نقد وتحليل لخطبة رئيس القطاع الديني
حينما يحضر الخطيب خطبته جيداً وينشغل بها طوال الأسبوع يعطيه ذلك ثقة في نفسه فينعكس على أدائه..
إلقاء ولغة وتحكماً في الوقت..
وخطبة الجمعة أمس لفضيلة الدكتور رئيس القطاع الديني لم تتجاوز التسع دقائق، ومع ذلك وبتوفيق من
الله، استطاع الخطيب أن يتحدث عن الأشهر الحرم التي ذكرها المولي عز وجل في كتابه
الكريم ..وبينها وفصلها النبي صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع .. ثلاث متواليات
ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان ..وبين فضيلته حرمة
الأشهر الحرم وأنه ليس فيها قتال ..ومنها انتقل
إلي السلام العالمي وديننا هو دين السلام والأشهر الحرم رسالة سلام ..وبين
أن الناس جميعاً ينبغي أن يسودهم المحبة والسلام ..
وتناول الخطيب
في الخطبة الثانية شهر رجب و الحادث الجلل الذي حدث لرسول الله صلي الله عليه وسلم
وهو حادث الإسراء والمعراج ..
واستغل مناسبة
شهر رجب هذا للحديث عن النفع العام وقضاء مصالح العباد .. الخ ما ذكر فضيلة الشيخ
..
إلا أنه عند
الحديث في مقدمة الخطبة الثانية تلاحظ عليه ملحوظتين فقط .. الأولي تسرع فضيلته في
الإلقاء حتي بدا عليه أنه يريد أن لايدرك العشر دقائق من الوقت ..
الملحوظة
الثانية أنه قدم للخطبة الثانية بقوله :" والعاقبة للمتقين
ولاعدوان إلا علي الظالمين " وعلماء البلاغة ينكرون علي الخطيب هذا القول
ولاسيما أنه لم يكن يتحدث عن الظلم والظلمة والظالمين فكان جل حديثه عن السلام وقضاء حوائج الناس فلما
أتي بالعدوان والظلمة هنا ؟.. وهذا عندهم استشهاد في غير موضعه ..
وإن كانت الخطبة في مجملها خطبة شيقة ومؤثرة
جامعةٌ مستوفية لموضوعها فالخطبة المؤثرة هي
التي تتَّصِفَ بِتلك الصِفاتٍ، وتشتمل على
هذه
المقومات،
كما أن طريقة إلقاء الخطيب كانت لائقة اشتملت علي هندسة الصَّوت، فلم يرفع صوته لغير حاجه، ولم يكون بطيئًا فتملّه الأسْماع. إلاأنه كما ذكرنا
سرع رتم الإلقاء في بداية الخطبة الثانية حرصاً علي الوقت ..
ومن خلال مشاهدتك للجمهور تشعر أن الخطيب اكتسب ثقة المستمعين وإعجابهم ؛ لأنه أشعرهم بتقديره لهم واحترامهم، وحرصه على
إفادتهم من خلال العناية الفائقة بالموضوع، وإعداد مادَّتِه
العلميَّة من خلال الإعداد الجيِّدَ للخطبة
والخطيب حصر أفكاره في نقاط وعناصر معينة تفيد الجميع، وهو الأمر
الذي ساعده على عدم التشتت، أوتَكرار العبارات
من غير حاجة، فاستطاع أن يلمَّ بالموضوع دون إطالة ولا إرهاق للسامعين؛ فلم يبعث في نفوسهم المَلَل والسآمة والضَّجَر"
وأعتقد أن الجميع قد خرج من المسجد يقولون :"ليته أطال ولم يقولوا ليته
سكت"
الخطيب اهتم بتطعيم خطبته بجرعة إيمانية وشحذ همة المستمعين للإقبال على الله والدار الآخرة والاهتمام بمجتمعهم
وبلادهم، وفي الوقت نفسه لم يهمل معالجة مشاكل المجتمع وقضاء حوائج الناس وجزاء الساعي مع أخيه المسلم
في حاجته ..
ألم أقل لك ياسادة بأنها خطبة تدرس كي ينتفع بها الخطباء.. وبخاصة أولئك الذين
وصلني عنهم عقب صلاة الجمعة بالأمس أنهم ضلوا وأضلوا فمنهم خطيب كذب علي رسول الله
صلي الله عليه وسلم وقال بأن الأشهر الحرم :"شوال وذي القعدة وذي الحجة ورجب
فرد " ناهيك عن اللحن واللت والعجن لأكثر من نصف ساعة دون مراعاة لوقت أو
موضوع غير أنه قال موضوع خطبتنا اليوم "الأشهر الحرم رسالة سلام للعالم
كله" وللأسف ليس هناك اهتمام مطلقاً باللغة وهؤلاء صدق فيهم قول
القائل:"
رأيت لسان المرء رائد عقله
وعنوانه فانظر
بماذا تعنون
ولا تعد إصلاح اللسان فإنه
يخبــر عمـا عنــده
ويبيــن
ويعجبني زي الفتى وجماله
فيسقط من عيني ساعة
يلحن.
ناهيك عن الثرثرة وعلو الصوت من بعضهم ،فلاتسمع منه إلاضجيجاً وصراخاً .. وهؤلاء صدق فيهم قول القائل:"
قل للخطيب وقَدْ
تَعَطّرَ وارْتَقى
أعلى المنابرِ في ثيابِ ذوي التُّقَى
أحسنتَ في لِبْسِ
الثيابِ تَجَمُّلا
أرجوكَ أحْسِنْ في الخطابةِ مَنْطِقا
ليس الخطيبُ بصوتهِ
وضجيجِهِ
بلْ مَنْ يزيدُ السّامعينَ
تَذَوُّقا
مَنْ ينقشُ الكلماتِ
في أذهانِنا
ويكونُ في هَزِّ القلوبِ مُوَفَّقَا
وإذا سِوَاكَ بِها
أحَقُّ ،، فأعْطِهِ
هي لم تَكُنْ إرْثَاً ومُلْكَاً
مُسْبَقَا
والله من وراء
القصد وهو يهدي السبيل