recent
أخبار عاجلة

هل يجب على الأم إرضاع ولدها؟

 


الإنصاف في حل مسائل الخلاف هل يجب على الأم إرضاع ولدها؟

وهل تأثم الأم ما لو امتنعت عن إرضاع طفلها من ثديها دون سبب؟

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله ..وبعد :" فإن العلماء اختلفوا في رضاع الولد هل هو حق للأم يمكن أن تسقطه وتتنازل عنه، وعليه فلا يمكن جبرها عليه، أو هو حق عليها واجب من واجباتها في حال الزوجية ..

اتفق فقهاء الإسلام على أن الرضاع واجب على الأم ديانة تسأل عنه أمام الله تعالى حفاظاً على حياة الولد، سواء أكانت متزوجة بأبي الرضيع، أم مطلَّقة منه وانتهت عدتها. واختلفوا في وجوبه عليها قضاء، أيستطيع القاضي إجبارها عليه أم لا؟

قال المالكية بالوجوب قضاء، فتجبر عليه، وقال الجمهور بأنه مندوب لا تجبر عليه، ولها أن تمتنع إلا عند الضرورة (تفسير القرآن لابن كثير: 283/ 1، )، ورضاع الولد على الأب وحده، وليس له إجبار أمه على رضاعه، سواء كانت من مرتبة أدنى أو شريفة، وسواء أكانت في حال الزوجية أم مطلقة. وجاء في المقدمات الممهدات لابن رشد المالكي: ويستحب للأم أن ترضع ولدها.

ومنشأ الخلاف: كيفية فهم المراد من قوله تعالى:"والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين، لمن أراد أن يتم الرضاعة ... " إلى قوله: "وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلَّمتم ما آتيتم بالمعروف"(البقرة: 233 ).

ذهب المالكية: إلى أنه يجب على الأم إذا كانت زوجة أو معتدة من طلاق رجعي إرضاع ولدها، فلو امتنعت من إرضاعه بدون عذر، أجبرها القاضي، إلا المرأة الشريفة لثراء أو حسب فلا يجب عليها الإرضاع إن قبل الولد الرضاع من غيرها، فهم فهموا من الآية أنها أمر لكل والدة زوجة أو غيرها بالرضاع، وهو حق عليها، واستثنوا الشريفة بالعرف القائم على المصلحة. ولا يجب الإرضاع أيضاً على المطلقة طلاقاً بائناً، لقوله تعالى: {فإن أرضعن لكم، فآتوهن أجورهن} [الطلاق:6/ 65] فإن هذه الآية واردة في المطلقات طلاقاً بائناً.

وقالوا: إن معنى قوله تعالى: {لاتضارّ والدة بولدها، ولا مولود له بولده} [البقرة:233/ 2] أن الأم لا تأبى أن ترضعه إضراراً بأبيه، ولا يحل للأب أن يمنع الأم من إرضاعه. وذلك كله عند الطلاق؛ لأن ذكر النهي عن الضرر جاء عند ذكر الطلاق، ولأن النفقة واجبة للمطلقة الرجعية لأجل بقاء النكاح في العدة، ولا تستوجب الأم زيادة على النفقة لأجل رضاعه. أما البائن فيجب لها أجر الرضاع بنص الآية السابقة.

وورد في صحيح البخاري عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «تقول لك المرأة: أنفق عليَّ وإلا طلقني، ويقول لك العبد: أطعمني واستعملني، ويقول لك ابنك: أنفق علي، إلى من تكلني؟!».

وذهب الجمهور إلى أن الآية أمر ندب وإرشاد من الله تعالى للوالدات أن يرضعن أولادهن، إلا إذا لم يقبل الولد ثدي غير الأم، بدليل قوله تعالى:"وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى"(الطلاق:6/ 65).  وإنما ندب للأم إرضاع ولدها، لأن لبن الأم أصلح للطفل، وشفقة الأم عليه أكثر، ولأن الرضاع حق للأم، كما هو حق للوليد، ولا يجبر أحد على استيفاء حقه، إلا إذا وجد ما يستدعي الإجبار.

