
فضل العشر الأواخر من رمضان
الحمد لله رب العالمين..وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له .وأشهد أنَّ
سيدنا مُحمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفيه من خلقه وحبيبه طبُ القلوب ودوائها وعافيةُ الأبدان
وشفائها ونور الأبصار وضيائها محمد صلى الله عليه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.أما بعد فيا
جماعة الإسلام:" شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ
مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ.."(البقرة/185).
عباد الله :"ونحن قد حلت علينا العشر الأواخر من رمضان وها هو رمضان قد أقبل علي الرحيل ولم يتبق منه إلا القليل وهكذا شأن الأيام الفاضلة تمر سريعاً فبالأمس كنا نستقبل رمضان وها نحن اليوم نستعد لوداع رمضان غدي سيصبح أمسي وأمسي لن يصير غدي .. نودع هذه الأيام الأخيرةُ من شهر رمضان المبارك، شهرِ الخير والعطاء والفضلِ والبركة والجودِ والإحسان..
إننا نعيش هذه الأيامَ ونحن نعلم جميعًا أن هذاَ الشهرَ فرصةٌ لا تُعوَّضُ، وقد لا تتكرَّرُ لكثيرٍ من الناس، فرصَةٌ لا تعوَّضُ للتوبة إلى الله عزوجل والإقبالِ إلى طاعته، والنَّدَمِ على التفريطِ في جَنبِ الله فرصَةٌ لا تُعوَّضُ للإنابة إلى الله والتوبةِ إليه من كل ذنبٍ وخطيئة.
قال صلى الله عليه وسلم :" رغِم أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغفرْ له ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين ، ورغِم أنفُ امرئٍ ذُكِرتَ عنده فلم يُصلِّ عليك ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين ، ورغِم أنفُ رجلٍ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُغفرْ له ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين "(البزار).
دعاء
بالخيبة والخسران ورغم أنفه أي التصق انفه بالتراب من أدرك رمضان ولم يغفر له..
ويقول صلي الله عليه وسلم :"مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ
له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ
له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ"(البخاري).
عباد الله:" إننا لو أردنا أن نتحدث عن فضل العشر الأواخر وارتباطها بواقعنا
اليوم ما كفانا وقت ولكننا نريد أن نعرج سريعاً
علي فضائل تلك العشر وخصائصها ومدي تأثيرها في زيادة الإيمان وارتفاع درجته ..
فمن السنن المؤكدة إحياء العشر الأواخر
من رمضان فهي أفضل الأيام،ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يخصها بالعديد من الأعمال الصالحة
فعن عائشة رضي الله عنها، قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يجتهد
في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره"(مسلم)..
و كان السلف الصالح يعظمون ثلاثة أعشار فى العام .
العشرالأول من المحرم،والعشرالأول من ذى الحجة,والعشرالأواخر من رمضان.
واتفقوا على أن أفضل ليالى العام هى الليالى الأخيرة
من شهر رمضان لأن فيها ليلة القدر .
عباد الله" كان صلي الله عليه وسلم يخص تلك الليالي بمزيد من الاجتهاد
ويوليها ما تستحق من العناية إشهاراً لفضلها وحثاً للأمة على طلب فضائلها وبركاتها ، وكان الرسول صلي الله عليه وسلم في تلك الأيام يواظب
علي عشرة أعمال بجانب الصلاة والصيام,خصال كلها طاعة وعبادة وهي:"
- شد مئزره أي (اعتزل النساء).
- وأيقظ أهله .
- وأحيا ليله "قيام الليل"
- وقام ليلة القدر.
- وصلي صلاة التهجد.
- ودخل معتكفه.
- ومدارسة القرآن"
- جاهد في الله حق جهاده
- أخرج زكاة فطره
- كبر وهلل ليلة العيد
وعندما نقف مع تلك الأعمال لابد أن يكون بالأدلة فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة
رضي عنها قالت:"كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ
شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ"(البخاري).
وعنها أيضاً كان صلى الله عليه وسلم:"يجتهد في العشر مالا يجتهد في غيرها"وتواتر
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف
تلك الليالي فيلازم المسجد فلا يخرج منه إلا لحاجة الإنسان فكان النبي صلى الله عليه وسلم في هذا العشر يقطع الأشغال ويفرغ
البال ويشتغل بصالح الأعمال من صلاة وصدقة وتلاوة للقرآن وجود بأنواع الإحسان والذكر
والدعاء استزادة من الخير والهدى. والبعد عن الدنيا التي لاتساوي عند الله جناح
بعوضة فتفرغ النبي صلى الله عليه وسلم لها واعتكافه فيها من أكبر الأدلة على فضلها وشرفها.
