالألفاظ إلا أن ترد على موضوعاتها الأصلية في مقاصدها المطلوبة ، فإن ظهرت في غير مقصدها لم تعلق عليها .
ألا ترى أن البيع والشراء معلوم اللفظ والمعنى ، وقد قال تعالى : إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ولا يقال : هذه الآية دليل على جواز مبايعة السيد لعبده ; لأن المقصدين مختلفان .
أما إنه إذا لم يكن بد من المعاني فيقال : إن هذه الآية دليل على أن للقاضي أن يستنيب من يأخذ الحق ممن هو عليه قسرا دون أن يكون له في ذلك فعل ، أو يرتبط به رضا إذا وجد ذلك "(تفسير القرطبي).
هل ملك الموت يعرف مواقيت وفاة الخلائق؟
ورد أن الفقة في الدين هو غاية وأمنية أهل الإيمان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم- يقول:"مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ"، وينبغي على كل انسان أن يسأل نفسه، هل ربنا يريد به خيرًا أم عليه أن يعيد حساباته مع نفسه، مشيرًا إلى أن الإمام مالك رأى بمنامه شخص شكله غريب ومخيف وعملاق وله جناحان، فقال له من أنت، فقال له "أنا ملك الموت"، فقال له: "ياملك الموت كم بقي لي من العمر؟"، فأشار ملك الموت للإمام مالك 5 واختفى، فنادى: "ياملك الموت أي خمس تقصد"، واستيقظ مذعور يبحث عن من عبر ويفسر له هذه الرؤية، منوهًا إلى أن تفسير الرؤى مجرد تخمين وليس علم يقين، مشددًا على أنه لايوجد علم يسمى تفسير الأحلام.
الإمام مالك توجه للإمام ابن سيرين، وقص له رؤيته، فقال له أن ملك الموت يريد أن يخبره أن مفاتيح الغيب خمسة لايعلمها إلا الله، وهي علم الساعة، وينزل الغيث، ويعلم مافي الأرحام، وماتدري نفسًا ماذا تكسب غدًا، وماتدري نفسًا بأي أرض تموت..
وملك الموت لا يعلم أيضا مواعيد موت الخلائق قبلها"،
عمل يقيك المفاجأة بملك الموت
عمل يقيك المفاجأة بملك الموت، أن هناك عمل عند الصلاة يقيك المفاجأة بملك الموت، و الاستعداد للطاعات ومن بينها الصلاة، من شأنه أن يقيك فجأة الموت، فلو تفاجأ الشخص بالأذان فسوف يُفاجأ بملك الموت في لحظة من اللحظات، على عكس الذين يستعدون للصلاة، سيعرفون بموتهم قبل وقوعه، ولن يُفاجئهم ملك الموت، فالله تعالى قال "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ"(الجمعة/9).
والله تعالى لم يقل :"فامشوا"، كما ورد بقوله تعالى: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"(الملك /15). حيث أراد أن يعلمنا أن العبادة لابد من الاستعداد لها، والسعادة بها، لذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول عن الصلاة :"أرحنا بها يا بلال"، فلابد أن يكون الإنسان سعيد عند أداء الطاعة أو العبادة ويكون مستعدا لها، فلا ينبغي له أن يتفاجأ بعبادة، قائلًا:"لازم تستعد للصلاة قبل الأذان عشان لو فوجئت بالأذان هتتفاجئ بملك الموت".
رؤيا المحتَضَر لمَلكِ الموتِ :"
إن كان من أهل السعادة فإنه يرى ملك الموت في صورة حسنة ويرى ملائكة الرحمة بيض الوجوه ، معهم أكفان من الجنة وحنوط من الجنة ، يجلسون منه مد البصر ، ثم يأتي ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول :" يا فلان أبشر برضى الله عليك ، فيرى منزلته في الجنة ، ثم يقول ملك الموت: يأيتها النفس الطيبة : اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان .
وأما إن كان من أهل الشقاوة فإنه يرى ملك الموت في صورة أخرى ، ويرى ملائكة العذاب سود الوجوه ، معهم أكفان من النار ، وحنوط من النار ، ثم يأتي ملك الموت ويجلس عند رأسه ، ويبشره بسخط الله عليه ، ويرى منزلته من النار ، ويقول ملك الموت : اخرجي أيتها النفس الخبيثة ، أبشري بسخط من الله وغضب.
بهذه الحالة عندما يرى المحتضر ملك الموت يحصل له انهيار القوى ، وعدم المقاومة ، والاستسلام لليقين ، فيحصل لديه الغثيان ، وتحصل لديه السكرات والعبرات ، وعدم الاستعداد للكلام ، فهو يسمع ولا يستطيع أن يرد ، ويرى فلا يستطيع أن يعبر ، ويحصل لديه ارتباك القلب ، وعدم انتظام ضرباته ، فيصحو أحياناً ويغفو أحياناً من شدة سكرات الموت . فاللهم أعنَّا على سكرات الموت.
يقول الحسن بن دينار، قال: سمعت الحسن رحمه الله تعالى يقول: ما من يوم إلا وملك الموت عليه السلام يتصفح في كل بيت ثلاث مرات، فمن وجده منهم قد استوفى رزقه، وانقضى أجله قبض روحه، فإذا قبض روحه أقبل أهله برنة وبكاء فيأخذ ملك الموت بعضادتي الباب فيقول: ما لي إليكم من ذنب وإني لمأمور، والله ما أكلت له رزقا ولا أفنيت له عمرا، ولا انتقصت له أجلا، وإن لي فيكم لعودة، ثم عودة حتى لا أبقي منكم أحدا"( أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في العظمة/ج3/ص905).