recent
أخبار عاجلة

هل يجوز للأب أن يأخذ من مال ولده؟

 



هل يجوز للأب أن يأخذ من مال ولده؟


سؤال يتكرر ويشغل بال الكثير هلي يجوز للأب أن يأخذ من مال ولده؟


الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد 

فالأصل أن مايحصل  عليه الولد  من مال من عمله أو غيره هو ملك له لا لأبيه ولا لإخوته، وله التصرف فيه في أوجه الحلال كما يشاء، وللأب أن يأخذ من مال ابنه ما كان محتاجا إليه كنفقه ونحوها، وأما الأخوة فليس لهم من مال أخيهم إلا ما أعطاهم إياه عن طيب نفس منه.


والواجب  تجاه الوالدين البر بهما والإحسان إليهما من النفقة وغيرها،

فعندما جاء هذا الرجل العجوز المسن إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم يشكوا ولده الشاب ماذاحدث:"قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:"أنت ومالُك لأبيك"(ابن ماجه).

ولهذا الحديث قصَّةٌ مُؤثِّرة وردَتْ في رواية الطبراني والبيهقي لهذا الحديث من طريق المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابرٍ - رضِي الله عنه - قال: جاء رجلٌ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسول الله، إنَّ أبي أخَذَ مالي، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - للرجل:"اذهَبْ فأتِني بأبيك"،فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال:إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يُقرِئك السلام ويقول لك: إذا جاءَك الشيخ فسَلْه عن شيءٍ قالَه في نفسه ما سمعَتْه أذناه، فلمَّا جاء الشيخ قال له النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما بال ابنك يَشكوك، أتريد أخْذ ماله؟ 

قال: سَلْهُ يا رسول الله، هل أُنفِقه إلا على إحدى عمَّاته أو خالاته أو على نفسي! فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم:"إيهٍ! دَعْنا من هذا، أخبِرنا عن شيءٍ قُلتَه في نفسك ما سمعَتْه أذناك"فقال الشيخ:والله يا رسول الله ما يَزال الله يزيدنا بك يقينًا! لقد قلتُ في نفسي شيئًا ما سمعَتْه أذناي فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم:"قُلْ وأنا أسمع"، قال: قلت:

غَذَوْتُكَ مَوْلُودًا وَمُنْتُكَ يَافِعًا ***تُعَلُّ بِمَا أَجْنِي عَلَيْكَ وَتَنْهَلُ

إِذَا لَيْلَةٌ ضَافَتْكَ بِالسُّقْمِ لَمْ أَبِتْ***لِسُقْمِكَ إِلَّا سَاهِرًا أَتَمَلْمَلُ

كَأَنِّي أَنَاالْمَطْرُوقُ دُونَكَ بِالَّذِي***طُرِقْتَ بِهِ دُونِي فَعَيْنَايَ تَهْمُلُ

تَخَافُ الرَّدَى نَفْسِي عَلَيْكَ وَإِنَّهَا***لَتَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ وَقْتٌ مُؤَجَّلُ

فَلَمَّا بَلَغْتَ السِّنَّ وَالْغَايَةَ الَّتِي***إِلَيْهَا مَدَى مَا فِيكَ كُنْتُ أُؤَمِّلُ

جَعَلْتَ جَزَائِي غِلْظَةً وَفَظَاظَةً***كَأَنَّكَ أَنْتَ الْمُنْعِمُ الْمُتَفَضِّلُ

فَلَيْتَكَ إِذْ لَمْ تَرْعَ حَقَّ أُبُوَّتِي***فَعَلْتَ كَمَا الْجَارُ الْمُجَاوِرُ يَفْعَلُ

قال:فحينئذٍأخذالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم بتلابيب ابنه وقال:"أنت ومالُك لأبيك"(المعجم الأوسط للطبراني).

وذكَر الزمخشري أنَّ رجلاً شكا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم - أباه وأنَّه يأخُذ ماله، فدعا به، فإذا شيخٌ يتوكَّأ على عصا، فسأله، فقال الشيخ: إنَّه كان ضعيفًا وأنا قوي، وكان فقيرًا وأنا غني، فكنت لا أمنعه شيئًا من مالي، واليوم أنا ضعيفٌ وهو قوي، وأنا فقيرٌ وهو غني، ويبخل عليَّ بماله، فبكى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم وقال:"ما من حجرٍ ولا مدرٍ يسمع هذا إلا بكى"، ثم قال للولد:"أنت ومالُك لأبيك، أنت ومالُك لأبيك"(ابن ماجة).

أقوال العلماء في أخذ الأب من مال إبنه:"

وللعلماء أقوال في أخذ الأب من مال إبنه يقول ابن قدامة -:"وللأب أنْ يأخُذ من مال ولده ما شاء، ويتملَّكه مع حاجة الأب إلى ما يأخُذه ومع عدمها، صغيرًا كان الولد أو كبيرًا، بشرطين: (أحدهما) ألاَّ يجحف بالابن ولا يضرُّ به، ولا يأخذ شيئًا تعلَّقت حاجتُه به.

(والثاني) ألاَّ يأخذ من مال ولدٍ فيعطيه الآخَر، نصَّ عليه أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد؛ وذلك لأنَّه ممنوعٌ من تخصيص بعض ولده بالعطيَّة من مال نفسه، فلأنْ يُمنَع من تخصيصه بما أخَذَ من مال ولده الآخَر أولى.

وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: ليس له أنْ يأخُذ من مال ولده إلا بقدْر الحاجة..لما روت عائشةقالت: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم :"إنَّ أطيب ما أكلتُم من كسْبكم،وإنَّ أولادكم من كسْبكم"(الترمذي).

ولأنَّ الله تعالى جعل الولد موهوبًا لأبيه فقال:"وَوَهَبْنَالَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ"(الأنعام/84).

وقال:"وَوَهَبْنَالَهُ يَحْيَى"(الأنبياء/90).وقال إبراهيم:"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ"(إبراهيم: 39).

 وما كان موهوبًا له كان له أخْذ ماله؛ كعبده، وقال سُفيان بن عُيَينة في قوله تعالى:"وَلاَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ"(النور/61).

ثم ذكر بيوت سائر القَرابات إلا الأولاد لم يذكُرهم؛ لأنهم دخلوا في قوله:"بُيُوتِكُمْ "، فلمَّا كانت بيوت أولادهم كبيوتهم لم يذكر بيوت أولادهم، ولأنَّ الرجل يَلِي مالَ ولده من غير تولية، فكان له التصرُّف فيه كمال نفسه..."(أهـ ).

وقد يتعلل البعض بقوله صلى الله عليه وسلم : "أنت ومالك لأبيك".(ابن ماجه).

فاللام فيه ليست للملك بل للإباحة كما قال البعض  ومما يدل على أنها ليست للملك أن الابن يرثه أولاده وزوجته وأمه، فلو كان ماله ملكا لوالده لم يأخذ المال غير الأب وليست الإباحة على إطلاقها بل هي بشروط أربعة:

ألا يكون في أخذه ضرر على الابن،

 وألا تتعلق بما يأخذه حاجة الابن،

 وألا يأخذ من مال ابنه ليعطي غيره من أولاده،

 وألا يأخذ من مال ابنه إلا ما كان بحاجة إليه.

هذا والله أعلم

google-playkhamsatmostaqltradent