ويفهم منه أن الفقهاء اتفقوا على وجوب الإرضاع على الأم في ثلاث حالات وهي:

1 - ألا يقبل الطفل الرضاع إلا من ثدي أمه، فيجب عندئذ إرضاعه إنقاذاً له من الهلاك، لتعين الأم، كما تجبر المرضعة على استدامة الإجارة بعد مضي مدتها، إذا لم يقبل ثدي غيرها.

2ً - ألا توجد مرضعة أخرى سواها، فيلزمها الإرضاع حفاظاً على حياته.

3ً - إذا عدم الأب لاختصاصها به، أو لم يوجد لأبيه ولا للولد مال لاستئجار مرضعة، فيجب عليها إرضاعه، لئلا يموت.

وأوجب الشافعية على الأم إرضاع اللَّبَأ: وهو اللبن النازل أول الولادة؛ لأن الولد لا يعيش بدونه غالباً، وغيرها لا يغني.

وذهب الشافعية والحنابلة :"وأما الرضاع فلا يجب على الأم إرضاع ولدها إن وجد غيرها، ولها أن تطلب أجرة الرضاعة من مال الصبي أو ممن تلزمه النفقة على الصبي إن لم يكن للصبي مال،قال الله تعالى:"فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ"(الطلاق:6).وهي عامة في حق من هي باقية في حبال الزوجية والمطلقة، فللأُمِّ أن تَطْلُبَ أُجْرة المثل على إِرْضاعِ طِفْلِها سواء كانت في حبال الزوج -عصمته- أم كانت خليّةً؛ لقوْلِ اللَّه تعالى:"وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"(البقرة/233).وقال عَزَّوَجَلَّ:"فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ"(الطلاق/6). وهي عامَّةٌ في حقِّ الزَّوجة والمُطلَّقة، وهو الراجح لعموم الآية السابقة.

 وذهب الحنفية والمالكية إلى أن:"الأم لا تستحق الأجرة حال الزوجية، قال ابن قدامة في المغني: الرضاع لا يخلو إما أن يكون لحق الولد أو لحق الزوج أولهما لا يجوز أن يكون لحق الزوج، فإنه لا يملك إجبارها على رضاع ولده من غيرها ولا على خدمته فيما يختص به، ولا يجوز أن يكون لحق الولد، فإن ذلك لو كان له، للزمها بعد الفرقة، ولأنه مما يلزم الوالد لولده، فلزم الأب على الخصوص كالنفقة. انتهى.

قال النووي رحمه الله في المنهاج: فإن اتفقا -أي على الرضاع- وطلبت أجرة مثل أجيبت أو فوقها فلا، وكذا إن تبرعت أجنبية أو رضيت بأقل في الأظهر.

فإن وُجدت متبرعة بالإرضاع فلا يلزم ولي الطفل إجابة الأم على أجرة المثل، وكذا الحضانة لا تتعين على الأم إن وجد غيرها، والحضانة هي حفظ من لا يستقل وتربيته بما يصلحه من طعام وشراب، وما قيل في الرضاع من حيث الأجرة، يقال في الحضانة.

