recent
أخبار عاجلة

الدرس التاسع عشر ويسن الاعتكاف

  


الدرس التاسع عشر | ويسن الاعتكاف

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أمابعد فياعباد الله لازلنا نواصل الحديث حول سنن الصيام ومنها الاعتكاف

ويُعرَّف الاعتكاف في اللغة بأنّه:الحَبس،والمكث  ومُلازمة الشيء؛ سواءً كان في الخير، أو الشرّ،

 أمّا في الاصطلاح الشرعيّ،فيُعرَّف بأنّه:المُكث في المسجد مع وجود النيّة للعبادة،وهو من العبادات القديمة قال تعالي:"وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ"(البقرة/125). وقال تعالي:"وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ"(البقرة: 187).

وممّا يدلُّ عليه فِعل النبيّ صلي الله عليه وسلم  من أنّه:"كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ،ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِن بَعْدِهِ"(مسلم).

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم :"كان يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً"(البخاري).

وحكم الاعتكاف:"أنه سنة مؤكدة ويتأكد في العشر الأواخر من رمضان ويصير واجباً إذا أوجبه الإنسان علي نفسه بأن نذر أن يعتكف يوماً أو يومين فإن الوفاء بالنذر واجب. 

وللاعتكاف أربعة أركان،هي:المُكث أو الحَبس، والنيّة، والمُعتكِف،والمُعتكَف فيه،وهو يُسَنّ في كُلّ وقت، وخاصّةً في العشر الأواخر من شهررمضان؛ليدرك المعتكف ليلة القدر..

عباد الله:"واتفق الفقهاء على أنه لا يصح الاعتكاف إلا في مسجد لقوله تعالى:"وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ"(البقرة/187‏).

وللاتباع لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتكف إلا في المسجد.

ومن أفضل المساجد،المسجد الحرام ثم المسجد النبوي ثم المسجد الأقصى لقوله صلى الله عليه وسلم:"صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فما سواه إلا المسجد الحرام"(متفق عليه).

ويقول صلي الله عليه وسلم:"الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة،والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة"(الطبراني عن أبي الدرداء مرفوعاً:حسنه البزار).

 واتفقوا على أن المسجد الجامع يصح فيه الاعتكاف وهو أولى من غيره بعد المساجد الثلاثة.

واختلفوا في المسجد غير الجامع والراجح جواز الاعتكاف فيه إذا كان تقام فيه الجماعة، وهو ما ذهب إليه  أحمد وأبو حنيفة لقول عائشة: "من السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان، والاعتكاف إلا في مسجد جماعة"

وذهب الشافعية إلى أنه يصح الاعتكاف في أي مسجد كان، وهو مذهب المالكية إلا أنهم اشترطوا أن يكون المسجد مباحاً وأن يكون جامعاً لمن تلزمه الجمعة.

ومن شروط الاعتكاف النية والطهارة من الحدث الأكبر فلايصح من جنب ولا حائض أونفساء ..واشترط الحنفيةوالمالكية الصوم,أما الشافعية والحنابلة فلم يشترطوا الصوم..

ويجوز للمرأة الاعتكاف بعد أخذ إذن زوجها أو ولي أمرها واعتكافها يكون في المسجد أيضاً ولكن في مكان خاص بها فقد كان أزواج النبي صلي الله عليه وسلم يعتكفن في المسجد وفي أماكن خاصة بهن..

واجاز الأحناف أن تعتكف المرأة في مسجد بيتها وكرهوا اعتكافها في المساجدلأن مبني حالها علي الستر ..

ويفسد الاعتكاف بالجماع ويحرم علي المعتكف أن يفعل مايؤدي إليه كالتقبيل ومايشبهه..

كمايفسد الاعتكاف بالخروج من المسجد بدون ضرورة تدعو بذلك.

أما الخروج لضرورة أوقضاء حاجة وشراء مايلزمه شراؤه لمأكله ومشربه وأهل بيته ..فلايبطل الاعتكاف.

عن عائشةَ قالت :"كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إذا اعتَكفَ يُدني إليَّ رأسَهُ فأرجِّلُهُ وَكانَ لا يدخلُ البيتَ إلَّا لحاجةِ الإنسانِ"(أبوداود).

وعن صفية بنت حيي:"كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مُعتَكفًا فأتيتُه أزورُه ليلًا فحدَّثتُه ثمَّ قمتُ فانقلبتُ فقامَ معي ليقلبَني وَكانَ مَسكنُها في دارِ أُسامةَ بنِ زيدٍ فمرَّ رجلانِ منَ الأنصارِ فلمَّا رَأيا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أسرَعا فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ:"علَى رِسلِكما إنَّها صفيَّةُ بنتُ حييٍّ "قالا:"سبحانَ اللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ"قالَ:"إنَّ الشَّيطانَ يجري منَ الإنسانِ مجرَى الدَّمِ فخشيتُ أن يَقذفَ في قلوبِكما شيئًا أو قالَ شرًّا"وفي روايةٍ قالت :"حتَّى إذا كانَ عندَ بابِ المسجدِ الَّذي عندَ بابِ أمِّ سلمةَ مرَّ بِهما رجلانِ"(أبوداود).

ففي هذين الحديثين مايدل علي جواز خروج المعتكف من مكان اعتكافه لضرورة تدعو لذلك ولكن بنية العودة إلي الاعتكاف بعد انتهاء تلك الضرورة..

اختلف أهل العلم رحمهم الله في الوقت الذي يبدأ فيه الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان على قولين:

الأول:أنه يبدأ قبل غروب الشمس ليلة الحادي والعشرين،فمن نوى اعتكاف العشر الأواخر فإنه يدخل معتكفه قبل غروب الشمس من اليوم العشرين، أي ليلة الحادي والعشرين، وهذا قول جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة، ودليل ذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان. والعشر الأواخر تبدأ بغروب الشمس ليلة الحادي والعشرين"(البخاري)

والقول الثاني: أنه يبدأ بعد صلاة الفجر يوم الحادي والعشرين، فمن نوى الاعتكاف في العشر الأواخر فإنه يدخل معتكفه بعد صلاة الفجر من ذلك اليوم، وهذا قول الأوزاعي والليث والثوري، ودليل ذلك ما روي عن عائشة قالت:"كان رسول اله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه"(مسلم).

والذي نميل إليه أن الاعتكاف يبدأ قبل غروب الشمس ليلة الحادي والعشرين،وهو قول الجمهور، وأما حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم صلى الفجر ثم دخل معتكفه فقد حمله الجمهور على أن المراد أنه دخل المعتكف وانقطع فيه واختلى بنفسه بعد صلاته الصبح لا أن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف، بل كان من قبل الغروب معتكفا لابثاً في المسجد"(حكاه النووي رحمه الله).

وينبغي للمعتكف أن يشتغل بذكر الله وبقراءة القرآن وبالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل وبكل قول طيب وعمل صالح لأنه إنما حبس نفسه وألزمها الإقامة في المسجد للاشتغال بالطاعة والإقبال علي العبادة..لا لمعصية..

وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم ..

google-playkhamsatmostaqltradent