
تعرف علي العلماء الذين هم لحومهم مسمومة؟
هل كل عالم لحمه مسموم وينتقص ممن سبه
واغتابه ؟
أسئلة نجيب عليها في هذه الحلقة من
:" لحوم العلماء مسمومة"
لاشك أن هؤلاء الذين تسمم لحومهم من يغتابهم أو ينتقص من
حقهم لهم مواصفات خاصة ينطبق عليهم العلماء الربانيون
وحتى لا نقع في سوء الفهم لابد من تحديد الصفات اللازمة
للعالم والتي من أهمها:
1- العالمون بشرع الله، والمتفقهون فيه، والعاملون بعلمهم على
هدى وبصيرة، على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلف
الأمة بالحكمة التي وهبهم الله إياها: "وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ
خَيْرًا
كَثِيرًا"، والحكمة: العلم والفقه.
2- أهل الحل والعقد في الأمة، وهم أولو الأمر الذين تجب طاعتهم،
كما قال غير واحد من السلف في تفسير قوله تعالى: "أَطِيعُوا اللهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ". قال مجاهد: هم أولو العلم
والفقه.
3- العلماء هم أهل الشورى الذين ترجع إليهم الأمة في جميع
شؤونها ومصالحها.
4- أئمة الدين اصحاب الشرف والمنزلة الرفيعة، كما قال تعالى:
"وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا
يُوقِنُونَ". والإمامة في الدين تقتضي بالضرورة الإمامة في
الدعوة. وما الدين إلا بالدعوة، وما الدعوة إلا بالدين.
5- أهل الذكر، والذكر بالعلم والدعوة، كما قال تعالى: "فَاسْأَلُوا
أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"، أصحاب العلم صحيح، المستمد من
الكتاب والسنة الصحيحة، الذين لهم عموم اطلاع على أقوال أهل
العلم المعتبرين، الذين يعايشون مشكلات المجتمع ويفتون في
المواقف التي تنزل بالمسلمين، ولا يكونوا بمعزل عن الحياة، ولذا
حاول الاستخراب عندما دخل بلاد المسلمين ومن بعده الأنظمة
العميلة، عزل العلماء عن الأمة؛ لأنهم شعروا بخطورتهم، واليوم
تلعب أجهزة الإعلام
نفس الدور.
الآمرون بالمعروف، الناهون عن المنكر بالعلم والحكمة،
والصادعون بالحق في وجوه الطغاة المستبدين من حكام
ومفسدين، وليسوا مثل علماء اليهود الذين قال فيهم الله جل
وعلا: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ، ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ
أَسْفَاراً).
الموقرون للشريعة لأن بتوقير العلماء توقر الشريعة؛ لأنهم
حاملوها، وبإهانة العلماء تهان الشريعة؛ لأن العلماء إذا ذلوا
وسقطوا أمام أعين الناس ذلت الشريعة التي يحملونها، ولم يبق
لها قيمة عند الناس، وصار كل إنسان يحتقرهم ويزدريهم؛ فتضيع
الشريعة.
أصناف العلماء
يقولون العلماء ثلاثة أقسام:"عالم ملة، وعالم دولة، وعالم أمة".
أما عالم الملة: فهو الذي ينشر دين الإسلام، ويفتي بدين الإسلام
عن علم، ولا يبالي بما دل عليه الشرع أوافق أهواء الناس أم لم
يوافق.
وأما عالم السلطة: فهو الذي ينظر ماذا تريد فيفتي بما تريد
، ولو كان في ذلك تحريف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم.
وأما عالم الأمة : فهو الذي ينظر ماذا يرضي الناس، إذا رأى
الناس على شيء أفتى بما يرضيهم، ثم يحاول أن يحرف نصوص
الكتاب والسنة من أجل موافقة أهواء الناس – الذي يحصل من
بعض السفهاء.
كان العلماء قبلنا استغنوا بعلمهم عن دنيا غيرهم، فكانوا لا
يلتفتون إلى دنياهم فكان أهل الدنيا يبذلون لهم دنياهم رغبةً في
علمهم، فأصبح أهل العلم منّا اليوم يبذلون لأهل الدنيا علمهم
رغبة في دنياهم
كان العلماء قبلنا استغنوا بعلمهم عن دنيا غيرهم، فكانوا لا
يلتفتون إلى دنياهم فكان أهل الدنيا يبذلون لهم دنياهم رغبةً في
علمهم، فأصبح أهل العلم منّا اليوم يبذلون لأهل الدنيا علمهم
رغبة في دنياهم.
مسؤولية العلماء
لكن المتأمل لما سبق يجد أن العلم له مسؤولية
كبرى مستلزمة إحياء الأمة والقيام بالامتثال والا فوعيد شديد، كما ورد عن النبيّ صلى
اللّه عليه وسلم قال:" القضاة
ثلاثةٌ قاضيانِ في النارِ وقاضٍ في الجنةِ فأما الذي في الجنةِ فرجلٌ عرفَ الحقّ فقضَى
بهِ فهو فِي الجنةِ ورجلٌ عرفَ الحقَ فلم يقضِ به وجارَ في الحُكمِ فهو في النارِ ورجل
لم يَعرِفِ الحق فقضَى للناسِ على جهلٍ فهو للنارِ "(صحيح) وهذا نص بين في أنّ
العلماء الذين يقضون بين الناس أقسام، واحد منها في الجنّة واثنان في النّار، والّذين
هم في النّار لا يُقال عن لحومهم أنّها مسمومة. فعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
أنه قال:"إنّما أخاف على أمّتي الأئمّة المضلّين"، قال العلامة عبد الرحمن
آل الشيخ: أتى بإنّما الّتي قد تأتي للحصر بيانا لشدّة خوفه على أمّته من أئمّة الضلال.
ويقول صلى الله عليه وسلم : "يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي،
وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس". (مسلم).
الفهم الصحيح لصفة العلماء
ولهذا جاء عن العلماء عبارات توضح فهمهم الواضح لمن هو
العالم الذي"لحمه مسموم"ومن هو الواجب التحذير منه وخصوا
علماء السلاطين الأفاكين في زمن علت فيه الشريعة فما بالك في
ظل الأنظمة العلمانية.
فقد روى الآجري عن ابن مسعود رضي الله عنه أنّه قال: لو أنّ
أهل العلم صانوا العلم ووضعوه عند أهله سادوا به أهل زمانهم،
ولكنّهم بذلوه لأهل الدنيا لينالوا من دنياهم فهانوا على أهلها.
وقيل للأعمش: يا أبا محمد، قد أحييت العلم بكثرة من يأخذه عنك.
فقال:
لا تعجبوا فإنّ ثلثا منهم يموتون قبل أن يدركوا، وثلثا يلزمون
السلطان فهم شرّ من الموتى، ومن الثلث
الثالث قليل من يفلح.
وعن عطاء الخراساني أنّه قال: كان العلماء قبلنا استغنوا بعلمهم
عن دنيا غيرهم، فكانوا لا يلتفتون إلى دنياهم فكان أهل الدنيا
يبذلون لهم دنياهم رغبةً في علمهم، فأصبح أهل العلم منّا اليوم
يبذلون لأهل الدنيا علمهم رغبة في دنياهم فأصبح أهل الدنيا قد
زهدوا في علمهم لمّا رأوا من سوء موضعه عندهم، فإيّاك وأبواب
السلاطين فإنّ عند أبوابهم فتنا كمبارك الإبل لا تصيب من دنياهم
شيئا
إلاّ أصابوا من دينك مثله.