قال ابْنُ قُدامة في "المغني": "... ولأنَّ الأُمَّ أحْنَى وأشْفَقُ ولَبَنُها أمْرَأُ من لَبَنِ غيْرِها فكانتْ أحقَّ بِهِ مِنْ غيْرِها، كما لو طلبتِ الأجنبيَّة رضاعَهُ بأجْرِ مِثْلِها، ولأنَّ في رضاع غيْرِها تفويتًا لِحَقِّ الأُمِّ من الحضانة وإضرارًا بالوَلَدِ، لا يَجوز تفويتُ حقِّ الحضانة الواجِب والإضرار بالوَلَدِ لِغَرَضِ إسقاطِ حقٍّ أوجَبَهُ الله تعالى على الأب، وقول أبي حنيفة يُفْضِي إلى تفويتِ حقِّ الولَد من لبن أُمِّه وتفويتِ الأُمِّ في إرضاعِه لبنَها فلم يجز ذلك، كما لو تبرَّعت برضاعه، فأمَّا إن طَلَبَتِ الأُمُّ أكثرَ من أَجْرِ مِثْلِها ووجَدَ الأَبُ مَن ترضعه بأجْرِ مثلها أو متبرعةً جازَ انتِزَاعُه منها؛ لأنَّها أسقطت حقها بِاشْتِطاطِها وطلَبها ما ليس لها، فدخلتْ في عموم قوله: {فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى"(الطلاق/6). 

وإن لم يَجِدْ مُرضعةً إلا بِمِثْل تلك الأجرة فالأُمُّ أحَقُّ لأنَّهُمَا تساوَتا في الأَجْرِ فكانتِ الأُمُّ أحقَّ، كما لو طلبتْ كُلُّ واحدةٍ منهما أجْرَ مثلها.

وكذلك يجب عليها أن ترضع ولدها حال قيام الزوجية، لأن هذا الذي جرى به العرف بين الناس، وقد قال الله تعالى:"وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌوَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ"(البقرة/228).

وقد أوضح العلامة القرطبي هذا المعنى عند تفسيره لقول الله تعالى:"وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ"(البقرة:233).،فقال رحمه الله:اختلف الناس في الرضاع هل هو حق للأم أو هو حق عليها؟ واللفظ محتمل، لأنه لو أراد التصريح بكونه عليها قال:وعلى والوالدات رضاع أولادهن كما قال الله تعالى: وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن ولكن هو عليها في حال الزوجية، وهو عرف يلزم إذ قد صار كالشرط، إلا أن تكون شريفة ذات ترفه فعرفها ألا ترضع وذلك كالشرط.

ومما يؤكد هذا ويدل على أنها لا تستحق أجرة على إرضاع ولدها حال قيام الزوجية، أن الله تعالى لم يجعل لها إلا الكسوة والنفقة بالمعروف، وذلك في قوله تعالى:"وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"(البقرة/233).

قال ابن تيمية رحمه الله: وإرضاع الطفل واجب على الأم بشرط أن تكون مع الزوج، وهو قول ابن أبي ليلى وغيره من السلف، ولا تستحق أجرة المثل زيادة على نفقتها وكسوتها وهو اختيار القاضي في المجرد، وقول الحنفية لأن الله تعالى يقول:  "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، فلم يوجب لهن إلا الكسوة والنفقة بالمعروف وهو الواجب بالزوجية.... كما قال في الحامل:  أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى"( الطلاق/6). فدخلت نفقة الولد في نفقة أمه لأنه يتغذى بها.

أما إكمال الحولين فإنه غير واجب إذا لم يضر ذلك بالولد ورضى الأبوان، قال القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى:وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ [البقرة:233]، قال: فيه دليل على أن إرضاع الحولين ليس حتما فإنه يجوز الفطام قبل الحولين، قال: والزيادة والنقصان إنما يكون عند عدم الإضرار بالمولود وعند رضا الوالدين. انتهى.

وليس من حق المرأة أن تطلب مالاً مقابل الإرضاع ما دامت في حبال الزوجية، لأن الرضاع في حال الزوجية حق عليها على الراجح، لكنها إن احتاجت إلى زيادة النفقة بسبب الرضاع وجب على الزوج كفايتها، قال ابن قدامة في المغني: وإن أرضعت المرأة ولدها وهي في حبال والده فاحتاجت إلى زيادة نفقة لزمه لقول الله تعالى:"وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"(البقرة: 233)،ولأنها تستحق عليه قدر كفايتها فإذا زادت حاجتها زادت كفايتها. انتهى.

