الدرس العشرون | السواك واستعمال معجون الأسنان للصائم
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد فياعباد الله
لازلنا نواصل الحديث حول سنن ومستحبات الصيام وتحدثنا من قبل عن قيام الليل صلاة التراويح وصلاة التهجد والاعتكاف ونتحدث اليوم عن السواك ..
فهل يجوز استعمال السواك ومعجون الأسنان والخلال أثناء الصيام؟
وأما السواك فهو سنّة بلا نزاع، جائز بلا نزاع، .ويستحب للصائم أن يتسوك أثناء الصيام، ولا فرق بين أول النهار وآخره.
وأجمع الفقهاء على أن السواك لا يفسد صوم الصائم؛ لأن الفم من خارج الجسم وليس جوفاً.
ولكن هل يشترط أن يكون جافاً أم يجوز أن يكون مبللاً؟
الجمهور: يرى أنه لا فرق فى السواك للصائم بين أن يكون جافاً أو أن يكون مبلّلاً؛ لأنه لو تفتت منه شىء أمكنه أن يلقيه. ولن يكون بلله كبلل المضمضة، وهى جائزة. ولك أن تقيس معجون الأسنان على السواك المبلل الذى يتفتت.
وذهب المالكية وأبويوسف من الحنفية ورواية لأحمد إلى كراهة استياك الصائم بالمبلل؛ خشية وصول فتاته إلى الحلق.
وهل الأفضل للصائم أن يستاك أو يترك السواك؟
الحنفية والمالكية يرون استحباب السواك للصائم؛ لما أخرجه ابن ماجه بسند فيه مقال أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:"من خير خصال الصائم السواك"( والدارقطنى والبيهقى). وأخرج الترمذى بسند ضعيف عن عامر بن ربيعة قال:"رأيت النبى -صلى الله عليه وسلم- ما لا أحصى يتسوك وهو صائم"
والشافعية والحنابلة يرون كراهة السواك للصائم بعد الزوال، أى من النصف الثانى من النهار؛ للمحافظة على رائحة فم الصائم التى تظهر قوية بعد الزوال. ولكل مكلف أن يأخذ بأى الأقوال شاء حسب ارتياح قلبه وليس بحسب افتئات أحد عليه.. فكل الأقوال الفقهية جاءت لخدمة قلوب الناس، فأى الأقوال صحّ عند قلبك فهو دينك، وهذا ما قاله الإمام الشافعى لتلميذه المزنى، قال له:"يا أبا إبراهيم لا تقلدنى فى كل ما أقول، وانظر فى ذلك لنفسك فإنه دين".(نقله الدهلوى فى الإنصاف عن الحاكم والبيهقى).
أما ماقاله الشافعي :"يكره السواك بعد الزوال للصائم؛ لِمَا جاء في الحديث الشريف من أن خُلُوف فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ"(أحمد)
فهو قول مرجوح، والصواب عدم الكراهة؛ لعموم ماورد عنه صلي الله عليه وسلم فيماروته عائشة قال :"السواك مطهرة للفم مرضاة للرب"(ابن ماجه والنسائي).
ولقوله صلي الله عليه وسلم :"لولا أن اشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"(البخاري).
وقال بعض العلماء رداً علي من قال بكراهته بعد الظهر:"وهذا معنًى حسنٌ إن كان الناس لا يجدون رائحته، فإن كان الصائم يتعامل مع الناس فإن الأَفضل له أن يغير رائحة فمه ولو بعد الزوال؛ توقِّيًا من تَأَذِّيهم برائحته؛لأن درء المفاسد مقدَّمٌ على جلب المصالح.
وقال الترمذي: ولم ير الشافعي بالسواك، أول النهار وآخره بأسا.وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتسوك، وهو صائم.لكن اختلفوا في كراهيته بعد الزوال،أي بعد الظهروالصحيح عدم الكراهية؛لأن الأحاديث ما خصصت شيئاً لذلك، والصحابي رأى رسول الله صلي الله عليه وسلم كثيراً يستاك وهو صائم،ولم يفرق صلي الله عليه وسلم بين ما قبل الزوال وما بعده.
وعلي هذا فيجوز للصائم استعمال السواك لتنظيف الفم والأسنان واللسان، بل هو مستحبٌّ خاصة في الصباح بعد اليقظة من النوم، وعند تغير الفم..
وأما بلع أجزاء السواك فإنها لا تبلع، وإذا كان للسواك طعم اختلط بالريق ولم يستطع تمييزه عن الريق فما يفطر إذا بلعه، وأما إن كان له جرم مثل القشور فلا يجوز تعمد بلعه ويجب إخراجه لأنه لو تعمد بلع القشور أفطر وعليه القضاء.
وإذا استاك وهو صائم فوجد حرارة أو غيرها من طعمه فبلعه أو أخرجه من فمه وفيه ريق -المسواك- ثم أعاده إليه فلا يفطر.ولا حرج في ذلك مع التحفظ عن ابتلاع شيء منه..
وكذلك الحال في استعمال المعجون وفرشاة الأسنان فى نهار رمضان، بشرط أن يُنَقَّى الفم بالماء جيدًا من آثار المعجون حتى لا تتسرب مادته إلى الحلق، فإن بقيت رائحة المعجون أو طعمه فإنَّ ذلك لا يُؤثِّر ما دامت مادة المعجون نفسها قد زالت.
ومن السنن المؤكَّدة في حق الصائم أن يخلل ما بين أسنانه جيدًا بالسواك، ويُفضَّل أن يستعمله كلما دعت الحاجة إلى استعماله،
ومن الآداب الإسلامية التي ينبغي مراعاتُها ألا يستخدم السواك أمام الناس وفي الأماكن العامة كالمواصلات ومكاتب العمل أو بعد إقامة الصلاة وقبل تكبيرة الإحرام؛ لأن استخدام السواك يحتاج إلى مضمضة الفم بالماء بعد استخدامه وغسل السواك بعد الاستعمال. وهذه وتلك من أداب الإسلام السامية ..
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم .