recent
أخبار عاجلة

خطبة جمعة | حقوق الزوج على زوجته | لفضيلة الشيخ عبدالناصر بليح

 


 حقوق الزوج على زوجته


الحمد لله رب العالمين .. الكريم المنان ذو الفضل والإحسان له الحمد في الأولى والآخرة وهو على كل شيء قدير .

سبحانك اللهم بهداك نهتدي وبنبيك نقتدي ونتوكل عليك ونؤمن بك ولا نكفرك ونثني عليك الخير كله..

واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه غني عن عباده وهو قريب منهم:"وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"(الحديد 57/4).

واشهد أن سيدنا وأمامنا وأستاذنا محمداً رسول الله القائل :" ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله" (ابن ماجه ). 

اللهم صلاة وسلاما عليك يا رسول الله وعلى آلك وصحبك الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً ..

       أمابعد فيا جماعة الإسلام :

قال الله تعالى:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(الروم  /21).

أخوة الإسلام

لقد شرع المشرع الحكيم الزواج لما فيه من المحبة والشفقة والمودة والاستقرار وهدوء البال كما أنه الوسيلة الطبيعية لبقاء النوع واستمرار الحياة وبناء الأسرة ، كما أنه المتنفس الوحيد والطريق الشرعي لقضاء الشهوة الجنسية .. فقد حرم الله الزنا لما فيه من مخاطر شديدة :"وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً "(الإسراء   /32).

كما حرم المساحقة بين النساء كما حرم اللواط وكذلك الاستمناء باليد ، وقد نوه المولى عز وجل إلى ذلك حيث قال تعالي:"وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ   إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ "( المؤمنون /5-6).

أخوة الإسلام :

أراد الله عز وجل لنا أن نكون أسرة صالحة لأن في صلاح الأسرة قوام المجتمع وصلاحه وفي فساد الأسرة فساد المجتمع وهلاكه ومن رحمة الإسلام أن جعل لهذه الأسرة نظم وقوانين وسن لها سنن وشرع لها شرائع ينبغي التمسك بها فجعل القوامة بيدي الرجل بما يملكه من مقومات كما جعل الطلاق بيده في حالة تعثر العشرة وأعطى للمرأة حق الخلع ومن هنا وجب علينا أن نقف اليوم بين حقوق كل من الزوجين على الآخر حتى يكون كل واحد على بينة من أمره ونقف أولاً على حقوق الزوج على زوجته فقد أعطى الإسلام للزوج حقوقاً كما أعطى للزوجة ..

أيضاً قال تعالى"وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "(البقرة /228).

أخوة الإسلام :

أوجب الإسلام على المرأة طاعة زوجها فيما لا معصية حيث لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " كما أوجب عليها إحسان عشرته وإكرام معاملته وتجنب ما يكرهه ويثير غضبه.. 

وقد شدد في هذه الوصية أيما تشديد فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم  قال :" لو أمرت أحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها "( الترمذي وابن حبان وأبو داود وابن ماجة ).

ومن حق الزوج عليها أن تحافظ على بيته وما فيه وتتصرف فيما تحت يديها بالمعروف ولا تخرج إلا بإذنه وأن وتحفظه في عرضها وماله إذا غاب عنها ففي الحديث الصحيح :" ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله من امرأة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله "( أحمد وأبو داود والنسائي).

فمن حق الزوج على زوجته الطاعة : فطاعة الزوج فيها الراحة والسكن والطمأنينة والسعادة والسرور وإدامة العشرة بين الزوجين والسرور فالمرأة التي خرج زوجها على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم  مسافر وقال لها لا تخرجي من البيت حتى أعود وإن كان ذلك إلى دار أبيك ..

 ومرض أبوها فأرسلت إلى رسول الله تستأذنه في الذهاب إلى أبيها فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم  أطيعي زوجك فمات أبوها فاستأذنت الرسول صلي الله عليه وسلم  فقال : أطيعي زوجك فدفن أبوها فأرسل الرسول صلي الله عليه وسلم إليها يخبرها أن الله قد غفر لأبيها بطاعتها زوجها "

( أخرجه الطبراني في الأوسط ( إحياء علوم الدين ج 2 / 83 ).

فالمرأة المسلمة في بادئ الإسلام كانت تطيع زوجها ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه فإن لم يأذن فلا خروج لها ففي الحديث الشريف " أيما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها لا تزال الملائكة تلعنها حتى ترجع"( البيهقي . )

على أن طاعة الزوجة لزوجها سبب في دخولها الجنة وعصيانها لزوجها سبب في دخولها النار يقول صلي الله عليه وسلم  :"إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت"( ابن حبان وأحمد والطبراني .).

فأضاف الرسول صلي الله عليه وسلم  طاعة الزوج إلى أركان الإسلام .

وحذر الرسول صلي الله عليه وسلم  المرأة من عصيان زوجها فقال في الحديث المتفق عليه :" اطلعت في النار فإذا أكثر أهلها النساء فقلن لم يا رسول الله قال يكثرن اللعن ويكفرن العشرة "( متفق عليه).

يعني معاشرة الزوج وهذه كانت وصية المرأة العربية لبنتها قبل الزفاف :" أي بنيتي : أنك خرجت من العش الذي فيه درجت ، فصرت إلى فراش لم تعرفيه وقرين لم تألفيه فكوني له أرضاً يكن لك سماءً وكوني له مهداً يكن لكي عماداً وكوني له أمة يكن لكي عبداً ولا تلحقي به فيقلاك ولا تباعدي عنه فينساك إن دنا منك فاقربي منه وإن نأى عنك فابعدي عنه واحفظي أنفه وسمعه وعينه فلا يشمن منك إلا طيباً ولا يسمع إلا حسناً ولا ينظر إلا جميلاً ".

