
إتقان العبادة والعمل في القرآن والسنة
تعريف الاتقان
حديث القرآن عن الاتقان في العبادة و العمل
الإتقان في السنة النبوية المطهرة
اتقان الرسول صلي الله عليه وسلم للعبادة والعمل
فلنحرص عَلَى إِتقَانِ العَمَلِ وَأَدَائِهِ كَمَا يَجِبُ وَيَنبَغِي،
آثار عدم الإتقان
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد..فيقول الله تَعَالى
:" قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ
وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ"(الأنعام/
162، 163).
عباد الله:" إِنَّ الإِتقَانَ سِمَةٌ أَسَاسِيَّةٌ في الشَّخصِيَّةِ المُسلِمَةِ، يُرَبِّيهَا الإِسلامُ في كُلِّ
عَمَلٍ مِنَ الأَعمَالِ، عِبَادَةً كَانَ
أَو مُعَامَلَةً أَو سُلُوكًا..
والإتقان هو:"
أن نعمل العمل على أحسن وجه، وأتم ما يكون،ولقد ضرب الأنبياء عليهم السلام المثل
في السعي والعمل، وكانت لهم حرف يرتزقون منها، ومن أمثلة ذلك:كان آدم عليه
السلام حراثًا.وكان نوح يعمل نجاراً وكان إدريس يعمل خواصاً وكان داود عليه السلام
صانعًا للسَّرد والدروع.وعمل موسى عليه السلام أجيرًا عند الرجل الصالح في
الرعي.وعمل رسولنا محمد صلى الله عليه
وسلم في الرعي والتجارة.
ولهذا نجد أن الإسلام يحض على العمل، ويحثُّ على السعي والكسب، ويأمر بالانتشار
في الأرض للنيل من فضل الله والأكل من رزقه..
حديث القرآن عن الاتقان في العبادة و العمل
عباد الله:" وَقَد جَاءَت نُصُوصٌ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تَحُضُّ عَلَيهِ
وَتَأمُرُ بِهِ في جَوَانِبَ كَثِيرَةٍ، أَمرًا بِالإِخلاصِ في العِبَادَةِ وَرِعَايَتِهَا، وَحَثًّا عَلَى الإِحسَانِ
فِيهَا وَتَجوِيدِهَا، قَالَ تَعَالى :" قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
"(الأنعام/ 162، 163).
وقال تعالى:"
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ . الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى
فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ
. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ
حَسِيرٌ"(الملك /1-3).
و قال تعالى: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ"
(الملك: / 15)،
و قال تعالى :" وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ
يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "(البقرة/195).
و قال تعالى :" وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ "(التوبة/105).
الإتقان في السنة
النبوية المطهرة
عباد الله:" ومن الأحاديث التي تحث على إتقان العمل قوله صلى الله عليه و سلم
:"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"(أبويعلي والطبراني).
ويقول صلي الله عليه وسلم :"ما أكل أحد طعاما قط خيراً من أن يأكل من عمل يده ،
وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده"(البخاري).
ويقول " ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ منه طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ
بَهِيمَةٌ؛ إِلَّا كانَ له به صَدَقَةٌ" (البخاري ومسلم).
ويقول صلي الله عليه وسلم : "لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن
يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه"(البخاري).
ويقول صلى الله عليه وسلم يقول: "ما كسبَ الرَّجلُ كَسبًا أطيبُ من عملِ يدِه وما أنفقَ
الرَّجلُ على نفسِه وأهلِه وولدِه وخادِمِه فهو صدَقةٌ"(ابن ماجه).
عباد الله :" وعن اتقان العبادة جاءت جملة من النصوص التي تحث علي ذلك يقول
صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ :"الَّذِي يَقرَأُ القُرآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ"
(البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ).
. وَقَالَ صَلَّى
اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ :"يَؤُمُّ القَومَ أَقرَؤُهُم لِكِتَابِ اللهِ"(مُسلِمٌ).
وَفي قِصَّةِ رُؤيَا عَبدِاللهِ بنِ زَيدٍ لِلأَذَانِ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ "فَقُمْ مَعَ بِلالٍ فَأَلْقِ عَلَيهِ مَا رَأَيتَ؛ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ فَإِنَّهُ أَندَى صَوتًا مِنكَ"(أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ)، بَل حَتى فِيمَا لا يُتَصَوَّرُ الإِحسَانُ فِيهِ وَالإِتقَانُ لِهَونِهِ عَلَى النُّفُوسِ، نَجِدُ الأَمرَ فِيهِ بِالإِحسَانِ وَالإِتقَانِ حَاضِرًا،
و قَالَ صَلَّى
اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُم أَخَاهُ فَلْيُحسِنْ كَفَنَهُ"(مُسلِمٌ).
وَقَالَ صَلَّى
اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ :"إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحسَانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ،
فَإِذَا قَتَلتُم فَأَحسِنُوا القِتلَةَ، وَإِذَا ذَبَحتُم فَأَحسِنُوا الذِّبحَةَ"(مُسلِمٌ
وَغَيرُهُ).
أَلا فَمَا أَحرَى كُلَّ مُسلِمٍ أَن يَتَّقِيَ اللهَ مَولاهُ، وَأَن يَحذَرَ أَن يَلقَاهُ وَقَد جَعَلَ أَوقَاتَ عَمَلِهِ
فُرصَةً لِقَضَاءِ شَهَوَاتِهِ، أَو وَقَد استَغَلَّ مَنصِبَهُ لِنَيلِ مَآرِبِهِ، أَو وَقَد قَصَّرَ في خِدمَةِ مَن
وُلِّيَ أَمرَهُم،
أَو وَقَد هَضَمَ من تَحتَ يَدَهُ حُقُوقَهُم أَو بَخَسَهُم أَشيَاءَهُم!
اتقان
الرسول صلي الله عليه وسلم للعبادة والعمل
عباد الله:" ولننظر إلى رسولنا صلى الله عليه وسلم كيف كان أداؤه لعمله، فقد كان
صلى الله عليه وسلم أتقن الخلق لعمله، حتى مع بلوغ أعلى درجات الجنان، ومغفرة
الذنوب، يتقن عمله؛ فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت:"لمَ تصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من
ذنبك وما تأخّر، قال : "أفلا أحب أن أكون عبداً
شكوراً". (البخاري ومسلم).
وانظر إليه صلي الله عليه وسلم في صلاته كيف كان يصلى بخشوع وسكينة، وكيف
كان يقضي وقته كله في عبادة ربه، وهكذا أصحابه من بعد يقتفون أثره، ويهتدون
بسنته.
عباد الله:" إِنَّهُ لا يَكفِي الفَردَ أَن يُؤَدِّيَ العَمَلَ صَحِيحًا، بَل لا بُدَّ أَن يَكُونَ مَعَ صِحَّتِهِ
مُتقَنًا، فَهَل يَعِي ذَلِكَ المُسلِمُونَ وَيَسعَونَ إلى جَعلِهِ مِيزَةً لِشَخصِيَّاتِهِم وَخُلُقًا يَتَّصِفُونَ بِهِ
في حَيَاتِهِم، وَمَبدَأً يَنطَلِقُونَ مِنهُ في مُؤَسَّسَاتِ العِلمِ وَمَيَادِينِ العَمَلِ وَأسوَاقِ الصَّنَاعَةِ،
لِيَصِلُوا بِهِ إِلى الإِنجَازِ وَيُحَقِّقُوا بِسَبَبِهِ النَّجَاحَ؟!
إِنَّهُ لَضَعفٌ
في الدِّيَانَةِ وَخِيَانَةٌ لِلأَمَانَةِ، وَإِخَلافٌ لِلوَعدِ وَنَقضٌ لِلعَهدِ،
أَن يَتَوَلىَّ الفَردُ عَمَلاً يَعلَمُ يَقِينًا بما يَجِبُ عَلَيهِ فِيهِ وَلا يَجهَلُهُ،
ثم يَتَبَاطَأَ في إِنجَازِهِ أَو يُخِلَّ بِهِ، أَو يَتَجَاهَلَ مَسؤُولِيَّتَهُ وَيُقَصِّرَ،
وَكَأَنَّهُ لم يَقرَأْ قَولَ رَبِّهِ سُبحَانَهُ :" وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا
كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا"(الإسراء/35).
وَقَولَهُ تَعَالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ "(المائدة/1).
وَقَولَهُ جَلَّ وَعَلا:" وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ
مُفْسِدِينَ "(هود: 85).
عباد الله أقول ماسمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم
الحمدلله رب
العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فياعباد الله..
فلنحرص عَلَى إِتقَانِ العَمَلِ وَأَدَائِهِ كَمَا يَجِبُ وَيَنبَغِي،
فالعَامِلَ مَطلُوبٌ مِنهُ إِتقَانُ عَمَلِهِ وَالإِحسَانُ فِيهِ قَدرَ طَاقَتِهِ، وَعَدَمُ التَّحَجُّجِ بِتَقصِيرِ غَيرِهِ
أَو تَهَاوُنِ مَن سِوَاهُ. وَالعَاقِلُ يَتبَعُ النَّاجِينَ وَيَأخُذُ بِطَرِيقِهِم لِيَسلَمَ، وَالجَاهِلُ مَن جَعَلَ
إِسَاءَةَ الآخَرِينَ مَدخَلاً لِلتَّكَاسُلِ
وَالتَّبَاطُؤِ وَبَخسِ النَّاسِ أَشيَاءَهُم.
ونقول للموظف والعامل الأحمق الذي لايؤدي عمله ولايتقنه بسبب حجج واهية ومنها
ضعف الراتب . نسوق لأولئك قوله عَزَّ وَجَلَّ:" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى
أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا
بَصِيرًا"(النساء: 58).
وَقَولَه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
-: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلى مَنِ ائتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَن خَانَكَ"(أَبُو دَاوُدَ
وَالتِّرمِذِيُّ ).
ثم إِنَّك أيها المُوَظَّفَ بِقَبُولِك الوَظِيفَةَ وَتعلَمُ دَرَجَتَهَا وَمِقدَارَ رَاتِبِهَا ، فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ لَك أَن تقصروَإِنَّمَا الوَاجِبُ عَلَيك أن تتقن عملك وليكن رَائِدُك في ذَلِكَ قَولَ صلي الله عليه وسلم لأَصحَابِهِ: "إِنَّكُم سَتَجِدُونَ بَعدِي أَثَرَةً، فَاصبِرُوا حَتى تَلقَوني عَلَى الحَوضِ" وَقَولَهُ: "سَتَكُونُ بَعدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنكِرُونَهَا" قَالُوا: فما تَأمُرُنا؟ قَالَ: "تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيكُم، وَتَسأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُم"(البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ).
وَأَمَّا مُقَابَلَةُ الخَطَأِ بِالخَطَأِ،
وَتَبَادُلُ التَّظَالُمِ بَينَ العِبَادِ، فَإِنَّمَا كُلُّ ذَلِكَ ظُلُمَاتٌ بَعضُهَا
فَوقَ بَعضٍ، وَزَجٌّ بِالأُمَّةِ في قِطَارِ التَّخَلُّفِ، وَحَبسٌ لَهَا عَن رَكبِ
الحَضَارَةِ وَالتَّقَدُّمِ..
آثار عدم
الإتقان
عباد
الله :" وعدم الأتقان له عواقب وخيمة منها:"
تأخر النصر ، فمن أهم آثار عدم إتقان العمل، تأخر نصر الله، فكيف تنتصر
أمة في ذيل الأمم، وفي مؤخرة الركب، عالة على غيرها، سلاحها
من صنع عدوها..
والإساءة إلى الدين وتشويه صورته، والسبب في تخلف المسلمين
الناتج عن عدم إتقانهم لأنهم مسلمون..
اللهم كنا لنا ولاتكن علينا وأتنا في الدنيا
حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
عباد الله أقول قولي هذا وأستغفر الله لي
ولكم وأقم الصلاة