recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة | قيمة العمل وشرفه في الإسلام | لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح



قيمة العمل وشرفه في الإسلام

1- مكانة العمل وقيمته.

2- أداب العمل وشرفه.

3- دعوة إلي العمل والاحتراف.

4- احتراف أنبياء الله للعمل .

الحمدلله رب العالمين وأشهد أن لاإله إلا الله وحده  لاشريك له وأشهد أن سيدنا محمداًعبده ورسوله اللهم صلاة وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله أما بعد فيا جماعة الإسلام لقد جاء الدين الإسلامي وشعاره العمل، قال تعالى:" وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ "(التوبة/105).

1- مكانة العمل وقيمته.

عباد الله :"إنّ العمل في مفهوم الإسلام نوعان: عمل للدنيا، وعمل للآخرة، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :" إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً. واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً".

والإسلام أمر الناس بالسعي في طلب الرزق، قال تعالى:" هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ  وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"(الملك/15).

ثم إنَّ الله تكفل للناس بالرزق، فقال تعالى:" وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ "(الذاريات/22-23).

ولأهمية العمل ومكانته  في الإسلام فقد جاءت الأدلة القرآنية والأحاديث النبوية بالحث على العمل الصالح مقترناً بالإيمان،قال تعالى:" الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ "(الرعد:29).،  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا إيمان بلا عمل، ولا عمل بلا إيمان "(الطبري).وقال أيضاً :"من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفور له"(السيوطي).

 2- أداب العمل وشرفه.

عباد الله: وإذا كان العمل بهذه الأهمية والمكانة، فإن له آداب وواجبات ينبغي لكل مسلم أن يلتزم بها وهو يقوم بأي عمل من الأعمال ومن هذه الآداب :

إتقان العمل :"فعليه ابتداءاً أن يتقن عمله، وتلك صفة عظيمة في حياة المؤمن، لذلك كانت مطالبة الرسول صلي الله عليه وسلم  إلى الإتقان في الأعمال، فقد قال :"إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ"(البيهقي).

فالإتقان سمة أساسية في الشخصية المسلمة يربيها الإسلام في أبناءه،وهي التي تحدث التغيير في سلوكهم ونشاطهم، ولأن كل عمل يقوم به المسلم بنيّة العبادة هو عمل مقبول عند الله، يُجازى عليه سواء كان عمل دنيا أم آخرة. قال تعالى:"قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّـهِ رَ‌بِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِ‌يكَ لَهُ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْ‌تُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ"(الأنعام/162-163).

عباد الله ومن الآداب أن الإسلام نهى أن يجلس الرجل بدون عمل، ثم يمد يده للناس يسألهم المال، فقال صلي الله عليه وسلم :"اليد العُلْيَا خير من اليد السُّفْلَى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعِفَّه الله، ومن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله"(متفق عليه).

ولم يكتفِ الإسلام بالدعوة إلى العمل، وبيان فضله، بل حذَّر من البطالة، والكسل، والتواكل، لذا  قال صلى الله عليه وسلم:" مَن سَأَلَ النَّاسَ أمْوالَهُمْ تَكَثُّرًا، فإنَّما يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ، أوْ لِيَسْتَكْثِرْ"(مسلم).

وبين أن من أقبح الموارد المعيشية في الإسلام الاعتماد على جهد الآخرين والتسوُّل من غير ضرورة، ولذلك فضل الإسلام المعطي على الآخذ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمَنْ تعول"(أحمد والطبراني).

 3- دعوة إلي العمل والاحتراف.

عباد الله : وفي نهى الإسلام عن التسول والمتسولين ونعيه على الذين يجلسون عالة على غيرهم وهو ما قاله صلي الله عليه وسلم :"من جلس إلى غني لينال من ماله فقد ذهب ثلث دينه "(الترغيب والترهيب). ويقول صلي الله عليه وسلم :"من فتح باب مسألة فتح الله عليه باب فقر"(أحمد صحيح ).

 لذلك نجده صلي الله عليه وسلم يدعوا إلى العمل والاحتراف خيراً من المسألة  قال صلي الله عليه وسلم :"لأن يأخذ أحدكم أحبله فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس  أعطوه أو منعوه"(ابن ماجة).

ودعي الرسول صلي الله عليه وسلم إلى الاحتراف وجعله طريقاً إلى حب الله عز وجل فكان ابن عمر رضي الله عنهما :"إن الله يحب المؤمن المحترف"( الترمذي والطبراني).

وتركيز الرسول على عمل الرجل بيده إعلاء لشأن الحرف التي تبدوا في أعين الناس شاقة أو مهينة لذلك قال تزكية للحرفيين والصناع الذين يمارسون بأيديهم الجهد والمجاهدة أعمالهم ..

وحين يُسأل أي الكسب أفضل يقول :"أطيب الكسب عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور"( أحمد والحاكم).

وحين يلقى بعض الصحابة ذات يوم ويجد في يديه خشونة فيسأله ما بال كفيك قد امجلتا فيجيبه الصحابي من أثر العمل يا رسول الله فيرفع الرسول كفيه على ملأ من الصحابة ثم يقبلها ويلوح بهما كأنهما راية ويقول مباهياً :"كفان يحبهما الله ورسوله" .(المبسوط للسرخسي).

ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق، ويقول :"اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة"، ويقول أيضاً: رضي الله عنه:"أني لأرى الرجل فيعجبني فأقول أله حرفة فإن قالوا لا سقط من عيني". فعلى المسلم أن يعمل ويجتهد حتى تتحقق قيمته في الحياة.

يقول الشاعر:

بِقَدْرِ الْكَدِّ تكْتَسَبُ المعَالِي*** ومَنْ طلب العُلا سَهرَ اللَّيالِي

ومن طلب العُلا من غير كَدٍّ***أَضَاع العُمْرَ في طلب الْمُحَال

عباد الله يجب على الناس أن يجددوا من إيمانهم وأن يسعوا في طلب العمل الصالح ففيهما سعادة الناس في الدنيا والآخرة ؛ لأنَّ الإيمان هو ما وقر في القلب وصدَّقه العمل الصالح، والله لا يقبل إلا ما كان طيباً وعملاً صالحاً قال تعالى:"إليه يصعد الكلمُ الطيب والعمل الصالح يرفعه"(فاطر/10).

عباد الله أقول ماتسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وبعد

4- احتراف أنبياء الله للعمل .

فياعباد الله :"ونحن نتحدث عن شرف العمل وقيمته فجميع الأنبياء والرسل  كانت لهم مِهن، وأعمال يؤدّونها؛ لأنّهم قدوة لغيرهم من البشر في الأخذ بالأسباب، والسعي في تحصيل الرزق؛ فقد كان آدم  يعمل في الحراثة، وكان نوح يعمل في رعي الغنم، إلى جانب عمله في النجارة ، وكان إدريس يعمل بالخياطة.  وإبراهيم ولوط كانا يشتغلا بالزِّراعة.وكان إبراهيم عليه السلام  بنَّاءً، وهكذا ولده اسماعيل  فقد بنى الكعبة مع ابنه إسماعيل، ونبي الله يوسف كان وزيراً للماليَّة أوالتموين، وهو منصبٌ يتعلَّق بالأموال، والإحصاءات، والتَّخزين والتَّوزيع،:" قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ"(يوسف/55).

وصالح وشعيب  وموسى عليهم السلام  كانوا يعملون  في رعي الغنم، ونبي الله داوود عليه السلام كان يعمل  في الحِدادة؛:"وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ "وكان سليمان عليه السلام أوَّل من عمل في صناعة الصّابون. وكان عيسى -عليه السلام يعملُ بالطِّب، حيثُ كان يُبرئ الأكمَهَ والأبرّصَ.

 ونبينا  صلي الله عليه وسلم عمل في أكثر من مهنة ؛ فقد عمل في شبابه بالتجارة وعمل في بناء الكعبة؛ فقد كان يحمل الحجارة بنفسه وعمل في رعي الغنم.

عباد الله:"  أمّا الصحابة الكرام فقد ساروا على نهج النبيّ في العمل؛ فكان من العشرة المبشرين بالجنة يعملون بالتجارة تسعة سوي عليّ بن أبي طالب  فقد كان يعمل في استخراج الماء من البئر ليأخذ بعض التمرات أجرة له على ذلك العمل . واشتُهِر خباب بن الأرت بالحِدادة، وعبدالله بن مسعود برعي الغنم، وسلمان الفارسيّ بالحلاقة، إلى جانب كونه خبيراً بالفنون الحربيّة، فكان الصحابة يعملون في شتّى الأعمال؛ فالأنصار كانوا يعملون في الزراعة، والمهاجرون في التجارة، وكان النبيّ يحثُّهم على ذلك.

عباد الله:" قيمة العمل وشرفه لاتدانيه قيمة وعلي المسلم أن يكد ويسعي  فهو لايأخذ إلا سعيه وكده:" وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى  وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى  ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى"(النجم/39-41).

اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه

عباد الله :" أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله وأقم الصلاة.

google-playkhamsatmostaqltradent