وقال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وتزاد المرضع ما تقوى به، انتهى،  ولو أعطى الزوج زوجته مبلغاً من المال تشجيعاً لها وإحساناً منه عليها في فترة الرضاع فلا بأس بذلك، بل إنه أمر طيب، وأما إن كانت الزوجة مطلقة فلا تجبر على الرضاع قولاً واحداً، قال في المغني: ولا نعلم في عدم إجبارها على ذلك إن كانت مفارقة خلافاً. انتهى. الواجب على المرأة أن تحافظ على إرضاع أولادها وأسباب صحتهم، وليس لها الاكتفاء بالحليب المستورد أو غيره إلا برضى زوجها بعد التشاور في ذلك، وعدم وجود ضرر على الأولاد‏..

تفسير قوله تعالى:"أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى"(الطلاق/6).

في الآيات السابقة من سورة الطلاق الله نهى عن إخراج المطلقات عن البيوت وهنا أمر بإسكانهن وقدر الإسكان بالمعروف، وهو البيت الذي يسكنه مثله ومثلها، بحسب وجد الزوج وعسره،:"وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ"أي: لا تضاروهن عند سكناهن بالقول أو الفعل، لأجل أن يمللن، فيخرجن من البيوت قبل تمام العدة فتكونوا، أنتم المخرجين لهن، وحاصل هذا أنه نهى عن إخراجهن، ونهاهن عن الخروج، وأمر بسكناهن، على وجه لا يحصل عليهن ضرر ولا مشقة، وذلك راجع إلى العرف"وَإِنْ كُنَّ"

 أي: المطلقات :"أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ"وذلك لأجل الحمل الذي في بطنها، إن كانت بائنًا، ولها ولحملها إن كانت رجعية، ومنتهى النفقة حتى يضعن حملهن فإذا وضعن حملهن، فإما أن يرضعن أولادهن أو لا"فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ "المسماة لهن، إن كان مسمى، وإلا فأجر المثل،"وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ"أي: وليأمر كل واحد من الزوجين ومن غيرهما الآخر بالمعروف، وهو كل ما فيه منفعة ومصلحة في الدنيا والآخرة، فإن الغفلة عن الائتمار بالمعروف، يحصل فيه من الشر والضرر، ما لا يعلمه إلا الله، وفي الائتمار تعاون على البر والتقوى، ومما يناسب هذا المقام، أن الزوجين عند الفراق وقت العدة، خصوصًا إذا ولد لهما ولد في الغالب يحصل من التنازع والتشاجر لأجل النفقة عليها وعلى الولد مع الفراق، الذي في الغالب ما يصدر إلا عن بغض، ويتأثر منه البغض شيء كثير .

فكل منهما يؤمر بالمعروف، والمعاشرة الحسنة، وعدم المشاقة والمخاصمة ، وينصح على ذلك.

:"وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ"بأن لم يتفقوا على إرضاعها لولدها، فلترضع له أخرى غيرها"فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ"وهذا حيث كان الولد يقبل ثدي غير أمه، فإن لم يقبل إلا ثدي أمه، تعينت لإرضاعه، ووجب عليها، وأجبرت إن امتنعت، وكان لها أجرة المثل إن لم يتفقا على مسمى، وهذا مأخوذ من الآية الكريمة من حيث المعنى، فإن الولد لما كان في بطن أمه مدة الحمل، ليس له خروج منه ، عين تعالى على وليه النفقة، فلما ولد، وكان يمكن أن يتقوت من أمه ومن غيرها، أباح تعالى الأمرين، فإذا كان بحالة لا يمكن أن يتقوت إلا من أمه كان بمنزلة الحمل، وتعينت أمه طريقًا لقوته"(من تفسير السعدي).

