هل يجوز غسل الثياب بالبخار ويكون طاهراً للصلاة وغيرها؟
إزالة النجاسة ليست مما يتعبد به قصداً، أي أنها ليست عبادة مقصودة، وإنما إزالة النجاسة هو التَّخلي من عين خبيثة نجسة، فبأي شيء أزال النجاسة، وزالت وزال أثرها، فإنه يكون ذلك الشيء مطهراً لها، سواء كان بالماء أو بالبنزين، أو أي مزيل يكون، فمتى زالت عين النجاسة بأي شيء يكون، فإنه يعتبر ذلك مطهراً لها، حتى إنه على القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، لو زالت بالشمس والريح فإنه يطهر المحل، لأنها كما قلت: هي عين نجسة خبيثة، متى وجدت صار المحل متنجساً بها، ومتى زالت عاد المكان إلى أصله، أي إلى طهارته، فكل ما تزول به عين النجاسة وأثرها - إلا أنه يعفى عن اللون المعجوز عنه - فإنه يكون مطهراً لها."
اختلف الفقهاء في صلاحية غير الماء في تطهير الثياب من النجاسات؛ فذهب جمهورالفقهاء إلى أن الماء هو الوسيلة الوحيدة المشروعة لتطهير الثياب دون غيره؛ واحتجوا بأن الأصل في إزالة النجاسة هو استعمال الماء؛ قال تعالى:"وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ"(الأنفال/11).
قال الشوكاني: والحق أن الماء أصل في التطهير لوصفه بذلك كتابًا وسنة وصفًا مطلقًا غير مقيد لكن القول بتعينه وعدم إجزاء غيره يرده حديث مسح النعل وفرك المني وحته وإماطته بأذخرة وأمثال ذلك كثير ولم يأت دليل يقضي بحصر التطهير في الماء ومجرد الأمر به في بعض النجاسات لا يستلزم الأمر به مطلقًا وغايته تعينه في ذلك المنصوص بخصوصه إن سلم.
فالإنصاف أن يقال أنه يطهر كل
فرد من أفراد النجاسة المنصوص على تطهيرها بما اشتمل عليه النص إن كان فيه إحالة على
فرد من أفراد المطهرات لكنه إن كان ذلك الفرد المحال عليه هو الماء فلا يجوز العدول
إلى غيره للمزية التي اختص بها وعدم مساواة غيره له فيها وإن كان ذلك الفرد غير الماء
جاز العدول عنه إلى الماء لذلك وإن وجد فرد من أفراد النجاسة لم يقع من الشارع الإحالة
في تطهيره على فرد من أفراد المطهرات بل مجرد الأمر بمطلق التطهير فالاقتصار على الماء
هو اللازم لحصول الامتثال به بالقطع وغيره مشكوك فيه وهذه طريقة متوسطة بين القولين
لا محيص عن سلوكها.اهـ