
تعرف علي ست مراحل ستمر بها يوم موتك
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أمابعد فياعباد الله
لا يزال البشر يخشون التحدث عن الموت ويعتقدون أنهم إذا لم يتحدثوا عنه ، فلن يأتي أو سيتأخر في القدوم، مثل الذي يقول لا تتحدث عن الغد ، في حال ذا تحدث او لم يتحدث عن الغد سيأتي بكل الأحوال، الموت كذلك. قال رسولُ الله صلي الله عليه وسلم :" أكثروا ذكر هادم اللَّذات: الموت"(الترمذي، والنَّسائي، وصحَّحه ابن حبَّان).
وبعد نشر حقيقة التوحيد ووحدانية رب الكون ، كان أهم قضية تم التأكيد عليها في الإسلام هي قضية الموت والقيامة والعقاب. وقال قس بن ساعدة في هذا الخصوص: "والذي نفسي بيده لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ألا وإنها الجنة أبدًا أو النار أبدًا"
لذلك إذا لم نتحدث عن الموت ، فلا يوجد سبب يمنع الموت من القدوم إلينا. سيأتي الموت بالتأكيد ، ولا أحد يعرف أين ومتى سيأتي ، ولكن الأمر المتروك لنا هو اختيار نوع الموت"اما علی طاعة الله و اما علی معصیة الله " .
وكما قيل:" من عاش على شيء مات عليه"
أيها الحبيب! استقم على الطاعة فإنك لا تدري متى سيأتيك ملك الموت: "وَمَا
رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ"(فصلت:46).
لقد أجرى الله الكريم عادته بكرمه أن من عاش على شيء مات عليه، ومن مات
على شيء بعث عليه، وفي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله أنه قال: "يبعث كل
عبد على ما مات عليه".
فيا من عشت على الطاعة، ويا من عشت على التوحيد، اعلم بأنك ستموت على
الطاعة والتوحيد، وستبعث يوم القيامة على الطاعة والتوحيد، وقال صلي الله عليه
وسلم: "فوالله الذي لا إله غيره! إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون يبنه
وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل
بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل
الجنة فيدخلها"(البخاري ومسلم).
وقال صلي الله عليه وسلم :"إنما الأعمال بالخواتيم"(البخاري).
فلا تغرنك الطاعة يا عبد الله،
فبادر إلى الطاعة والاستقامة عليها، لأنك لا تدري متى سيأتيك ملك الموت، واعلم أن كل
عبد يبعث على ما مات عليه، ووالله لقد مزق الخوف من سوء الخاتمة قلوب الصادقين من الموحدين،
وكان مالك بن دينار يقوم في الليل البهيم الأسود، ويقبض على لحيته ويبكي،
ثم ينظر إلى السماء ويقول:" يا رب! لقد علمت ساكن الجنة من ساكن النار، ففي أي
الدارين منزل مالك بن دينار".
الآن دعونا نتحدث عن الموت ونتعرف ونُعرف الآخرين عليه بشكل أفضل . خلافاً
لمعتقدات كثير من الناس، فأن الموت ليس مرحلة واحدة إنما يمر بعدة مراحل و على
اساس الأدلة القرآنية و التدبر في آياته سبحانه وتعالي..
للموت ست مراحل.
تسمى المرحلة الأولى :"من هذه المراحل الستة بيوم الموت. وهذا هو اليوم الذي
ستأتي فيه نهاية الإنسان ، وتنتهي حياته ، ويأمر الله الملائكة في السماء أن يذهبوا
إلى الأرض ليأخذوا روحه ، حتى يهيئوا الإنسان للقاء ربه.
مع الأسف، لا أحد يعرف شيء عن هذا اليوم
، وحتى عندما يأتي ذلك اليوم ، لا يدرك الإنسان انه يوم وفاته. و على الرغم من عدم
ادارك الإنسان لهذا الأمر لكنه يشعر بتغييرات في جسده. على سبيل المثال ، ينشرح صدر
المؤمن في ذلك اليوم ويغمره السعادة المفرطة ، على العكس الإنسان الذي ارتكب الأعمال
السيئة يشعر بضغط كبير في صدره وقلبه. في هذه المرحلة ، ترى الشياطين والعفاريت نزول
الملائكة ، لكن الإنسان لا يستطيع رؤيتهم. هذه الخطوة موصوفة في القرآن الكريم على
النحو التالي:"وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى
اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا
كَسَبَتْ"( البقرة / ۲۸۱).
