recent
أخبار عاجلة

الدرس السابع | صوم المسافر



الدرس السابع | صوم المسافر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين ..أما بعد فحديثنا اليوم عن صوم المسافر في رمضان..والمسافريجوزله الصيام ويجوز له الفطر ويقضي عدد الأيام التي أفطرها،سواء دخل عليه الشهروهو في سفره أو سافر في أثنائه لقوله تعالى:"وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَر"(البقرة/185).

وفي الصحيحين عن أنسِ بنِ مالكٍ قال: كنّا نُسافِرُ معَ النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يَعِبِ الصَّائمُ على المفطِرِ، ولا المفطِرُ على الصَّائمِ.(البخاري ومسلم).

والمسافر باعتبار صومه في سفره له حالات ثلاث:

الحالة الأولى: أن لا يكون فيه مشقة إطلاقاً؛ يعني: ليس فيه مشقة تزيد على صوم الحضر؛ ففي هذه الحال الصوم أفضل؛وإن أفطر فلا حرج؛ودليله أن الرسول -صلى الله عليه وسلم"كان يصوم في السفر؛

 كما ورد عن أبي الدَّرداءِ قالَ:"خرَجنا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في بعضِ غزواتِهِ في حرٍّ شديدٍ حتَّى إنَّ أحدَنا ليضعُ يدَهُ على رأسِهِ(أو كفَّهُ على رأسِهِ )من شدَّةِ الحرِّ ما فينا صائمٌ إلَّا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وعبدُ اللَّهِ بنُ رواحةَ"(البخاري ومسلم). 

ولأن الصوم في السفر أسرع في إبراء ذمته؛ولأنه أسهل عليه غالباً لكون الناس مشاركين له،وثقلِ القضاء غالباً؛ واغتناماً لشرف الزمان.وهو رأي أبوحنيفة والشافعي ومالك أن الصيام أفضل لمن قوي عليه والفطر أفضل لمن لم يقوي علي الصيام .

الحالة الثانية:أن يشق عليه الصوم مشقة غير شديدة؛ فهنا الأفضل الفطر؛ والدليل عليه أن النبي -صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فرأى زحاماً،ورجلاً قد ظُلل عليه، فسأل عنه، فقالوا: صائم؛ فقال -صلى الله عليه وسلم:"ليس من البر الصيام في السفر"(البخاري). فنفى النبي -صلى الله عليه وسلم- البر عن الصوم في السفر.

الحالة الثالثة: أن يشق الصوم على المسافر مشقة شديدة؛ فهنا يتعين الفطر؛ ودليله: ما ثبت في الصحيح أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان في سفر، فشُكي إليه أن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنهم ينتظرون ما يفعل؛ فدعا بماء بعد العصر،فشربه والناس ينظرون؛ثم جيء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقيل له:"إن بعض الناس قد صام، فقال-صلى الله عليه وسلم"أولئك العصاة!أولئك العصاة"(مسلم) ؛ والمعصية لا تكون إلا في فعل محرم؛ أو ترك واجب.

وقال بعض أهل العلم: الأفضل للمسافر فعل الأسهل عليه من الصيام أو الفطر لما في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال : كانوا -يعني أصحاب رسول الله , صلى الله عليه وسلم- يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن ، ويرون أن من وجد ضعفاً فأفطر فإن ذلك حسن"، ولما في الصحيحين أَنَّ حمزةَ بنَ عمرو الأسلميَّ قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: أأصومُ في السفرِ؟ -وكان كثيرَ الصيامِ- فقال: "إنْ شِئتَ فصُم، وإن شِئتَ فأفطِر"(البخاري ومسلم).

عباد  الله :"وماهو السفر المبيح للفطر ؟

والسفر المبيح للفطر هو السفر التي تقصر الصلاة بسببه.والمسافة التي تقصر فيها الصلاة  حددها بعض العلماء بنحو أكثر من ثمانين كيلو متر ، وهومذهبُ الجمهور أنَّ المسافةَ التي تُقصَرُ فيها الصَّلاةُ: أربعةُ بُرُدٍ88 كم تقريبًا قال بذلك المالِكيَّة والشافعيَّة والحَنابِلَةوقولُ أبي يُوسفَ من الحَنَفيَّة وبه قال فُقهاءُ أصحابِ الحديثِ(شرح النووي علي مسلم).

وقال البعض أنَّ القَصرَ يجوزُ في أيِّ سَفرٍ, ما دام يُسمَّى سَفرًا، طويلًا كان أمْ قصيرًا،ولا حَدَّ له،وهذا مذهبُ الظَّاهريَّة، وبعضِ الحَنابِلَةِ،واختارَه ابنُ قُدامةَ وابن تيمية وابن القيم والشوكانيُّ،والشِّنقيطيُّ"(أضواء البيان). 

وحددهاالبعض الأخربما جرى به العرف أنه سفر وإن لم يبلغ ثمانين كم،وما قال الناس عنه"إنه ليس بسفر،فليس بسفر ولو بلغ مائة كم".

وذلك لأن الله تعالى لم يحدد مسافة معينة لجواز القصر وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد مسافة معينة.روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلاثَةِ فَرَاسِخَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ"( مسلم) .

عبادالله:"وهناك عدة مسائل فقهية من بعض الأخوة تتعلق بصيام المسافر نتعرض لها ونجيب عليها ومنها:"من عزم على السفر في رمضان فإنه يبيت نية الصيام ولا ينوي الفطر حتى يسافر؛ لأنه قد يعرض له ما يمنعه من سفره.

- لا يُفطر المسافر إلا بعد خروجه ومفارقة بيوت قريته العامرة (المأهولة)، فإذا انفصل عن بنيان البلد أفطر.

- من وصل إلى بلد ونوى الإقامة فيها أكثر من أربعة أيام وجب عليه الصيام عند جمهور أهل العلم فالذي يسافر للعمل أو للدراسة في الخارج أشهراً أو سنوات فالجمهور ومنهم الأئمة الأربعة أنه في حكم المقيم يلزمه الصوم والإتمام. 

وذهب ابن عباس رضي الله عنهما إلى أن المسافر إذا أقام تسعة عشر يومًا أو أقل فإنه يقصر، وإذا نوى الإقامة أكثر من ذلك وجب عليه الإتمام محتجًا بإقامة النبي صلي الله عليه وسلم  يوم فتح مكة تسعة عشر يومًا يقصر الصلاة فيها، ولكن المعتمد في هذا كله هو أن الإقامة التي لا تمنع قصر الصلاة إنما تكون أربعة أيام فأقل، هذا الذي عليه الأكثرون، وفيه احتياط للدين، وبعد عن الخطر بهذه العبادة العظيمة التي هي عمود الإسلام.

وإذا مرّ المسافر ببلد غير بلده فليس عليه أن يمسك إلا إذا كانت إقامته فيها أكثر من أربعة أيام فإنه يصوم؛ لأنه في حكم المقيمين.إذا قدم المسافرفي أثناء النهار ففي وجوب الإمساك عليه نزاع مشهوربين العلماء،والأحوط له أن يمسك مراعاة لحرمة الشهر،لكن عليه القضاء أمسك أولم يمسك".هذا والله أعلم .. وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي أله وصحبه وسلم .

google-playkhamsatmostaqltradent