recent
أخبار عاجلة

القول السديد في الرد علي اقوال المستفزين



القول السديد في الرد علي اقوال المستفزين 

أثارت الحلقة التي أذيعت بين عمرو أديب وإسلام بحيري لغطاً شديداً بين جموع المسلمين ومنهم من دافع عن شيخ الأزهر لسب إسلام بحيري وتطاوله علي الإمام الأكبر .. أراد هذا البحيري  أن يبث الكثير من   المغالطات والسموم   وعاب علي  شيخ الأزهر أنه  فسر النشوز بما فسره العلماء القدامي , وعلي حد قول  بحيري ماكان ينبغي له أن يقول ذلك لأننا في دولة مدنية وهذا يخالف دستور الدولة "وكلام بحيري هذا عبث وهرتلة لاجدوي من ورأها ..

وما يهمنا أن الرويبضة    عرف النشوز بتعريفات خاطئة فاستطرد قائلاً:"  النشوز هو الخيانة لأن ماقبلها يتحدث عن النساء الفضليات :  فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا"(النساء: 34).

 لنتوقف عند الكلمات التي جاءت قبل النشوز، "فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ” والحديث هنا عن الزوجات الصالحات اللاتي يحفظن غيب أزواجهن، أي يحفظن عرضه كما يقول المفسرون، ثم جاء العطف بعدها ” وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ” أي واللاتي تخافون نشوزهن بأن لا يحفظن غيبة أزواجهن فعظوهن..،

 إذن نحن أمام فريقين من النساء تكلمت عنه الآية: الأول: حافظات للغيب غير ناشزات، والثاني: ناشزات غير حافظات للغيب، وعلى هذا فإن الناشزات هن اللائي لا يحفظن الغيب، أي لا يحفظن العرض كما قال المفسرون، أي أن هناك شبة خروج عن طريق العفة أو مقدمة للخيانة، وأقول مقدمات فقط لا خروج كامل عن العفة، لأن لذلك حكم آخر ذكرته آية أخرى.. 

يؤيد هذا المعنى ما جاء في الرواية التي رواها مسلم عن النبي عليه الصلاة والسلام: “وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذلك فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ”()، فهذا الرواية تنهاهن أن يوطئن فراش الرجل أخدا يكرهه في حال غيابه، وهذا نوع من حفظ الغيب.

كما أنه استدل أيضاً بنشوز الرجل في قوله تعالي:" وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا"(النساء: 124).. 

فقال نشوز الزوج هنا انحرافه بوجود علاقة بينه وبن امرأة أخري ..الخ هذه الهرتلات الذي يهرتلها هؤلاء الذين لاعلم لهم باللغة ولابالفقه ولاأصوله ولا بالحديث ومصطلح الحديث .. ولابالتفسير ولابأسباب النزول .. لأن هذه الآية بالذات ورد فيها سبب نزول قاطع يبين معني النشوز وهذا ماسنذكره ..

ونقول وبالله التوفيق:"

قوله تعالى:"وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا"(النساء/ 34 ).

 

النشوز في أصل اللغة هو المتن المرتفع عن الأرض، والناشز هو المخالف للحالة الطبيعية فهو لا يتساوى مع ما بجواره، وقد فسر المفسرون النشوز في الآية بأنه عدم طاعة الزوجة لزوجها،

 ولكن هذا المعنى عام في النشوز ويغفل المعنى الخاص في سياق الآية، ولو تأملنا سياق الآية سنجد أن هناك معنى خاصا للنشوز في سياق هذه الآية لا يخرج عن المعنى العام.

 

هذا بالنسبة لآية نشوز المرأة أما بالنسبة للآية التي تحدثت عن نشوز المرأة في نفس السورة عند قوله تعالى: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا"( النساء: 124)، فلها سياق آخر لمعنى النشوز الخاص بالآية وإن اتفق مع أصله العام.. وهنا نلاحظ أن الآية لم تذكر عقوبة للرجل وإنما حثت على الصلح فلماذا؟

 

وللرد علي هذا الكلام نقول:"

أولاً:" معنى نُشُوزَهُنَّ في القرآن الكريم

"نُشوزَهُنَّ "عدم طاعة الزوج و ترفُّعَهُنَّ عن مطاوعتهم. والنشوز يكون بين الزوجين، و هو كراهةُ كل واحد منهما صاحبه.

نشز النشز: المرتفع من الأرض، ونشز فلان: إذا قصد نشزا، ومنه: نشز فلان عن مقره: نبا، وكل ناب ناشز. قال تعالى:"وإذا قيل انشزوا فانشزوا"(المجادلة/11)

وقيل:" ونشوز المرأة: بغضها لزوجها ورفع نفسها عن طاعته، وعينها عنه إلى غيره،

نشوزهن: النشوز في الأصل اللغوي يدلّ على الارتفاع، والنشوز بين الزوجين هو بغض أحدهما للآخر، والمرأة الناشز هي التي تبغض زوجها وتعصي أمره"(معجم المعاني الجامع).

ثانياً :"  أقوال المفسرين ومعنى آية:" وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ"،

يقول الإمام الطبري أنّ أهل التأويل اختلفوا في معنى هذه الآية الكريمة، حيث قال البعض أنّ المعنى هو "واللاتي تعلمون نشوزهن" فالخوف في هذا الموضع هو بمعنى العلم كالظن الذي يأتي بمعنى العلم لتقارب معانيهما، فالظن بمعنى الشك والخوف مقرون بالرجاء، وقال آخرون أنّ الخوف في هذا الموضع ضد الرجاء، 

ومعنى الآية: "أنكم إذا رأيتم من نسائكم ما تخافون بسببه من نشوزهن عليكم مثل نظرهن إلى ما لا ينبغي لهنّ النظر إليه، وكثرة الدخول والخروج من البيت، وغير ذلك من الأمور التي تبثّ الريبة في نفوسكم من أمرنسائكم،فعليكم بالوعظ والهجران"(تفسير الطبري).

وقد نقل الإمام الطبري الكثير من أقوال أهل العلم في تفسير هذه الآية الكريمة،

حيث قال محمدبن كعب القرظي أنّ معنى :"نشوزهن"، أي: استعلاء المرأة على زوجها وترفعّها عن فراشه معصيةً له، وترك طاعته فيما يجب عليها له، وأصل النشوز الارتفاع فالمكان المرتفع من الأرض يُقال له نشز ونشاز، ومعنى "فعظوهن"،أي: ذكروهنّ الله تعالى وخوفّوهن من وعيده على فعل المحرمات من معصية الزوج فيما وجبت طاعته فيه،


وفسّر السُدّي النشوز:" بالبغض"

وعن عطاء قال :"أنّ النشوز هو حبّ المرأة لفراق زوجها والرجل كذلك"

أمّا ابن زيد فقال :"أنّ النشوز هو العصيان ونحوه.

وقد قال ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّ المرأة الناشز هي التي تستخف بحق زوجها ولا تطيعه، كما فسّر مجاهد طريقة الوعظ حال النشوز فقال: إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها، فيقول لها: اتقي الله وارجعي إلى فراشك، فإن هي أطاعته فلا سبيل له عليها، وقد قال الحسن البصري كلامًا قريبًا من هذا وهو أنّ الوعظ يكون باللسان والأمر بتقوى الله وطاعته،

 كما مثّل محمد بن كعب القرظي للنشوز والوعظ بأمثلة حيّة حيث قال: "إذا رأى الرجل خفةً في صرّها في مدخلها ومخرجها، فيقول لها بلسانه: قد رأيت منك كذا وكذا فانتهي! فإن أعتبت -أي غيّرت من سلوكها وامتثلت لأمر زوجها- فلا سبيل له عليها، وإن أبت هجر مضجعها.(تفسير الطبري).

 

 كما ذكر الإمام القرطبي في بيانه لمعنى آية: واللاتي تخافون نشوزهن، أنّ ابن عباس -رضي الله عنهما- قد قال بأنّ معنى تخافون، أي تعلمون وتتيقنون، وذكر أنّ البعض قالوا هو على بابه أي أنّ تخافون بمعنى الخوف المعروف، واللاتي هو جمع التي،

والنشوز هو العصيان، ومنه المكان المرتفع من الأرض، ويُقال "نشز الرجل" أي:"كان قاعدًا ونهض قائمًا، وقد قال تعالى في خطابه للمؤمنين في سورة وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا"(المجادلة/11).  

