recent
أخبار عاجلة

الملك جل جلاله

 


الملك جل جلاله (4) 

جَلَسَ الجَدُّ بَيْنَ أَحْفَادِهِ بَعْدَمَا ذَاكَرَ كُلُّ مِنْهُمْ دُرُوسُهِ اليَوْمِيَّةَ واستعدوالسماع دَرَسَ اللَّيْلَةُ عَنْ اِسْمٍ جَدِيدٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى فَقَالَ. الجِدُّ: "كُنَّا قَدْ تَعَرَّفْنَا - ضِمْنَ سِلْسِلَةِ شَرْحِ أَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى - عَلَى اِسْمِي اللهُ:" الرَّحْمَنُ "وَ" الرَّحِيمُ". فَبَيَّنَّا كَيْفَ يَدْفَعَانِ المُؤْمِنَ إِلَى تَعْظِيمِ رَبَّهُ, وَالتَّفَاؤُلُ بِرَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتُهِ, وَكَيْفَ يَتَمَثَّلُ المُسْلِمُ صِفَةُ الرَّحْمَةِ فِي التَّعَامُلِ مَعَ غَيْرِهِ, بَدْءًا بِالأَبَوَيْنِ, ثُمَّ الأَوْلَادُ, ثُمَّ ذَوِي الأَرْحَامِ, وَكَيْفَ نَرْحَمُ الصِّغَارَ, وَالأَيْتَامُ, بَلْ وَحَتَّى الحَيَوَانَاتُ..

وَاللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى - إِلَى بَيَانِ اِسْمٍ آخَرَ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -, مَعْرِفَتُهُ تَزِيدُ المُسْلِمَ إِيقَانًا, وَشَرْحُهُ يَمْلَأُ النَّفْسَ اِنْشِرَاحًا, وَفِقْهُهِ يَكْنُفُ القَلْبُ اِطْمِئْنَانًا. بَلْ إِنَّ مَدَارَ صَلَاحِ العَقِيدَةِ عَلَيْهِ, ومناط سَلَامَةُ الإِيمَانُ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ. إِنَّهُ اِسْمُ اللهِ "المَلِكُ", الَّذِي بِيَدِهِ مَقَالِيدِ كُلِّ شَيْءٍ, وَعِنْدَهُ مَفَاتِيحُ كُلِّ شَيْءٍ, وَإِلَيْهُ يَرْجِعُ أَمْرَ كُلِّ شَيْءٍ. قَالَ تَعَالَى: هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)" "(الحَشْرُ / 23).. وَقَالَ تَعَالَى: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)" "(الفَاتِحَة / 4)..

صفوان : "وَقَدْ وَرَدَ اِسْمُ المَلِكِ فِي آيَاتٍ أُخْرَى بِاسْمِ" مَلِيكٍ "قَالَ تَعَالَى:" فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55) "(القَمَرُ / 55).

 وَفِي سُورَةِ المُلْكِ:" تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكِ "

وَفِي سُورَةِ الفَاتِحَة وَصَفِّ اللهِ نَفْسِهُ بِأَنَّهُ:" مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)

وَجَاءَ فِي آلِ عُمْرَانٍ قَالَ تَعَالَى:"قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"(آل عمران/26).

قَالَ تَعَالَى:"فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"(يس/83).

أحمد: "نَعَمْ هَذَا الاِسْمُ وَرَدٌّ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةً مِنْ سُورٍ القُرْآنُ الكَرِيمُ وُوُرْد فِي أَحَادِيثَ أَيْضًا وَلَكِنَّ نُرِيدُ أَنْ نَتَعَرَّفَ عَلَى شَرَحَ لَهُ. حَتَّى لَا يُضَيِّعُ الوَقْتَ مِنْ بَيْنَ أَيْدِينَا فَالوَقْتُ مِنْ ذَهَبٍ كَمَا عَلَّمْتَنَا يَا جِدِّي?

الجِدُّ: "حَقًّا يَا وَلَدِي وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَخْلُدُوا لِلنَّوْمِ حَتَّى تَسْتَيْقِظُوا لِصَلَاةِ الفَجْرِ. فَتَعْرِيفُ المُلْكِ: بِفَتْحْ فَكَسَّرَ هُوَ المُتَصَرِّفُ فِي أُمُورِ العقلاءالمختارين بِالأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ المُنْكَرِ وَالجَزَاءُ فَهُوَ صَاحِبُ القُدْرَةِ عَلَى التَّصَرُّفِ إِذًا هُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الذَّاتِ, وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الأَفْعَالِ, فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أسماءالذات وَمَعْنَاهُ: القُدْرَةُ عَلَى التَّصَرُّفِ, وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَسْمَاءِ الأَفْعَالِ وَمَعْنَاهُ المُتَصَرِّفُ. وَالمُلْكُ بِضَمِّ المِيم وَسُكُونُ اللام هُوَ: "السُّلْطَانُ التَّامُّ النَّافِذُ وَلَنْ يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا لَهُ عزوجل فَقَطْ. وَلِذَلِكَ كَانَ المَلَكُ الحَقَّ إِنَّمَا هُوَ اللهُ وَحْدَهِ:" فَتَعَالَى اللهُ المَلَكَ الحَقُّ" (طه (1) / 114). لِأَنَّ مُلُوكَ الدُّنْيَا إِنَّمَا هُمْ مُلُوكٌ بِغَيْرِ الحَقِّ ولايملكونالتصرف فِي آلِكُون.

 وَفِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ :"أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا مَالِكُ الْمُلُوكِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ ، قُلُوبُ الْمُلُوكِ بِيَدِي ، وَإِنَّ الْعِبَادَ إِذَا أَطَاعُونِي حَوَّلْتُ قُلُوبَ مُلُوكِهِمْ عَلَيْهِمْ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ ، وَإِنَّ الْعِبَادَ إِذَا عَصَوْنِي حَوَّلْتُ قُلُوبَهُمْ عَلَيْهِمْ بِالسَّخَطِ وَالنِّقْمَةِ فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ، فَلَا تَشْغَلُوا أَنْفُسَكُمْ بِالدُّعَاءِ عَلَى الْمُلُوكِ وَلَكِنِ اشْغَلُوا أَنْفُسَكُمْ بِالذِّكْرِ وَالتَّضَرُّعِ ، أَكْفِكُمْ مُلُوكَكُمْ "(الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ - مَجْمَعُ الزَّوَائِدِ وَمَنْبَعُ الفَوَائِدِ - للهيثمي).

فَاطِمَةُ: "إِذَا قُلْنَا: فُلَانُ مُلْكٍ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ?.

الجِدُّ:" نَقْصِدُ بِهَا حَقِيقَةً أَمْ مَجَازًا, العُلَمَاءُ قَالُوا: "لَا يُمْكِنُ أَنْ يَمْلِكَ حَقِيقَةً المُلْكُ إِلَّا اللهُ, وَأَيُّ وَصَفَ لِلمَلَكِيَّةِ لِغَيْرِ اللهِ فَهُوَ وَصْفٌ مَجَازِيٌّ وَعَلَى سَبِيلٍ المُجَازُ فَقَطْ, لِأَنَّ المُلْكَ هُوَ الَّذِي يَسْتَغْنِي فِي ذَاتِهِ وَصْفَاتِهِ عَنْ كُلِّ مَوْجُودٍ, فَهَلْ مِنْ مَلَكٍ يَسْتَغْنِي فِي ذَاتِهِ عَنْ كُلِّ مَوْجُودٍ? أَلَا يَشْرَبُ, أَلَا يَسْتَنْشِقُ الهَوَاءُ, أَلَا يَأْكُلُ, أَلَا يَشْعُرُ بِحَاجَةٍ إِلَى النَّوْمِ, أَلَا يَخَافُ, أَلَا يُحْزِنُ, أَلَا يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ أَعْوَانٌ كَثَّرَ, إِذًا أَيُّ إِنْسَانٍ مُفْتَقِرٍ فِي وُجُودِهِ وَفِي صِفَاتِهِ إِلَى إِنْسَانٍ آخَرُ, لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُلَّكًا حَقِيقِيًّا,?. مُحَمَّدٌ:" نَعَمْ المُلْكُ الحَقِيقِيُّ هُوَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ المُتَصَرِّفُ فِي آلِكُون كَيْفَ يَشَاءُ وَهَلْ هُنَاكَ مُلْكِيَّةٌ أُخْرَى?.