ويقول الشيخ الشعراوي:"في تفسير قوله تعالي:"وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ"

انظر إلى عظمة الإسلام ها هو ذا الحق سبحانه يتكلم عن إرضاع الوالدات لأولادهن بعد عملية الطلاق، فالطلاق يورث الشقاق بين الرجل والمرأة، والحق سبحانه وتعالى ينظر للمسألة نظرة الرحيم العليم بعباده، فيريد أن يحمي الثمرة التي نتجت من الزواج قبل أن يحدث الشقاق بين الأبوين، فيبلغنا: لا تجعلوا شقاقكم وخلافكم وطلاقكم مصدر تعاسة للطفل البريء الرضيع.

وهذا كلام عن المطلقات اللاتي تركن بيوت أزواجهن، لأن الله يقول بعد ذلك:"وَعلَى المولود لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بالمعروف" وما دامت الآية تحدثت عن"رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ"فذلك يعني أن المرأة ووليدها بعيدة عن الرجل، لأنها لو كانت معه لكان رزق الوليد وكسوته أمراًمفروغاًمنه. والحق سبحانه يفرض هنا حقا للرضيع، وأمه لم تكن تستحقه لولا الرضاع. وبعض الناس فهموا خطأ أن الرزق والكسوة للزوجات عموماًونقول لهم:لا. إن الرزق والكسوة هنا للمطلقات اللاتي يرضعن فقط.

ويريد الحق سبحانه أن يجعل هذا الحق أمراًمفروغاًمنه، فشرع حق الطفل في أن يتكفله والده بالرزق والكسوة حتى يكون الأمر معلوماًلديه حال الطلاق.

وقوله تعالى:"والوالدات يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ"نلحظ فيه أنه لم يأت بصيغة الأمر فلم يقل: يا والدات أرضعن، لأن الأمر عرضة لأن يطاع وأن يعصى، لكن الله أظهر المسألة في أسلوب خبري على أنها أمر واقع طبيعي ولا يخالف.

ويقول الحق:"وَعلَى المولود لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ"ولنتأمل عظمة الأداء القرآني في قوله:"وَعلَى المولود لَهُ"إنه لم يقل: (وعلى الوالد)، وجاء ب"المولود لَهُ" ليكلفه بالتبعات في الرزق والكسوة، لأن مسئولية الإنفاق على المولود هي مسئولية الوالد وليست مسئولية الأم، وهي قد حملت وولدت وأرضعت والولد يُنسب للأب في النهاية يقول الشاعر:

فإنما أمهات الناس أوعية *** مستودعات وللآباء أبناء

وما دام المولود منسوباً للرجل الأب، فعلى الأب رزقه وكسوته هو وعليه أيضا رزق وكسوة أمه التي ترضعه بالمعروف المتعارف عليه بما لا يسبب إجحافاً وظلما للأب في كثرة الإنفاق، ويقول الحق:"لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا"هنا الحديث عن الأم والأب. فلا يصح أن ترهق المطلقة والد الرضيع بما هو فوق طاقته، وعليها أن تكتفي بالمعقول من النفقة.

ويتابع الحق:"لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ"ولازال الحق يُذكرُ الأب بأن المولود له هو، وعليه ألا يضر والدة الطفل بمنع الإنفاق على ابنه، وألا يتركها تتكفف الناس من أجل رزقه وكسوته، وفي الوقت نفسه يُذَكرُ الأم: لا تجعلي رضيعك مصدر إضرار لأبيه بكثرة الإلحاح في طلب الرزق والكسوة.

إنه عز وجل يضع لنا الإطار الدقيق الذي يكفل للطفل حقوقه، فهناك فرق بين رضيع ينعم بدفء الحياة بين أبوين متعاشرين، ووجوده بين أبوين غير متعاشرين.

والحق سبحانه وتعالى يعطينا لفتة أخرى هي أن والد المولود قد يموت فإذا ما مات الوالد فمن الذي ينفق على الوليد الذي في رعاية أمه المطلقة؟ هنا يأتينا قول الحق بالجواب السريع:"وَعَلَى الوارث مِثْلُ ذلك".

