عَالَمُ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ
معنى الجن والشياطين ؟ أصل ومتي خلق الجن؟ أنواع الجن؟ مساكن الجن؟ طعام الجن؟ تزاوج الجن؟ ديانة الجن؟ علاقتهم بالبشر؟ مصائد الجن؟ كيفية النجاة منهم؟
هل صح أن الإنسان منَّا له بيته الذي يسكنه وفراشه الذي ينام فيه،وما زاد على ذلك فإن الشيطان يستغله؟
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد فياعبد الله:"
كثير من الناس يهتمون بعالم الماورائيات، والحديث عن الجن حديث شرحه يطول فهي كائنات تعيش بيننا ترانا ولا نراها، تأكل وتشرب وتتكاثر مثل البشر تماماً، وهم أجناس وأصناف وألوان وأمم وديانات، فيهم المسلم، والمسيحي واليهودي ، وحتى البوذي وغيرهم.
وعالم الجن والشياطين عالم غيبي، لا نراه ولا نسمعه، ومع غيبته عنا إلا أن الكثيرين قد أطلقوا مخيلتهم في رسمه وتصويره، فصوره الأكثر على أنه عالم الرعب والأهوال، وجحده آخرون وأنكروا وجوده، ونحاول في هذا المقال أن نرسم صورته كما صورها وبينها القرآن الكريم والسنة الصحيحة فهما الجديران بذلك، وما عداهما فهو ضرب من الخيال، أو نوع من الكذب، أو تجربة جزئية لا ترقى للحقائق التي يعتمد عليها .
معنى الجن والشياطين
الجِنُّ: ضد الإنس، والواحد جِنِّيٌّ، سميت بذلك لأنها تتوارى عن الأنظار ولا تُرى.
أما الشياطين: فجمع شَيطانُ، وهو كل عاتٍ متمرد سواء من الإنس أو الجن أو الدواب، وعليه فالشياطين ليسوا سوى عتاة الجن ومردتهم .
قال ابن عبد البر : " الجن عند أهل الكلام والعلم باللسان منزلون علي مراتب: فإذا ذكروا الجن خالصاً قالوا: جني .. فإن أرادوا أنه ممن يسكن مع الناس، قالوا: عامر والجمع عمّار وعوامر.. فإن كان ممن يعرض للصبيان، قالوا: أرواح .. فإن خبث وتعزم فهو شيطان .. فإن زاد على ذلك فهو: مارد .. فإن زاد على ذلك وقوي أمره، قالوا: عفريت، والجمع: عفاريت والله أعلم بالصواب "
إثبات وجود الجن
قال ابن تيميه :" لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن، ولا في أن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إليهم.. وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء تواترا معلوما بالاضطرار، ومعلوم بالاضطرار أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة، بل مأمورون منهيون " .
والأدلة على وجود الجن من القرآن كثيرة منها، ولا أدلَّ على ذلك من أن الله سمى سورة كاملة باسمهم "الجن " وقص فيها من أخبارهم وأقوالهم الشيء الكثير، وأما أحاديث السنة الدالة على وجودهم فأكثر من أن تحصر.
أصل خلق الجن
خلق الله الجن قبل أن يخلق الإنس، والدليل على ذلك قوله تعالى: " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ "(الكهف/50).
فذكر أن إبليس من الجن، وأن خلقهم كان سابقا لخلق آدم عليه السلام، وقال تعالى: " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ "(الحجر:26-27).
أما مادة خلقهم فهي النار، بدليل قوله تعالى: " وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ"(الحجر:27) وسميت نار السموم: لأنها تنفذ في مسام البدن لشدة حرها، وقال تعالى:" وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ "(الرحمن:15)، والمارج أخص من مطلق النار لأنه اللهب الذي لا دخان فيه . عن عائشةأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم"(مسلم).
ولا يخفى أن خلق الجان من نار لا يلزم منه أن أشكالهم وهيئاتهم كالنار، فالبشر خلقوا من تراب وليسوا كذلك، ولكن يؤخذ منه أن في الجن صفات من صفات النار كالخفة واللطافة، مثلما للبشر من صفات التراب كالثقل والكثافة.
وجنس الجن كجنس الإنس فيهم الذكور والإناث، قال تعالى: " وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا"(الجن/6) . وفي حديث زيد بن أرقم أن رسول الله - صلى الله علية وسلم - قال: " إن هذهِ الحشوشُ محتضرةٌ ، فإذا أتى أحدكُم الخلاءَ فليقُلْ : أعوذَ باللهِ من الخُبْثِ والخبائثِ"(صحيحعلي شرط الشيخين). والخُبُث – بضم الخاء والباء -: ذكور الجن، والخبائث: إناثهم.
وعن أنس بن مالك كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ الخَلَاءَ قالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الخُبُثِ والخَبَائِثِ"(البخاري).
أَنْوَاعُ الْجِنِّ
وفي الموروثات الشعبية هناك العديد من الروايات والأساطير التي تحدثت عن عوالم الجن وكذلك مؤلفون خصصوا إنتاجهم الفكري في البحث عن الجن واصنافهم وطبيعتهم وأنواعهم فقالوا :" للجن أنواع عدة تعكس طباع هذه المخلوقات الخفية فمنهم:"
الضوئيون:" وهذا النوع مختص بالمسلمين فقط، وهم أحفاد الذين عاشروا زمن الرسول محمد وحضروا معه دعوته للإسلام وهم أقوى أنواع الجن على الإطلاق، ولكن أنواعهم قليلة قياساً ببقية الأنواع، ويستطيع الجني الضوئي قتل مائة شيطان بضربة واحدة في المعارك والحروب التي تحدث بين المسلمين والشياطين .