 الجِدُّ: "وَالقَوْلُ الفَصْلُ أَنْ تَمْلِكَ نَفْسَكَ لَا أَنَّ تَمَلُّكَكِ, أَنْ يَنْقَادَ لَكَ هُوَاكِ لَا أَنْ تَنْقَادَ لَهُ, أَنْ تُسَيْطِرَ عَلَى شَهَوَاتِكَ, أَنْ تَكُونَ مَعَ الحَقِّ حَيْثُ كَانَ الحَقَّ, أَنْ تَكُونَ وقَّافًا عِنْدَ كُتَّابِ اللهِ, أَنْ تَعْتَرِفَ بِالحَقِّ الَّذِي لِغَيْرِكَ عَلَيْكَ وَإِنْ كَانَ مرًا, هَذِهِ هِيَ البُطُولَةُ الحَقِيقِيَّةُ, هَذَا مَا اِتَّجَهَ إِلَيْهُ مُعْظَمَ المُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالِي:"رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ"( يوسِف /101).

وَالقَوْلُ الحَقُّ: "أَنْ لَا تَضِيعَ حُقُوقُ اللهِ وَتَمْتَهِنُ تَعَالِيمَ اللهِ حَتَّى لَا يَسْلُبُكَ اللهُ الهَيْبَةُ وَلَا تَجِدُ مَنْ يُكْرِمُكَ قَالَ تَعَالِي:"وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ"(الحج/18).

أَجْعَلُ لِرَبِّكَ كُلُّ عِزِّكِ يَسْتَقِرَّ وَيَثْبُتُ *** فَإِذَا اِعْتَزَزْتُ بِمَنْ يَمُوتُ فَإِنَّ عِزَّكِ مِي. إِسْرَاءٌ يَا جِدِّي: "جَاءَتْ الآيَةُ فِي آلِ عُمْرَانٍ عَقْبَ آيَةٍ:"قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ " تُشِيرُ إِلَى قُدْرَةِ اللهِ المُلْكُ عَلَيَّ اُخْرُجْ الحَيُّ مِنْ المَيِّتِ وَالمَيِّتِ مِنْ الحَيِّ فَكَيْفَ?.

 الجِدُّ: "نَعَمْ يَا بِنْيَتُي:" تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرَجُ المَيِّتُ مِنْ الحَيِّ "إِذًا مِنْ مَعَانِي المَلِكَ أَنَّهُ يُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ, وَيُخْرِجُ الحَيَّ مِنْ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنْ الحَيِّ,: أَنَّ الكَافِرَ قَدْ يَلِدُ مُؤَمِّنًا وَأَنَّ المُؤْمِنَ قَدْ يَلِدُ كَافِرًا:.. أَلَيْسَ كَذَلِكَ..

 بَذْرَةُ الزَّيْتُونِ تَبْدُو لَكِ قِطْعَةً مِنْ الخَشَبِ كَأَمْنٍ فِيهَا شَجَرَةٌ بِقُوَّةِ هَذِهِ البُذُورِ, هَذِهِ أَنْمَاطُ الحَيَاةِ, دَوْرَةُ الحَيَاةِ, الشَّجَرَةُ يَابِسَةٌ فِي الشِّتَاءِ كَأَنَهَا خَشَبٌ يَأْتِيهَا الرَّبِيعُ فَإِذَا هِيَ خَضْرَاءُ.. فَاطِمَةُ:" وَهَلْ هُنَاكَ أَحَدٌ يَمْلِكُ الغَيْبُ إِلَّا اللهُ?..

