
الدرس الحادي والعشرون | سنة إحياء العشر الأواخر من رمضان
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فيا عباد الله.
ومن السنن المؤكدة
إحياء العشر الأواخر من رمضان فهي أفضل الأيام،ولهذا
كان صلى الله عليه وسلم يخصها بالعديد من الأعمال الصالحة فعن عائشة رضي الله عنها،
قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد
في غيره"(مسلم).....و كان السلف الصالح يعظمون ثلاثة أعشار فى العام .العشرالأول
من المحرم،والعشرالأول من ذى الحجة,والعشرالأواخر من رمضان.واتفقوا على أن أفضل ليالى
العام هى الليالى الأخيرة من شهر رمضان لأن فيها ليلة القدر .
عباد الله"كان
الرسول صلي الله عليه وسلم في تلك الأيام يواظب علي عشرةأعمال بجانب الصلاة والصيام,خصال
كلها طاعة وعبادة وهي:"
- شد مئزره (اعتزل النساء).
- وأيقظ أهله .
- وأحيا ليله "قيام الليل"
- وقام ليلة القدر.
- وصلي صلاة التهجد.
- ودخل معتكفه.
- ومدارسة القرآن"
- جاهد في الله حق جهاده
- أخرج زكاة الفطر
- كبر وهلل ليلة العيد
وعندما نقف مع
تلك الأعمال لابد أن يكون بالأدلة فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت:"كانَ
النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا
لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ"(البخاري).
1 -شَدَّ مِئْزَرَهُ"اعتزل
النساء"فمن أعمال النبي في العشر الأواخر "شَدَّ مِئزرَه"،وهو ما يُلبَسُ
مِنَ الثِّيابِ أسْفلَ البدَنِ،وهذا إشارةٌ إلى اعتِزالِ النِّساءِ في الفِراشِ وعَدمِ
مُجامَعتِهنَّ، والمعنى أنه يعتزل النساء في هذه العشر،وينشغل بالعبادة والطاعة وذلك
لتصفو نفسه عن الأكدار والمشتهيات، فتكون أقرب لسمو القلب إلى معارج القبول وأزكى للنفس
لمعانقة الأجواء الملائكية وهذا ما ينبغي فعله للسالك بلا ارتياب.
2- وأَحْيَا لَيْلَهُ،ومعنى
إحياء الليل:أي استغرقه بالسهر في الصلاة والذكر وغيرهما.وورد عن النبيّ صلى الله عليه
وسلم،أنّه قال:"من خاف أن لا يقومَ من آخرِ اللَّيلِ فلْيوتِرْ أوّلَه، ومن طمِع
أن يقومَ آخرَه فلْيوتِرْ آخرَ الليلِ، فإنَّ صلاةَ آخرِ الليلِ مَشهودةٌ،وذلك أفضلُ"(
مسلم).
وكان النبي صلى
الله عليه وسلم يخص هذه الليالي بقيام الليل كله،فليحرص المسلم علي ذلك لأن النبي صلى
الله عليه وسلم قال:"من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"(الترمذي).،
3- "وأَيْقَظَ
أهْلَهُ"للصلاة.. من سنن الرسول ومن هديه في العشر الأواخر إيقاظ أهله وهذا حرص
منه صلي الله عليه وسلم على أن يدرك أهله من فضائل ليالي هذا الشهر الكريم ولا يقتصر
على العمل لنفسه ويترك أهله في نومهم، كما يفعل بعض الناس. فمن السعادة الزوجية:أن
يهتم الزوج بتحفيز أهل بيته للطاعة ، وبما يكمّل فيهم حياة الروح .ومن السعادة الزوجيّة
:أن يتواصي الزوجان بمثل هذا ولايهتما بمسألة الرزق ."وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ
وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَالَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ"(طه/132).
4-كذلك من أعماله
صلي الله عليه وسلم في العشر الأواخر تحري ليلة القدر وقيامها ويقول:"مَن قَامَ
لَيْلَةَ القَدْرِإيمَانًاواحْتِسَابًا،غُفِرَله ماتَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ "(البخاري).