أخوة الإسلام :

وإذا نظر إليها سرته " حق من حقوق الرجل على زوجته أن تتزين له لا لغيره تقول السيدة عائشة يا معشر النساء إن استطاعت إحداكن أن تخلع مقلة عينها وتزينها لزوجها فلتفعل ".

وكانت الزوجة على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم  تتزين لزوجها وتأتيه عند النوم أ لك حاجة فإذا كان له حاجة قضاها وإلا نام .. أما بعض النسوة فهن يتزين عند الخروج من البيت فقط فإذا أرادت المرأة الخروج تزينت وتعطرت ولبست أجمل ما عندها كاشفة عن عورتها إلا من رحم ربي وقد نهى الرسول صلي الله عليه وسلم  أن تخرج المرأة من بيتها متزينة تضع الروائح ففي الحديث الشريف الصحيح " أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية "( الحاكم وقال صحيح الإسناد ).

أخوة الإسلام :

ومن حق الزوج على زوجته إن أقسم عليها أبرته " لآبد للزوجة أن تبر قسم زوجها ولا تجعله يحنث في يمينه .. ولكن للأسف عندما يحلف الرجل اليوم على زوجته إن خرجت من بيتها فهي طالق .. فتخرج معاندة ويقع الزوج في حرج ويسأل العلماء عن حكم هذا اليمين والذي يتدبر اليوم يجد أن أكثر الأسئلة اليوم من هذا القبيل ونقول له : "إذا حلفت وكنت تنوي التهديد فلا طلاق وإنما عليك كفارة يمين وإذا حلفت بهذا اليمين وكنت تنوي الطلاق فيقع الطلاق وتحسب عليك طلقة .. لأنه طلاق معلق على شرط يقع إذا تحقق الشرط :

أيها الأخوة

ومن حق الزوج على زوجته إن غاب عنها حفظته في نفسها وماله فالمحافظة على الزوج في غيبته من أكد الحقوق على المرأة لأن أغلب الجرائم اليوم ولا سيما جرائم القتل تأتي بسبب الخيانة الزوجية .. فالمرأة التي أراد أن يعبث بحرمتها رجل قالت له :

فاترك ماءكم من غير ورد وذاك لكثرة الوراد فـيـــــــه

إذاسقط الذباب على طعام    رفعت يدي ونفسي تشتهيه

وتجتنب الأسود ورود ماء  إذا كان الكلاب ولـــغن فيه

ويرتجع الكريم خميص بطن ولا يرضى مقاسمة السفيه

وفي عدم حفظ الزوجة لزوجها في غيبته أذية له أذية معنوية  ونفسية إذ يلحقه العار في كل مكان وأينما توجه تلاحقه نظرات الناس بالخزي ..

وقد حذر الرسول صلي الله عليه وسلم  المرأة التي تؤذي زوجها قائلاً : " لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا "( الترمذي وابن ماجة .).

وأقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ..

أما بعد

فيا جماعة الإسلام :

ومن حقوق الزوج على زوجته حفظ سره وعدم إفشاءه إلى قريب أو بعيد وهو حق مشترك بين الزوجين لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم  :" إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفض إلى امرأته وتفض إليه ويفشي سرها "( متفق عليه).

كما تحفظ سره في هذا الأمر تحفظ سريرته ولا تنشره لأحد وعلى الجملة : فقد ذهبت امرأة إلى الرسول صلي الله عليه وسلم  تقول له : إنها امرأة أيم لا زوج لها وتريد أن تتزوج فما حق الزوج على زوجته قال صلي الله عليه وسلم  : إذا أرادها فراودها عن نفسها وهي على ظهر بعير لا تمنعه ومن حقه ألا تعطي شيئاً من بيته إلا بإذنه فإذا فعلت ذلك كان الوزر عليها والأجر له ومن حقه ألا تصوم تطوعاً إلا بإذنه فإن جاعت وعطشت فلا تقبل منها وإن خرجت من بيتها  بغير إذنه لعنتها الملائكة حتى ترجع إلى بيته أو تتوب " (البيهقي ).

أخوة الإسلام :

بين لنا الرسول صلي الله عليه وسلم  في الحديث حقوق الزوج على زوجته وتجدها تتمثل في الآتي :

أولاً : العفة :

وتتمثل في معاشرة الرجل لزوجته وأن لا تمنعه هذا الحق حتى لا ينظر إلى النساء الأجنبيات وأن يغض بصره ..

ثانياً : القناعة :

 أن تكون المرأة قانعة بما في بيت زوجها فلا تعطي منه شيئاً إلا بإذنه وإن كان قليلاً فلا تشتكي العوز والحاجة .

فقد هم رجل من السلف بالسفر فكره جيرانه سفره فقالوا لزوجته لم ترضين سفره ولم يدع لك نفقة فقالت زوجي قد عرفته أكالاً وما عرفته رزاقاً سيذهب الأكال ويبقى الرزاق ".

ثالثاً: الطاعة :

فيما لا معصية فلا تصوم تطوعاً إلا بإذنه وعلى هذا تقاس كل الأعمال أما الفرائض فليس للزوج إذن في ذلك .

رابعا: الإذعان :

أن تذعن المرأة لأمر زوجها فإذا نهاها عن الخروج لا تخرج وإذا أرادت الخروج لابد من الاستئذان فإذا أذن لها وإلا فلا خروج حتى لا تعرض نفسها لغضب الله ولعنة الملائكة .. إلا للضرورة الشديدة والملحة.

تلك هي توجيهات الإسلام الكفيلة بخلق أسرة صالحة .. لتكون نواة لمجتمع صالح وعماداً لوطن قوي

اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً.

google-playkhamsatmostaqltradent