الجِدُّ: "لَا أَحَدَ يَمْلِكُ الغَيْبُ سِوَى اللهِ حَيْثُ أَمْرٌ نَبِيهٌ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ:"قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ "( الأَعْرَافُ /188).

تالين : "إِذَا كَانَ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم أَفْضَلُ الخَلْقِ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهُ نَفْعًا وَلَا ضرًا, أفيملك غَيْرَهُ مِنْ الخَلْقِ النَّفْعُ وَالضُّرُّ لِلآخَرِينَ?.

 الجِدُّ:" لَا. مِنْ بَابٍ أُولَى, إِذَا كُنْتُ عَاجِزًا عَنْ هِدَايَةِ اِبْنِي! فَهَلْ بِإِمْكَانِي أَنْ أُهْدِيَ اِبْنَكَ? مُسْتَحِيلٌ! فَلِذَلِكَ فَالكَلَامُ القَطْعِيُّ وَالثَّابِتُ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ المَلِكُ الحَقِيقِيُّ وَأَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا مُلْكٌ فَمَلَكِيَّةُ مَجَازِيَّةٌ فَمَثَلًا قَدْ يَقُولُ لَكَ مُسْتَخْدِمٌ فِي وِزَارَةِ الخَارِجِيَّةِ: وَاللهِ عَيِّنَا فُلَانًا سَفِيرًا! هَذَا كَلَامٌ مَجَازِيٌّ, إِنَّ الَّذِي عَيَّنَ فِعْلًا, لَيْسَ المُسْتَخْدِمُ بَلْ الوَزِيرُ. أَّما فِي الحَقِيقَةِ المُطَلَّقَةُ: الَّذِي مُلَّكَ هَذَا الإِنْسَانِ هَذَا المَنْصِبُ, هُوَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى..

صفوان : "هُنَاكَ أَمْرٌ آخَرُ: لِمَاذَا لَا يَكُونُ العَبْدُ مَالِكًا مُطَلَّقًا?.

الجِدُّ:" قِيلَ: "لِأَنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ: فَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ مَلِكًا عَظِيمًا يَسْتَغْنِي عَنْ كُلِّ أَفْرَادِ رَعِيَّتِهِ, فَهَلْ يَسْتَغْنِي عَنْ الهَوَاءِ أَوْ عَنْ المَاءِ أَوْ عَنْ الطَّعَامِ أَوْ عَنْ الزَّوَاجِ? لِذَلِكَ حِينَ طَلَبَ هَارُونَ الرَّشِيدَ الخَلِيفَةُ العَبَّاسِيُّ الَّذِي تَرَامَتْ أَطْرَافُ دَوْلَتِهِ إِلَى أَقَاصِي الدُّنْيَا. كَأْسُ مَاءٍ قَالَ لَهُ وَزِيرُهُ وَكَانَ ذكيًا يَا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ بِكُمْ تَشْتَرِي هَذَا الكَأْسُ لَوْ مَنَعَ عَنْكَ, قَالَ: بِنِصْفٍ مَلِكِيٍّ, قَالَ: فَإِذَا مَنَعَ إِخْرَاجُهُ, قَالَ:" بِنِصْفِ مَلَكِيٍّ الآخَرِ ", قَالَ:" إِذًا مُلْكُكَ يُسَاوِي كَأْسُ مَاءٍ".

أحمد: لَقَدْ قَرَأْتُ فِي كِتَابٍ بِمَكْتَبَةِ المَدْرَسَةِ أَنَّ مِنْ آدَابِ الإِيمَانِ بِأَنَّ اللهُ هُوَ المَلْكُ, وأَنْ يَكُونَ العَبْدُ بِمَا فِي يَدَيِ اللهُ أَوْثَقَ مِنْهُ مِمَّا فِي يَدَيْهِ,والمَلْكُ مِنْ النَّاسِ مِنْ يَسْتَغْنِي عَنْ كُلِّ شِئ فَلَا يَحَنِّي الرَّأْسَ بَذَلَ لِغَيْرِ اللهِ مِنْ أَجْلِ دُنْيَا فَانِيَةٌ؟.