أي ارتفعوا وانهضوا للحرب أو أي أمر آخر من أمور الله تعالى، وعليه فإنّ معنى الآية: النساء اللواتي تخافون عصيانهن وتعاليهن عمّا أوجب الله عليهن من طاعة الأزواج،

وقد قال أبو منصور اللغوي أنّ النشوز هو كراهية كل واحد من الأزواج لصاحبه، ويُقال للمرأة ناشز بدون هاء، والفعل نشزن وتنشز ونشصت وتنشص، والمراد المرأة سيئة العشرة، كما قال ابن فارس، أنّ المرأة الناشز هي التي تستصعب على زوجها، ونشوز الرجل على زوجته هو ضربه لها وجفوتها.

 

 وقد تبيّن من خلال هذه الآية الكريمة ماذا يفعل الزوج الذي يرى من زوجته استعلاءً عليه ويتخوّف من نشوزها وتركها لطاعته بسبب بغضها له وإعراضها عنه؛ فمن رأى ذلك من زوجته فعليه أن يلجأ إلى وعظها وتذكيرها بالله تعالى، ويخوّفها من عقابه على معصية المرأة لزوجها، ويرغبّها بطاعته حيث يذكر لها ثواب طاعة الزوج عند الله تعالى، فإن لم ينفع الوعظ فالوسيلة الثانية هي الهجر في المضاجع، والمعنى ابتعاد الزوج عن فراش زوجته وعدم قربانه له وترك جماعها، فإن لم تُحسّن من حالها بعد الهجر فإنّ الزوج يُباح له حينها أن يضربها ضربًا غير مبرح.

 

 ثالثاً:" سبب نزول آية:"وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ" أسباب النزول هي الوقائع والأحداث التي كانت سببًا في نزول آيات وسور معينة من القرآن الكريم، وليس لكل آية في القرآن سبب نزول، فمن الآيات ما تنزل ابتداءً بدون حصول أمر يخصّها، ومنها ما ينزل بعد حصول حدّث معيّن، وقد قال المفسرون والعلماء المهتمّون بعلم أسباب النزول؛ أنّ سبب نزول آية: "وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ" 

قال مقاتل:"  هو أنّ سعد بن الربيع اختصم مع زوجته حبيبة بنت زيد، وسعد من النقباء وكان هو وزوجته من الأنصار، وقد نشزت عنه فلطمها، فذهبت مع أبيها إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال أبوها: أفرشته كريمتي فلطمها."(روائع البيان في تفسير آيات الأحكام)،

  فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لتقتصّ من زوجها"، فانصرفت مع أبيها لتقتصّ منه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "ارجعوا هذا جبريل"، وأنزل الله تعالى:"الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ"، فقال رسول الله: "أردنا أمرًا وأراد الله أمرًا والذي أراد الله خير" ورُفع القصاص،( روائع البيان في تفسير آيات الأحكام).

كما جاء في تفسير الرازي أنّ هذه الحادثة كانت سببًا في نزول قوله تعالى:"وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ"(طه/114).  وقد أمسك رسول الله حتّى نزلت آية سورة النساء، وذكر أيضًا قول الكلبي وهو أنّ اسم زوجة سعد بن الربيع هو عميرة بنت محمد بن مسلمة"(الحاوي في تفسير القرآن الكريم)،

 

   الثمرات المستفادة من آية:"واللاتي تخافون نشوزهن"

 المسلم مأمور بالنظر في القرآن الكريم والتبصّر في معانيه والتفكّر في أحكامه وأخذ العبر والفوائد من القصص الواردة فيه، فالآية قد تدلّ على معنى مباشر واضح ولكن عند التأمل فيها تظهر معاني خفية وفوائد جليلة بالإضافة إلى الكثير من الفوائد العلمية واللغوية، وفيما يأتي بيانٌ لبعض الثمرات المستفادة من آية: واللاتي تخافون نشوزهن: حرمة نشوز المرأة على زوجها.

