recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة -الإسلام دين السلام - لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح


الإسلام دين  السلام

الحمد لله رب العالمين .. الذي جعل السلام تحية أمة خير الأنام .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه.. وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله القائل :"أيها الناس افشوا السلام واطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام"(الترمذي)..

تحميل الخطبة PDF

اللهم صلاة وسلاما عليك يا سيدي يا رسول الله وعلي آلك وصحبك الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً.. 

أما بعد فيا جماعة الإسلام.حديثنا إليكم اليوم عن  الإسلام دين السلام .

اسم من أسماء الله الحسني السلام:"الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ."(الحشر/23).

تحية الله لذاته وملائكته ورسله ..السلام :" سَلَامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ"(يس/58).

اسم من أسماء الجنة دار السلام ." لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"(الأنعام /127).

تحية الله للمؤمنين في  الجنة السلام :" تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ  وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا"(الأحزاب/44).

دعوة الله مخلصة بدار السلام ."وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ "(يونس/ 25).

وصف الله ليلة القدر بالسلام ."سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ"(القدر/5).

تحية المسلم لرسول الله صلي الله عليه وسلم في التشهد السلام ." السلامُ عليْك أيها النبي ورحمةُ الله وبركاتُه"(البخاري).

 تحية المسلم لنفسه وللمسلمين أحياء وأموات في الصلاة السلام:"السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين ".

التحية المشروعة للمسلم بينه وبين المسلمين السلام . :" إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ" (أبو داود). 

سبب من أسباب المحبة والألفة والإخاء السلام.:" أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ " (مسلم).

عنوان لخيري المتخاصمين  الذي يبدأ بالسلام .:" وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ " (مسلم).

ختم  بعد كل صلاة السلام .:" اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلام، ومِنكَ السَّلامُ ، تباركْتَ يَاذا الجلالِ والإكرام"(مسلم).

أخوة الإيمان والإسلام :

تحية الله لذاته وملائكته ورسله  السلام .

لما للسلام من أهمية بالغة وحكمة سامية ذكر لنا المولي عز وجل أنه ألقي السلام علي بعض أنبيائه ورسله وفي ذلك إشارة إلي كيفية السلام وبذله ونشره في المجتمع . ولما سلم المولي عز وجل علي ذاته العليا قال :" سَلَامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ"(يس/58).

وقال تعالي :" فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ"(الأنعام /54).

وعن الملائكة قال :"وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ  سَلَامٌ عَلَيْكُمْ"(الرعد 23-24).

وعن نبيه ورسوله نوح فقال تعالي :"قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا"(هود/48).

وعن الخليل  إبراهيم  قال :"قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ"(الأنبياء/69).

أنت بسلام منا وسلام عليك وفي قصة لوط قال :" فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ"(الذاريات /25).

وعن يحي قال :"وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً "(مريم/15).

وعن عيسى عليه السلام قال: "وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً"(مريم/33).وعن النبي  محمد صلي الله عليه وسلم  قال:" قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى"(النحل 59).

ومن سلامات القرآن  علي الجميع  :" وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى"(طه/47).

فإن كان مهتدياً فالسلام يقع عليه، وإن كان غير مهتد فلا يعنيه السلام.

ودعوة الله كلها ملخصة بدار السلام

قال تعالي :"وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ "(يونس/25).

:"وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ"(الواقعة/90-91).

أخوة الإيمان والإسلام :  

السلام اسم من أسماء الله الحسني : :"قال تعالي :" هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ "(الحشر/23).

ومعنى السلام: وكلمة السلام تعني السلامة، والسلامة مطلقة، تعني سلامة الدين، وتعني سلامة الصحة، وتعني سلامة العرض،فإذا قلت لإنسان: السلام عليكم فأنت تدعو له بكل أنواع السلامة! بدءاً من سلامة الدين والعقيدة إلى سلامة الصحة إلى سلامة العرض والسمعة. والله عز وجل من أسمائه السلام، فأنت إذا كنت مطبقاً لمنهجه نالك هذا الاسم، فقد تحيا حياة طيبة، كما قال الله عز وجل:"مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً"(النحل/97).

 تحيا حياة طيبة، وإذا انقلبت إلى الآخرة فلك جنة عرضها السماوات والأرض. فالجنة أساساً هي دار السلام، أنت في الدنيا في سلام، فإذا انتقلت إلى الرفيق الأعلى كنت في دار السلام، والتعامل مع الله كله سلام بسلام، والله يدعو إلى دار السلام، والسلام كما قلت: كلمة تحتمل كل المعاني التي يمكن أن تندرج تحتها.

شعار المسلم أنه يبدأ الناس بالسلام :قال تعالى:" وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً"(النساء/ 84).

من شعار المسلم أنه يبدأ الناس بالسلام، ويسلم على من يعرف وعلى من لا يعرف، ويستخدم الصيغة القرآنية في السلام،الله عز وجل قال:"تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَام"(الأحزاب/44).

  من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ "(مسلم).

إذن الجنة موجبها الإيمان ، والإيمان من ضوابطه التحاب في الله ، والمحبة في الله لا تكون إلا بإفشاء السلام ، وهذا أمر معلوم لا ينكره أحد ، فترى المحب يسلم على من يُحبه ، ولكنه لا يسلم على من يبغضه ، وهذا لا ينكره أحد .

فموضوع السلام اليوم أصبح عملة زهد فيها كثير من المسلمين ، فما أكثر الناس الذين تمر بجانبهم لا يسلمون عليك ، وإذا سلمت عليهم لا يردون عليك السلام وهذه هي النكسة والنكبة. لأن هؤلاء ليس عندهم سلام نفسي حتي مع أنفسهم ..

عباد الله أقول ماسمعتم واستغفر الله لي ولكم

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين ..والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين  :أما بعد فيا جماعة الإسلام:لازلنا نواصل الحديث حول   الإسلام دين السلام :

فمن عظمة الإسلام أن جعل السلام تحيةبين أبنائه  ولهذا حسدتنا اليهود عليه قال صلي الله عليه وسلم  : "مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَىْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلاَمِ وَالتَّأْمِينِ "(ابن ماجة). فكيدوا أعداءكم من اليهود والشياطين ، وأفشوا السلام بينكم ، حتى تسري المحبة بينكم ، ويظهر الإيمان جلياً فيكم ، فتدخلوا الجنة بسلام .

عباد الله:" و السلام لفظ يشمل ويعم الجميع  حتي في أوقات الحرب فعندما ننظر في آيات القرآن الكريم في معرض الحديث عن الحرب نجد أن الله يذيل الآيات بالسلام لينبهنا إلي قيمة هذا السلام الذي ينبغي أن يعم أقطار الأرض من مشرقها لمغربهاوليس مجتمع الإسلام فقط ..قال الله تعالى:"فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ إلي قوله :" وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً"(النساء/84-86).

وفي الحقيقة أن تأتي آيات السلام ضمن آيات الحرب هناك حكمة بالغة! ذاك أن الذي تحاربه هو إنسان، فإذا سلّم عليك، أي طلب منك أن تعامله بالإحسان فلا ينبغي أن تقتله،قال تعالي :"وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ  إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "(الأنفال /61). فأي إنسان يسلم على مسلم في الحرب ينبغي أن يكف عن قتاله، فلعله يسلم على يديه، 

وقد غضب النبي أشد الغضب حينما قتل أحد الصحابة مشركاً وقد تلفّظ بالشهادة:قال:"يا رسولَ اللَّهِ، إنَّما قالَها مَخافةَ السِّلاحِ. قالَ: أفلا شقَقتَ عن قلبِهِ حتَّى تعلمَ مِن أجلِ ذلِكَ قالَها أم لا؟ مَن لَكَ بلا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يومَ القيامةِ؟"(أبوداود).  فحكمة أن تأتي آيات السلام ضمن آيات الحرب، أي أنك تحارب لا من أجل أن تبيد الطرف الآخر، ولا من أجل أن تزهق روحه، إنما تحاربه من أجل أن تأخذ بيده إلى الله ..

قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"(البخاري).حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ من أخوه؟ أخوه في الإنسانية، لا يمكن أن تكون مقبولاً عند الله إلا إذا عاملت كل البشر كما تحب أن يعاملوك، لأن الإنسان على ثغرة من ثغر هذا الدين فلا يؤتين من قبله.

اللَّهُمَّ أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام فحيينا ربنا بالسلام وأدخلنا الجنة دار السلام تباركت ربنا وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام.

عباد الله أقول قولي هذا وأقم الصلاة..

google-playkhamsatmostaqltradent