أئمة وخطباء المساجد (الحلقة العاشرة).
تحضير .. مهارة .. تكرار .. إطالة .. أخطاء لغوية
..أحاديث موضوعة.. قصص واهية !!
عزيزي الإمام تحدثنا عن تحضير الخطبة وعلاج التكرار والالقاء..
واليوم سوف نتحدث عن:"
القيام واستحضار الهمة عند إلقاء الخطبة أو الدرس:"
وقبل الحديث عن هذا لابد أن نعرف أراء الفقهاء في هل يجوز للإمام
أن يجلس على المنبر وهو يخطب يوم الجمعة؟
الإجابة: قد اختلف العلماء في حكم القيام في خطبة الجمعة على
قولين:
الأول: مستحب وهو مذهب الجمهور، فتصح خطبته جالساً
مع القدرة على القيام.
الثاني:
أنه شرط مع القدرة فلا تصح إلا عند العجز وهو مذهب الشافعية. قال الإمام النووي رحمه
الله في المجموع: قال الشافعي والأصحاب: يشترط لصحة الخطبتين القيام فيهما مع القدرة,
والجلوس بينهما مع القدرة، فإن عجز عن القيام استحب له أن يستخلف، فإن خطب قاعدا أو
مضطجعا للعجز جاز بلا خلاف كالصلاة، وقال: ذكرنا أن مذهبنا وجوب القيام في الخطبتين
والجلوس بينهما ولا تصح إلا بهما.
وقال
مالك وابو حنيفة وأحمد: تصح قاعداً مع القدرة. قالوا: والقيام سنة وكذا الجلوس بينهما
سنة عندهم وبه قال جمهور العلماء حتى إن الطحاوي قال: لم يقل أحد غير الشافعي باشتراط
الجلوس بينهما. قال القاضي عياض: وعن مالك رواية أن الجلوس بينهما شرط وكذا القيام،
ودليلنا أنه صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي"(صحيح).
والمشهور أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين قائما يجلس
بينهما ..
وفي حقيقة الأمر أن :"
هناك عدة أمور يستعين الخطيب بها بعد الاستعانة
والتوكل علي الله عز وجل ومنها القيام أثناء الموعظة.
وعندما تقرأ قول
المولي عزوجل:"يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ
وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ
فَاصْبِرْ"(المدثر/1-7).
" قُمْ فَأَنذِرْ"يا
أيها المتغطي بثيابه، قم مِن مضجعك، فحذِّر الناس من عذاب الله، وخُصَّ ربك وحده بالتعظيم
والتوحيد والعبادة، وَطَهِّر ثيابك من النجاسات؛ فإن طهارة الظاهر من تمام طهارة الباطن،
ودُمْ على هَجْر الأصنام والأوثان وأعمال الشرك كلها، فلا تقربها، ولا تُعط العطيَّة؛
كي تلتمس أكثر منها، ولمرضاة ربك فاصبر على الأوامر والنواهي.
يقول السعدى :
"قُمْ فَأَنذِرْ "وأمره هنا بإعلان الدعوة ، والصدع بالإنذار، فقال:"قُمِ"أي
بجد ونشاط "فَأَنْذِرْ" الناس بالأقوال والأفعال، التي يحصل بها المقصود،
وبيان حال المنذر عنه، ليكون ذلك أدعى لتركه،والمراد بالقيام فى قوله - تعالى - : قم
فأنذر ، المسارعة والمبادرة والتصميم على تنفيذ ما أمره - سبحانه - به ، والإِنذار
هو الإِخبار الذى يصاحبه التخويف .
أى : قم - أيها الرسول الكريم - وانهض من مضجعك ، وبادر بعزيمة وتصميم ، على إنذار الناس وتخويفهم من سوء عاقبتهم ، إذا ما استمروا فى كفرهم ، وبلغ رسالة ربك إليهم دون أن تخشى أحدا منهم ، ومرهم بأن يخلصوا له - تعالى - العبادة والطاعة .
وبين قم للسعي، وقم للعبادة:
شقّ الأمر على
أصحاب النهي، واختلطت الرؤى في فتنٍ صار الحليم منها حيراناً؛ إذ كيف بأمة تحمل بين
يديها دستور نهضتها والكلمة الأولى في كتابها المقدس: "اقرأ"، ثم هي تصير
من جهلها أضحوكة الأمم ، وتتعجب من تخلّفها الشعوب، كيف بأمة قد أغناها الله وآتاها
من كل فضل ثم هي تُعرض عنه، وتتسول رغيفها؛ لتصير أكبر سوق استهلاكية في العالم، وآيات
ربها تأمرها بالسعي والعمل والفعل والإخلاص، إن داء أمتنا الذي أعجزنا اليوم حلُّه
بين كلمتين تصدرتا سورتين مكيتين -إحدهما على أقوال سبقت الأخرى- "قم فأنذر"
و "قم الليل" :
وقوله تعالى:"يَا
أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ
عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا
إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا إِنَّ لَكَ فِي
النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا
رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا"(الْمُزَّمِّلُ/1-9).
وبيّن الأمرُ القيام
بالنذير، والتبليغ، وحمل أمانة الدعوة، وحمل مشروع الهداية للبشرية، وتعريفهم بالله
وبشريعته الكاملة المستمدة من السماء، والتي تحقق التوازن والوسطية اللازمة لاستمرار
العنصر البشري على الأرض، متمثلاً ذلك في: "قم فأنذر، وربك فكبر" في حركة
لا تتوقف بين ذلك وبين الأمر بقيام الليل والمواظبة عليه وذكر الله عز وجل الذي يشير
لملكه للمشرق والمغرب في إشارة لوجوب نشر تلك العبادة التي هي معين على المهمة الأولى
والقيام الأول، نشرها في الشرق والغرب؛ لتصير كلمة الله هي المهيمنة.
فالأمر الأول:
العمل، والأمر الثاني: هو الطريق الميسر للقيام بالعمل.
والأمر الأول:
السعي، والأمر الثاني: الاستعانة بالصلاة ركوعها وسجودها وذكرها على إتمام المهمة الثقيلة،
وهي مهمة الاستخلاف والتبليغ.
إن الذي يعيش لنفسه
قد يعيش مستريحاً، ولكنه يعيش صغيراً ويموت صغيراً، فأما الكبير الذي يحمل هذا العبء
الكبير، فماله والنوم؟ وماله والراحة؟ وماله والفراش الدافئ، والعيش الهادئ؟ والمتاع
المريح؟!
مهارات الإلقاء الجيد:
1- طريقة الوقوف:
إن الوقوف الصحيح
له دوره في ارتياح الخطيب أثناء إلقاء الخطبة مما يزيد ثقته بنفسه, كما أنه يساعده
على التنفس الصحيح الذي يؤثر في فعالية الصوت.
2- لا تبدأ بعجلة:
بعدما تنهض لمخاطبة
جمهورك, لا تبدأ بعجلة. فهذه هي السمة المميزة للمبتدئ.
تطلع إلى جمهورك
للحظة.. إن كانت هناك ضجة, توقف قليلاً حتى تزول.. أبق صدرك عالياً.
لكن لمَ الانتظار
لفعل ذلك أمام الجمهور ؟ لم لا تفعل ذلك يومياً حين تكون منفرداً بذاتك، عندئذٍ يمكنك
أن تفعل ذلك تلقائياً أمام الناس.
احذرالصدمة الأولى:
لاحظت بعض المبتدئين
أثناء تدربهم على الخطابة، فكان بعضهم بمجرد وقوفه أمام الجمهوروشروعه في الخطبة يتلعثم
في أول الكلام, بل ربما ارتج عليه فنسي المقدمة تماماً, مع أنه قد اجتهد في إعداد الخطبة.
لماذا ؟
إن الكلمات الأولى
التي يتفوه بها الخطيب في اللحظات الأولى من وقوفه أمام الجمهور تختلف عن غيرها من
كلمات الخطبة.
ذلك لأنه يستقبل
موقفاً جديداً يكتنفه الغموض والخوف. فهو يقف أمام الجمهور لأول وهلة وجهاً لوجه, وربما
سيطر عليه شبح الخوف من الفشل أو الخطأ أو عدم قبول الناس له, فيصاب بالتوتر العصبي
مما يؤدي إلى ذهوله عن الموضوع. مع أنه في الحقيقة ما أن يمضي في الكلام حتى يشعر بالطمأنينة
والثقة.
