
الدرس العاشر | صيام النفساء وأحكامها
الحمد لله والصلاة
والسلام علي رسول الله أما بعد فياعباد الله تحدثنا في الحلقات الماضية عن مايوجب الفطروعليهم
القضاءوهم المريض والمسافر والحائض ..أما المستحاضة فيجب عليها الصوم كما ذكرنا من
أحكامها ونتحدث اليوم عن صوم النفساء والنفاس:"وهو دمٌ يُرخِيه الرَّحم بسبب الولادة،
إمَّا معها، أو بعدها، أو قبلها بيومَيْن أو ثلاثة مع الطلق.
قال التِّرمذي
رحمه الله:"أجْمَعَ أهل العلم من أصحاب النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومَن
بعدهم على أن النُّفَساء تدع الصلاة أربعين يومًا،إلاَّ أن ترى الطُّهر قبل ذلك، فتغتسل
وتصلِّي"( الترمذي).
وأما أقلُّ مدَّة
للنفاس؟
الصحيح أنه ليس
لأقلِّه حدٌّ، فمتى رأت الطهر: اغتسلت، والعبرة فيه: وجود الدَّم، وعلى هذا يمكن أن
نقول:إذا زاد الدَّم على الأربعين وكان دائماً ينقطع عنها بعد الأربعين، أو ظهرت أماراتٌ
على قرب الانقطاع: انتظرت حتَّى ينقطع.
إذا صادف زمن الحَيْض
قرب الانقطاع،فإنها تجلس حتى ينتهي زمن حيضها.
وإن استمر:فهي
مستحاضة ترجع إلى أحكام المُستَحَاضَة.
وماذا عليها لو انقطع عنها الدم قبل الأربعين ؟
إذا طهرت قبل الأربعين
فهي طاهر، فتغتسل وتصلِّي وتصوم، ويُجامعها زوجها، ويرى الإمام أحمد أنه لا يقربها
زوجها استحبابًا وليسَ على سبيل الوجوب - أيْ: حتَّى تصل إلى الأربعين - وثبت عن عثمان
نَحْو ذلك"(الدارمي والبيهقي).
وإذا ولدت ولم
ترَ الدم - وهذا نادر جدًّا - فإنَّها تتوضَّأ، وتصلِّي، ولا غسل عليها. وإذا طَهُرَت
قبل الأربعين، ثم عاودَها الدم أثناء الأربعين، فالذي رجَّحَه بعض العلماء:"اعتبار
القرائن في هذا الدَّم، فإن علمت أنه دم نفاس: فهو كذلك، وإن علمت بالقرائن أنَّه ليس
دمَ نفاس: فهي في حُكم الطَّاهرات، والله أعلم.
بِمَ يَثبُت النِفاس؟يعني
متى نعرف أنّ هذا الدم هو دم نفاس؟
لا يَثبُت النِفاس
إلاَّ إذا وضعت المرأة ما تبيَّن فيه خَلْقُ إنسان، فلو وضعت سِقْطًا لم يتبيَّن فيه
خلق إنسان، فيرى بعض العلماء أن دمها لا يكون دم نفاس,ويري بعض العلماء أنه دم نفاس..
عباد الله وهناك
بعض الأحكام المترتِّبة على الحَيْض والنِفاس منها:"
الصلاة: يَحْرُم
على الحائض والنُّفساء: الصلاة (فرضًا ونفلاً)، فإن طَهُرَتْ فلا يجب عليها إعادة هذه
الصلاة.
قراءة القرآن:
اختلفت آراء العلماء في قراءة الحائض للقرآن ما بَيْن مُحرِّم ومُجَوِّز، والذي يترجَّح
- والله أعلم - أنه يَجوز لها قراءة القرآن؛والذكر والاستغفار ومطالعة دروس العلم..
لعدم ورود حديث صحيحٍ صريح يَمْنعها من ذلك.
ويَحْرُم على الحائض
والنفساء:"الصوم، وعليهما قضاؤه بعد رمضان، فإن صامت وهي حائض أو نُفَساء، فصومها
فاسد غير صحيح، وتكون آثِمَة ولم تَبْرأ بذلك ذمَّتُها، ويجب عليها القضاء.
ويَحْرُم جماعُ الحائض وكذلك النُّفَساء؛ لقوله تعالى:" وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ"(البقرة: 222)، ولما نـزلت هذه الآية قال النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم:"اصنعوا كلَّ شيء إلا النكاح"(مسلم).
يعني:اصنعوا كلَّ شيء إلا الجماع، فله تقبيلُها ومباشرتُها دون الفَرْج، فإنْ جامعها
فهو آثِمٌ، وعليه الكفَّارة، هذا إن جامعها عالِمًا عامدًا، فإن كان ناسيًا أو جاهلاً
بوجود الحَيْض، أو جاهلاً بتحريمه، أو مُكرَهًا فلا إثم عليه ولا كفارة"( شرح
النووي على صحيح مسلم" (3/ 204).
والكفارة:هي أن
يتصدَّق بدينار من الذهب، أو نصف دينار من الذَّهَب، والدينار يساوي 4أربعة جرامات من الذهب تقريبًا،أي مايعادل 3000ج ثلاثة ألاف جنيهاً
مصرياً واعتبر بعضُ أهل العلم إخراج الدينار إذا كان الدَّمُ كثيرًا، ونصف الدِّينارإذا
كان قليلا،والأحوط إخراج دينار،والله أعلم.
فإذا طَهُرَت من
الحَيْض،فلا يُجامعها زوجها حتَّى تغتسل؛ لقوله تعالي:"وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى
يَطْهُرْنَ"أيْ: من الدم، ثم قال:"فَإِذَا تَطَهَّرْنَ"؛أيِ: اغتسلن"فَأْتُوهُنَّ
مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ" أيِ: الجماع.
و يَحْرُم عليها
الطواف بالبيت، وأما بقية المناسك؛من السَّعي،ورمي الجمار،والوقوف بعرفات، فلا حرجَ
عليها في تأديتها، والحائض يسقط عنها طواف الوداع، بِخِلاف طواف العمرةوالحجِّ، وهو
طواف الرُّكن؛ فإنَّها تنتظر حتَّى تطهر ثم تطوف.
المُكث في المسجد:
اختلف العلماء
في جواز مُكث الحائض في المسجد، فذهب بعضُهم إلى المنع، وذهب فريق آخر من العلماء إلى
جواز مُكث الحائض في المسجد، وهو الراجح؛
الطلاق:
يَحْرُم على الزوج
أن يُطَلِّق زوجته وهي حائض؛ لقوله تعالى:"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ
النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنّ"(الطلاق: 1)، بخلاف النِفاس، فإنَّه
يجوز له أن يطلقها في نفاسها؛ لأنَّ النِفاس لا يُحْسَب من العدَّة.
• لكنْ لو طلَّقها
وهي حائض: هل يقع الطلاق أم لا؟ اختلف العلماء في ذلك بعد اتِّفاقهم أنَّه يُسَمَّى
طلاقًا بِدْعيًّا، والراجح وقوعه،
هل يَجوز للمرأة استعمالُ ما يَمْنع الحَيْض حتي تتم
صيام رمضان ؟نعم يجوز بشرطين:الأول: ألاَّ
يُخْشَى الضَّرر عليها.الثَّاني: أن يكون ذلك بإِذْن الزَّوج.
وهل يجوز للمرأة استعمال ما"يَجْلب الحَيْض؟
نعم يجوزبشرطين:الأول:ألاَّ تتحيَّل به على إسقاط
واجبٍ شرعي، مثل أن تستعمله في رمضان للفِطْر. الثاني: أن يكون ذلك بإذن الزوج.هذا
والله أعلم.
وصلي اللهم علي سيدنامحمدوعلي آله وصحبه وسلم