الجِدُّ: "نَعَمْ يَأْبَنِي إذاأردت أَنْ تَكُونَ أَغْنَى النَّاسِ فَكُنْ بِمَا فِي يديِ اللهَ أَوْثَقَ مِنْكَ مِمَّا فِي يَدَيْكَ, إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ فَتَوَكُّلٌ عَلَى اللهِ, إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُكَوِّنَ أَكْرَمَ النَّاسِ مَنْزِلَةً فَاِتَّقِ اللهَ..

يَرْوِي أَنَّ حَاتِمَ الأَصَمَّ أَحَدُ الزُّهَّادِ كَانَ صَائِمًا يَوْمًا فِلْمًا أَمْسِي قُدِّمَ إِلَيْهُ فُطُورَهُ فَجَاءَ سَائِلٌ فَدَفَعَ ذَلِكَ الفُطُورَ إِلَيْهُ فَحُمِلَ إِلَيْهُ فِي الوَقْتِ ذَاتِهِ طَبَقٌ عَلَيْهِ كُلٌّ أَلْوَانَ الأَطْعِمَةِ فأَتاه سَائِلَ آخَرَ فَدَفَعَ إِلَيْهُ كُلُّ ذَلِكَ, فَفَتْحٌ بَصِرَهُ فَإِذَا دَنَانِيرُ فِي الوَقْتِ نَفْسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ, فَلَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ صَاحَ:" الغَوْثُ مِنْ الخَلْفِ ". وَكَانَ فِي جِيرَانِهِ مِنْ يُسَمِّي" خَلَفًا "فَتَسَارَعَ النَّاسُ إِلَيْهُ وَقَالُوا يَا أَخِي ِلمَ تُؤْذِي الشَّيْخَ وَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى جاءوا بِهِ إِلَى الشَّيْخِ وَقَالُوا هَذَا خَلَفٌ جَاءَكَ معتذرًا, فَقَالَ إِنَّي لَمْ أعْنيِهِ إِطْلَاقًا إِنَّمَا عَجَّزْتَ عَنْ شُكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا يُعَامِلُنِي بِهِ مِنْ الخَلْفِ فَكُلَّمَا أَنْفَقْتُ شَيْئًا أَعْطَانِي اللهُ خَيْرًا مِنْهُ..

أَحَدٌ الصحابة وَهُوَ عَبْد الرَحْمَنِ بِنْ عَوْفٌ قَالَتْ عَنْهُ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ: أَخْشَى أَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ عَبْد الرَحْمَنِ زَحْفًا لِكَثْرَةِ مَالِهِ, فَقَالَ هَذَا الصحابي الجَلِيلُ وَاللهِ لَأَدْخُلَنَّهَا خببًا (رَكْضًا) وَمَا عَلَيَّ إِذَا كُنْتُ أُنْفِقُ مِائَةً فِي الصَّبَاحِ فيؤتيني اللهُ أُلُفًا فِي المَسَاءِ.

صفوان : "يَا جِدِّي وَيَتَجَلَّى تَعَبَّدَ اللهُ بِاسْمِهِ المَلِكُ "فِي عِدَّةِ أُمُورٍ, مِنْهَا:" الاِعْتِرَافُ بِأَنَّ مُلْكُ اللهِ مُطَلَّقٌ, إِيجَادًا, وَتَصَرُّفًا, وَمَصِيرًا, وَأَنَّ مَلِكَ المَخْلُوقَيْنِ نِسْبِيٌّ, مَالَة إِلَى الزَّوَالِ. :" كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ".(الرحمن/26-27).