أيها الأخوة الصائمون :
وهذه العشر الأواخر من رمضان فرصة للعبادة والطاعة وقبول الدعاء من الله عز
وجل .. حيث تتخلل آيات الصيام آية الدعاء :"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي
فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ
إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"( البقرة/186)."الدعاء مخ العبادة"(أحمد
والترمذي). و:"الدعاء هو العبادة" وكان عمر بن الخطاب يقول :"إذا ألهمت
الدعاء أيقنت الإجابة". ولكن الدعاء المقبول له شروط أهمها :"أطب مطعمك
تكن مستجاب الدعوة"
أخوة الإيمان والإسلام :"اجتهدوا في طاعة الله تعالى وخصُّوا هذه العشر
المباركة بمزيد من الاجتهاد طلباً للثواب ومضاعفة للأجر في هذه الليالي وزيادة للإيمان
، وطلباً لهذه الليلة ليلة القدر التي اختصت
بها العشر الأواخر من رمضان كما قال صلى الله عليه وسلم -: “إني أُريت ليلة القدر ثم
أُنسيتها أونُسِّيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر"(البخاري
). ويقول صلى الله عليه وسلم :"تحرُّوا
ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"(البخاري ).فليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان يقيناً لا شك فيه،وهي في الأوتار أقرب؛
لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى
الله عليه وسلم – قال:"التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر: في تاسعة
تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى"، وفي لفظ:"هي في العشر الأواخر في تسع
يمضين أو في سبع يبقين"(البخاري). وقد تكون في الأشفاع؛ فإنه جاء في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما :"التمسوها
في أربع وعشرين"(البخاري).
عباد الله:" وقد سألت السيدة عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، أرأيت
إن علمت أيّ ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال:"قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب
العفو فاعفو عني"(الترمذي ).
فعلى العبد الصادق أن يجتهد في جميع ليالي العشر ويحصل عليها يقيناً لا شك فيه،
وقد أخفى الله ليلة القدر رحمة بعباده؛ لأمور منها: زيادة حسناتهم إذا اجتهدوا في العبادة
بأنواعها في هذه الليالي، واختباراً لعباده؛ ليتبين الصادق في طلبها من غيره؛ فإن من
حرص على شيء جد في طلبه.
عباد الله:"ومن هنا فإنه يحسن بالمسلم وقد أقبلت ليالي العشر التي فيها ليلة القدر،التي
هي خير من ألف شهر أن يجتهد في إصلاح عمله
وإتقانه، وأن يحذر مما يمنع قبوله أو يحبطه، فلعله يرفع فينال رحمة الله في شهر الرحمة..
عباد الله:أقول ماتسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين..والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين ..أما بعد فيا جماعة
الإسلام .
كفي أن هذه الأيام العشر هي إحياء لضمائر الناس وإيقاظ عناصر الخير فيهم وهذا
الإحياء شامل لجميع أنواع العبادات:من صلاة،وقرآنٍ، وذكرٍ، ودعاء، وصدقة، وغيرها،وهذه
الأعمال التي تزيد من الإيمان :”إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ
وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً
وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ
عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ"(الأنفال/2-4).
عباد الله :" ومما يدل على فضل العشر: إيقاظ الأهل للصلاة والذكر، فعلى
المسلم الصادق أن يجتهد في هذه العشر المباركة، فلعله لا يدركها مرة أخرى باختطاف هاذم
اللذات،ومفرق الجماعات ولعله يجتهد فتصيبه
نفحة من نفحات الله تعالى فيكون سعيداً في الدنيا والآخرة.
أخوة الإيمان والإسلام :
وإن مسك ختام لهذه الأيام هو يوم الجائزة يوم عيد الفطر ومن أحيا ليلة العيد أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب ومن الأعمال التي تزيد من إيمان العبد التي يجبُ أن نتذَكَّرَها السّنةُ العظيمةُ التي دل عليها
قوله تعالى:"وَلِتُكْمِلُواالْعِدَّةَ"(البقرة/185)؛
أي:"عدةأيام الصيام:
"وَلِتُكَبِّرُوا
اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"(البقرة : 185),
وهذا فيه إشارةٌ أنَّ من وفقه الله تبارك وتعالى وأعانَه على إدراكِ شهر الصيام إلى تمامِه، أن يشكُر
الله على هذه النعمة العظيمة والمِنَّةِ الجسيمة،ويُكبِّرَ الله ويعظِّمَهُ.:"وَإِذْ
تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ"(إبراهيم/7).
اللهم تقبل منا صيامنا وركوعنا وسجودنا وزكاتنا يارب العالمين ..
عباد الله أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله
وأقم الصلاة