إن الحق يقرر مسئولية الإنفاق على من يرث والد الرضيع، صحيح أن الرضيع سيرث في والده، لكن رعاية الوليد اليتيم هي مسئولية من يرث الوصاية وتكون له الولاية على أموال الأب إن مات. وهكذا يضمن الله عز وجل حق الرضيع عند المولود له وهو أبوه إذا كان حياً، وعند من يرث الأب إذا تُوفى.

وبذلك يكون الله عز وجل قد شَرَّع لصيانة أسلوب حياة الطفل في حال وجود أبويه، وشرع له في حال طلاق أبويه وأبوه حيٌّ وشرع له في حال طلاق أبويه ووفاة أبيه. ويتابع الحق: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا}.

انظر إلى الرحمة في الإسلام؛ فطلاق الرجل لزوجته لا يعني أن ما كان بينهما قد انتهى، ويضيع الأولاد ويشقون بسبب الطلاق، فقوله تعالى:"عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ"دليل على أن هناك قضية مشتركة مازالت بين الطرفين وهي ما يتصل برعاية الأولاد، وهذه القضية المشتركة لابد أن يلاحظ فيها حق الأولاد في عاطفة الأمومة، وحقهم في عاطفة الأبوة، حتى ينشأ الولد وهو غير محروم من حنان الأم أو الأب، وإن اختلفا حتى الطلاق.

إن عليهما أن يلتقيابالتشاور والتراضي في مسألةتربيةالأولاد حتى يشعروا بحنان الأبوين، ويكبر الأولاد دون آلام نفسية، ويفهمون أن أمهم تقدر ظروفهم وكذلك والدهم وبرغم وجود الشقاق والخلاف بينهما فقد اتفقا على مصلحة الأولاد بتراضٍ وتشاور.

إن ما يحدث في كثير من حالات الطلاق من تجاهل للأولاد بعد الطلاق هي مسألة خطيرة؛ لأنها تترك رواسب وآثارا سلبية عميقة في نفوس الأولاد، ويترتب عليها شقاؤهم وربما تشريدهم في الحياة. وما ذنب أولاد كان الكبار هم السبب المباشر في مجيئهم للحياة؟ أليس من الأفضل أن يوفر الآباء لهم الظروف النفسية والحياتية التي تكفل لهم النشأة الكريمة؟ إن منهج الله أمامنا فلماذا لا نطبقه لنسعد به وتسعد به الأجيال القادمة؟

والحق سبحانه وتعالى قال في أول الآية:" وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ"لكن ماذا يكون الحال إن نشأت ظروف تقلل من فترة الرضاعة عن العامين، أو نشأت ظروف خاصة جعلت فترة الرضاعة أطول من العامين؟ هنا يقول الحق:"فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا".

إنه جل وعلا يبين لنا أن الفصال أي الفطام يجب أن يكون عن تراض وتشاور بين الوالدين ولا جناح عليهما في ذلك. ويقول الحق:"وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تسترضعوا أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم ما آتَيْتُم بالمعروف"وأَن تسترضعوا أَوْلاَدَكُمْ"أي أن تأتوا للطفل بمرضعة، فإن أردتم ذلك فلا لوم عليكم في ذلك.

إن المطلق حين يوكل إلى الأم أن ترضع وليدها فالطفل يأخذ من حنان الأم الموجود لديها بالفطرة، لكن هب أن الأم ليست لديها القدرة على الإرضاع أو أن ظروفها لا تسعفها على أن ترضعه لضعف في صحتها أو قوتها، عند ذلك فالوالد مُطالب أن يأتي لابنه بمرضعة، وهذه المرضعة التي ترضع الوليد تحتاج إلى أن يعطيها الأب ما يُسخِّيها ويجعلها تقبل على إرضاع الولد بأمانة، والإشراف عليه بصدق.