 "الجِدُّ: "نَعَمْ يَأْبَنِي قَالَ إِبْرَاهِيمُ بِنْ أَدْهَمُ لِمَنْ أَرَادَ مَعْصِيَةَ اللهِ:" أَيَلِيقُ بِكِ أَنْ تَعْصِيَ اللهُ وَأَنْتِ تَسْكُنُ فِي أَرْضِهِ, وَتَأَكُّلٌ مِنْ رِزْقِهِ, وَتَعَلَّمَ بِدُنُوِّ أَجَلِكَ, وَأَنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَفِرَّ مِنْ زبانية جَهَنَّمُ? "..

أحمد:" لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ إِمَامِ المَسْجِدِ فِي خَطَبَةٍ الجُمْعَةَ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرْتُ هَارُونَ الرَّشِيدَ الوَفَاةُ, قَالَ لِمِنْ حَوْلِهُ: "أَرُونِي قَبْرِي الَّذِي سَأَدْفِنُ فِيهُ, فَحَمَلُوهُ إِلَيْهُ, فِلْمًا رَآهُ, بَكَى بُكَاءٌ شَدِيدًا, وَقَالَ:" يَا مَنْ لَا يَزُولُ مَلِكَةٌ, أَرْحَمُ مِنْ قَدْ زَالَ مُلْكُهُ"..

اِجْعَلْ لِرَبِّكَ كُلَّ عِزِّكِ يَسْتَقِرُّ وَيُثَبِّتُ.

 فإذااعتززت بِمَنْ يَمُوتُ فَإِنَّ عِزَّكِ مِيتُ.

تالين : "وَمَا أَحْسِنَّ أَنْ تعبيد الأسامي بِاسْمِ اللهُ المَلَكُ. وَقَدْ ذِكْرَ أَهْلِ العِلْمِ أَنْ أُفَضِّلَ الأَسْمَاءَ: عَبْد الله, وَعَبْد الرَحْمَنِ, ثُمَّ عَبْد المَلِكِ, وَعَبْد العَزِيز..

 فَاطِمَةُ:" وَمَا دَامَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - هُوَ المَالِكُ الحَقِيقِيُّ, فَلَا تَعْلَقُ لِلنَّفْسِ إِلَّا بِهِ, وَلَا هَفْوَ لِلقَلْبِ إِلَّا إِلَيْهُ. لَا تَعْلَقُ بِالمَالِ, وَلَا تُعَلِّقُ بالجاه, وَلَا تَعْلَقُ بِالنَّسَبِ, وَلَا تَعْلَقُ بِالسُّلْطَانِ وَالأَمْجَادُ, فَهَذِهِ تُوشِكُ أَنْ تَصِيرَ مَعْبُودَاتٍ مِنْ دُونِ اللهِ..

أحمد : "حَقًّا وَصِدْقًا مَا قَالَهُ اللّه تَعَالَى:" قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) "(المَائِدَةُ / 76)..

كُنَّ مَعَ اللهِ تَرَى اللهَ مَعَكَ *** وَأَتْرُكُ الكُلَّ وَحَاذِرُ طَمَعُكَ. وَإِذَا أَعْطَاكَ, مَنْ يَمْنَعُهُ?

ثُمَّ مَنْ يُعْطِي إِذَا مَا مَنَعَكَ?.

 الجِدُّ: "يَا أَبْنَائي قَبْلَ أَنْ نَخْتِمَ شَرْحَ اِسْمِ المُلْكِ وَهُوَ الاِسْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى لَا تَنْسَوْا أَنَّ دُعَاءَ اللهِ وَتَمْجِيدَهُ بِاسْمِهِ" المَلَكُ ". فَقَدْ كَانَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَصْبَحَ قَالَ:" أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلهِ "وَإِذَا أَمْسَى قَالَ:" أَمْسَيْنَا وَأَمْسَي الْمُلْكُ لِلهِ "(مُسْلِمٌ). وَأَمَرْنَا أَنْ نَقُولَ بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ:" لَا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ, لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "(مُتَّفِقَ عَلَيْهِ).. وَقَالَ صلي الله عليه وسلم:" وَأَنْ مَنْ قَالَهُ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ, "كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ, وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ, وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ, وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ, وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ, إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ" (مُتَّفِقَ عَلَيْهِ).

google-playkhamsatmostaqltradent