recent
أخبار عاجلة

هل سب السنة المنقضية سب لله عزوجل ؟ فلا نسبها؟

 


هل سب السنة المنقضية  سب لله عزوجل ؟ فلانسبها؟

مع نهاية عام منقضي وقدوم عام جديد نسمع الكثير يشتكي من السنة التي مرت بما فيها من تعاسة وحظ عسر وقد يدعوا الله أن لايعيدها ومن الناس من يلعن السنة ومنهم من يقول لم أري فيها يوماً يسر .. الخ مايحدث ..فهل هذا سب لله؟ .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا ما يحدث ونسمعه كثيراً وهذه الأفعال من أفعال الجاهلية  كما قال  النووي:" قال العلماء أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون يا خيبة الدهر ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر أي لا تسبوا فاعل النوازل فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى؛ لأنه هو فاعلها ومنزلها. وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى. ومعنى فإن الله هو الدهر أي فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات". اهـ

وعليه :" فإن سب الدهر محرم شرعاً، سواء عبر عنه بالدهر أو الزمن أو اليوم أو الوقت وفي حقيقة الأمر أنه ورد النهي عن ذلك في السنة المطهرة فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر"(مسلم).

وفي رواية :" يسب بنو آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار(البخاري).

 

قال الإمام البغوي في تفسيره: "وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ الْعَرَبَ كَانَ مِنْ شَأْنِهِمْ ذَمُّ الدَّهْرِ، وَسَبِّهِ عِنْدَ النَّوَازِلِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْسُبُونَ إِلَيْهِ مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْمَصَائِبِ وَالْمَكَارِهِ، فَيَقُولُونَ: أَصَابَتْهُمْ قَوَارِعُ الدَّهْرِ، وَأَبَادَهُمُ الدَّهْرِ.كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ: وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ فَإِذَا أَضَافُوا إِلَى الدَّهْرِ مَا نَالَهُمْ مِنَ الشدائد سبو فاعلها، وكان مَرْجِعُ سَبِّهِمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِذْ هُوَ الْفَاعِلُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْأُمُورِ الَّتِي يُضِيفُونَهَا إِلَى الدَّهْرِ، فَنُهُوا عَنْ سَبِّ الدَّهْرِ." اهـ

وذكر ابن القيم :" أن سب الدهر فيه ثلاث مفاسد: أحداها: سبه ممن ليس أهلاً للسب، فإن الدهر خلق مسخر من خلق الله منقاد لأمره متذلل لتسخيره فسابه أولى بالذم والسب منه.

أحداها: سبه ممن ليس أهلاً للسب، فإن الدهر خلق مسخر من خلق الله منقاد لأمره متذلل لتسخيره فسابه أولى بالذم والسب منه.

الثانية: أن سبه متضمن للشرك، فإنه سبه لظنه أنه يضر وينفع...

الثَّالِثَةُ: أَنَّ السَّبَّ مِنْهُمْ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَالَ الَّتِي لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ فِيهَا أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَإِذَا وَقَعَتْ أَهْوَاؤُهُمْ حَمِدُوا الدَّهْرَ وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ. وَفِي حَقِيقَةِ الْأَمْرِ، فَرَبُّ الدَّهْرِ تَعَالَى هُوَ الْمُعْطِي الْمَانِعُ، الْخَافِضُ الرَّافِعُ، الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ، وَالدَّهْرُ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، فَمَسَبَّتُهُمْ لِلدَّهْرِ مَسَبَّةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلِهَذَا كَانَتْ مُؤْذِيَةً لِلرَّبِّ تَعَالَى، كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :"قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ" فَسَابُّ الدَّهْرِ دَائِرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا. إِمَّا سَبَّهُ لِلَّهِ، أَوِ الشِّرْكُ بِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الدَّهْرَ فَاعِلٌ مَعَ اللَّهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ، وَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ، وَهُوَ يَسُبُّ مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ سَبَّ اللَّهَ. اهـ (زاد المعاد بتصرف).

وقال الخطابي  في أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري "قوله: أنا الدهر، معناه أنا صاحب الدهر، ومدبر الأمور التي تنسبونها إلى الدهر، فإذا سب ابن آدم الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور، عاد سبه إلي، لأني فاعلها وإنما الدهر زمان ووقت جعلت ظرفا لمواقع الأمور  وكان من عادة أهل الجاهلية إذا أصابهم شدة من الزمان أو مكروه من الأمر أضافوه إلى الدهر وسبوه فقالوا: بؤسا للدهر، وتبا للدهر، ونحو ذلك من القول، 

إذ كانوا لا يثبتون لله ربوبية، ولا يعرفون للدهر خالقا، وقد حكى الله ذلك من قولهم حين قالوا:"وما يهلكنا إلا الدهر" ولذلك سموا الدهرية وكانوا يرون الدهر أزليا قديما لا أول له، فأعلم الله تبارك وتعالى أن الدهر محدث يقلبه بين ليل ونهار لا فعل له في شيء من خير أو شر، لكنه ظرف للحوادث ومحل لوقوعها وأن الأمور كلها بيد الله تعالى ومن قبله يكون حدوثها وهو محدثها ومنشئها سبحانه لا شريك له.

والدهر ليس من أسماء الله ولو كان كذلك لكان الذين قالوا: وما يهلكنا إلا الدهر مصيبين.

ومن وقع في ذلك فعليه التوبة والاستغفار والرجوع إلي الله عز وجل  وواجب علي جميع الأمة أن يأخذوا بهذا ، لما ورد في قول الله تعالى :"وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"(الحشر:7).

 والله أعلم.

google-playkhamsatmostaqltradent