recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة اغتنام الوقت في القرآن الكريم والسنة النبوية

  


اغتنام الوقت في القرآن الكريم والسنة النبوية

الوقت في الإسلام له أهمية عظيمة،

في القرآن الكريم بيان حكيم لأهمية الوقت

السنة النبوية وبيان أهمية الوقت 

قيمة الوقت عند السلف الصالح 

اغتنام الوقت في التوبة وعدم التسويف 

تحميل الخطبة pdf

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

إن الوقت في الإسلام له أهمية عظيمة، 

واستثمار الوقت يجب أن يكون أهم أولويات المسلم في الحياة اليومية، فلا يضيعه في سبل لا تأتي عليه بالفائدة في الدنيا والآخرة،  ولا يكرس الوقت في ما يلهيه عن ذكر الله تعالى والعبادات والطاعات، قال  تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ"(المنافقون: 9).،

 وبين الله عاقبة الخسران لمن يغفل عن ذكر الله تعالى ..وفي سورة العصرمنهج كامل للمسلم وموعظة بليغة للاهتداء بها، وفيها استثنى الله سبحانه طائفة من الناس من عاقبة الخسران، وهي الطائفة التي أقامت حياتها على أربعة أسس جليلة، وهذه الأسس هي الإيمان بالله تعالى، وعمل الصالحات، والتواصي بالحق والتعاون على تحقيقه، والصبر في سبيل ذلك كله على مواجهة الصعاب والشهوات والأذى.. 

قال الله تعالى:" وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"(العصر)،

وفي القرآن الكريم بيان حكيم لأهمية الوقت 

وتدبر قيمته، قال الله تعالى:"فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ. وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب"(الشرح:7-8)،

إن الله تعالى ، أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجعل فراغه من كلّ ما كان به مشتغلا من أمر دنياه وآخرته، ، ولم يخصص بذلك حالا من أحوال فراغه دون حال،

وقال الله تعالى:"وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ"(الأعلى:17)، أي : ثواب الله سبحانه في الدار الآخرة خير من الدنيا وأبقى، فإن الدنيا دنية فانية، والآخرة شريفة باقية، فكيف يؤثر عاقل ما يفنى على ما يبقى، ويهتم بما يزول عنه قريبا، ويترك الاهتمام بدار البقاء والخلد ؟!".

عباد الله

لقد نوه المولي عز وجل علي قيمة الوقت  حين أقسم الله به في كتابه: أقسم الله بالفجر وليال عشر، وأقسم بالصبح إذا تنفس، وأقسم الله بالضحى والليل إذا سجى، وأقسم بالعصر، وأقسم بالليل إذا يغشي والنهار إذا تجلي .. والله لا يقسم إلا بعظيم؛ فهذا تنبيه منه على أهمية الوقت وعظم منزلته.

 

و اهتم القرآن بالوقت حين ربط به عبادات المسلمين: ما بين عبادة سنوية كالحج:"الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ"(البقرة/197). أو عبادة شهرية كالصوم، :"شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ..(البقرة/185)أو عبادة موسمية كالزكاة:" وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ "(الأنعام/141).

 أوعبادة يومية كالصلاة "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا"(النساء:103)..أو أسبوعية كالجمعة، كما ربط بالوقت أحكاما أخرى كثيرة كالعدة والرضاع والكفارات وغيرها؛ كل ذلك لتربية المسلم على الإحساس بقيمة الوقت.

واهتم القرآن بالوقت يوم دعانا إلى استغلاله والانتفاع به:" فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ "(الروم:17، 18).

وقال تعالي:"يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا . وسبحوه بكرة وأصيلاً"(الأحزاب:41، 42). أي من أول النهار وآخره.فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى"(طه:130).

وفي السنة النبوية وصايا شريفة لبيان فضل الوقت وأهميته، 

قال صلى الله عليه وسلم:"نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ : الصِّحَّةُ والفراغُ" (البخاري).  و قال صلى الله عليه وسلم:"اغتنِمْ خمسًا قبلَ خمسٍ : حَياتَك قبلَ موتِك، و صِحَّتَك قبلَ سَقَمِك، و فراغَك قبلَ شُغْلِك، و شبابَك قبلَ هَرَمِك،وغِناك قبلَ فقرِكَ"(صحيح).فبالموت تنقطع الحياة، وبانقطاع الحياة تنقطع موارد العمل الصالح إلا من الحسنات الجارية، صلى الله عليه وسلم قال: [لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه"(الترمذي).


وسائل البركة في العمر

عباد الله :" إن البركة في العمر بطوله وحسن العمل فيه من سعادة المؤمن،  فيروي:"أنَّ رجلًا قال يا رسولَ اللهِ أيُّ الناسِ خيرٌ؟ قال من طالَ عمُرهُ وحسُن عملُه. قال: فأيُّ الناسِ شر؟ قال: من طال عمُرهُ وساء عملُه"(الترمذي). ولقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم الوسائل الشرعية المضمونة للبركة في العمر بفضل الله تعالى، وهذه الوسائل تتمثل في صلة الرحم والبر، فقال صلى الله عليه وسلم:" مَن سرَّهُ أن يُبسطَ لَه في رزقِهِ ، وأن يُنسَأَ لَه في أثرِهِ ، فليَصِلْ رَحِمَهُ"(البخاري و مسلم)،وقال صلى الله عليه وسلم:"لا يردُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ، ولا يزيدُ في العمُرِ إلَّا البرُّ"(الترمذي).


فلقد كان السلف يهتمون بالوقت، 

فلا يضيعون منه لحظة في غير منفعة، ويسألون الله أن يبارك لهم فيه وينفعهم به:

قال أبو بكر: "اللهم لا تدعنا في غمرة، ولا تأخذنا على غِرة، ولا تجعلنا من الغافلين".وقال عمر: "اللهم إنا نسألك صلاح الساعات، والبركة في الأوقات"

قال عمر بن عبد العزيز: "إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما". قال الحسن: لقد أدركت أقواما كانوا أحرص على أوقاتهم منكم على دراهمكم ودنانيركم.

إنالنفرح بالأيام نقطعها***وكل يوم مضى يدني من الأجل

قال ابن الجوزي: ينبغي للعبد أن يعرف شرف زمانه وقيمة وقته فلا يضيع منه لحظة في غير قربة.

قال علي رضي الله عنه: "بقية عمر المرء لا تقدر بثمن.. يحيي بها ما مات، ويدرك بها ما فات.

دَقّاتُ قَلبِ المَرءِ قائِلَةٌ لَهُإِنَّ الحَياةَ دَقائِقٌ وَثَواني

فَاِرفَع لِنَفسِكَ بَعدَ مَوتِكَ ذِكرَهافَالذِكرُ لِلإِنسانِ عُمرٌ ثاني 

عباد الله أقول ماتسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وبعد فياعباد الله.. لازلنا نواصل الحديث حول قيمة الوقت في القرآن والسنة

عباد الله :"

ينبغي علي المرء أن يغتنم وقته ولايسوف في التوبة

لأن التسويف سم زعاف يسري في سجل حياة المسلم، وهو يقتضي التصدي المستمر بالترغيب والترهيب والمراقبة، وأهمية الوقت مقترنة بحقيقة لا ينكرها أحد وهي الموت،  فبحلول الموت ينفذ الوقت لفعل الطاعات، قال الله تعالى:"وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ. وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"(المنافقون/10-11).  

والآية الكريمة تبين خطر تأخير التوبة والتسويف، والاستعداد للرحيل، وتبين فضل الصدقة وعظم أثرها، وهذا حث لكل مسلم على المسارعة بالصدقة والمساهمة في تحقيقها بكل السبل والتعاون مع المسلمين على ذلك.

فهذا حال المضيعين للأوقات، والمفرطين في الساعات، كيف آل بهم الحال إلى سوء المآل، وكيف سيكون ندمهم وألمهم على تضييع الأعمار في غير طاعة العزيز الغفار.

وفي أقوال أهل العلم قبس مضيء للتوعية والتنبيه بخطر التسويف، قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى: "التسويف هو آفة تدمر الوقت وتقتل العمر، وللأسف فقد أصبحت كلمة "سوف" شعاراً لكثير من المسلمين وطابعاً لهم".قال الحسن البصري: "الدنيا ثلاثة أيام : أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غداً فلعلّك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه".

عباد الله:" "إِنَّ الأَوْقَاتِ وَالسَّاعَاتِ كَرَأْسِ الْمَالِ لِلتَّاجِرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَّجِرَ فِيمَا يَرْبَحُ فِيهِ وَكُلَّمَا كَانَ رَأْسُ مَالِهِ كَثِيرًا كَانَ الرِّبْحُ أَكْثَرَ، فَمَنْ اِنْتَفَعَ مِنْ عُمُرِهِ بِأَنْ حَسُنَ عَمَلُهُ فَقَدْ فَازَ وَأَفْلَحَ، وَمَنْ أَضَاعَ رَأْسَ مَالِهِ لَمْ يَرْبَحْ وَخَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا".قال بعض العلماء "قرأت لأكثر من 70 سنة فما وجدت حكمة أجمل من: مشقة الطاعة تذهب ويبقى ثوابها ولذة المعاصي تذهب ويبقى عقابها".

نسأل الله الكريم الغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم

عباد الله أقول قولي هذا وأقم الصلاة

google-playkhamsatmostaqltradent