القمريون:"وهذا النوع يمثل من حيث العدد 80% مسلمين و20% شياطين، وهو يأتي بالمرتبة الثانية بعد الضوئي ويستطيع أبناء الجن الضوئي والقمري التزاوج دون غيرهما من الأنواع الأخرى فيما لو كانوا من المسلمين، أما الشياطين فلا يتكاثرون إلا بواسطة القطط.
الجن الناري:"وهم أصل الجن ، لم يكن موجوداً أي نوع في بداية خلق الجن إلا الناريون، مثل أبليس وأولاده ، ويمثل هذا النوع العددالأكبر في عالم الجان ويصل عددهم تقريباً إلى النصف من أعدادهم في الكون.
المائيون:"يعيشون في الماء ، وهم فصيلة كبيرة ومهمة جداً منهم علماء وأطباء ومقاتلون، وإذا أراد هذا النوع من الجن الطيران فإنه يتحرك بمساعدة بخار الماء وبخطوط ضوئية معقدة.
الترابيون:"يسكن الجان الترابيون الأرض وباطنها، ويستطيع هذا النوع التنقل في باطن الأرض بسرعة عجيبة من خلال الشقوق والفراغات ويستطيعون استخدام أنفاق خاصة.
هذا النوع يعتبر من أقصر أنواع الجن من حيث الطول بل هم أقزام وهم أكثر أنواع الجن احتكاكاً بالإنسان الذي يتواصل معهم في أعمال السحر والشعوذة.
يسكن الترابيون البيوت والمنازل المهجورة وهم أكثر نوع يستخدمه السحرة لإتمام السحر عند الأنس لأنه لا يطير ولديه القدرة على الاختباء في باطن الأرض وبين الجداران والشقوق
الجن العادي :"يسكنون البيوت والمراحيض، لا يؤذون إلا فى حالات نادرة، هم أضعف أنواع الجن من حيث قوة البدن..
ملاحظات هامة
ونلاحظ مما تقدم وما سنتناوله في الحلقات القادمة بمشيئة الله أن هذا العالم يشارك الإنسان في كثير من الصفات كالأكل, والشرب, والتناسل، بالإضافة إلى أنهم مكلفون بالتكاليف الشرعية، التي يستحقون الثواب بسبب قيامهم بها، والعقاب إذا قصروا فيها، تماماً كما هو الشأن في الإنسان..
ورداً علي السؤال الذي طرح في البداية ؟
نقول:" إنه مما لا شك فيه أن الإنسان منَّا له بيته الذي يسكنه وفراشه الذي ينام فيه، وما زاد على ذلك حقيقة فإن الشيطان يستغله ما لم يذكر اسم الله عليه وفيه باستمرار ، ووجود الشيطان ليس فيه مشقة وليس فيه ضرر، ما دام لم يعتد عليكم، ولم تستمعوا لأصواتٍ مرعبةٍ أو مروعةٍ أو أي أصواتٍ، وكذلك أيضًا لم تلحظوا وجود حركاتٍ في البيت، فالأمر عادي، لأنكم ماذا ستفعلون بالبيت؟
بيتٌ الآن لا تحتاجون إلى سُكناه، قد يكون هناك في المستقبل زواج، وقد يكون هناك استثمار أو شيء آخر، وأنتم لستُم أوُّل من يُغلق طابقًا أو شقَّةً أو حتى غُرفةً، والشيطان عادةً – أي مكانٍ – كما سنري أين تسكن الجن - لا يستعمله الإنسان فالشيطان يسكنه، ولكن سُكنى الشيطان – كما ذكرت ليس فيها مضرة ما دام ليس هناك اعتداء.
ماذا نفعل؟
لا ينبغي عليكم أن تشغلوا بالكم بهذه المسألة.
ومعظم البيوت فيها جن، ولكنه لا يخلق ضررًا بأحد، وما دام لا يوجد بيت ليس فيه جن، خاصة الجن المسلم يأوي إلى بيت مسلم، فهو موجود، ولكنك لا تشعرين بوجوده أساسًا، المشكلة في الجن العاق أو العاصي أو الكافر هو الذي يحاول إزعاج الإنس، خاصة المسلمين منهم، إلا أنكم لم تُلاحظوا شيئًا فلا تشغلوا بالكم بهذه المسألة؛ لأنك لو فكّرت التفكير السلبي بأن هناك جنًّا وأنت لا تذهبين لتصعدي إلى الطابق الأعلى، وتخافين من هذه الشقة، هذا كله من عمل الشيطان، وليس له أساس من الصحة، فقد يكون الجن موجودا،
وأنا عندما أدخل أقول :"السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" تنتهي المسألة، وكما ذكرت لك: عندما تبدؤون في استعمالها من الممكن -إن شاء الله تعالى- أن تجعلوا شريطًا للرقية الشرعية يقرأ في هذه الأماكن، وبذلك يتم تطهيرها -بإذن الله تعالى- من الشياطين أو من الجن، ولن يكون هناك -إن شاء الله تعالى- شيء.
وإذا كان هناك جني مُصِرٌّ على أن يبقى في هذه الأماكن ويبدأ في إزعاج الذين ينزلون فيها في المستقبل ففي هذه الحالة من الممكن أن نأتي براقٍ يقرأ لنا الرقية في البيت، والمسائل كلها سوف تُحَلُّ بسهولة ويُسر، فلا شغل أنفسنا بها، لا الآن ولا في المستقبل.
و عليه فإننا سنتعرض في الحلقة القادمة عن مساكن الجن وماذا يأكلون ؟
انتظرونا