recent
أخبار عاجلة

كيف تُعَظِّم الأشهر الحُرم ؟ | لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح



كيف تُعَظِّم الأشهر الحُرم ؟

لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح

العناصر:"

ماهي الأشهر الحرم؟

الحكمة من ذكر الأشهر الحرم في القرآن؟

خصائص الأشهر الحرم؟

فضائل الأشهر الحرم؟

كيف تُعَظِّم الأشهر الحُرم ؟

الحمد لله  رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد.. فيقول الله تعالى  :"إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ"(التوبة/ 36).

عباد الله:"لقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم لنا الأشهر الحرم وهي : رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، كما ورد من حديث أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ"(البخاري ومسلم).

عباد الله :"والحكمة من ذكر الأشهر الحرم في القرآن"

   أن جعل الله بعض الأيام والأزمنة مفضلة دون غيرها لمزية أودعها تلك الأيام سواء أعلم علة تفضيلها بعض عباده أم لم يعلمهم إياها ومن هذه الأيام والشهور الأشهر الحرم الأربع لأن هذه الأشهر الحرم استمدت تسميتها وحرمتها ومزيتها حتى قبل الإسلام وسبب حرمة هذه الأشهر عند العرب أنها كانت محطاً لوقف التنازع والتصارع والحرب الدائرة بينهم طوال العام إلا إذا بادر أحد فى الاعتداء على أحد فحينئذ يسوغ له مقاتلته دفاعاً عن النفس ودرء للضرر اللاحق به . 

حتي يعلم أعداء الإسلام ان الإسلام دين الدفاع عن النفس وليس البغي والظلم :"أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ"(الحج/39).  

وأن السلام هو الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم، وأن الجهاد  شرع لأجل الحفاظ على السلام من اعتداء الظالمين على الضعفاء، ولهذا جاء الإسلام وسطاً، فلم يجعل الحرب أصلاً، ولكنه لم يكن يوماً ما دين ذل وهوان، بل دين قوة وعزة،"وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ"(الحديد: 25).

عباد الله:" ما هي خصائص الأشهر الحرم؟

إنّ الله اصطفى صفايا من خلقه و اصطفى من الملائكة رسلاً ومن الناس رسلاً واصطفى من الكلام ذكره واصطفى من الأرض المساجد واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم واصطفى من الأيام يوم الجمعة واصطفى من الليالى ليلة القدر فتعظيم ما عظم الله إنما هو تقوى للقلوب ووضع للشيء فى موضعه الصحيح عند أهلِ الفهم والعقل والنور والبصيرة.

ومن خصائصها أن الذنوب فيها أعظم من غيرها، قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى :"فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ"(التوبة/36).أي في هذه الأشهر المحرمة؛ لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تُضاعف لقوله تعالى:" وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ"(الحج/25)، وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام. 

ويقول  القرطبي رحمه الله: "خص الله تعالى الأربعة أشهر الحرم بالذكر، ونهى عن الظلم فيها تشريفًا لها، وإن كان منهيًا عنه في كل الزمان، كما قال تعالى :" فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ"(البقرة: /197). ولهذا فينبغى على المسلم أن يكون فى هذه الأشهر الحرم أكثر ابتعاداً عن الذنوب والآثام وتوقياً لكل ما يغضب الملكَ العلام.

عباد الله :"ومن فضائل الأشهر الحرم: أن أعمال الحج كلها تقع في ذي الحجة، قال تعالى :"الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ" قال البخاري: قال ابن عمر:"هي شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة"

وكذلك فيها عشر ذي الحجة التي أقسم الله بها في كتابه، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها من أفضل الأيام، وأن العمل الصالح فيها أعظم من غيرها، لقوله صلى الله عليه وسلم:"مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ"، فَقَالُوا:"يَا رَسُولَ اللهِ! وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم: "وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ،إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ"( البخاري والترمذي).

وفي الأشهر الحرم يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم القر، وأيام التشريق، وهي من أعظم الأيام عند الله، وعيد أهل الإسلام، قال  صلى الله عليه وسلم :"إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ تَعَالى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ[يوم القر: هو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة.]"(أبوداود)

وفيها أيضًا: صيام شهر الله المحرم، لقوله صلى الله عليه وسلم :"أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ"(مسلم).

وفيها: يوم عاشوراء الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفر السنة الماضية"(مسلم).، وهو اليوم الذي أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه..

وعُمَرُ النبي صلى الله عليه وسلم الأربع كانت فيها، كما يقول ابن القيم رحمه الله: وقد علق على ذلك بقوله: لم يكن الله ليختار لنبيه صلى الله عليه وسلم في عمره إلا أَوْلى الأوقات  ، وقال: فأولى الأزمنة بها - أي العمرة - أشهر الحج وذو القعدة أوسطها، وهذا مما نستخير الله فيه، فمن كان عنده فضل علم، فليرشد إليه".

عباد الله :" أقول قولي هذا وأسنغفر الله العظيم لي ولكم أو كما قال .. 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فياعباد الله كيف تُعَظِّم الأشهر الحُرم؟ إنه كلما كان العبد لربه أتقى، كان لشعائره أكثر تعظيمًا، كما قال تعالى:"ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب"(الحج:32).

ومن تعظيمها: الابتعاد عن المظالم كلها، فلا يظلم ربَّه بأن يشرك معه غيره، في عبادة أو قصد أو رجاء أو خوف أو طمع، فإنه الغني عن العالمين. ولا يظلم غيره من المخلوقات إنسها وبهيمها، لأن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأن الله تعالى قال في الحديث القدسي:"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم مُحرمًا، فلا تظالموا"(مسلم).

ومن أعظم الظلم والمعاصي اليوم إطلاق الألسن في أعراض المسلمين، والتسميع بهم ، فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ :"ألا أخبرُكَ بملاكِ ذلِكَ كلِّهِ ؟ قُلتُ : بلَى يا رسولَ اللَّهِ ، قال : فأخذَ بلِسانِهِ قالَ : كُفَّ عليكَ هذا ، فقُلتُ : يا نبيَّ اللَّهِ ، وإنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فقالَ : ثَكِلَتكَ أمُّكَ يا معاذُ ، وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وجوهِهِم أو على مَناخرِهِم إلَّا حَصائدُ ألسنتِهِم . "(الترمذي).

 ولا يظلم نفسه أيضًا، لأنه ليس حرًّا في أن يفعل فيها ما يشاء، وكل معصية يرتكبها فهو ظلم لنفسه، لأنه يوردها مهالك الدنيا والآخرةهذه المعاصي.   فتعظيم هذه الأشهر يكون بزيادة التقوى والاجتهاد في العمل الصالح، ولئن يهدي الله بك رجلاً واحدًا في هذه الأشهر، لهو خير مما في سواها، خير لك مما طلعت عليه الشمس مضاعفًاً.

 فإن قيل ما الحكمة في مضاعفة الوزر والأجر في أربعة أشهر من بين أثني عشر شهرًا؟ قيل: ذلك من رحمة الله تعالى بالمؤمنين،وحسن تربيته لعباده، والأخذ بأيديهم برحمة وحكمة، فلو أنه سبحانه ضاعف الوزر كامل السنة لربما هلك الصالحون بمضاعفة ما قد يأتون من معصيتهم وظلمهم لأنفسهم؛ إذْ أنه ليسوا بمعصومين، فكان أن جعل الله تعالى الحرمة والمضاعفة خاصة بأربعة أشهر فقط، ليستطيع المسلم شدَّ إزاره والاجتهاد فيها أكثر ما يستطيع، ثم ليكون ذلك تدريباً له في باقي الأشهر المخففة، وهكذا إذا اتقى اللهَ تعالى وجاهد نفسه؛ وَجَد نفسه في سائر الشهور متقيًا محترسا متيقظًا، قد صار له ذلك عادة وسجيَّة..

اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ولاتعذبنا فأنت علينا قادر والطف بنا يامولانا فيما جرت به المقادير

عباد الله أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله وأقم الصلاة.

google-playkhamsatmostaqltradent