recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة | ضوابط بناء الأسرة وسبل الحفاظ عليها | لفضيلة الشيخ عبدالناصر بليح



ضوابط بناء الأسرة وسبل الحفاظ عليها

العناصر

"اختيارالزوجين للأخر .

"التيسير علي الشباب .

"الاهتمام بالمشاعر الإنسانية بين الزوجين.

"التعاون في الأعمال المنزلية.

 الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له في سلطانه وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله اللهم صلاة وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله وبعد فياجماعة الإسلام :"وَمِنْ ءَايَٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ"(الروم/21).

عباد الله :" الأسرة هي اللَّبنةُ الأولى في بناء أي مجتمع، فإذا كانت هذه اللبنة مفكَّكةً منهارةً، فلا بد أن يكون المجتمع مفكَّكًا منهارًا، وإذا كانت هذه الأُسرة صُلْبةً متماسكة، فلا بد أن يكون المجتمعُ المتكوِّن منها صُلبًا متماسكًا كذلك.

ولَمَّا كان الإسلام الحنيف يعمل على تكوين المجتمع الإسلاميِّ القوي، فقد حرَص على تدعيم اللَّبِنة الأولى في البنيان الاجتماعي،وهي الأسرة،وعمل على إسعادِها وعلى تقوِيتها.فعمل  

أولاً :"اختيارالزوجين للأخر"

عباد الله :"وضَعَ الإسلام أُسسًا قويمة أَوْجَبَ على الإنسان أن يأخُذَها في عين الاعتبار حين قدومه على اختيار الزوج وهومعيار الدين والخلق :" إذا أتاكُم من تَرضونَ خُلقهُ ودينهُ فزوّجوهُ ،إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ"(الترمذي).

وفي سبيل اختيار الزوجة لابد من الصلاح والتقوي يقول صلى الله عليه وسلم:"الدنيا متاع ، وخيرُ متاعها المرأةُ الصالحة "(مسلم).

  ويقول صلى الله عليه وسلم :"أربع من السعادة: المرأةُ الصالحة، والمسكنُ الواسع، والجارُ الصالح، والمركبُ الهنيء، وأربع من الشقاء: الجارُ السوء، والمرأةُ السوء، والمركبُ السوء، والمسكنُ الضيِّق"(ابن حبان وأحمد). 

عباد الله وهل يجوز للرجل أن يخطب لابنته ؟

نعم لا مانع أن يختار الرجل لابنته إذا وجد كُفئًا وهذا الأمر محمود في الشرع الحنيف؛ لأن سوء الاختيار يؤدي إلي مالايحمد عقباه ..

وهناك  أمثلة كثيرة على خطبة ولي الأمر لابنته ومنها سيدنا شعيب حين عرض ابنته على موسى عليه السلام في قوله تعالى:" قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ"(القصص/ 27).

وأما السنة المطهرة فقد أكدت فكرة عرض الرجل ابنته على الرجل الصالح، ومثال ذلك سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛حين تأيَّمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،وتوفِّي بالمدينة، فقال عمر بن الخطاب: "أتيت عثمان فعرضت عليه حفصة، فقال: سأنظر في أمري، فلبثت ليالي، ثم لقِيني، فقال: قد بدا لي ألا أتزوَّج يومي هذا، قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق، فقلت له: إن شئت زوَّجتك حفصة بنت عمر؟ فصمت أبو بكر، فلم يرجع إليّ شيئًا، وكنت أوجد عليه مني على عثمان، فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكحتُها إياه، فلقِيني أبو بكر، فقال: لعلَّك وجدتَ عليّ حين عرضت عليّ حفصة، فلم أرجع إليك فيما عرضت عليّ ، إلا أني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها ، فلم أكن أُفشي سرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقبِلتها"(البخاري).

عبد الله" لا تزوِّج ابنتك إلا من مؤمن تقي ، قيل  لرجل صالح :"إن لي ابنة لمن أزوِّجها؟ قال: لا تزوِّجها إلا لتقي، إن أحبَّها أكرمها، وإن كرِهها لم يظلِمها".

ابحث في زوج ابنتك عن الإسلام أولاً، ثم الصلاح ثانيًا، وخلقه ودينه ؛  ثم ابحث هل له عمل أو وظيفة، له سكن؟ ثم ابحث هل هو كفؤ لها أم لا ؟ والكفاءة في التدين والإلتزام والورَع والوظيفة، والحسَب والنسَب..

ثانياً:" التيسير علي الشباب:"

عباد الله :" ومن ضوابط بناء الأسرة والحفاظ عليها التيسير علي الشباب لأن خير وبركة المرأة في قلة مهرها وشؤمها وشرها في كثرة مهرها.. يَقُولُ صلى الله عليه وسلم:"لَا شُؤْمَ، وَقَدْ يَكُونُ اليُمْنُ فِي الدَّارِ وَالمَرْأَةِ وَالفَرَسِ"(الترمذي).

قال الغزالي:"فيُمْنُ المرأةِ: خفة مهرها، ويسر نكاحها، وحسن خلقها، وشؤمها: غلاء مهرها، وعسر نكاحها، وسوء خلقها،" ولكن انظروا إلى الرسول صلي الله عليه وسلم ، في  زوّاَج ابنته فاطمة رضي الله عنها، ومَن هي فاطمة ؟ يقول الشاعر:"

هي بنت من؟هي أم من؟هي زوج من؟من ذا يساوي في الأنام عُلاها

 أما أبوها فهو أشرف مرسل جبريل بالتوحيد قد رباها

وعلى زوج لا تَسَلْ عنه سوى سيف غدا بيمينه تياها

كيف زُفَّت فاطمة من بيت أبيها إلى بيت زوجها؟ انظروا إلى مراسيم العرس:

فقصة خِطبة وزواج علي من فاطمة رضي الله عنهما   ذُكِرَت في كتب الحديث والسِّيَر والتراجم،وقد رواها ابن كثير في السيرة النبوية والبيهقي في الدلائل عن علي رضي الله عنه قال :"أردت أن أُحدِّث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزواج من فاطمة، فلما دخلت البيت، فنظرت إلى وجهه صلى الله عليه وسلم، فأصاب وجهي الخجل والحياء والرهبة ، فما استطعت أن أتكلم بكلمة فتبسَّم صلي الله عليه وسلم  وقال يا علي :"كأنك تريد فاطمة؟"، قلت: نعم يا رسول الله، قال: "عندك مال؟"،

 وهو يدري أنه ليس عنده شيء! كان ينام على صوف الخروف،ينام عليه في الليل،ويلتحف به في النهار،قال علي :"ليس عندي شيء يا رسول الله! قال:"تذكر"، قال: والله ليس عندي درهم ولا دينار، ولا تمرة، أو حبة، أو زبيبة أبدًا، قال:"تذكر، هل عندك شيء من السلاح؟"، قال: عندي درع لا تساوي درهمين، ألبسه في المعركة، قال:"هاته"، فذهب وهو خجول رضي الله عنه وانتزعه من بيته، وأتى به ووضعه عند النبي صلى الله عليه وسلم، 

فقال: هذا مهر فاطمة، فقال صلى الله عليه وسلم:"قد قبِلت"، قال:"وهل قبِلت يا علي؟"، قال: قبلتُ..وتزوج علي من فاطمة أتدرون ماهو جهاز العروسين هل كان من عند أشهر بيوت الموبيليا والأساس؟..أم ماذا كان جهاز وأثاث الزواج يامن تعسرون علي الشباب وتضيقون عليهم الخناق حتي تنتشر الفاحشة والرذيلة ..

ياسادة زواج عليّ من فاطمة رضي الله عنهما كان زواجاً سهلاً مُيَّسراً مباركاً، لزوجين لا تعرف الدنيا لقلبهما طريقاً،فعن علي قال:"جهَّز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خميل"قطيفة"، وقِرْبة، ووسادة أدم"جلد"حشوها إذخر"نبات رائحته طيبة"(أحمد)، وفي رواية ابن حبان:"وأمرهم أن يجهزوها، فجعل لها سريراً مشرطاً بالشرط،ووسادة من جلد حشوها ليف".

عباد الله أقول ماسمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد فياعباد الله  :"ومن اهتمام الإسلام بالأسرة ركز علي  

الاهتمام بالمشاعر الإنسانية 

حتي تسديم العشرة :ونأخذ المثل أيضاً والقدوة من علي بن أبي طالب لما دخل على زوجته فاطمة  فرآها تستاك بسواك من أراك ، فقال لها مداعباً وملاعباً في بيتين جميلين عجيبين:

حظيتَ يا عودَ الأراكِ بثَغْرها  أما خِفتَ يا عودَ الأراكِ أَراكَ

لو كنت من أهل القتال قتلتُكَ   ما فاز مني يا سِواكُ سِواكَ

عباد الله :"والتعاون في الأعمال المنزلية من الأمور التي قصد بها الإسلام المحافظة علي كيان الأسرة

مساعدة الزوج زوجتَه في أعمال البيت 

اقتداءً بالرسول صلي الله عليه وسلم  ولو بالقليل  يُضفي على جو البيت بهجة، ويُسعد الزوجة، ويُشعرها بتقدير زوجها لها، فيسعدان معًا بهذه المشاركة؛ ولما سُئلت عائشة:"ماذا كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته؟ قالت :"كان بشراً من البشر،يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه"(أحمد والترمذي). وسئلت أيضاً :"ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في البيت؟ قالت :"كان يكون في مهنة أهله،فإذا سمع بالأذان خرج "(البخاري).وعنها قالت :"كان رسول الله يخيط ثوبه ويخصفُ نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم "(أحمد).

عباد الله أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله وأقم الصلاة.

google-playkhamsatmostaqltradent