
الدرس الثامن | صيام الحائض والنفساء
الحمد لله والصلاة
والسلام علي رسول الله أمابعد فياعباد الله لازلنا نواصل الحديث حول من يجب عليهم الفطروعليهم
القضاء؟ وتحدثنا عن المريض والمسافر واليوم نتحدث عن الحائض والنفساء وقد اتفق الفقهاء على أن الحائض والنفساء تفطرا وقت الحيض
والنفاس، ولا يجوز لهما الصوم ولا الصلاة في حال الحيض والنفاس، ولا يصحان منهما، وعليهما
قضاء الصوم دون الصلاة، لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت:"هل تقضي الحائض
الصوم والصلاة؟ فقالت: كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة"(متفق عليه).
وقد أجمع العلماء:"على
ما ذكرته عائشة رضي الله عنها من وجوب قضاء الصوم وعدم قضاء الصلاة في حق الحائض والنفساء،رحمة
من الله سبحانه وتعالي لهما وتيسيرًا عليهما؛ لأن الصلاة تتكرر في اليوم خمس مرات وفي
قضائها مشقة.
عباد الله:"ونفرد
هذه الحلقة لصيام الحائض لأن الأمر يحتاج إلي شيء من التفصيل ..
لنرد علي بعض الأسئلة
التي ترد إلينا من بعض الأخوات في هذا الموضوع .
وقبل الرد ننبه إلى أن حياء المرأة لا ينبغي أن يكون
مانعاً لها من السؤال عما تحتاج إلى تعلمه من أمر دينها، فقد بوب البخاري رحمه الله قائلا:" باب الحياء في العلم".وقال
مجاهد:"لايتعلم العلم مستحي ولا مستكبر".
وقالت عائشة:"نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين".ثم أورد تحت هذا الباب حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت:"جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذَا رَأَتِ المَاءَ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجْهَهَا، وقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟قَالَ: نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا ولَدُهَا "(البخاري).
وحديث عائشة:"أنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ
النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ، فأمَرَهَا كيفَ تَغْتَسِلُ،
قالَ: خُذِي فِرْصَةً مِن مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بهَا قالَتْ: كيفَ أتَطَهَّرُ؟ قالَ:
تَطَهَّرِي بهَا، قالَتْ: كيفَ؟ قالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، تَطَهَّرِي فَاجْتَبَذْتُهَا
إلَيَّ، فَقُلتُ: تَتَبَّعِي بهَا أثَرَ الدَّم"(البخاري)..
عباد الله
:"وهل للحيض سن أو مدَّة ؟
ليس هناك سنٌّ
معيَّنة لبدء الحَيْض، فهو يختلف بحسب طبيعة المرأة وبيئتها وجَوِّها، فمتى رأت الأنثى
الحَيْض فهو حيضٌ،وإن كانت دونَ تِسْع سنين،أو فوق خَمْسين سنة؛وذلك لأنَّ أحكام الحَيْض
علَّقها الله ورسولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم على وجوده"
وأما مدة الحيض
قال ابن المنذر:"وقالت طائفةٌ: ليس لأقلِّ الحَيْض ولا لأكثرِه حدٌّ بالأيام وعلى
هذا، فما ذهب إليه كثيرٌ من الفقهاء بأن أقلَّ زمن الحَيْض يوم وليلة،وأكثره خمس عشرة،أو
نَحْوذلك، لا دليل عليه،"ومِن النِّساء مَن لا تحيضُ أصلاً، ومنهن مَن تَحيضُ
ساعاتٍ ثم تَطْهُر".
ومتي تعرف المرأة
أنها طهرت؟
ويُعرَفُ الطُهرمِن الحَيْض بخروج ما يُسَمَّى بـ
"القَصَّة البيضاء"، وهو سائل أبيض يخرج إذا توقف الحَيْض، فإذا لم يكن من
عادتها خروجُ هذا السائل، فعلامة طُهْرها "الْجفاف"؛ بأن تضع قطنة بيضاء
في فرْجِها، فإن خرجَتْ ولم تتغيَّر بدم أو صُفرة أو كُدْرة (وهو لون بين الصُّفرة
والسَّواد)، فذلك علامة طهرها.
وماذا تفعل المرأة
عند زيادة مدة الحيض أونقصانها أوتقدمها أوتأخرها؟
إذا زادت مدَّة
الحَيْض أو نقصت عن المدة المعتادة، بأن تكون عادتها مثلاً ستَّة أيام فتزيد لِسَبْع،
أو العكس، فالصحيح أنها متَى رأت الدم: فهو حيض، ومتى رأت الطُّهر: فهو طُهْر.
وكذلك إذا تقدَّم
أو تأخَّر الحَيْض عن عادتِها، كأن يكون في أوَّل الشهر فتراه مثلاً في آخره، أو عكس
ذلك، فالصَّحيح أنه متَى رأت الدَّم فهو حيض، ومتَى رأت الطُّهر فهو طهر، كالمسألة
السابقة تَمامًا،
وحكم الصُفرة والكُدْرة ونحوهما،"بأن ترى المرأة
دمًا أصفر،أو متكدرًا بين الصُّفرة والسَّواد"، أو ترى مجرَّد رطوبة، فهذا له
حالتان:
الأولى: أن ترى
ذلك أثناء الحَيْض، فهذا يَثبُتُ له حُكم الحَيْض؛ لِحَديث عائشة رضي الله عنها"أنَّ
النِّساءَ كنَّ يبعثنَ إليها بالدَّرجةِ فيها الكرُسُفُ فيه الصُّفرةُ من دمِ الحيضِ
، فتقولُ"لا تَعجلنَ حتَّى ترَيْنَ القَصَّةَ البيضاءَ ، تريدُ بذلك الطُّهرَ
من الحيضِ"(البخاري)، و"الدُّرْجة" شيء تحتشي به المرأة - أيْ: تضعه
في فَرْجِها - لتعرف هل بقي من أثر الحَيْض شيءٌ أم لا؟، و"الكرسف": القطن.
الثانية: أن ترى
ذلك في زمن الطهر، فهذا لا يُعدُّ شيئًا ولا يثبت له حكم الحَيْض؛ لحديث أمِّ عطية
رضي الله عنها: "كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطُّهر شيئًا" ، فلا يجب
عليها وضوء ولا غسل.
كذلك إذا بلغت
المرأة سنَّ اليأس وانقطع دَمُها،ثم عاوَدَها،فهل يُعتَبَرُ حيضًا أم لا؟ الرَّاجح:
أنه مهما أتى بِصِفَتِه من اللَّون والرائحة: فهو دم حيض، وأمَّا إذا كانت صفرة أو
كدرة فلا يُعَدُّ شيئًا، وإذا رأَتْ مجرَّد قطعة دم غير متصلة بقطعة دم أخرى: فلا يُعَدُّ
شيئًا.
وهناك أحكام اخري تتعلق بالحيض والنفاس والاستحاضة لايتسع المقام لذكرها وسوف نرجيء الحديث عنها لحلقات قادمة إذا قدرالله لنا اللقاء وكان في العمر بقية..انتظرونا ..وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم.