recent
أخبار عاجلة

الدرس السادس عشر | يستحب للصائم الإكثار من الطاعات

 

 

الدرس السادس عشر | يستحب للصائم الإكثار من الطاعات

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد فياعباد الله

 إن الصوم عبادة من أجلّ العبادات،وصوم رمضان ركن من أركان الدين،وعلى المسلم أن يحافظ على صيامه ويحتاط له،حتى يجزيه الله عليه الجزاء الأوفى . فأجر الصائم المحتسب لا يعلمه إلا الله ،وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :قال الله عز وجل:" كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به"(البخاري ومسلم).

وللصيام سنن كثيرة متعددة،ذكرنا منها تعجيل الفطر والدعاء ولاسيما عند الإفطار وتأخير السحور ونواصل هنا الحديث عن ما يسن للصائم  ويستحب له فعله ومنها أيضاً إذا شتمه أحد أو قاتله أن يقابل إساءته بالإحسان ويقول:"إني صائم إني صائم ..كما قال صلي الله عليه وسلم:"إذا أصبَحَ أحدُكم يومًا صائمًا،فلا يرفُثْ ولا يَجهَلْ، فإنِ امرؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَه، فلْيَقُل:"إنِّي صائِمٌ، إنِّي صائِمٌ "(البخاري ومسلم).

فعلي الصائم  أن يقول مرتين"إني صائم إني صائم" ففي المرة الأولي يُذكر نفسه أنه صائم وفي المرة الثانية يُذكر من أمامه أنه صائم ولن يقابل الإساءة بالإساءة بل لابد أن يقابلها بالإحسان,وأنه يملك نفسه عند الغضب كما قال صلي الله عليه وسلم:" ليسَ الشَّديدُ بالصُّرَعَةِ ، إنَّما الشَّديدُ الَّذي يملِكُ نفسَه عندَ الغَضبِ"(البخاري ومسلم).

"كان عند ميمون بن مهران ضيف، فاستعجل على جاريته ،فجاءت مسرعة ومعها قصعة مملوءة، فعثرت وأراقتها على رأس سيدها ميمون، فقال: يا جارية، أحرقتني! قالت:"يا معلم الخير، ومؤدب الناس، ارجع إلى ما قال الله تعالى، قال: وما قال الله تعالى؟ قالت: قال:"وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ"، قال: قد كظمت غيظي، قالت:"وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ"، قال: قد عفوت عنك، قالت: زِد، فإن الله تعالى يقول:"وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"قال: أنت حرة لوجه الله تعالى".

كما يستحب للصائم ألا يضيع وقته فيما لا ينفعه ولا يفيده وقد يؤثر على صومه بكثرة النوم،وكثرة المزاح ونحو ذلك،وألا يجعل همه في تناول ألوان الطعام والشراب ، فإن ذلك كله يمنعه عن كثير من العمل الصالح أثناء الصوم..

ويُستحَبّ للمُسلم الإكثارمن الصدقات بأنواعها في شهر رمضان، وفعل الخيرات والإحسان إلي ذوي القربي والفقراء والمساكين،والاشتغال بالعلم والصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم والاستغفاروالتوبة إلي الله.

ويستحب:أن يكثر من تلاوة القرآن وذكر الله . كما جاء عنه  صلى الله عليه وسلم  أنه كان أجود ما يكون في رمضان، حينما يُدارِسُه جبريل القرآن. فكان يدارسه القرآن في رمضان كلَّ سنة مرة، وفي السنة الأخيرة دارسه القرآن مرتين.عن ابْنِ عَبَّاسٍ،قَالَ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ،وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ،وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ"(البخاري ومسلم).

ويستحب أن  يختم المسلم  القرآن مرة أو مرتين في شهر القرآن  وقد حثّ النبيّ –صلي الله عليه وسلم على ذلك بقوله:"لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ:"رَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ القُرْآنَ فَهو يَقُومُ به آناءَ اللَّيْلِ، وآناءَ النَّهارِ"(مسلم ).

وقد اختلفت أقوال الفُقهاء في عدد الأيّام التي يُسَنّ أن يُختَم فيها القُرآن الكريم، إلي أقوال ثلاثة

 القول الأوّل: يُسَنّ خَتْمه كُلّ أُسبوع؛ وهو قول المالكية، والحنابلة، واستدلّوا بقوله صلي الله عليه وسلم  لعبداللَّه بن عمرو:"فَاقْرَأْهُ في كُلِّ سَبْعٍ، وَلَا تَزِدْ علَى ذلكَ"(مسلم). ونصَّ المالكية على أنّ قراءة القُرآن مع تدبُّر معانيه أفضل من كثرة قراءته، أمّا الحنابلة فقالوا بكراهة تأخير خَتْمه عن أربعين يوماً من غير عُذر؛ حتى لا يتمّ نسيانه، وقالوا بحُرمة التأخير عن الخَتم فوق أربعين يوماً في حالة الخوف من نسيانه.

القول الثاني: يُسَنّ خَتمه كُلّ أربعين يوماً؛ لأنّ المقصود من تلاوته تدبُّر معانيه، وفَهمها، وليست تلاوته فقط؛ وهو قول الحنفية الذين استدلّوا على ذلك بقوله تعالى:"أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا"(محمد/24). وهذا التدبُّر لا يأتي إلّا بالتلاوة المُتأنِّية، ونصَّ الحنفية على كراهة خَتْمه في أقلّ من ثلاثة أيّام.

القول الثالث: يُختَم القرآن الكريم حسب حاجة الذي يقرأ للخَتم، وللتأنّي، وليس هناك حَدّ مُعيَّن للخَتم؛ وهذا هو القول المُعتمَد عند الشافعيّة.

ويستحب  للصائم أن يكثر من الطاعات، ويجتنب جميع ما لا يفيده، ويجب عليه المحافظة على الواجبات، والبعد عن المحرمات، فيصلي الصلوات الخمس في أوقاتها ، ويترك الكذب والغش،وقول الزوروكل قول أو فعل محرم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه"(البخاري).

وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه:"إذا صمْتَ فلْيَصُم سَمْعك وبصَرُك ولسانك عن الكذب والمَحَارم،ودَع أذَى الجار، ولْيَكن عليك وقار وسكينةٌ يومَ صومِك،ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء".

عباد الله:" وتُعَدّ مُحاسبة النَّفْس ومُراقبتها، من أفضل الوسائل التي يتّخذها العبد في شهر رمضان، وهي طريق المُحسِنين، وتكون قبل العمل؛ بالاستعداد له، وأثناءه؛ بمُراقبة النَّفْس ظاهراً وباطناً، وبَعده؛ بمُحاسبة النَّفْس، ويُستحَبّ أن تكون هذه المُحاسَبة في الخفاء.حتي يفوز برضوان الله عزوجل قال الحسن بن علي رضي الله عنهما:"إنَّ الله جعل رمضان مضمارًا لِخَلقه، يَسْتَبِقون فيه بطاعته إلى مَرضاته؛ فسَبَق قوم ففازوا،وتخلَّف آخرون فخابوا".وصلي اللهم علي سيدنا محمدوعلي آله وصحبه وسلم.

google-playkhamsatmostaqltradent