ما الحل ؟
إن كلمات المقدمة
من أهم العوامل المؤثرة في الخطبة، فبها يكتسب الخطيب الثقة بنفسه, وبها يحكم الجمهور
على هذا الشخص الغريب الماثل أمامهم.
ولهذا, ضاعف الجهد
في إعداد المقدمة وتكرارها واستحضارها حتى تكون من الوضوح مثل اسمك تماماً, وإياك والثقة
الزائدة.
4- الاتزان وضبط
النفس:
الاتزان يعني الطمأنينة
والهدوء, وتجنب إحداث أي حركة في غير محلها.
وقد ذكرنا سابقاً
أنه لا ينبغي العبث بملابسك لأنها تلفت الانتباه.
هناك سبب آخر وهو
أن ذلك يمنح انطباعاً عن الضعف وقلة الثقة بالنفس.
5 – التواصل مع
المخاطب, والتحدث بشكل مباشر:
يجب أن يشعر المستمع
أن هناك رسالة موجهة من قلب الخطيب إلى قلبه.
إن الجمهور الحديث,
سواء كان في اجتماع أو تحت خيمة, يريد من الخطيب أن يتحدث بشكل مباشر كما لو كان في
جلسة سمر, وبالأسلوب العام الذي يستخدمه أثناء محادثة واحد منهم.
إذا كنت تخطب أمام
الناس فإنك ستستحوذ على استحسانهم إذا كنت تخطب بأسلوب طبيعي لدرجة أن مستمعيك لن يحلموا
أبداً بأنك تلقيت تدريباً على فن الخطابة.
إن مهمة تعليم
أو تدريب الناس على الإلقاء ليست من المهام الصعبة الإضافية, بل إنها مسألة إزالة العوائق,
وتحريرهم من القيود, واستدراجهم للتحدث بشكل طبيعي.
والطريقة الوحيدة
لاكتساب هذه الطبيعة هي التدريب.
تدريب عملي:
إذا وجدت نفسك
تتحدث بأسلوب متكلف, توقف وقل في نفسك:" ما الأمر؟ انتبه! كن طبيعياً ",
يمكن أن تختار واحداً من المستمعين وتتخيل أنه سألك سؤالاً وأنت تجيب. تحدث إليه, وانس
وجود سائر الحاضرين.
يمكنك الذهاب إلى
أبعد من هذا, لتطرح أسئلة وتجيب عليها.
فمثلاً, في منتصف
خطابك, تستطيع أن تقول: " لعلك أيها الأخ الكريم تتساءل عن سبب هذه المشكلة ؟
إن السبب بكل بساطة هو…." ثم تبدأ بالإجابة عن السؤال الخيالي.
يمكنك القيام بهذا
الأسلوب بشكل طبيعي جداً. فهو يقطع الرتابة في الإلقاء, ويجعله أكثر مباشرة وتأثيراً.
6 – جودة النطق:
مخارج الحروف العربية
متعددة معلومة, فعلى الخطيب أن يخرج كل حرف من مخرجه الصحيح, لكن مع مراعاة السلاسة
والسهولة وعدم التكلف, فإن النفوس تنفر من التنطع والتشدق, وقد قال الرسول صلى الله
عليه وسلم: "هلك المتنطعون"(مسلم).
قل للخطيب وقَدْ تَعَطّرَ وارْتَقى
أعلى المنابرِ في ثيابِ ذوي التُّقَى
أحسنتَ في لِبْسِ الثيابِ تَجَمُّلا
أرجوكَ أحْسِنْ في الخطابةِ مَنْطِقا
ليس الخطيبُ بصوتهِ وضجيجِهِ
بلْ مَنْ يزيدُ السّامعينَ
تَذَوُّقا
مَنْ ينقشُ الكلماتِ في أذهانِنا
ويكونُ في هَزِّ القلوبِ مُوَفَّقَا
وإذا سِوَاكَ بِها أحَقُّ ،، فأعْطِهِ
هي لم تَكُنْ إرْثَاً ومُلْكَاً
مُسْبَقَا
وإلي لقاء أخر إن شاء الله مع مهارة الإلقاء .