التدرج في التأديب فالوعظ أولًا ثمّ الهجر ثمّ الضرب.

 للزوج السلطة على زوجته.

 إنّ الضرب غير المبرح يكون بالسواك وما شابهه، فالضرب غير المبرح هو الضرب غير المؤثر.(تفسير الطبري).

 

 قال بعض العلماء أنّ الحكم في هذه الآية على التخيير أي يحق للزوج أن يبدأ بالضرب بينما قال آخرون هو على التخيير فلا يجوز الانتقال إلى الهجر والضرب قبل الوعظ.(الحاوي في تفسير القرآن الكريم).

 قال الإمام الشافعي :"إنّ الضرب ضرب تأديب لا يكسر عظمًا ولا يُشين عضوًا، ويجب أن يكون مفرقًّا على البدن ولا يوالي به في موضع واحد، كما يجب أن يتقي الوجه لأنّه مجمع المحاسن، وألّا يزيد عن الأربعين، وقال أيضًا أنّ الضرب مباح وتركه أفضل.(المرجع السابق).

 النشوز هو السبب الوحيد في سقوط نفقة الزوجة على زوجها.

 إنّ الأسباب التي تجعل المرأة تنشز على زوجها هي: سوء خلق المرأة أو رغبتها في الزواج من غيره أو قسوة الرجل وحدّة طباعه كما بين ذلك ابن عاشور.(الحاوي في تفسير القرآن الكريم)،

 

 #وكذلك هناك أدلة كثيرة علي أن النشوز ليس الخيانة الزوجية فحديث القرآن عن الخيانة الزوجية صريح وواضح فقد ذكر في أكثر من موضع ماهو جزاء الخيانة الزوجية حيث  ذكر في نفس السورة سورة النساء والآيات السابقة علي أية النشوز ب19تسعة عشر أية :" وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًاوَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا   إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا"[النساء /17,15).

وقصد بقوله:"فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً" إنه سبحانه يقصد به حماية الأعراض، فلا يبلغ كل واحد في عرض الآخر، بل لابد أن يضع لها الحق احتياطا قويا، لأن الأعراض ستجرح، ولماذا (أربعة) في الشهادة؟ لأنهما اثنتان تستمتعان ببعضهما، ومطلوب أن يشهد على كل واحدة اثنان فيكونوا أربعة، وإذا حدث هذا ورأينا وعرفنا وتأكدنا، ماذا نفعل؟

 

قال سبحانه:"فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البيوت" أي احجزوهن واحبسوهن عن الحركة، ولا تجعلوا لهن وسيلة التقاء إلى أن يتوفاهن الموت "أَوْ يَجْعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلاً" وقد جعل الله.

فإذا كنا نعزل أصحاب المرض المعدي فكيف لا نعزل اللاتي أصبن بالعطب والفضيحة؛ لذلك يقول الحق: "فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البيوت حتى يَتَوَفَّاهُنَّ الموت أَوْ يَجْعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلاً" أي أن تظل كل منهما في العزل إلى أن يأتي لكل منهن ملك الموت. وحدثتنا كتب التشريع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل الآية على أنها تختص بزنا يقع بين رجل وامرأة وليس بين امرأتين.

 

ثم جاء التشريع بعد ذلك فصفى قضية الحدود إلى أن البكر بالبكر جلد.. والثيب بالثيب رجم. وبعض من الناس يقول: إن الرجم لم يرد بالقرآن. عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"خذوا عني خذوا عني: البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم"

والحكم هنا: يُرجم الرجل وتجلد الفتاة، فإن اتفقا في الحالة، فهما يأخذان حكما واحدا. وإن اختلفا فكل واحد منهما يأخذ الحكم الذي يناسبه.

والذي يدل علي كذب قول الرويبضة أن القرآن فصل تفصيلاً كاملاً في جزاء مرتكب الفاحشة حيث

   قال تعالي:" الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ   وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ  وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ  وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ "(النور/2-10) .

هذا وبالله التوفيق

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل                   

google-playkhamsatmostaqltradent