ويختم الحق هذه الآية الكريمة بقوله:"واتقوا الله واعلموا أَنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"، إن الحق يحذر أن يأخذ أحد أحكامه ويدعي بظاهر الأمر تطبيقها، لكنه غير حريص على روح هذه الأحكام، مثال ذلك الأب الذي يريد أن يدلس على المجتمع، فعندما يرى الأب مرضعة ابنه أمام الناس فهو يدعي أنه ينفق عليها، ويعطيها أجرها كاملا، ويقابلها بالحفاوة والتكريم بينما الواقع يخالف ذلك.

إن الله يحذر من يفعل ذلك: أنت لا تعامل المجتمع وإنما تعامل الله و"الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ". ويقول الحق بعد ذلك:"والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً..".

أولا :

يجب على الوالد توفير الطعام والغذاء لولده الصغير ؛ لقوله تعالى :"وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"(البقرة/233).

فإن كان الولد رضيعاً، فعلى الأب نفقة إرضاعه ، بأن يدفعه إلى امرأة ترضعه ، وهذا ما كان شائعا في الزمن الأول .

ولا يلزم الأم أن ترضع مولودها بنفسها إلا في حال عدم قبوله الرضاعة من غيرها ، فيلزمها حينئذ ، وتأثم بتركه .

قال في "شرح منتهى الإرادات" (3/243) : "ويلزم حرة إرضاع ولدها مع خوف تلفه بأن لم يقبل ثدي غيرها ونحوه ، حفظاً له عن الهلاك ، كما لو لم يوجد غيرها , ولها أجرة مثلها , فإن لم يخف تلفه لم تجبر ، لقوله تعالى:"وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى" انتهى بتصرف.

وكذا لو أمرها الزوج بإرضاعه ، فإنه يلزمها ذلك على الراجح .

: "وظاهر كلام المؤلف أنه لا يلزمها سواء كانت في عصمة الزوج أو بائنا منه .

وقال ابن تيمية : بل إذا كانت في عصمة الزوج فيجب عليها أن ترضعه ، وما قاله الشيخ أصح ، إلا إذا تراضت هي والوالد بأن يرضعه غيرها فلا حرج ، أما إذا قال الزوج : لا يرضعه إلا أنت فإنه يلزمها ، حتى وإن وجدنا من يرضعه ، أو وجدنا له لبنا صناعيا يمكنه أن يتغذى به ، وقال الزوج : لا بد أن ترضعيه فإنه يلزمها ؛ لأن الزوج متكفل بالنفقة ، والنفقة كما ذكرنا في مقابل الزوجية والرضاع .

ولو قال الزوج : أنا أحب أن أرضع ابني من اللبن الصناعي ؛ لأنه أبعد عن الأمراض وشبهها ، وقالت الزوجة : بل أنا سأرضعه ، فالحق هنا للزوجة ، وليس للزوج أن يمنعها " انتهى من "الشرح الممتع" (13 / 517).

وعليه ؛ فيجوز إرضاع الولد الرضاعة الصناعية إذا رضي الزوج بذلك ، ولا تأثم الأم حينئذ ، فإن لم يقبل الابن هذه الرضاعة ، ولم توجد امرأة أخرى ترضعه ، وجب على الأم إرضاعه ، حفاظا عليه من الهلاك .

ثانيا :

ينبغي أن يحرص الوالدان على إرضاع الولد رضاعة طبيعية من الأم أو من غيرها ؛ لما في هذه الرضاعة من فوائد كثيرة لا تتوفرفي الرضاعة الصناعية،ومن ذلك :

1- أن لبن الأم معقم جاهز ليس به مكروبات .

2- أن لبن الأم لا يماثله أي لبن محضَّر من البقر أو الغنم أو الإبل ، فقد خُلق ليفي بحاجات الطفل يوماً بعد يوم ، منذ ولادته حتى سن الفطام .

3- يحتوي لبن الأم على كميات كافية من البروتين والسكر بنسب تناسب الطفل تماماً ، بينما البروتينات الموجودة في لبن الأبقار والأغنام والجواميس عسيرة الهضم على معدة الطفل لأنها أُعدت لتناسب أولاد تلك الحيوانات .

4- نمو الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم أسرع وأكمل من نمو أولئك الأطفال الذين يُعطون القارورة .

5- الارتباط النفسي والعاطفي بين الأم وطفلها .

6- يحتوي لبن الأم على العناصر المختلفة الضرورية لتغذية الطفل وفق الكمية والكيفية التي يحتاجها جسمه ، والتي تناسب قدرته على الهضم والامتصاص . وعناصر التغذية غير ثابتة ، وتتغير يوماً بعد يوم وفق حاجات الطفل .

7- يُحفظ لبن الأم تحت درجة من الحرارة معقولة يستجيب تلقائياً لحاجيات الطفل ، ويمكن الحصول عليه في أي وقت .

8- الإرضاع من الثدي هو أحد العوامل الطبيعية لمنع حمل الأم ، وهي سليمة من المضاعفات التي تصحب استعمال حبوب منع الحمل أو اللولب أو الحقن . انتهى من كتاب "توضيح الأحكام" (5/107) .

 حكمة التشريع:

حث الله تعالى الأمهات على إرضاع الأبناء، وحدّد مدة الرضاع بعامين كاملين، لأن هذه المدة يستغني بها الطفل عن ثدي أمه، ويبدأ بالتغذي بعدها عن طريق تناول الطعام والشراب.. وليس هناك لبن يعادل لبن الأم، فهو أفضل غذاء باتفاق الأطباء فالولد قد تكوّن من دمها في أحشائها، فلما برز إلى الوجود تحوّل الدم إلى لبنٍ يتغذى منه، فهو اللبن الذي يلائمه ويناسبه لأنه قد انفصل من الأم، وقد قضت الحكمة الإلهية أن تكون حالة لبن الأم في التغذية ملائمة لحال الطفل بحسب درجات سنه، فإذا أرضعته مرضع لضرورة وجب التدقيق في صحتها، ومعرفة أخلاقها وطبائعها، لأن لبنها يؤثر في جسم الطفل وأخلاقه وآدابه، إذ هو يخرج من دمها ويمتصه الولد، فيكون دمًا له ينموا به اللحم، ويُنشز العظم، فيؤثر فيه جسميًا وخلقيًا، وقد لوحظ أن تأثير انفعالاتها النفسية والعقلية أشد من تأثير صفاتها البدنية فيه، فما بالك بآثار عقلها وشعورها وملكاتها النفسية؟!

والأم حين ترضع ولدها لا ترضعه اللبن فحسب، بل ترضعه العطف والرحمة والحنان، فينشأ مجبولًا على الرحمة، محبًا للخير، وعلى العكس حال أولئك الذين يحرمون عطف وحنان أمهاتهم، يكونون معقّدين، وتفتعل في نفوسهم نوازع القسوة والشر والانتقام، وقد فطن علماء التربية والتهذيب في الأمم الراقية إلى هذا الأمر، حتى كان نساء القياصرة يرضعن أولادهن بأنفسهن، ولا يرضين تسليمهم إلى المراضع.

فأين هذا مما نراه اليوم من التهاون في رضاعة الأولاد وسائر شئونهم!! حتى الأمهات اللواتي فطرهن الله تعالى على التلذذ بإرضاع أولادهن والغبطة به، قد صار نساء الأغنياء منهن في هذا الزمان يرغبن عنه ترفعًا وطمعًا في السمن وبقاء الجمال وكل هذا مقام لسنة الفطرة، ومفسد لتربية الأولاد، ولسنا نرى دينًا تعرض لمحاسن تربية النشء مثل ما تعرض له الإسلام،

 فاللهم وفقنا للاهتداء بهديه الكريم إنك سميع مجيب الدعاء. 

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل 

google-playkhamsatmostaqltradent