ثم يأتي دور المرحلة الثانية:"وهو أخذ الروح بالصورة التدريجية. تبدأ هذه
المرحلة من باطن القدم حتى صعود الروح لترتفع فوق الساقين والركبتين والقدمين ،
فوق البطن ، السرة ، والصدر ، لتصل الى منطقة في جسم الإنسان تسمى "التراقي".
هنا يشعر الشخص بالتعب والدوار ، ويشعر بأنه تحت ضغط وغير قادر على الوقوف.
قوته الجسدية
تتناقص ولا يزال لا يعرف أن روحه تخرج من جسده.
حتى نصل الى المرحلة الثالثة:" تسمى هذه المرحلة بالتراقي. تم ذكر هذه
المرحلة في القرآن الكريم.
"كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ"(القیامة/26/29).
التراقي عبارة عن عظمان تحت الحلق تمتد إلى الكتفين. "وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ" ، ويقال أن
من سيحمل روحه ويقبضها. وبعبارة أخرى ، من يريد أن يأخذ روحي، هل ملائكة
الرحمة أم ملائكة العذاب المجمتمعين قربه، من راق یعني من الذي یرقیه. وترى
اقاربه من يقول لنستدعي الطبيب و الثاني يقول لنتصل بالأسعاف ، والآخر يقول لنقرأ
القرآن عليه. وسط هذه الاجواء لا يزال يأمل في العودة إلى الحياة ولا يزال لا يعتقد أن
روحه تغادر جسده.""وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ) الى الآن لم يتيقن بالموت . لا يزال يكافح من
أجل البقاء ، لكن يقول الله تعالى :"وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ"، لقد انتهى الأمر خرج
الروح من الساقين و لم يعد يستطيع تحريكهما. خرج الروح من الجسد و وصل الى
التراقي "كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ"
(القیامة / ٢٦).
ثم تأتي المرحلة الرابعة التي تسمى مرحلة "الحلقوم". هذه هي المرحلة الأخيرة
من الموت وهي صعبة للغاية بالنسبة للإنسان والسبب في ذلك أنه تتم إزالة الحجاب
والستارة من امام عينيه ويرى الملائكة الحاضرين
من حوله.
تبدأ مرحلة رؤية الآخرة من هنا.:"فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ "( ق/۲۲).
لهذا السبب سميت هذه المرحلة بالحلقوم . لماذا ؟ وذلك لقول الله تعالى:"فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتْ
الْحُلْقُوم وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ
إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ"(الواقعة/83-85).
يخاطب الله الأشخاص الموجودين حوله، أنتم
في مكان ما وهو في مكان آخر. انتم ترون شيئا هو يرى شيئا آخر.
إنه يرى رحمة الله ، أو العياذ بالله يرى
غضبه وعذابه ان كان مذنبا. لذا تروه يحدق في مكان معين ونقطة معينة :"وَنَحْنُ أَقْرَبُ
إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ".
انه من أصعب المراحل عند قبض روح الأنسان.
لأنه يجد وعود الله حقيقية ويفهم الله بكل كيانه، يرى الملائكة ويجد كل أعماله في الحياة
تمر أمام عينيه.عند هذه النقطة يحدث "فتنة الممات".
الفتنة التي يدخل فيها الشيطان ويخلق الشك
في الإنسان تجاه معتقداته. الشك بالله ، بالنبي ، بالدين ، بالقرآن ، وما إلى ذلك ،
ويحاول بكل قوته أن يجعل الأنسان يخرج من الدنيا وهو كافر. هنا الشيطان مقتنع بأنها
اللحظات الأخيرة لهذا الإنسان ويرى ملك الموت يقترب منه ، لذلك يبذل جهوده الأخيرة
لإحداث الضربة النهائية ضربته أقوى من أي وقت مضى. لذلك أخبرنا القرآن أن نلجأ إلى
الله من فتنة الممات."وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ
الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ"(المؤمنون/97-98).
لهذا السبب قال النبي الاكرم صل الله عليه
واله وسلم: "مَن عاش على شيء مات عليه".
اذا عشت حياتك من أجل الاسلام و محبة الله
سبحانه و تعالى و النبي وآل بيته فسوف تخرج من الدنيا على هذا
الحال .
هنا ، عندما يأتي الوقت الأخير من الموت
، يظهر الشيطان للشخص المحتضر على هيئة أحد أقاربه ، الذي مات سابقاً ، وهو يصرخ بصوتٍ
عال أنا مت قبلك و الأسلام ليس دين الحق و النبي لم يأتي بدين الحق و سوف يقول لك اكفر
بكل شيء، دليل هذا المشهد في القرآن موجود في هذه الآية:
"كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ
الْعَالَمِينَ"(الحشر / ١٦).
هذا هو المكان الذي تأتي فيه
المرحلة الخامسة. المرحلة التي يدخل فيها ملك الموت (عليه السلام) ، وفي هذه
المرحلة يفهم الإنسان تمامًا ما إذا كان من أهل الرحمة أو من أهل العذاب. عند هذه
المرحلة ، يرى نتيجة أعماله. ويطلع على مصيره. وقد وصف نبي الرحمة هذه
المرحلة بالتفصيل. خاصة لأولئك الذين ارتكبوا العديد من الذنوب و المعاصي ولم
يتوبوا والتقوا بالله بحمل من المعاصي والذنوب. يقول الله تعالى:"وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا"
(النازعات /۱).
هناك قول للنبي بأن مجموعة من الملائكة
في الجحيم ، هيؤا كفناً من النار ويقبضون روح الأنسان العاصي بشكل مؤلم. نزع الروح
بغلظه . فيما يتعلق بصعوبة هذه المرحلة جاء في القرآن الكريم:"فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ
وَأَدْبَارَهُمْ"(محمد /۲۷).
الْأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا
حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ
اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ
مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ
الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ
ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ
اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ قَالَ فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ
فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ
وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَ
فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ يَعْنِي بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ
فَيَقُولُونَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا
إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ
الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي
عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى
قَالَ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ
فَيَقُولَانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ دِينِيَ الْإِسْلَامُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ
هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولَانِ لَهُ وَمَا عِلْمُكَ فَيَقُولُ قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ
بِهِ وَصَدَّقْتُ فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنْ
الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ
بَصَرِهِ قَالَ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ
هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ لَهُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ فَيَقُولُ أَنَا
عَمَلُكَ الصَّالِحُ فَيَقُولُ رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي قَالَ وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ
إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ
الْوُجُوهِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ
رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ قَالَ فَتُفَرَّقُ فِي
جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا
فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ
عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا
الرُّوحُ الْخَبِيثُ فَيَقُولُونَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى
يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ
فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ثُمَّ
قَرَأَ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ
سَحِيقٍ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ هَاهْ
هَاهْ لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي
بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ
وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ
أَضْلَاعُهُ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ
هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ
الْخَبِيثُ فَيَقُولُ رَبِّ لَا تُقِمْ السَّاعَة"َ.(أحمد وغيره).
وقد أخرج البخاري ومسلم وأصحاب السنن فقرات من
هذا الحديث.
بعد هذه المرحلة نصل الى المرحلة النهائية
وهي المرحلة السادسة. في هذه المرحلة يدخل ملك الموت حيث أصبح
روح الأنسان متهيأ ووصل الى أعلى نقطة ممكنة و عبر مرحلة التراقي و استقر روحه في فمه
و انفه وهو مستعد للخروج والتسليم إلى ملك الموت اذا كان الإنسان عاصي يقول له: یا
ایتها الروح الخبیثة اخرجی الی نار و نیران و رب منتقم غضبان. هنا يصبح الوجه الباطني
للإنسان أسود ويصرخ : ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ ( سورة المؤمنون - الآیة ۹۹) . ﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ
ۚ﴾ ( سورة المؤمنون- الآية ١٠٠).لأنني لم اعمل صالحا في حياتي. لكنه يواجه صوت حضرة
الحق الذي يخاطبه: ﴿كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم
بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ ( سورة المؤمنون- الآية ١٠٠). و هنا يقول تعالى
:"وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ
ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ"( ق /١٩).
ماذا تعني سكرة الموت؟ أي أنه تم قفل كل
شيء. جميع أجهزة وأعضاء الجسم مغلقة ومقفلة، ولا توجد فرصة للحركة. ذَلِكَ مَا كُنْتَ
مِنْهُ تَحِيدُ، هذه هي اللحظة التي هربت منها
طوال حياتك."قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ
مُلَاقِيكُمْ"(الجمعة / ٨).
قيل لبعض الصالحين لماذا نخاف الموت ؟ فاجاب قائلا : لانکم
عمرتم الدنیا و خربتم الآخرة .
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم