recent
أخبار عاجلة

صفات المؤمنين في القران الكريم | خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح

 


صفات المؤمنين في القران الكريم

خطبة الجمعة - فضيلة الشيخ عبدالناصربليح

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له في سلطانه وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهُ قالُ:"كانَ إذا أنزلَ الوحيُ على رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُسمَعُ عندَ وجهِهِ دويٌّ كدويِّ النَّحلِ، فمكثْنَا ساعةً، فاستقبل القِبلةَ ورَفَعَ يديهِ،

فقالَ:"اللهمَّ زدنا ولا تنقصنا، وأكرمْنَا ولا تُهِنَّا، وأعطِنَا ولا تحرمْنَا، وآثرِنا ولا تؤثرْ علينا، وأرضنا وارْضَ عنَّا، ثمَّ قالَ: لقد أُنزِلَتْ علينا عشرُ آياتٍ مَنْ أقامَهُنَّ دخلَ الجَنَّةَ، ثم قَرأَ: قد أفلح المؤمنون،إلى عشر آيات"(شرح السنة –حسن).

اللهم صلاة وسلاماًعليك ياسيدي يارسول الله وعلي آلك وصحبك وسلم تسليماً كثيراً أما بعد فيا جماعة الإسلام حديثنا إليكم اليوم عن صفات المؤمنين في القرآن الكريم فقد ذكر الله سُبحانه وتعالى صفات المؤمنين في عدّة مواضع من القرآن الكريم، منها:

ماتكررفي  سورة البقرة حيث استهلت السورة بصفات المؤمنين  ومنها التصديق والإيمان بالأمور الغيبيّة، التي لا تُدركها الحواس، وأخبر بها الله ورسوله، قال تعالى:"الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ"(البقرة/3-5).

وانتقلت السورة إلي التأكيد علي وصفهم بالإيمان والتصديق بالله، وملائكته، وكُتبه، ورُسله، واليوم الآخر، قال تعالى :"لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ"(البقرة/177).

 عباد الله :" والمؤمنون في سورة الأنفال وصفتهم بالخشية من الله عزّ وجلّ، والامتثال لأوامره، واجتناب نواهيه، وطاعة رسوله صلي الله عليه وسلم  والتوكّل عليه سُبحانه في الأمور كلّها، والمُداومة على أداء الصلاة، والإنفاق في سبيله 

قال تعالى :"وَأَطيعُوا اللَّـهَ وَرَسولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ إِنَّمَا المُؤمِنونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَت قُلوبُهُم وَإِذا تُلِيَت عَلَيهِم آياتُهُ زادَتهُم إيمانًا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ الَّذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ"(الأنفال/1-4).

وعندما ننظر في سورة التوبة نجد أنها تارة تصفهم بأنهم الأمرون بالمعروف، والنَّاهون عن المُنكر، والمواظبون علي إقامة الصلاة ظاهراً وباطناً، الفرض منها والنَّفْل، والحريصون على أداء الزكاة لمُستحقّيها، قال تعالى:"وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَيُطيعونَ اللَّـهَ وَرَسولَهُ أُولـئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ عَزيزٌ حَكيمٌ"(التوبة/71).

وتارة تصفهم بالاجتهاد في التوبة من الذَّنوب كلّها، والمُداومة عليها، والخضوع لأوامر الله ونواهيه، وحفظ حُدوده، والمُداومة على العبادات كلّها؛ الواجب منها والمستحبّ، قال تعالى:"التّائِبونَ العابِدونَ الحامِدونَ السّائِحونَ الرّاكِعونَ السّاجِدونَ الآمِرونَ بِالمَعروفِ وَالنّاهونَ عَنِ المُنكَرِ وَالحافِظونَ لِحُدودِ اللَّـهِ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ"(التوبة/ 112).

 عباد الله:"وقد سميت سورة في القرآن الكريم باسم المؤمنون وقد افتتحت بتحقيق الفلاح والنجاح لهم و أراد الله سبحانه و تعالى ، هنا  أن يأتي بالبشرى أولاً  قبل صفاتهم  بأنهم الذين يخشعون في صلاتهم فقال:"قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ  الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ"(المؤمنون/1-2).

 كما وصفتهم السورة باجتناب اللغو من الكلام، الذي لا فائدة منه، وعدم الخوض فيه، وبتزكية النفس وتزكية المال  وحِفْظهم الفروج والأنفُس عن المُحرّمات، وعن الوسائل التي قد تكون سببًا في الوقوع في المُحرّمات، وحفظ الأمانات،والمحافظة علي أداء الصلوات  قال تعالى:" وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ  وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ"(المؤمنون /4-11).

وفي سورة النور وصفتهم بالحرص على ترك ملذّات الحياة الدُّنيا، وشهواتها، بل مُلازمة العبادة، والإكثار من الأعمال الصالحة، والاستعداد لشرف مُلاقاة الله تعالى،والفوز بالجنّة،قال تعالى:"رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُلِيَجْزِيَهُمُ اللَّـهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّـهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ"(النور/37-38).

وفي سورة السجدة وصفت المؤمنين بالمواظبة على التقرّب من الله سُبحانه بمختلف العبادات، والتواضع له، قال تعالى:"إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ"(السجدة/15).

عباد الله :" وجاءت سورة الشوري بأوصاف للمؤمنين حميدة فوصفتهم بالابتعاد والاحتراز من الوقوع في المعاصي والآثام؛ خَوْفاً من غضب الله تعالى،قال تعالي :" وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ"(الشوري/36-37).

وهكذا جاء وصفهم في سورة النجم قال تعالى:"الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى"(النجم /32).

وقد وصفهم الله بالرّحمة واللين بين بعضهم البعض، في سورة الفتح بقَوْله:"مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ"(الفتح/29).

وفي سورة الإنسان وصفوا بالحرص على أداء حقوق العباد، وقضاء حاجات الفقراء والمُستضعفين؛ طَمَعاً في نَيْل الأجر والثواب من الله سُبحانه،قال تعالى :"يوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًاوَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًاإِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًاإِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا"(الإنسان/7-10).

ووصفوا في سورة البلد بالصَّبر والتحمّل في الدُّعوة، ومُخاطبة العباد بأسلوب الرَّحمة والتناصح، قال تعالى :"ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ"(البلد/17).

وفي سورة العصر وصفوا بأنهم هم الذين يتواصون بالحق ويتواصون بالصبر :" إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ"(العصر/3).

عباد الله أقول ماسمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ..

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فياجماعة الإسلام لازلنا نواصل الحديث حول صفات المؤمنين في القرآن الكريم فلوتحدثنا عن صفاتهم ماكفانا وقت ولكن ننوه أيضاً إلي جزاء المؤمنين في القرآن الكريم ؛إذ قال مُبشّراً عباده المؤمنين:"الَّذينَ آمَنوا وَكانوا يَتَّقونَ لَهُمُ البُشرى فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبديلَ لِكَلِماتِ اللَّـهِ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ"(يونس/63-64).

 كما وعدهم بالتمكين في الأرض، إذ قال:"وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"(النور/55).

وعندما اختصّ الله عزّ وجلّ المُؤمنين، بسورةٍ تحمل اسمهم، وبيّن فيها بعضاً من صفاتهم، تأكيداً على أنّ الإيمان يكون قَوْلاً باللسان، وعَملاً بالأركان، وتصديقاً بالجنان فجزاهم علي ذلك أن أورثهم الفردوس:"أُولَـئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"(المؤمنون/10-11). وفي أواخر سورة الكهف يؤكد المولي أيضاًعلي جنة الفردوس للمؤمنين بقوله :"إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا  خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا"(الكهف/107، 108).

لذلك يقول صلّى الله عليه وسلّم:"فإذا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فإنَّه أوْسَطُ الجَنَّةِ، وأَعْلَى الجَنَّةِ، وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، ومِنْهُ تَفَجَّرُ أنْهارُ الجَنَّةِ"(البخاري).

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا يارب العالمين عباد الله أقول قولي هذا وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله وأقم الصلاة ..

google-playkhamsatmostaqltradent