فكان يجتهد في العبادة والعمل الصالح، طلبا لليلة القدر في
الوتر من العشر الأواخر من رمضان،و يقول:" تَحرُّوا ليلةَ القَدْر في العَشْر
الأواخِر من رمضانَ "(البخاري ومسلم).
5- مدارسة القرآن:"ومن
أهم الأعمال التي كان يواظب عليها الرسول صلي الله عليه وسلم في هذا الشهر وفي العشر
الأواخر منه على وجه الخصوص تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع ,واعتبار معانيه وأمره
ونهيه ومدارسته كما وَرَدَ في الصَّحيحَيْن:"أنَّ جِبريلَ عليه السَّلامُ كان
يُعارِضُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالقُرآنِ مَرَّةً واحِدةً كُلَّ عامٍ،
حتى إذا كان العامُ الذي ماتَ فيه عارَضَه مَرَّتَيْن".
6-وكان من هديه
وفعله الاعتكاف والحرص عليه في هذه العشر وإنما
كان يعتكف في الأيام واليالي التي تطلب فيها
ليلة القدر قطعاً لانشغاله وتخلياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه،.عن أبي هريرة قال:"كان
صلى الله عليه وسلم يعتكف كل رمضان عشرة أيام وكان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين
يوماً"(البخاري).
7- صلاة التهجد فكان صلي الله عليه وسلم يتهجّد في رمضان ليلاً؛
بأداء صلاة تتّصف بالخشوع، والإلحاح في الدعاء، ولفضل هذه الصلاة حثّ الرسول -صلى الله
عليه وسلم- أمّته على أدائها؛ تقرُّباً إلى الله -عزّ وجلّ-وكان يُصلّي قيامه مُنفرداً
في غالب وقته؛ خوفاً من أن يُفرَض القيام على أمّته، فيأثم تاركه..وقد تحدثنا عن التهجدوالقيام
والاعتكاف واحكامهم في الحلقات الماضية فارجع إليها..
8- جهاده في الله حق جهاده ..وكان رسول الله صلي الله
عليه وسلم يرابط ويجاهد في سبيل الله في كل
وقت وحين ولاسيما في رمضان فكانت كبري غزواته وانتصاراته في رمضان وعلي رأسها غزوة
بدر الكبري:" وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا
اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"(آل عمران/123).وكان أيضاً من أعماله في العشر
الأواخر من رمضان فتح مكة الحادي والعشرين من رمضان "في العام الثامن الهجري..
9- ومن أعماله
صلي الله عليه وسلم في العشرالأواخر حثه وحرصه علي أداء زكاة الفطرعنِ ابنِ عبَّاسٍ
قالَ فرضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ زَكاةَ الفطرِ طُهرةً للصَّائمِ
منَ اللَّغوِ والرَّفثِ وطعمةً للمساكينِ من أدَّاها قبلَ الصَّلاةِ فَهيَ زَكاةٌ مقبولةٌ
ومن أدَّاها بعدَ الصَّلاةِ فَهيَ صدقةٌ منَ الصَّدقاتِ"(أبوداود).
10- ومن أعماله
في العشر الأواخر من رمضان مسك الختام ليلة عيد الفطر التكبير والتهليل عملاً بقوله
تعالي:":وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"(البقرة: 185).ففي الآيةِ الأمرَ بالتكبيرِ بعدَ إكمالِ
عِدَّةِ شهرِ رَمضانَ، وقد أكد الفقهاء أنه
يَبدأُ وقتُ تكبيرِ عيدِ الفِطرِ بغُروبِ شَمسِ ليلةِ العِيدِ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة
، والحَنابِلَة،وقولٌ للمالكيَّة ،وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلَفِ،واختارَه ابنُ حزمٍ،وابنُ
تيميَّة..وقالوا اول التكبير رؤية الهلال وأخره انقضاء صلاة العيد..
عباد الله:"تلك عشرة أعمال جليلة كان يحافظ عليها رسول الله صلي الله عليه وسلم بجانب الصيام وأداء الصلوات الخمس في أوقاتها وصلة الأرحام والاحسان إلي الأرامل واليتامي والمساكين ..وجميع أنواع البر والخير ..وإلي لقاء أخر مع حلقة أخري من برنامجكم "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين"وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم.