
دروس في العقيدة (1).
الدرس الأول : أهمية معرفة و تعلم العقيدة الصحيحة
الحمدلله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا
نبي بعده ....أمابعد :-
فياعباد الله إن العقيدة الإسلامية ضرورية للإنسان
ضرورة الماء و الهواء ،
إذ هو بدون هذه العقيدة تائه ضائع يفقد ذاته
ووجوده .
وعقيدة التوحيد هي أساس الدين ،و كل الأوامر
والنواهي و العبادات و الطاعات
كلها مؤسسة على عقيدة التوحيد ،التي هي معنى
شهادةأن لا إله إلا الله ،و أن محمدا رسول
الله ،الشهادتان اللتان هما الركن الأول من أركان الإسلام ،
فلا يصح عمل ،و لا تقبل عبادة ، و لا ينجوا أحد
من النار ،
إلا إذا أتى بهذا التوحيد و صحح العقيدة .
عباد
الله :" والعقيدة الإسلامية يجب على كل إنسان تعلمها وجوباً عينياً .
بمعنى : أنه لا يعذر أحد بجهلها ، و على كل مسلم
و مسلمة أن يتعلمها .
فالعقيدة الإسلامية عقيدة واضحة جلية يدركها
كل أحد ، فمن هذا الباب
لا يعذر أحد بجهلها . وإلا وقع في أخطاء
شركية جسيمة..
لأن الله لم يخلق الخلق إلا لعبادته ، و توحيده ،
و إفراده بالعبادة .
قال تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ
إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "(الذاريات/56). " و معنى يعبدون : يوحدون .
و قال تعالى : " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍۢ رَّسُولًا أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ
هَدَى ٱللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ ٱلضَّلَٰلَةُ ۚ فَسِيرُواْ فِى ٱلْأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ
ٱلْمُكَذِّبِينَ "(النحل/36).
فهذه الآية دلت على أن جميع الرسل عليهم الصلاة
والسلام جاءوا بالدعوة إلى التوحيد ،و النهي عن الشرك ، و هي ملة واحدة و إن إختلفت
شرائعهم ،
فأصل دينهم و عقيدتهم هو التوحيد . فأخبر سبحانه
وتعالي أنه بعث في كل أمة سبقَتْ رسولا آمرًا لهم بعبادة الله وطاعته
وحده وتَرْكِ عبادة غيره من الشياطين والأوثان والأموات وغير ذلك مما يتخذ من دون الله
وليًا، فكان منهم مَن هدى الله، فاتبع المرسلين، ومنهم المعاند الذي اتبع سبيل الغيِّ،
فوجبت عليه الضلالة، فلم يوفقه الله. فامشوا في الأرض، وأبصروا بأعينكم كيف كان مآل
هؤلاء المكذبين، وماذا حلَّ بهم مِن دمار؛ لتعتبروا؟
عباد الله :" ومن فوائد و ثمرات تحقيق العقيدة
الصحيحة :
أولاً:" أن معرفة العقيدة الصحيحة من أكبر الدوافع للإنسان
على عمل الصالحات و الإكثار منها ، و البعد عن السيئات والمعاصي و التخلص منها ، لأن
من عرف الله عز وجل بأسمائه و صفاته كان ذلك أدعى لطاعته و ترك معصيته .
2ثانياً:" أن الموحدين لهم الأمن و هم مهتدون
كما قال سبحانه " الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ
لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ "(الأنعام/82) في هذه الآية ذكر الله للموحدين
مزيتين :-
أـ الأمن في الدنيا . ب ـ الهداية من الضلال
.
ثالثاً:" قال صلى الله عليه و سلم مبلغاً عن رب العزة سبحانه في الحديث القدسي:" يا
ابنَ آدمَ ! لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرضِ خطَايا ثُمَّ لَقِيْتَني لاتُشْرِكْ بِيْ شَيْئًَا لأتيْتُكَ بِقِرَابِها
مَغْفِرَةً
"(الترمذي وأحمد).
في هذا الحديث : بيان حسنة التوحيد ، و أنها
تكفر الخطايا الكبيرة ،
بشرط أن يلقى الله و هو لا يشرك به شيئا . يا ابنَ آدمَ،
إنَّك لو أتيتَني"، أي: بعدَ الموتِ، "بِقُرابِ"، أي: بمِلْءِ الأرضِ،
"خَطايا"، أي: ذُنوبًا ومَعاصِيَ، "ثمَّ لَقيتَني"، أي: بعدَ الموتِ
مُوحِّدًا "لا تُشرِكُ بي شيئًا"، لا في الرُّبوبيَّةِ، ولا في الألوهيَّةِ،
ولا في الأسماءِ والصِّفاتِ، "لأَتيتُك"، أي: قابَلتُ هذه الذُّنوبَ والْمعاصِيَ،
"بقُرابها"، أي: بمِلْئِها، "مَغفِرةً"؛ لأنَّني واسِعُ المغفرةِ،
وأغفِرُ كلَّ شيءٍ دونَ الشِّركِ؛ كما قال سبْحانَه: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ
أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ"(النساء: 48،
97).
وقال العُلماءُ: إنَّ غُفرانَ الكبائرِ للمُؤمِنين
يَحتاجُ إلى توبةٍ، أو إنَّ أمْرَها بيَدِ اللهِ سبحانه، إنْ شاء عَفا عَنها وإن شاء
عاقَب عليها، وكذلك حُقوقُ الخَلقِ؛ فإنَّه لا بدَّ مِن رَدِّها، أو يُجازي اللهُ بفَضلِه
صاحبَ الحقِّ ويَعْفو بكَرَمِه عن المذنِبِ فيها.
وفي الحديثِ: فضلُ التَّوحيدِ، وأنَّ اللهَ يَغفِرُ
للمُوحِّدين الذُّنوب والمعاصي.
اللهم إختم أعمارنا بلا إله إلا الله محمد رسول الله و صلى الله على نبينا محمد و على آله
و صحبه و سلم ."الى لقائنا الأسبوع القادم بإذن الله تعالى إذا كان في العمر بقية مع
درس جديد لنتعلم العقيدة